مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والعشرون - (من أول أكتوبر سنة 1975 إلى أخر سبتمبر سنة 1976) - صـ 199

(75)
جلسة 8 من يونيه سنة 1976

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عثمان عبد الحليم عثمان نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: صادق حسن محمد مبروك ويحيى توفيق الجارحي وأحمد سعد الدين قمحه وعبد الفتاح صالح الدهري المستشارين.

القضية رقم 613 لسنة 18 القضائية

إصلاح زراعي - القانون رقم 50 لسنة 1969 - يجوز للفرد أو الأسرة التصرف في الزيادة الطارئة عن قدر الاحتفاظ بتصرفات ثابتة التاريخ خلال سنة من تاريخ الزيادة - مناط أعمال الرخصة المقررة منوط بتوافر شرطين:
أولهما: أن تطرأ الزيادة بعد العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 وثانيهما: أن تكون الزيادة الطارئة على ملكية الفرد أو الأسرة بغير طريق التعاقد - عقد قسمة الملكية الشائعة بين الملاك على الشيوع يعتبر كاشفاً عن حق مقرر لكل منهم فيما آل إليه منذ أن تملك في الشيوع - القسمة المقايضة تتم بعمل تعاقدي - عدم استفادة الفرد أو الأسرة من الرخصة المقررة بالمادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 - مثال.
ومن حيث إنه التزاماً بالحد الأقصى للملكية الزراعية وضماناً لعدم الإخلال به أو مجاوزة نصابه، وضعت كل قوانين الإصلاح الزراعي المتتابعة جزاء على مخالفة الحد الأقصى للملكية الزراعية بالنص على بطلان كل عقد يترتب عليه زيادة ملكية الفرد أو الأسرة على الحد الأقصى لها وعدم جواز شهره، وقد نصت على ذلك المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 قبل وبعد تعديلها بالقانون رقم 127 لسنة 1961 والمادة الأولى من القانون رقم 50 لسنة 1969. على أن المشرع قد راعى أن ثمة حالات قد تزيد فيها ملكية الفرد أو الأسرة على أقصى حد لها بغير طريق التعاقد المألوف في نقل الملكية، ولا يصدق عليها بالتالي حكم البطلان الذي قرره القانون جزاء لكل عقد يترتب عليه مجاوزة الحد الأقصى لنصاب الملكية الزراعية، ومن ثم ومراعاة لتلك الحالات التي تزيد فيها الملكية على الحد المقرر قانوناً بغير طريق التعاقد، وتوفيقاً بين الالتزام بهذا الحد الأقصى في كل الحالات على حد سواء وبين ما ينبغي أن يكون للمالك من حق في التصرف في القدر الزائد من ملكيته الطارئة خلال أجل موقوت، أجازت قوانين الإصلاح الزراعي للمالك أن يتصرف في القدر الزائد خلال سنة من تاريخ تملكه الزيادة الطارئة وإلا حق للحكومة بعدها أن تستولى على تلك الزيادة نظير التعويض المقرر لذلك قانوناً وقد نصت على ذلك الفقرة (ز) من المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والمادة الثانية من القانون رقم 127 لسنة 1961 والمادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 التي قضت بأنه "إذا زادت - بعد العمل بهذا القانون - ملكية الفرد على خمسين فداناً بسبب الميراث أو الوصية أو غير ذلك من طرق كسب الملكية بغير طريق التعاقد أو ملكية الأسرة على المائة فدان بسبب من تلك الأسباب أو بسبب الزواج أو الطلاق، وجب تقديم إقرار إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - عن الملكية بعد حدوث الزيادة وذلك خلال المواعيد ووفقاً للشروط والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية".
"ويجوز للفرد أو الأسرة التصرف في القدر الزائد - بتصرفات ثابتة التاريخ - خلال سنة من تاريخ حدوث الزيادة، وإلا كان للحكومة أن تستولى - نظير التعويض المنصوص عليه في المادة (9) على مقدار الزيادة اعتباراً من تاريخ انقضاء تلك السنة والواضح من نص المادة السابعة سالفة الذكر أن أعمال الرخصة المقررة بمقتضاها للفرد أو الأسرة في التصرف في مقدار الزيادة الطارئة على الملكية منوط بتوافر شرطين رئيسيين هما: -
أولهما: أن تطرأ بعد العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 المشار إليه زيادة في ملكية الفرد أو الأسرة عن الحد الأقصى المقرر قانوناً وقدره خمسون فدان للفرد ومائة فداناً للأسرة، فيخرج عن مجال النص ولا ينطبق حكمه على مجرد فرز أو تحديد حصة المالك على الشيوع أو مبادلة حصة مفرزه بحصة أخرى مفرزه أو شائعة دون أي تعديل في مقدار الحصة المفرزة أو الشائعة بالزيادة.
وثانيهما: أن تكون الزيادة الطارئة على ملكية الفرد أو الأسرة عن أقصى نصابها بغير طريق التعاقد كالميراث أو الوصية أو بسبب الزواج أو الطلاق بالنسبة للأسرة فحسب، فلا يسري النص ولا يصح إعمال الرخصة المقررة بمقتضاه على الزيادة في ملكية الفرد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً بأي طريق من طرق التعاقد المألوف في إنشاء الملكية أو نقلها كأن تتم الزيادة في الملكية بسبب عقد من عقود البيع أو المقايضة أو الهبة، إذ تكون الزيادة في هذه الحالات قد أضافها المالك إلى حوزته بتصرف إرادي من جانبه بالمخالفة لحكم الأصل العام الذي حظر التملك أكثر من الحد الأقصى للملكية، ويكون العقد الذي يرتب تلك الزيادة خاضعاً للجزاء المقرر لمخالفته لهذا الحظر فيعتبر باطلاً ولا يجوز شهره، إذ لا يفيد المالك الفرد من الرخصة المنصوص عليها في المادة السابعة من القانون إلا إذا كانت تلك الزيادة التي طرأت على ملكيته بعد العمل بالقانون قد آلت إليه بسبب غير تعاقدي لا دخل لإرادته فيه، أما الزيادة التي تؤول إليه بعمل إرادي من جانبه بالتراضي مع الغير على نقل تلك الزيادة إليه، فهي زيادة محظورة بنص القانون.
ومن حيث إن التكييف القانوني الصحيح للعقد المشار إليه هو أنه اتفاق يجمع بين عقدي القسمة والمقايضة، فهو يتضمن اتفاقاً بين كل من....... و...... على إنهاء حالة الملكية الشائعة بينهم وتخصيص كل منهم بحصة مفرزه بقدر نصيبه في الملكية وذلك على النحو المبين بالاتفاق، كما أنه ينطوي على عقد مقايضة بين كل من...... و....... و....... اتفق بمقتضاه على مقايضة المساحة التي كانت تملكها السيدة/ .......... بزمام ناحية زاوية نعيم مركز أبو حمص بمحافظة البحيرة، بمساحة أخرى مماثلة لها يمتلكانها السيدان...... و...... بناحية زمام العرين القبلي وزمام سيف النصر باشا بمركز ملوي بمحافظة المنيا.
ومن حيث إنه فضلاً عن أن الاتفاق سالف الذكر مبرم بتاريخ 2 من فبراير سنة 1961، وهو تاريخ سابق لتاريخ العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 وإنما فيما تضمنه من اتفاق على قسمة الملكية الشائعة بين الملاك على الشيوع يعتبر كاشفاً عن حق كل منهم فيما آل إليه بمقتضى عقد القسمة منذ أن تملك في الشيوع، وفضلاً عن أن أياً من أطراف الاتفاق لم تزد ملكيته بمقتضى هذا الاتفاق عما كان عليه من قبل، بل اقتصر الأمر على فرز وتحديد حصة كل من الملاك على الشيوع، وتخصيص كل منهم بقدر نصيبه الأصلي في الملكية الشائعة، وعلى مقايضة المساحة التي كانت تملكها الطرف الرابع في الاتفاق بمساحة أخرى مماثلة تماماً كان يملكها الطرف الأول والثاني في الاتفاق، دون أن يكون من شأن الاتفاق في جملته أن يزيد من قدر ملكية أي من المتعاقدين عما كانت عليه من قبل، فإنه فضلاً عن كل ذلك فإن المقايضة والقسمة بين الأطراف الأربعة قد ترتبت بعمل تعاقدي تم الاتفاق والتراضي فيما بينهم، الأمر الذي ينأى بهذا الاتفاق عن مجال تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة السابعة من القانون رقم 50 لسنة 1969 - ويتقدم معه تبعاً لذلك أساس المطالبة بأعمال الرخصة المقررة بنص الفقرة الثانية من المادة المذكورة، ولا صحة فيما ذهب إليه الطاعنان من أنه لم يكن في استطاعة أي منهما التصرف فيما آل إليه بمقتضى الاتفاق المشار إليه قبل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 نظراً لاعتراض الهيئة العامة للإصلاح الزراعي عليه ومنازعتها فيه، وإنهما لم يتمكنا من التصرف طبقاً لهذا الاتفاق إلا بعد العمل بالقانون المذكور، وبعد أن تم إقراره والموافقة عليه نهائياً من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أثر تصديق وزير الإصلاح الزراعي على قرار الهيئة الصادر باعتماد قرار اللجنة القضائية القاضي بالاعتداد بالاتفاق سالف الذكر، لا حجة في ذلك ولا مقنع فيه، لأن الطاعن الأول - بوصف أنه كان مالكاً لحصته على الشيوع - كان يملك هذه الحصة ملكاً تاماً، وكان له بهذه المثابة، وقبل الفوز والقسمة أن يتصرف فيها شائعة كلها أو بعضها بشتى أنواع التصرفات الناقلة للملكية من بيع وهبة وغيرها، بل وكان له الحق في أن يجري التصرف على جزء مفرز من المال في حدود حصته، ويكون هذا التصرف صحيحاً ونافذاً في حق المتصرف إليه ما دام أنه كان يعلم أن المتصرف يملك حصته شائعة وإذا لم يقع الجزء المتصرف فيه عند القسمة في نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف بطريق القسمة (826 مدني) كما أن الطاعنة الثانية بوصفها مالكة لحصتها الأصلية ملكية مفرزة كانت تستطيع أن تتصرف فيها كلها أو بعضها بكل أنواع التصرفات الناقلة للملكية، الأمر الذي تنقضي معه الاستحالة المانعة من تصرف الطاعنين في القدر الزائد من ملكيتها، وينهار تبعاً لذلك الاحتجاج بعدم قدرتها قانوناً على التصرف في هذا القدر الزائد قبل العمل بالقانون المذكور.