أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 760

جلسة 8 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، عبد الحميد سليمان ورجب أبو زهرة.

(131)
الطعن رقم 1910 لسنة 51 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن" "نقل العامل".
العامل المنقول إلى بلد آخر وجوب إخلائه لمسكنه في البلد المنقول منها م 7/ 2 ق 49 لسنة 1977 مناطه. ثبوت استقراره بمسكن آخر في البلد المنقول إليها.
(2) إثبات "عبء الإثبات". إيجار "إيجار الأماكن".
عبء الإثبات. وقوعه على عاتق المدعي. نقل العامل إلى بلد آخر وتأجير مسكنه من الباطن، لا يكفي بمجرده لإثبات استقراره في البلد المنقول إليها.
(3) إيجار "إيجار الأماكن" "احتجاز أكثر من مسكن".
حظر احتجاز الشخص أكثر من مسكن في البلد الواحدة بغير مقتضى. انصراف لفظ البلد إلى المدينة أو القرية وفقاً للجداول المرافقة للقرار الجمهوري رقم 1755 لسنة 1960. وقوع أحد المسكنين بمدينة القاهرة والآخر بمدينة الجيزة. خروجه عن نطاق الحظر.
(4) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير المفروش". حكم "تسبيب الحكم".
حق المستأجر - دون إذن المؤجر - في تأجير المكان المؤجر له مفروشاً أو خالياً للأجانب المرخص لهم بالإقامة بجمهورية مصر العربية أو بالعمل بها. المادتان 29/ أ، 40 ق 49 لسنة 1977 القضاء برفض طلب إخلاء المطعون ضده من العين المؤجرة لثبوت تأجيره لها لأجنبي مرخص له بالإقامة داخل البلاد دون اشتراط أن يكون مرخصاً له بالعمل فيها. لا خطأ.
1- النص في المادة 7/ 2 من القانون 49 لسنة 1977 في شأن إيجار الأماكن على أنه وعلى العامل المنقول إلى بلد آخر أن يخلي المسكن الذي كان يشغله بمجرد حصوله على مسكن في البلد المنقول إليه إلا إذا كانت ضرورة ملجئه قنع من إخلاء مسكنه يدل على أن مناط إخلاء العامل المنقول إلى بلد آخر لمسكنه هو ثبوت استقراره بمسكن آخر في البلد الذي نقل إليه.
2- المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن المدعي هو المكلف قانوناً بإثبات دعواه بتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه وأن محكمة الموضوع هي صاحبه الحق في تقدير ما يقدمه الخصوم من أدلة وقرائن وهي غير ملزمة بتتبع الخصم في جميع مناحي دفاعه والرد عليها استقلالاً لما كان ذلك وكان الطاعن قد ادعى أن المطعون ضده مستأجر شقة النزاع قد نقل للعمل بكلية العلوم بالمنيا ولم يقدم إلى محكمة الموضوع دليلاً تطمئن إليه يؤيد حصوله على مسكن آخر استقر فيه بالبلد المنقول إليها، وكان لا يكفي في هذا الصدد مجرد نقل المطعون ضده للعمل بالمدينة المذكورة أو قيامه بتأجير الشقة المؤجرة له إلى آخر من باطنه فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص في قضائه إلى أن الطاعن قد أخفق في إقامة الدليل على حصول المطعون ضده على مسكن في تلك المدينة لا يكون قد خالف القانون أو شابه القصور في التسبيب.
3- المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 المقابلة لنص المادة الخامسة من القانون السابق رقم 52 لسنة 1969 على أنه لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتضى. يدل على أن هذا الحظر يقتصر على حالة احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد ولفظ البلد إنما ينصرف إلى المدينة أو القرية وفقاً للبيان الوارد بالجداول المرافقة للقرار الجمهوري رقم 1755 لسنة 1960 وذلك باعتبار أن كل وحده منها لها كيانها المستقل من الوحدات الأخرى المجاورة لها وفقاً لأحكام قانون نظام الحكم المحلي، فلا يتسع مدلول البلد الواحد في مفهوم هذا النص لأكثر من مدينة واحدة، وإذ كان المبين من الأوراق - وبما لا خلاف فيه بين طرفي الخصومة أن المسكن محل النزاع يقع في مدينة القاهرة ويقع المسكن الآخر - المدعى باحتجازه من جانب المطعون ضده - بمدينة الجيزة وهما عاصمتان لمحافظتين مختلفتين تستقل كل مدينة فيهما عن الأخرى بحسب التقسيم الوارد بالقرار الجمهوري المشار إليه فإن المطعون ضده - وبفرض ثبوت واقعة الاحتجاز المدعى بها من جانب الطاعن - لا يكون قد خالف الحظر الوارد بنص المادة الثامنة المشار إليها ومن ثم يضحى غير منتج نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه قصوره في الرد على ما قدمه من مستندات تدليلاً على أن المطعون ضده محتجز المسكن الآخر بمدينة الجيزة.
4- مفاد نص المادتين 139 ( أ )، 40 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 يدل على أن المشرع قد أباح للمستأجر دون إذن المؤجر - تأجير المكان المؤجر له مفروشاً أو خالياً إلى طوائف معينه من بينها الأجانب المرخص لهم بالإقامة بجمهورية مصر العربية وكذاً الأجانب المرخص لهم بالعمل بها، وإذ كان المبين من الأوراق أن الشهادة المقدمة من المطعون ضده إلى محكمة الموضوع - الصادرة من مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية المؤرخة ثابت بها أن الأجنبي الكندي الجنسية - مستأجر الشقة محل النزاع من المطعون ضده مرخص له بالإقامة بجمهورية مصر العربية، وكان لا يلزم أن يكون الأجنبي مرخصاً له بالعمل فيها طالما أنه مصرح له بالإقامة داخل البلاد فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب إخلاء العين المؤجرة لهذا السبب وفقاً لنص المادة 40 هـ من القانون المشار إليه فإنه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 8158 لسنة 1979 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء العين المؤجرة له وقال شرحاً لدعواه أنه بمقتضى عقد إيجار مؤرخ أول أغسطس سنة 1958 استأجر منه المطعون ضده الشقة محل النزاع وهي برقم 8 بالعقار رقم 13 بشارع........ بمصر الجديدة بالقاهرة وإذ تركها مغلقة واحتجز مسكناً آخر بالعقار رقم 98 شارع النيل بالجيزة كما نقل للعمل بكلية العلوم بالمنيا مخالفاً بذلك نص المادتين السابعة والثامنة من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 فقد أقام الدعوى، ثم أضاف الطاعن أثناء نظر الدعوى سبباً آخر للإخلاء هو تأجير المطعون ضده للغير العين محل النزاع من الباطن دون إذن صريح من المالك، وبتاريخ 15/ 3/ 1980 قضت المحكمة بإخلاء عين النزاع. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 2897 لسنة 97 ق القاهرة. وبتاريخ 7/ 5/ 1981 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب وينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب فضلاً عن مخالفة الثابت بالأوراق. وفى بيان ذلك يقول أن الحكم ذهب في أسبابه إلى أن الطاعن أخفق في إثبات حصول المطعون ضده على مسكن في البلد المنقول إليه، في حين لم ينازع في أنه نقل إلى مدينة المنيا واستقر بها وأقر بتأجير شقة النزاع من الباطن إلى من يدعى جون دافيد مما يؤكد أنه تركها وأقام في مدينة المنيا التي نقل إليها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 7/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن إيجار الأماكن على أنه وعلى العامل المنقول إلى بلد آخر أن يخلي السكن الذي كان يشغله بمجرد حصوله على مسكن من البلد المنقول إليه إذا قامت ضرورة ملجئه تمنع من إخلاء مسكنه يدل على أن مناط إخلاء العامل المنقول إلى بلد آخر لمسكنه هو ثبوت استقراره بمسكن آخر في البلد الذي نقل إليه. ومن المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن المدعي هو المكلف قانوناً بإثبات دعواه بتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه وأن محكمة الموضوع هي صاحبه الحق في تقدير ما يقدمه الخصوم من أدلة وقرائن وهي غير ملزمة بتتبع الخصم في جميع مناحي دفاعه والرد عليها استقلالاً، لما كان ذلك وكان الطاعن قد ادعى أن المطعون ضده مستأجر شقة النزاع قد نقل للعمل بكلية العلوم بالمنيا ولم يقدم إلى محكمة الموضوع دليلاً تطمئن إليه يؤيد حصوله على مسكن آخر استقر فيه بالبلد المنقول إليها، وكان لا يكفي في هذا الصدد وهو نقل المطعون ضده للعمل بالمدينة المذكورة. وقيامه بتأجير الشقة المؤجرة له إلى آخر، فإن الحكم إذ خلص في قضائه إلى أن الطاعن قد أخفق في إقامة الدليل على حصول المطعون ضده على مسكن في تلك المدينة لا يكون قد خالف القانون وشابه القصور في التسبيب ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقول أن الثابت من المستندات المقدمة منه أن المطعون ضده احتجز لنفسه بالإضافة إلى الشقة محل النزاع مسكناً آخر يقع بالعقار رقم 98 بشارع النيل بالجيزة إلا أن الحكم أهدر هذه المستندات ولم يعول على دلالة تأجير المطعون ضده عين النزاع من الباطن بمقولة أن المسكن الآخر تستأجره زوجته وشقيقها رغم أن عقد استئجارها لهذا المسكن عقد صوري الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 المقابلة لنص المادة الخامسة من القانون السابق رقم 52 لسنة 1969 على أنه لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن بدون مقتضى يدل على أن هذا الحظر يقتصر على حالة احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد. ولفظ البدل إنه ينصرف إلى المدينة أو القرية وفقاً للبيان الوارد - بالجداول المرافقة للقرار الجمهوري رقم 755 لسنة 1960 وذلك باعتبار أن كل وحدة منها لها كيانها المستقل من الوحدات الأخرى المجاورة لها وفقاً لأحكام قانون نظام الحكم المحلي، فلا يتسع مدلول البلد الواحد في مفهوم هذا النص لأكثر من مدينة واحدة، وإذ كان البين من الأوراق وبما لا خلاف فيه بين طرفي الخصومة - أن المسكن محل النزاع يقع في مدينة القاهرة ويقع المسكن الآخر المدعى باحتجازه من جانب المطعون ضده بمدينة الجيزة وهما عاصمتان لمحافظتين مختلفتين تستقل كل مدينة منهما عن الأخرى بحسب التقسيم الوارد بالقرار الجمهوري المشار إليه فإن المطعون ضده - وبفرض ثبوت واقعة الاحتجاز المدعى بها من جانب الطاعن - لا يكون قد خالف الحظر الوارد بنص المادة الثامنة المشار إليها، ومن ثم يضحى غير منتج منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه قصوره في الرد على ما قدمه من مستندات تدليلاً على أن المطعون ضده يحتجز المسكن الآخر بمدينة الجيزة.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفى بيان ذلك يقول أن القانون رقم 49 لسنة 1977 يستلزم لجواز قيام المستأجر بتأجير المكان المؤجر له من الباطن إلى أجنبي أن يكون مرخصاً له بالعمل في مصر وهو الأمر الذي لم يقدم المطعون ضده دليلاً عليه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد أن النص في المادة 40 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 على أنه لا يجوز للمستأجر في غير المصايف والمشاتي المحددة وفقاً لأحكام هذا القانون أن يؤجر المكان المؤجر له مفروشاً أو خالياً إلا في الحالات الآتية في الحالات وبالشروط المبينة بالبندين (أ، ب) المادة السابقة والنص في البند أ من المادة 39 من ذات القانون على جواز التأجير لإحدى الهيئات الأجنبية أو الدبلوماسية أو القنصلية أو المنظمات الدولية أو الأقليمية أو لأحد العاملين بها من الأجانب أو للأجانب المرخص لهم بالعمل أو الإقامة بجمهورية مصر العربية "يدل على أن المشرع قد أباح للمستأجر - دون إذن من المؤجر - تأجير المكان المؤجر له مفروشاً أو خالياً إلى طوائف معينة من بينها الأجانب المرخص لهم بالإقامة بجمهورية مصر العربية وكذا الأجانب المرخص لهم بالعمل بها وإذ كان البين من الأوراق أن الشهادة - المقدمة من المطعون ضده إلى محكمة الموضوع - الصادرة من مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية المؤرخة 7/ 2/ 1981 ثابت بها أن الأجنبي جون دافيد الكندي الجنسية - مستأجر الشقة محل النزاع من المطعون ضده - مرخص له بالإقامة بجمهورية مصر العربية، وكان لا يلزم أن يكون الأجنبي مرخصاً له بالعمل فيها طالما أنه مصرح له بالإقامة داخل البلاد فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب إخلاء العين المؤجرة لهذا السبب وفقاً لنص المادة 40 هـ من القانون المشار إليه فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.