أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 11 - صـ 861

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عطية إسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدي؛ وحسن خالد المستشارين.

(167)
الطعن رقم 1383 لسنة 30 القضائية

( أ ) دعوى مدنية. موضوعها: مصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة.
صحة إلزام المتهم بهما في غير مطالبة من المدعي بالحقوق المدنية. ذلك لا يعتبر قضاء من المحكمة بما لم يطلبه الخصوم. علة ذلك. المادة 320 أ. ج، المادتان 356، 357 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
(ب) إثبات. تقدير أقوال الشهود بشأن إمكان الرؤية من حيث صلتها بالتسبيب: دفوع. الدفوع الموضوعية غير الجوهرية: حكم. ما يكفي فيه الرد الضمني:
الدفع باستحالة الرؤية بسبب الظلام.
1 - تنص المادة 320 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه إذا حكم بإدانة المتهم في الجريمة وجب الحكم عليه للمدعي بالحقوق المدنية بالمصاريف التي تحملها، وتنص المادة 356 من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية على أنه يجب على المحكمة عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها أن تحكم من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى، كما تنص المادة 357 من هذا القانون على أنه يدخل في حساب المصاريف مقابل أتعاب المحاماة، ومن ثم فإن قضاء الحكم بإلزام المتهم بمصاريف الدعوى المدنية ومقابل أتعاب المحاماة من غير أن يطلب المدعي بالحقوق المدنية ذلك صراحة لا يعتبر قضاء بما لم يطلبه الخصوم، وإنما إعمالاً لحكم القانون.
2 - [(1)] الدفع باستحالة الرؤية بسبب الظلام ليس من الدفوع الجوهرية التي يتعين على المحكمة أن ترد عليها استقلالاً - بل يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من الأدلة التي استند إليها الحكم في الإدانة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل المجني عليه عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من مسدس قاصداً قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وقد تلت هذه الجناية جناية أخرى هي أن المتهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرع في قتل المجني عليها بأن أطلق عليها عياراً نارياً من مسدسه قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو عدم إحكام الرماية وإسعاف المجني عليها بالعلاج - الجناية المعاقب عليها بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات، وأحرز سلاحاً نارياً مششخناً (مسدس) بغير ترخيص وذخيرة (طلقات) مما تستعمل في سلاح ناري غير مرخص له بحيازته، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 234/ 1 - 2 من قانون العقوبات و1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 58 والقسم الأول من الجدول رقم 3 المرفق. وادعى المدعي بالحق المدني قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات ببراءة المتهم من تهمة الشروع في قتل المجني عليها وبمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس سنوات عن باقي التهم المسندة إليه وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف المدنية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه دانه في جناية القتل العمد في حين أن نية القتل غير واضحة في الدعوى، فضلاً عن التضارب بين أقوال شهود الإثبات الذين استندت المحكمة إلى أقوالهم وأنه لم يرد على لسان أحد من الشهود أن الطاعن حينما أطلق النار كان متعمد القتل ولم يستقر هؤلاء الشهود على أنه أطلق عديداً من الأعيرة النارية أو أنه كان يحمل مسدساً - بل تناقضوا في ذلك تناقضاً يهدم الدليل الذي أخذ به الحكم المطعون فيه، كما أنه انتهى إلى معاقبة الطاعن بقولة إن واقعة الدعوى قد توافر الدليل عليها من شهادة كل من عائشة هلال الكيلاني وإبراهيم بسيوني الأجرب وبسيوني أحمد سالم ومن المعاينة والتقارير الطبية الشرعية ولم ينتبه إلى ما اعتور شهاداتهم من خلط وتناقض، فضلاً عن اتفاقهم على أن الحادثة كانت عند أداء فريضة العشاء من ليلة 28 من شعبان سنة 1377 وفي الظلام الذي يستحيل معه الرؤية والتمييز من بين عديد من المتشاجرين وقد أشهد الطاعن شاهد نفي هو أحمد محمد بسيم الذي ذكر علة اتهام الطاعن ولم يجرح أحد شهادته بشيء، ومع ذلك لم يشر الحكم المطعون فيه عن سبب التفاته عن هذه الشهادة، وقد اقتصر طلب المدعي بالحق المدني على طلب الحكم له بمبلغ قرش واحد على سبيل التعويض فقضى له الحكم المطعون فيه بذلك المبلغ مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة فيكون قد قضى بما لم يطلبه الحكم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "إن نزاعاً دب بين عبد العظيم أحمد حسنين وأولاده وبين حامد إبراهيم عامر وأقاربه واجتمع من الطرفين يوسف عبد العظيم حسنين وعبد الله محمد إبراهيم عامر لإتمام الصلح ولما لم يتم تبادل الطرفان الأعيرة النارية ونظراً لأن منزل حافظ إبراهيم البسيوني ووالدته عيشه هلال يفصل بين المتنازعين ولمناسبة وجودها فقد أصاب حافظ إبراهيم البسيوني عيار ناري أطلقه المتهم أحمد عامر حامد أرداه قتيلاً كما أصيبت والدته عيشه هلال الكيلاني من عيار ناري أطلقه عليها مجهول فأحدث إصابتها وأسعفت بالعلاج وأبلغ الحادث إلى النيابة حيث تولت التحقيق" وساق الحكم تدليلاً على صحة هذه الواقعة أقوال عائشة هلال الكيلاني وإبراهيم بسيوني الأجرب وبسيوني أحمد سالم وما ثبت من المعاينة والتقارير الطبية الشرعية التي نقل الحكم عنها أن المجني عليه أصيب بصدره تحت منتصف الترقوة اليمنى من عيار ناري سبب وفاته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه دلل على ثبوت نية القتل لدى الطاعن بقوله: "إن نية القتل ثابتة ثبوتاً أكيداً لدى المتهم من إمساكه بمسدس وهو سلاح ناري قاتل بطبيعته وإطلاقه على الفريق المعادي وفي مقتل منه، يؤيد ذلك إصابة المجني عليه وتعدد إطلاق الأعيرة النارية بكثرة تنبئ بلا أدنى شك عن نية أكيدة في إزهاق أرواح الفريق المعادي له - فإذا أخطأ الطلق القدر وأصاب أحداً ممن لا دخل له في المشاجرة فأرداه قتيلاً كان المتهم مسئولاً بغير نزاع عن جريمته ونية القتل فيها ظاهرة واضحة" وهذا البيان فيه التدليل الكافي على توافر نية القتل لدى الطاعن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل من أقوال شهود الإثبات ما يطابق شهادتهم أمام المحكمة وأورد هذه الشهادات بصورة متسقة لا تناقض فيها فلا يعيبه أن يكون هناك خلاف غير مؤثر في جوهر الشهادة بين أقوال هؤلاء الشهود ما دام قد أورد ما استخلصه من هذه الأقوال بما لا تعارض فيه. ولما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من شهادة الشهود وأن تطرح ما لا تطمئن إليه منها. لما كان ذلك، وكان الدفع باستحالة الرؤية بسبب الظلام ليس من الدفوع الجوهرية التي يتعين على المحكمة أن ترد عليها استقلالاً - بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الأدلة التي استند إليها الحكم في الإدانة.
وحيث إن محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تشير في حكمها إلى شهادة شهود النفي والرد عليها رداً صريحاً لأن قضاءها بالإدانة اعتماداً على عناصر الإثبات التي بينتها يفيد أنها أطرحت تلك الشهادة ولم تر فيها ما يغير عقيدتها في ثبوت الجريمة التي دانت الطاعن عنها. لما كان ذلك، وكانت المادة 320 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه إذا حكم بإدانة المتهم في الجريمة وجب الحكم عليه للمدعي بالحقوق المدنية بالمصاريف التي تحملها، وتنص المادة 356 من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية على أنه يجب على المحكمة عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها أن تحكم من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى، كما تنص المادة 357 من هذا القانون على أنه يدخل في حساب المصاريف مقابل أتعاب المحاماة، فإن قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام المتهم بمصاريف الدعوى المدنية ومقابل أتعاب المحاماة من غير أن يطلب المدعي بالحقوق المدنية ذلك صراحة لا يعتبر قضاء بما لم يطلبه الخصوم وإنما إعمالاً لحكم القانون.
وحيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن برمته على غير أساس فيتعين رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات المدنية.


[(1)] مبدأ الحكم في الطعن 1484/ 30 ق - (جلسة 26/ 12/ 1960)، الطعن 1767/ 30 ق - (جلسة 23/ 1/ 1961)، الطعن 1523/ 30 ق - (جلسة 7/ 3/ 1961).