أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 735

جلسة 6 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ منير توفيق نائب رئيس المحكمة، عبد المنعم إبراهيم، عبد الرحيم صالح ومحمد مختار أباظة.

(127)
الطعن رقم 2092 لسنة 57 القضائية

(1، 2، 3) محكمة الموضوع "سلطتها في تفسير العقود" "سلطتها في تقدير القرائن". التزام "الإعذار".
(1) محكمة الموضوع - لها السلطة التامة في تفسير الاتفاقات والمحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها وأصحاب الشأن فيها مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها.
(2) لمحكمة الموضوع تقدير الأدلة والقرائن المطروحة في الدعوى واستخلاص ما تقتنع به منها. لها أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى كان استخلاصها سائغاً ولا يخالف الثابت بالأوراق. عدم التزامها بمناقشة كل قرينة أو إيراد كل حجة للخصوم وتفنيدها ما دام في قيام الحقيقة التي أوردت دليلها التعليل الضمني لإطراحها.
(3) الإعذار. غايته. وضع المدين وضع المتأخر في تنفيذ التزامه. لا موجب له إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل المدين. م 220 مدني.
(4) عقد "فسخ العقد: الشرط الفاسخ الضمني". محكمة الموضوع "سلطتها في فسخ العقد".
الفسخ المبني على الشرط الفاسخ الضمني. م 157 مدني. للمدين أن يتوقاه بالوفاء بالتزامه إلى ما قبل صدور الحكم النهائي. وجوب أن يتم الوفاء المتأخر طبقاً للأوصاف وبذات الشروط المتفق عليها - فالتنفيذ المعيب يعتبر في حكم عدم التنفيذ الجزئي - وأن يكون مما لا يضاربه الدائن. كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها. من سلطة الموضوع متى استندت إلى أسباب سائغة.
(5) عقد "فسخ العقد" "العقود الزمنية".
العقود الزمنية "الغير محددة المدة". القضاء بفسخها. ليس له أثر رجعي. علة ذلك. عدم إمكان إعادة ما نفذ منها.
(6) عقد "فسخ العقد". فوائد.
فسخ العقد. أثره. انحلال العقد بأثر رجعي منذ نشوئه واسترداد كل متعاقد ما قدمه للآخر. م 160 مدني. الاسترداد. قيامه على ما دفع بغير حق. م 182 مدني - المستلم لغير المستحق إلزامه بالفوائد من تاريخ المطالبة القضائية. م 185/ 3 مدني.
(7) عقد "أثر فسخ العقد". حكم "بياناته: الإلزام بذات العملة الأجنبية".
انحلال العقد بأثر رجعي نتيجة للفسخ. مقتضاه. استرداد كل متعاقد عين ما قدمه لا ما يقابله. لازمه. استرداد المتعاقد ما دفعه للمتعاقد الآخر من عمله أجنبية بذاتها المسددة بها وليس بما يعادلها من العملة المحلية. القضاء بإلزام بالعملة الأجنبية دون بيان سعر الصرف. كفايته للتعريف بقضاء الحكم.
1- المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص الاتفاقات وسائر المحررات وتفسيرها والتعرف على ما قصد منها دون التقيد بألفاظها بحسب ما تراه أوفى إلى نية عاقديها وأصحاب الشأن فيها مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها.
2- لمحكمة الموضوع تقدير الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى واستخلاص ما تقتنع به منها متى كان ذلك سائغاً لا مخالفة فيه للثابت بالأوراق ولها أن تأخذه بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة دون أن تكون ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة قضائية يدلي بها الخصوم إليها استدلالاً على دعواهم بطريق الاستنباط أو أن تدور حول حججهم وتفندها إذ في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني لإطراحها.
3- المقصود بالإعذار حد وضع المدين في مركز الطرف المتأخر عن تنفيذ التزامه ومن ثم فلا يوجب له وفقاً للمادة 220 من القانون المدني بعد أن أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل الطاعن المدين.
4- لما كان الفسخ المبني على الشرط الفاسخ الضمني طبقاً للمادة 157 من القانون المدني يخول المدين أن يتوقى صدور الحكم بالفسخ بالوفاء بالتزامه إلى ما قبل صدور الحكم النهائي في الدعوى إلا أن هذا الوفاء المتأخر يجب أن يتم طبقاً للأوصاف وبذات الشروط المتفق عليها - فالتنفيذ المعيب يعتبر في حكم عدم التنفيذ الجزئي -، وأن يكون مما لا يضار به الدائن، ومحكمة الموضوع فيما تقرره من كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها لا تخضع لرقابة محكمة النقض متى استندت في ذلك إلى أسباب سائغة.
5- الفسخ يرد على كافة العقود الملزمة للجانبين سواء أكانت من العقود الفورية أم كانت من العقود الزمنية (غير محددة المدة) ويترتب على الحكم به انحلال العقد واعتباره كأن لم يكن غير أن الأثر الرجعي للفسخ لا ينسحب على الماضي إلا في العقود الفورية أما في غيرها فلا يمكن إعادة ما نفذ منها.
6- مفاد نص المادة 160 من القانون المدني أن الفسخ يترتب عليه انحلال العقد بأثر رجعي منذ نشوئه ويعتبر كأن لم يكن فيسترد كل متعاقد ما قدم للآخر، ويقوم استرداد الطرف الذي نفذ التزامه ما سدده للآخر من مبالغ في هذه الحالة على استرداد ما دفع بغير حق الأمر الذي أكدته المادة 182 من القانون المدني بنصها على أنه يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً الالتزام زال سببه بعد أن تحقق، لما كان ذلك وكانت المادة 185/ 3 من القانون المدني تلتزم من تسليم غير المستحق برد الفوائد من يوم رفع الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ ألزم الطاعن بالفوائد اعتباراً من تاريخ قيد صحيفة الدعوى موضوع الطعن بقلم كتاب المحكمة المنظورة أمامها فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
7- مقتضى انحلال العقد بأثر رجعي نتيجة للفسخ هو - وعلى ما سلف القول - أن يسترد كل متعاقد عين ما قدمه لا ما يقابله، ولازم ذلك أنه وقد فسخ العقد محل النزاع وملحقه لإخلال الطاعن بالتزاماته الناشئة عنهما فإنه يحق للمطعون ضدها استرداد ما دفعته إليه من مبالغ وبذات العملة المسددة بها أي بالدولارات الأمريكية وليس بما يعادلها من العملة المحلية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها مبلغ 910230 دولاراً أمريكياً فلا تكون به حاجة إلى بيان سعر الصرف الذي يتم على أساسه تحويل المبلغ المقضي به إلى العملة المحلية لأن محل الإلزام هو ذات العملة الأجنبية وليس ما يقابلها وفى ذلك ما يكفي للتعريف بقضاء الحكم وينأى به عن التجهيل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 788 لسنة 1980 تجاري كلي جنوب القاهرة انتهى فيها إلى طلب الحكم - أولاً: بالترخيص له بإيداع أفلام الفيديو الخاصة بإنتاج مسلسلي "ليال شرقية" "عماد في الأدغال" بمخازن أستوديو مصر على نفقة المطعون ضدها - ثانياً: ببراءة ذمته من التزامه بإنتاج هذين المسلسلين - ثالثاً: بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع له مبلغ مائه وخمسة وتسعين ألف دولار أمريكي باقي ثمن المسلسلين، ومبلغ مائتي ألف جنيه مصري كتعويض والفوائد اعتبار من تاريخ المطالبة القضائية. وبياناً لذلك قال أنه بموجب عقد مؤرخ.......... 14- 17/ 2/ 1976 عهدت إليه المطعون ضدها إنتاج وإخراج العروض الفنية التي يقدم إليها أفكارها وكان من بينها المسلسلين آنفي الذكر، وبملحق لهذا العقد مؤرخ 4/ 2/ 1977 تم الاتفاق بينهما على تسليم هذين المسلسلين على دفعات متتالية في غضون أربعة أشهر من تاريخه، وأنه إذ أوفى بالتزامه ورفض المطعون ضدها تسلم المسلسلين فقد أقام دعواه بطلباته السالفة. كما أقامت المطعون ضدها على الطاعن الدعوى رقم 805 لسنة 1980 تجاري كلي جنوب القاهرة انتهت فيها إلى طلب الحكم بفسخ العقد الأصلي وملحقه وبإلزام الطاعن أن يرد لها ما تسلمه منها من مبالغ على ذمة هذا العمل وقدروها 910230 دولاراً أمريكياً والفوائد وذلك لإخلاله بالتزامه بتسليم المسلسلين المذكورين في الميعاد. وبعد ضم الدعويين ندبت محكمة أول درجة خبيراً فيهما. وإذ قدم تقريره حكمت 30/ 4/ 1986 برفض الدعوى الأولى وبإجابة المطعون ضدها إلى طلباتها في الدعوى الثانية على أن تكون الفوائد بواقع 5% اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية في 20/ 12/ 1980 استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 1346 لسنة 93 ق، 1383 لسنة 93 ق القاهرة. وبتاريخ 5/ 5/ 1987 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالأول والثالث والخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع إذ أقام قضاءه بفسخ العقد المؤرخ 14 - 17/ 2/ 1976 وملحقه على ما انتهت إليه لجنة الخبراء من إخلاله بالتزاماته الناشئة عنهما وذلك بتصويره المسلسلين عن طريق الفيديو وليس بطريق التصوير السينمائي، واستعانته بالمناظر المطبوعة دون تصوير مشاهد مسلسل "عماد في الأدغال" على الطبيعة، ونقص مدة بعض الحلقات عن 27 دقيقة بالمخالفة لما اتفق عليه في هذا الخصوص، وتأخره في تنفيذ المسلسلين وتسليمهما إلى المطعون ضده عن الأجل المحدد وأطرح ما تمسك به من خلو العقد وملحقه من تحديد طريقة التصوير ومكانه، وأن التصوير بالفيديو يتفق وكون المسلسلان عملاً تليفزيونياً، وأن الأصول الفنية تستلزم البدء بتصوير المشاهد سينمائياً ثم نقلها على أشرطة الفيديو التي التزمت المطعون ضدها بإمداده بما يلزم منها، وأن الاستعانة بالمناظر المطبوعة أمر مألوف في معظم العروض التليفزيونية خاصة وأن أولياء أمور الأطفال المشتركين في المسلسل رفضوا الموافقة على سفرهم، وأن العبرة ليست بمدة عرض الحلقة الواحدة بل بمدة عرض مجموع الحلقات وهو يزيد عن المتفق عليه، وأن اللجنة لم تقطع بسبب تأخره في إتمام المسلسلين، وأن سبب ذلك يرجع إلى تراخي المطعون ضدها في إمداده بأشرطة الفيديو وطلب وكيلها وقف نقل أشرطة باقي حلقات المسلسلين لحين الانتهاء من أعمال أخرى فضلاً عما أثارته من منازعات حول ملكيته عربة التصوير بقصد عرقلته عن تنفيذهما، كما أن الحكم قد ناط باللجنة تحديد سبب التأخير وهو يرجع إلى خطأ الطاعن أم لأسباب خارجة عن إرادته ومدى اشتراك المطعون ضدها فيه مع تحقيق كافة عناصر الدعوى وهي مسائل قانونية تدخل في صميم عمل المحكمة، ولم يعن بدفاعه بعدم دراية أعضاء اللجنة بأعمال الإخراج مما أعجزها عن بيان المعايير الفنية في تقدير مستوى العمل محل النزاع، وبأن الإنذار الذي وجهته المطعون ضدها إليه في 13/ 12/ 1980 لم يتضمن تكليفه بالوفاء بتلك الالتزامات ومن ثم لا يعتبر إعذاراً مما تستوجبه المادة 157 من القانون المدني للقضاء بالفسخ.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص الاتفاقات وسائر المحررات وتفسيرها والتعرف على ما قصد منها دون التقيد بألفاظها بحسب ما تراه أوفى إلى نية عاقديها وأصحاب الشأن فيها مستهدية في ذلك بواقع الدعوى وظروفها، وهي إذ تباشر ذلك تملك تقدير الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى واستخلاص ما تقتنع به منها متى كان ذلك سائغاً لا مخالفة فيه للثابت بالأوراق ولها أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة دون أن تكون ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة قضائية يدلي بها الخصوم إليها استدلالاً على دعواهم بطريق الاستنباط أو أن تورد حول حججهم وتفندها إذ في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني لإطراحها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما اطمأن إليه من تقرير لجنة الخبراء من إخلال الطاعن بالتزاماته الناشئة عن العقد المؤرخ 14 - 17/ 2/ 1976 وملحقه سواء بمخالفة طريقة التصوير المتفق عليها باستخدام وسيلة الفيديو بدلاً من التصوير السينمائي بإمكانياته وهو ما استخلصته اللجنة في التزام الطاعن في البند السادس من العقد بتسليم المطعون ضدها نسختين من الفيلم استاندارد 35 مم الذي لا يستخدم إلا في حالة التصوير السينمائي فحسب، أو باستعانته بالمناظر المطبوعة في مسلسل "عماد في الأدغال" رغم التزامه بتصوير مشاهده في غابات حقيقية إذ أقر في المكاتبات الصادرة منه باتفاقه مع سفارة دولة أوغندا على التصوير بغاباتها، أو بنقص مدة عرض بعض حلقات المسلسلين اللذين شاهدتهما اللجنة عن المدة المتفق عليها وهي 27 دقيقة على الأقل للحلقة الواحدة، فضلاً عن تراخيه في إتمام التنفيذ حتى 7/ 3/ 1978 رغم تعهده بالملحق المؤرخ 4/ 2/ 1977 بتسليم المسلسلين في موعد لا يتجاوز 4/ 6/ 1977 وهو استخلاص سائغ مما هو ثابت بالأوراق رأت معه محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير كفاية أسباب الفسخ ما يسوغ القضاء به، وفيه الرد الضمني على ما تمسك به الطاعن بشأن طريقة التصوير ومكانه ومدة عرض الحلقات، ولا على تلك المحكمة إن التفتت عما عرضه من أسباب للتأخير ترجع إلى خطأ المطعون ضدها سواء تمثلت في عدم إمداده بأشرطة الفيديو أو تكليفها إياه في 17/ 12/ 1977 بوقف نقل ما تبقى من أشرطة المسلسلين أو منازعتها حول ملكيته سيارة الفيديو إذ أن هذه الأسباب - أياً كان فحواها وأثرها - لاحقة في وقوعها على انتهاء الأجل المحدد لتنفيذ المسلسلين. هذا ولا وجه لما يتحدى به الطاعن من عدم دراية اللجنة بالمسائل الفنية التي يتطلبها بحث أوجه النزاع وأنها فصلت في مسألة قانونية من صميم عمل المحكمة إذ للخبير أن يستعين عند قيامه بمهمته بما يرى ضرورة له من المعلومات الفنية التي يستقيها من مصادرها ورأيه حين يطرح محل مناقشة من الخصوم وتقدير موضوعي من المحكمة صاحبة الرأي الأعلى والأخير فيما انتهى إليه، ولم تدل اللجنة برأي في تحديد سبب تأخير الطاعن في تنفيذ التزامه سالف البيان، وأقام الحكم قضاءه على ما خلص إليه سديداً من توافر خطأ الطاعن وكفايته مبرراً للفسخ وعدم ثبوت خطأ في جانب المطعون ضدها بما لا يعدو ما يثيره الطاعن في هذا الشأن أن يكون جدلاً موضوعياً في تفسير محكمة الموضوع للمحررات وتقديرها للأدلة وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض، ولا على الحكم أن لم يتطلب إعذار المطعون ضدها للطاعن طبقاً للمادة 157 من القانون المدني لأن المقصود بالإعذار هو وضع المدين في مركز الطرف المتأخر عن تنفيذ التزامه ومن ثم فلا موجب له وفقاً للمادة 220 من القانون المدني بعد أن أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل الطاعن المدين.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجهين الأول والثالث من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب إذ لم يعمل سلطته في تقدير مبررات الفسخ وقضى به رغم تمسكه أمام محكمة الموضوع بأنه عرض على المطعون ضدها في 7/ 3/ 1978 استلام مسلسلي النزاع توقياً لفسخ العقد وأنه لا ينال من ذلك ما يكون قد طرأت عوامل تأثرت معها قيمتها ولم تقم المحكمة ببحث هذا الدفاع أو الرد عليه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله إذ أنه وإن كان الفسخ المبني على الشرط الفاسخ الضمني طبقاً للمادة 157 من القانون المدني يخول المدين أن يتوقى صدور الحكم بالفسخ بالوفاء بالتزامه إلى ما قبل صدور الحكم النهائي في الدعوى إلا أن هذا الوفاء المتأخر يجب أن يتم طبقاً للأوصاف وبذات الشروط المتفق عليها - فالتنفيذ المعيب يعتبر في حكم عدم التنفيذ الجزئي، وأن يكون مما لا يضار به الدائن، ومحكمة الموضوع فيما تقرره من كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها لا تخضع لرقابة محكمة النقض متى استندت في ذلك إلى أسباب سائغة لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص سديداً على ما سلف بيانه في الرد على الأسباب الأول والثالث والخامس - إلى الطاعن لم يراع في تنفيذ المسلسلين الشروط المتفق عليها سواء من حيث طريقة التصوير أو مكانه أو مدة بعض الحلقات فيهما وأن قيمتهما المادية انخفضت نتيجة التأخر في تنفيذهما عن الأجل المحدد ورأت محكمة الموضوع في ذلك ما يبرر الفسخ دون أن تعتد بهذا الوفاء المتأخر المعيب فلا تثريب عليها إن هي التفتت عن دفاع الطاعن في هذا الشأن متى كان لا يستند إلى أساس قانوني صحيح ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجهين الثاني والخامس من السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه قضى بفسخ عقد المقاولة المؤرخ 14 - 17/ 2/ 1976 دون أن يعنى بتحقيق ما تمسك به من أن مؤدى البند 16 منه أنه عقد غير محدد المدة وغير قاصر على المسلسلين محل النزاع بما لازمه أن الإخلال بالالتزامات الخاصة بأحد أعماله لا يقتضي فسخ العقد بأكمله بل يقتصر أثره على هذا العمل وحده في حدود ما لم يتم تنفيذه منه دون أن ينسحب على ما تم تنفيذه........ مما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه فضلاً عن القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الفسخ يرد على كافة العقود الملزمة للجانبين سواء أكانت من العقود الفورية أم كانت من العقود الزمنية غير محددة المدة ويترتب على الحكم به انحلال العقد واعتباره كأن لم يكن غير أن الأثر الرجعي للفسخ لا ينسحب على الماضي إلا في العقود الفورية أما في غيرها فلا يمكن إعادة ما نفذ منها، لما كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن شيئاً من الأعمال الفنية التي تناولها العقد المؤرخ 14 - 17/ 2/ 1976 وملحقه المؤرخ 4/ 2/ 1977 قد تم تنفيذه قبل مسلسلي النزاع فإنه - أياً كان الرأي في التكييف القانوني لهذين العقدين - لا محل للقول بأن الفسخ يقتصر أثر على هذين المسلسلين دون غيرهما من الأعمال وبالتالي فلا جناح على الحكم إن لم يرد على هذا الدفاع مما يكون معه النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الرابع من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى بالفوائد من تاريخ المطالبة القضائية في حين أن المبلغ المقضي به لم ينشأ الالتزام به وبالتالي لم يعين المقدار إلا من تاريخ الحكم بحسبانه منشئاً للفسخ لا مقرراً له مما لا تستحق معه الفوائد إلا من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن مفاد نص المادة 160 من القانون المدني أن الفسخ يترتب عليه انحلال العقد بأثر رجعي منذ نشوئه ويعتبر كأن لم يكن فيسترد كل متعاقد ما قدم للآخر، ويقوم استرداد الطرف الذي نفذ التزامه ما سدده للآخر من مبالغ في هذه الحالة على استرداد ما دفع بغير حق الأمر الذي أكدته المادة 182 من القانون المدني بنصها على أنه يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذ الالتزام زال سببه بعد أن تحقق، لما كان ذلك وكانت المادة 185/ 3 من القانون المدني تلزم من تسلم غير المستحق برد الفوائد من يوم رفع الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ ألزم الطاعن بالفوائد اعتباراً من تاريخ قيد صحيفة الدعوى موضوع الطعن بقلم كتاب المحكمة المنظورة أمامها فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه إذ لم يحدد سعر الصرف الذي على أساسه يتم تحويل المبلغ المقضي به من الدولارات الأمريكية إلى العملة المصرية وعلى نحو ما التزم به طرفا التداعي في تحديد قيمة كل من مسلسلي النزاع فإنه يكون مجهلاً مما يشوبه بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مقتضى انحلال العقد بأثر رجعي نتيجة للفسخ هو - وعلى ما سلف القول - أن يسترد كل متعاقد عين ما قدمه لا ما يقابله، ولازم ذلك أنه وقد فسخ العقد محل النزاع وملحقه لإخلال الطاعن بالتزاماته الناشئة عنهما فإنه يحق للمطعون ضدها استرداد ما دفعته إليه من مبالغ وبذات العملة المسددة بها أي بالدولارات الأمريكية وليس بما يعادلها من العملة المحلية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها مبلغ 910230 دولاراً أمريكياً فلا تكون به حاجة إلى بيان سعر الصرف الذي يتم على أساسه تحويل المبلغ المقضي به إلى العملة المحلية لأن محل الإلزام هو ذات العملة الأجنبية وليس ما يقابلها وفى ذلك ما يكفي للتعريف بقضاء الحكم وينأى به عن التجهيل فيكون النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.