أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 798

جلسة 16 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد العفيفي، عادل نصار نائبي رئيس المحكمة وإبراهيم بركات وإبراهيم الضهيري.

(139)
الطعن رقم 2327 لسنة 54 القضائية

1- عقد "تفسير العقد". محكمة الموضوع تفسير العقد.
لا يجوز للقاضي الانحراف عن عباراته الواضحة. م 150/ 1 مدني. المقصود بالوضوح. حمل عبارات العقد على معنى يخالف ظاهرها دون تبرير. خطأ.
2- بيع "بيع ملك الغير". عقد.
بيع ملك الغير. إقرار المالك به. أثره. سريان العقد في حقه وانقلابه صحيحاً. م 467/ 1 مدني.
1- يدل النص في المادة 150/ 1 من القانون المدني على أن القاضي ملزم أن يأخذ عبارة المتعاقدين الواضحة كما هي فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤداها الواضح إلى معنى آخر، وأنه وإن كان المقصود بالوضوح هو وضوح الإرادة لا اللفظ إلا أن المفروض في الأصل أن اللفظ يعبر بصدق عما تقصده الإرادة وعلى القاضي إذا ما أراد حمل العبارة على معنى مغاير لظاهرها أن يبين في حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر هذا المسلك، ولما كان ما تقضي به المادة المشار إليها يعد من القواعد التي وضعها المشرع على سبيل الإلزام وينطوي الخروج عنها على مخالفة القانون لما فيه من تحريف ومسخ وتشويه لعبارة العقد الواضحة وتخضع بهذه المثابة لرقابة محكمة النقض.
2- إذا كان الاتفاق يعد إقراراً من المالك للمساحة المباعة إلى الطاعنين من غير مالك في العقد محل التداعي فيسري هذا العقد في حقه وينقلب صحيحاً عملاً بالمادة 467/ 1 من القانون المدني والتي لم تقيد هذا الإقرار بأن يكون بغير مقابل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث الطاعنين أقام الدعوى رقم 623 لسنة 1972 مدني قنا الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 1/ 2/ 1971 المتضمن بيع مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأول إليه مساحة 22 س 4 ط 1 ف نظير الثمن البالغ 430 جنيه والتسليم. تدخلت المطعون ضدها الرابعة بطلب الحكم برفض الدعوى بالنسبة لمساحة 8 س 22 ط المملوكة لها كما تدخل آخرون بطلب الحكم برفض الدعوى. وبتاريخ 15/ 10/ 1973 حكمت المحكمة بقبول تدخل طالبي التدخل وبندب خبير في الدعوى وبعد أن قدم تقريره طلب طالبو التدخل عدا المطعون ضدها الرابع ترك الخصومة. وبتاريخ 19/ 6/ 1978 حكمت المحكمة بإثبات هذا الترك وبتثبيت ملكية المطعون ضدها الرابعة إلى مساحة 8 س 22 ط والطاعنين بطلباتهم في حدود مساحة 14 س 4 ط شائعة في مساحة 22 س 4 ط 1 ف استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف قنا بالاستئناف رقم 227 س 53 ق مدني وبتاريخ 20/ 6/ 1984 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون حين اعتبر الاتفاق المؤرخ 1/ 10/ 1979 المتضمن إقرار المطعون ضدها الرابعة بملكيتهم لمساحة 8 س 22 ط مبلغ 1000 جنيه هو مثابة بيع جديد يصلح محل الدعوى بصحته ونفاذه، في حين إنه إقرار من المالك في عقد البيع محل التداعي الصادر إليهم من غير مالك في هذه المساحة بجعل هذا العقد صحيحاً جديراً بالقضاء بصحته ونفاذه في المساحة الواردة فيه بأكملها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون بهذا السبب من أسباب الطعن وإن كان لم يسبق لهم التمسك به أمام محكمة الموضوع إلا أنه متعلق بسبب قانوني كانت عناصره الواقعية مطروحة عليها كما يبين من الحكم المطعون فيه، ومن ثم يجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن النص في المادة 150/ 1 من القانون المدني على أنه "إذ كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين يدل على أن القاضي ملزم أن يأخذ عبارة المتعاقدين الواضحة كما هي فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤداها الواضح إلى معنى آخر، وأنه وإن كان المقصود بالوضوح هو وضوح الإرادة لا اللفظ إلا أن المفروض في الأصل أن اللفظ يعبر بصدق عما تقصده الإرادة. وعلى القاضي إذا ما أراد حمل العبارة على معنى مغاير لظاهرها أن يبين في حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر هذا المسلك، ولما كان ما تقضي به المادة المشار إليها يعد من القواعد التي وضعها المشرع على سبيل الإلزام وينطوي الخروج عنها على مخالفة القانون لما فيه من تحريف ومسخ وتشويه لعبارة العقد الواضحة وتخضع بهذه المثابة لرقابة محكمة النقض. لما كان ذلك وكان ظاهر عبارة البند الأول من محضر الصلح المؤرخ 1/ 10/ 1979 والذي استند إليه الطاعنون تفيد أن إرادة المتعاقدين انصرفت إلى إقرار المطعون ضدها الرابعة بملكيتهم لمساحة 8 س 22 ط مقابل مبلغ 1000 جنيه دفعت لها من ثلاثة أشهر سابقة وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على قوله وهذا التنازل الذي احتواه الإقرار........ إنما هو بمثابة بيع جديد بين المستأنفين (الطاعنين) والمستأنف عليها الرابعة (المطعون ضدها الرابعة)، وهذا العقد محل الحكم بصحته ونفاذه دعوى أخرى........ فإن هذا الذي خلص إليه الحكم لا يؤدي إليه المعنى الظاهر لعبارات المحرر، وقد حجبه ذلك عن تحقيق ما إذا كان هذا الاتفاق يعد إقراراً من المطعون ضدها الرابعة المالكة لهذه المساحة المباعة إلى الطاعنين من غير مالك في العقد محل التداعي فيسري هذا العقد في حقه وينقلب صحيحاً عملاً بالمادة 467/ 1 من القانون المدني والتي لم تقيد هذا الإقرار أن يكون بغير مقابل، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وشابه القصور بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.