أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 582

جلسة 14 من يونيه سنة 1960

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.

(111)
الطعن رقم 366 لسنة 30 القضائية

تحقيق. تفتيش: الإذن به: دفاع. طلب ضم أوراق: نيابة عامة.
نظامها: حق رئيس النيابة في ندب أحد أعضاء دائرته للقيام بعمل عضو آخر بتلك الدائرة عند الضرورة.
سناد هذا الحق: المادة 128 من قانون السلطة القضائية المقابلة للمادة 75 من قانون استقلال القضاء.
الشكل المتطلب في أمر الندب: يكفي فيه أن يتم شفاهاً عند الضرورة بشرط أن يكون لهذا الندب الشفهي ما يفيد حصوله في أوراق الدعوى. توقيع إذن التفتيش باعتبار مصدره وكيل النيابة المنتدب يكفي لاعتبار الإذن صادراً ممن يملكه. للمحكمة أن تعتمد على ذلك لرفض طلب ضم دفتر الانتداب بالنيابة الكلية.
لرئيس النيابة حق ندب عضو في دائرته للقيام بعمل عضو آخر بتلك الدائرة عند الضرورة عملاً بنص المادة 128 من قانون السلطة القضائية المقابلة لنص المادة 75 من قانون استقلال القضاء - وهذا الندب يكفي فيه أن يتم شفاهاً عند الضرورة بشرط أن يكون لهذا الندب الشفهي ما يفيد حصوله في أوراق الدعوى - فإذا كان الحكم قد أثبت أن وكيل النيابة عندما أصدر الإذن بالتفتيش قد وقعه باعتباره منتدباً للقيام بأعمال نيابة أخرى، فإن هذا الذي أثبته يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً ممن يملك إصداره قانوناً، ومن ثم يكون سديداً ما رأته المحكمة من عدم وجود وجه لضم دفتر الانتداب بالنيابة الكلية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها أحرزت جواهر مخدرة "أفيوناً وحشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتها إلى محكمة الجنايات لمعاقبتها بالمواد 1 و2 و33/ أ - جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1 و12 من الجدول 1. فقررت بذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق بعد أن سمعت الدعوى قضت حضورياً بالمواد 1 و2 و34 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين رقم 1 و12 من الجدول 1 المرافق بمعاقبة الطاعنة بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمها 500 جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة - وذلك على اعتبار أن الإحراز كان بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت ببطلان الإذن الصادر بتفتيشها لصدوره من غير ذي صفة إذ أن وكيل النيابة الذي أصدر هذا الإذن لم يكن وكيل نيابة كفر صقر الذي تقع في دائرته محل إقامتها، ولا هو من وكلاء النيابة الكلية، وأنه لم يكن منتدباً لذلك من رئيس النيابة، وطلبت تحقيقاً لهذا الدفاع ضم دفتر الانتداب بالنيابة الكلية - ورد الحكم على ذلك بقوله "إن المحكمة لا ترى ضرورة لإجابته لأن الندب قد يكون كتابة وقد يكون شفاهاً، وأن الثابت من إذن التفتيش أن وكيل النيابة الآمر قد وقعه باعتباره وكيل النيابة المنتدب بنيابة كفر صقر" وهذا القول مخالف للقانون، إذ من المقرر قانوناً أن إجراءات التحقيق يجب أن تكون ثابتة بالكتابة ولا يغير من ذلك أن يوقع وكيل النيابة على الإذن باعتباره منتدباً لأعمال نيابة كفر صقر لأنه لا يصبح وكيلاً منتدباً لأعمال هذه النيابة إلا إذا سبق ذلك ندب صريح مكتوب ممن يملكه قانوناً، وقضاء المحكمة في هذا الصدد فيه مصادرة على المطلوب - كما طلب الدفاع عن الطاعنة في سبيل تكذيب تصوير شاهدي الإثبات للحادث إجراء معاينة لمكان الحادث يبين منها مكان جلوس الطاعنة أمام باب منزلها ومكان وقوف السيارة التي نزل منها الشاهدان ورجال البوليس، وقال شرحاً لهذا الطلب أن شاهدي الإثبات صورا الحادث على أنهما نزلا من السيارة على بعد خمسة أمتار من باب منزل الطاعنة ومعهما العساكر والمخبرين وأنهم اتجهوا إلى الطاعنة حيث كانت تجلس أمام باب منزلها فلم تشعر بهم إلا بعد أن أمسكوا بها بالفعل فوجدوها تضع مخدراً في حجرها وتجلس على جزء آخر من المخدر، وقال الدفاع أن ذلك مستحيل لأن منزل الطاعنة مكشوف من جميع الجهات وبابه يشرف على الطريق الزراعي الذي وقفت به السيارة، ونزول الشاهدين والجنود منها يستحيل أن يفوت على نظر الطاعنة وسمعها وهي تجلس أمام منزلها ويستحيل بالتالي أن تبقى بلا حراك والقوات تتقدم حتى تمسك بها وأن الماديات حاسمة في انتفاء عنصر المباغتة الذي هو قوام شهادة الشهود. ورد الحكم على هذا الطلب بقوله "إنه مردود عليه بقيام عنصري المفاجأة والمباغتة اللذين قام بهما شاهدا الإثبات عند ضبط المتهمة، وأنه سواءً أكان جلوس المتهمة أمام مسكنها مكشوفاً ويمكنها من رؤية من حولها، أم كان منزلها غير محاط بما يحجب الرؤية أم غير مكشوف، فإن عنصر المفاجأة والمباغتة الذي تم بمقتضاه ضبط المتهمة وهي تحرز المخدرات لا يحتاج ذلك لمعاينة مكان الحادث" وهذا القول لا يصلح رداً على طلب إجراء المعاينة، إذ أن مبنى الطلب أنه إجراء فيه تأكيد حاسم في انتفاء عنصر المفاجأة، وقول الحكم بتوافر هذا العنصر مهما كان أمر الماديات - فيه سبق الحكم على حقائق الأشياء قبل مناظرتها مع احتمال أن يتغير وجه النظر إلى شهادة شهود الإثبات بمجرد معاينة مكان الحادث.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنة أشار في مرافعته إلى أن إذن التفتيش قد صدر من الأستاذ منير تادرس باعتباره وكيل النيابة المنتدب بينما حقق الدعوى الأستاذ سيف العز أبو زيد، وتساءل عما إذا كان الأستاذ منير تادرس قد انتدب فعلاً يوم إصدار الإذن، وطلب من المحكمة ضم دفتر الانتداب بالنيابة الكلية للتأكد من انتدابه في ذلك اليوم - وقد رد الحكم على ذلك بقوله: "أما ما أشار إليه الدفاع من طلب إحضار دفتر الانتداب لبيان ما إذا كان وكيل النيابة الآمر وهو السيد الأستاذ منير تادرس قد صدر له أمر الندب من السيد رئيس النيابة كتابة، فإن المحكمة لا ترى ضرورة لإجابة ذلك الطلب لأن الندب قد يكون كتابة وقد يكون شفاهاً، والثابت من إذن التفتيش أن وكيل النيابة الآمر قد وقعه باعتباره وكيل النيابة المنتدب بنيابة كفر صقر". - ويبين أيضاً من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنة طلب من باب الاحتياط إجراء معاينة لمكان الحادث - وقد رد الحكم على هذا الطلب بقوله: "وأما طلب إجراء المعاينة فمردود عليه بقيام عنصر المفاجأة والمباغتة الذي قام بهما شاهدا الإثبات عند ضبط المتهمة وسواءً أكان مكان جلوس المتهمة أمام مسكنها مكشوفاً ويمكنها من رؤية من حولها، أم كان منزلها غير محاط بما يحجب الرؤية أم غير مكشوف، فإن عنصر المفاجأة والمباغتة التي تم بمقتضاهما ضبط المتهمة وهي تحرز المخدرات بحجرها وتحت مقعدها لا يحتاج ذلك لمعاينة مكان الحادث، ومن ثم فلا محل لإجابة ذلك الطلب". لما كان ذلك، وكان ندب رئيس النيابة لأحد أعضاء النيابة في دائرته للقيام بعمل عضو آخر بتلك الدائرة جائزاً عند الضرورة عملاً بنص المادة 128 من قانون السلطة القضائية والمادة 75 من قانون استقلال القضاء - وهذا الندب يكفي فيه أن يتم شفاهاً عند الضرورة بشرط أن يكون لهذا الندب الشفهي ما يفيد حصوله في أوراق الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن وكيل النيابة عندما أصدر الإذن قد وقعه باعتباره منتدباً للقيام بأعمال وكيل نيابة كفر صقر، فإن هذا الذي أثبته يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً ممن يملك إصداره قانوناً، ومن ثم فإن ما رأته المحكمة من عدم وجود وجه لضم دفتر الانتداب يكون سديداً، وكانت المحكمة قد بينت السبب الذي من أجله رفضت طلب إجراء المعاينة - وهو سبب من شأنه أن يبرر ما رأته من عدم لزومه للفصل في الدعوى، وكانت المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب الطاعنة إلا إذا كان طلباً جازماً - أما الطلبات التي تبدى من باب الاحتياط - فللمحكمة إن شاءت أن تجيبها، وإن شاءت أن تطرحها. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.