أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 23

جلسة 4 من يناير سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وعمر بريك نائبي رئيس المحكمة وفؤاد نبوي ومحمد سعيد.

(1)
الطعن رقم 19605 لسنة 69 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
التقرير بالطعن في الميعاد دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". الإضرار العمدي بأموال الدولة. نقض "أثر الطعن".
تغيير المحكمة وصف التهمة المسندة للطاعن من الإضرار العمدي بأموال الجهة التي يعمل بها إلى التسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموالها. تعديل للتهمة نفسها يوجب لفت نظر الدفاع إليه. مخالفة ذلك إخلال بحق الدفاع. أساس ذلك؟
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة يوجب امتداد أثر الطعن للطاعن الذي لم يقبل طعنه شكلاً.
1 - لما كان المحكوم عليه الثاني وإن قرر بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به, وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - تغيير المحكمة للتهمة الخاصة بالطاعن من تعمد الإضرار إلى الخطأ الذي ترتب عليه ضرر جسيم، ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى الطاعن في أمر الإحالة مما تملك المحكمة إجراءه بغير تعديل في التهمة عملاً بنص المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، وإنما هو تعديل في التهمة نفسها بإسناد عنصر جديد لتهمة الإضرار العمدي لم يكن وارداً في أمر الإحالة، وهو عنصر إهمال الطاعن في تحرير خطابَيْ فك الوديعة وشراء شهادات استثمار، مما أتاح فرصة تسهيل الاستيلاء لغيره على أموال الصندوق في غفلة منه، الأمر الذي كان يتعين معه على المحكمة لفت نظر الدفاع إلى ذلك التعديل, وهي إذ لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة له وللطاعن الثالث، والطاعن الثاني الذي قضي بعدم قبول طعنه شكلاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين أولاً: المتهم الأول: بصفته موظفاً عاماً ومن الأمناء على الودائع "مدير عام النقل وأمين صندوق التأمين الخاص بالعاملين بشركة....... إحدى شركات وزارة الصناعة" اختلس دفتر شيكات يبدأ من رقم..‮..... حتى رقم...... والخاص بحساب صندوق التأمين للعاملين بالشركة المذكورة لدى البنك الأهلي المصري فرع....... والمسلم إليه بسبب وظيفته وصفته آنفتي البيان. ثانياً: المتهمان الأول والثاني بصفتهما موظفين عموميين الأول أمين صندوق التأمين الخاص بالعاملين بشركة....... إحدى شركات وزارة الصناعة والثاني مندوب ذلك الصندوق لدى البنوك سهلا لمجهول الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على مبلغ مائتين وثلاثة وثلاثين ألف جنيه المملوك للصندوق المودع بحساب الصندوق بالبنك...... فرع....... بأن قدم ثانيهما بناء على اقتراح من أولهما للمسئولين في ذلك البنك طلبين تضمن أولهما الرغبة في فك الوديعة الخاصة بالشركة لدى البنك بينما تضمن ثانيهما إيداع ذات مبلغ الوديعة لحساب الشركة لدى البنك وبهذه الوسيلة تمكن المجهول من الاستيلاء على قيمة الوديعة على النحو المبين بالأوراق وقد ارتبطت تلك الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال محررات مزورة ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان سالفي البيان اشتركا وآخر مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير محررات لجهة عملهما هي الشيكات المبينة بالتحقيقات المسحوبة على الحساب الجاري الخاص بصندوق التأمين لدى البنك....... وذلك بوضع كلمات وتزوير توقيعات المختصين بأن اتفقا مع المجهول على تزوير المحررات سالفة الذكر وساعداه على ذلك بأن أمداه بالبيانات المزورة ونماذج التوقيعين الخاصين بهما فقام المجهول بإثبات تلك البيانات ومهرها بتوقيعات نسبها زوراً للمتهمين الأول والثالث واستعمل تلك المحررات المزورة مع علمه بتزويرها بأن قدم للمختصين بالبنك سالف البيان بطاقة عائلية مزورة باسم....... ووقع المنتحل على الشيكات الأربعة المنوه عنها لدى قيامه بصرف قيمتها فوقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة ثالثاً: المتهم الأول والثاني: بصفتهما سالفة البيان أضرا عمداً بأموال الصندوق سالف البيان وهما يتصلان به بحكم عملهما بأن مكن الأول آخر مجهول في الحصول على الشيكات الأربعة سالفة البيان المستولى على قيمتها وحجب الثاني تقديم طلب شراء شهادات الاستثمار إلى ما بعد صرف المبالغ محل التهمة الثانية على النحو المبين بالتحقيقات. رابعاً: المتهم الثالث بصفته موظفاً عاماً رئيس القطاع المالي ومدير صندوق التأمين الخاص بالعاملين بشركة........ إحدى شركات وزارة الصناعة تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال صندوق التأمين المذكور والذي يتصل به بحكم عمله وكان ذلك ناشئاً عن إهماله في أداء وظيفته بأن قام بالتوقيع على خطابين منفصلين أحدهما بنقل الوديعة والثاني بشراء شهادات استثمار خلافاً للمعمول به بالبنك مما مكن المجهول من صرف المبلغ آنف البيان على النحو المبين بالأوراق. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 113/ 1 - 2، 116 مكرراً، 116 أ/ 1، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات مع إعمال المواد 17، 27، 30، 32 من ذات القانون بمعاقبة كل من...... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. وتغريم كل من الأول والثالث خمسمائة جنيه وبعزل كل المتهمين من وظيفتهم لمدة سنة واحدة وإلزام المتهم الثاني....... برد مبلغ مائتين وثلاثة وثلاثين ألفاً من الجنيهات لصندوق التأمين الخاص بالعاملين بشركة..... وتغريمه مبلغ أربعمائة وستة وستين ألفاً من الجنيهات ومصادرة المحررات المزورة باعتبار أن التهمة المنسوبة للمتهمين الأول والثالث أنهما بصفتهما موظفين عموميين بحكم عملهما تسببا بخطئهما في إلحاق ضرر جسيم بأموال الصندوق آنف البيان وكان ذلك ناشئاًَ عن إهمالهما في أداء وظيفتهما على النحو المبين بالأوراق.
فطعن كل من النيابة العامة والمحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن المحكوم عليه الثاني وإن قرر بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
وحيث إن الطعن المقدم من كل من المحكوم عليهما الأول والثالث ومن النيابة العامة قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إنه مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه أخل بحقه في الدفاع ذلك أن المحكمة دانته بجريمة التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعمل بها، بدلاً من تهم الاختلاس والإضرار العمد بأموال تلك الجهة وتسهيل الاستيلاء عليها وتزوير محرراتها واستعمالها، وهي التهم التي وجهتها إليه النيابة العامة والتي جرت المرافعة على أساسها، دون أن تنبه المحكمة الدفاع إلى هذا التعديل، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بصفته موظف عمومي "مدير عام........ وأمين صندوق....." اختلس دفتر شيكات وأضر عمداً بأموال تلك الجهة التي يعمل بها، وسهل لغيره الاستيلاء عليها، وزور محرراتها واستعملها، وطلبت النيابة العامة معاقبته طبقاً للمواد 40/ ثانياً وثالثاً، 41/ 1، 112/ 1 - 2 ( أ )، 113/ 1 - 2، 116 مكرراً/ 1، 118، 118 مكرراً، 119 مكرراً/ هـ، 211، 212، 214 من قانون العقوبات، وقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى إدانته بوصف أنه بصفته موظفاً عاماً "مدير عام...... وأمين صندوق......" تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال الصندوق آنف البيان، وكان ذلك ناشئاً عن إهماله في أداء وظيفته بأن قام بالتوقيع على خطابين منفصلين أحدهما بفك الوديعة والثاني بشراء شهادات استثمار خلافاً للمعمول به بالبنك مما مكن المجهول من صرف مبلغ 233 ألف جنيه على النحو المبين بالتحقيقات، الأمر المنطبق على المادة 116 مكرراً ( أ )/ 1 من قانون العقوبات، وقد دانت المحكمة الطاعن بهذا الوصف دون أن تلفت نظر الدفاع إلى المرافعة على أساسه. لما كان ذلك، وكان هذا التعديل ينطوي على نسبة الإهمال إلى الطاعن، وهو عنصر لم يرد في أمر الإحالة ويتميز عن ركن تعمد الإضرار الذي أقيمت على أساسه الدعوى الجنائية، وكان هذا التغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة الخاصة بالطاعن من تعمد الإضرار إلى الخطأ الذي ترتب عليه ضرر جسيم ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى الطاعن في أمر الإحالة مما تملك المحكمة إجراءه بغير تعديل في التهمة عملاً بنص المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، وإنما هو تعديل في التهمة نفسها بإسناد عنصر جديد لتهمة الإضرار العمدي لم يكن وارداً في أمر الإحالة، وهو عنصر إهمال الطاعن في تحرير خطابين لفك الوديعة وشراء شهادات استثمار، مما أتاح فرصة تسهيل الاستيلاء لغيره على أموال الصندوق في غفلة منه، الأمر الذي كان يتعين معه على المحكمة لفت نظر الدفاع إلى ذلك التعديل، وهي إذ لم تفعل، فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة له وللطاعن الثالث، والطاعن الثاني الذي قضي بعدم قبول طعنه شكلاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة، بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن من الطاعن ولا طعن النيابة العامة.