مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والعشرون - (من أول أكتوبر سنة 1975 إلى أخر سبتمبر سنة 1976) - صـ 204

(77)
جلسة 13 من يونيه سنة 1976

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد فهمي طاهر، ومحي الدين طاهر، وأحمد سعد الدين قمحه، ومحمد بدير الألفي - المستشارين.

القضية رقم 397 لسنة 16 القضائية

( أ ) حكم - انتهاء الخصومة - طلبات - طلب أصلي - طلب احتياطي.
الحكم باعتبار الخصومة منتهية استناداً إلى استجابة الجهة الإدارية إلى الطلب الاحتياطي يكون مخالفاً للقانون - أساس ذلك أن المحكمة تكون قد رفضت بقضاء ضمني إجابة المدعي إلى طلبه الأصلي دون أن تضمن حكمها الأسباب التي بنت عليها هذا الرفض بالمخالفة لصريح نص المادة 176 من قانون المرافعات.
(ب) عاملون مدنيون - تعيين - مدة خدمة سابقة.
اتجاه نية الوزارة إلى شغل وظائف ملحقين تجاريين من الدرجة السادسة الفنية العالية من تاريخ التعيين فيها وفقاً لنصوص المواد 6 وما بعدها من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة - تعيين المدعي في إحدى هذه الوظائف بعد اجتيازه الامتحان الذي تولاه ديوان الموظفين وارتضاؤه التعيين في الوظيفة التي يرشح لها وتقديم استقالته من وظيفته بالمؤسسة العامة للنقل البحري وتسلمه العمل بالوزارة بعد قبول الاستقالة مقتضاه اعتبار تعيينه تعييناً مبتدأ وليس تعييناً معاداً - نتيجة ذلك أنه لا يسوغ للمدعي أن يطالب أن يكون تعيينه في وظيفة معادلة في مستواها وفي مربوطها المالي للوظيفة التي كان يشغلها بالمؤسسة - لا يغير من هذا النظر إقرار الوزارة باتحاد طبيعة العمل في كل من الوظيفتين وإنما يقتصر حقه على ضم مدة الخدمة السابقة.
1 - من المسلم أنه إذ قضت المحكمة للمدعي بطلبه الاحتياطي دون طلبه الأصلي جاز له قانوناً الطعن في الحكم بالنسبة إلى الطلب الأصلي وذلك وفقاً لنص المادة 211 من قانون المرافعات التي تنص على أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه ولا يجوز ممن قبل الحكم أو ممن قضى له بكل طلباته ما لم ينص القانون على غير ذلك" فيستفاد من مفهوم المخالفة لهذا النص أن من لم يقض له بكل طلباته يجوز له الطعن في الحكم، وبهذه المثابة وإذ كان الطلب الاحتياطي للمدعي يمثل القدر الأدنى لطلباته وهو لا يعدو أن يكون تحوطاً لما قد تنتهي إليه المحكمة من رفض طلبه الأصلي، فإن عدم إجابة المدعي إلى طلبه الأصلي يعتبر بمثابة رفض لبعض طلباته التي أقام بها دعواه، هذا ولما كان الحكم المطعون عليه قد قضى باعتبار الخصومة منتهية استناداً إلى استجابة الوزارة المدعى عليها إلى الطلب الاحتياطي للمدعي فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وذلك اعتباراً بأن قضاءه هذا إنما يعني حتماً أن المحكمة قد رفضت بقضاء ضمني إجابة المدعي إلى طلبه الأصلي دون أن تضمن حكمها الأسباب التي بنت عليها هذا الرفض، وهو الأمر الذي يشكل مخالفة صريحة لنص المادة 176 من قانون المرافعات التي تنص على أنه "يجب أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة." وبناء على ذلك يتعين إلغاء الحكم المطعون عليه وبحث الطلب الأصلي للمدعي وإصدار حكم مسبب فيه.
2 - أن الثابت من الأوراق أن المدعي حصل على بكالوريوس التجارة سنة 1960 وعين بالمؤسسة العامة للنقل البحري اعتباراً من 1/ 11/ 1960 بدرجة موظف "ب" بالكادر العالي وبأول مربوط هذه الدرجة ومقداره 15 جنيهاً شهرياً، على أن يكون تعيينه تحت الاختبار، ثم انتهت فترة الاختبار في 31/ 7/ 1961 فصدر قرار بتثبيت تعيينه من ذلك التاريخ، ثم تقدم المدعي إلى مسابقة الإعلان رقم 34 لسنة 1962 لشغل وظائف ملحقين تجاريين من الدرجة السادسة الفنية العالية بالإدارة العامة للتمثيل التجاري، وبناء على كتاب ديوان الموظفين رقم 100/ 1/ 4 المؤرخ في 8/ 1/ 1964 المتضمن ترشيح ثمانية من الناجحين في المسابقة - بينهم المدعي - صدر قرار وزارة الاقتصاد رقم 385 لسنة 1964 بتعيين المدعي في وظيفة ملحق تجاري من الدرجة السادسة الفنية العالية الخالية بالإدارة العامة للتمثيل التجاري اعتباراً من تاريخ صدور القرار في 28/ 5/ 1964 على أن يمنح أول مربوط الدرجة ومقداره خمسة عشر جنيهاً شهرياً مع وضعه تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر اعتباراً من تاريخ تسلمه العمل، وقبل أن يصدر هذا القرار رقي المدعي إلى الدرجة الخامسة الفنية العالية بمؤسسة النقل البحري بالأقدمية المطلقة اعتباراً من 31/ 10/ 1963 وذلك بمقتضى القرار رقم 378 لسنة 1963 الصادر من مدير عام المؤسسة في 7/ 11/ 1963، وبعد أن صدر قرار تعيين المدعي بالتمثيل التجاري قدم طلباً بالاستقالة من عمله بالمؤسسة وصدر قرار رئيس مجلس إدارة المؤسسة رقم 186 لسنة 1964 بقبول الاستقالة اعتباراً من يوم 17/ 6/ 1964، ومن ثم تسلم المدعي عمله بالتمثيل التجاري في هذا اليوم، هذا وبتاريخ 29/ 9/ 1964 صدر القرار الوزاري رقم 709 لسنة 1964 قاضياً بتعديل مرتب المدعي إلى 25 جنيهاً شهرياً آخر مربوط الدرجة السادسة وهو نفس المرتب الذي كان يتقاضاه بالمؤسسة مع صرف الفروق المستحقة اعتباراً من 17/ 6/ 1964 تاريخ تسلمه العمل، وبتاريخ 8/ 3/ 1965 صدر القرار الوزاري رقم 206 لسنة 1965 بضم مدة خدمة المدعي السابقة من 1/ 11/ 1960 إلى 26/ 5/ 1964 التي قضاها في مؤسسة النقل البحري وإرجاع أقدميته في الدرجة المعين عليها إلى 1/ 11/ 1960، وبتاريخ 9/ 1/ 1966 صدر القرار الوزاري رقم 14 لسنة 1966 بترقية المدعي إلى الدرجة السادسة الفنية العالية (الجديدة) اعتباراً من 28/ 12/ 1965، وبتاريخ 18/ 1/ 1969 صدر القرار رقم 40 سنة 1969 بإرجاع أقدمية المدعي في درجته الحالية إلى 5/ 6/ 1965 تاريخ ترقية زملائه بالقرار رقم 569 لسنة 1965 بدلاً من 28/ 12/ 1965 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إنه يخلص من الوقائع السالفة البيان أن الوزارة المدعى عليها قد اتجهت نيتها إلى شغل وظائف ملحقين تجاريين من الدرجة السادسة الفنية العالية بالإدارة العامة للتمثيل التجاري عن طريق التعيين فيها وذلك وفقاً لنص المادة 6 وما بعدها من القانون رقم 210 لسنة 1951، ومن ثم فقد عقدت امتحاناً للمتقدمين لشغلها تولاه ديوان الموظفين الذي أخطر الوزارة بنتيجة الامتحان مرشحاً للتعيين ثمانية من الناجحين من بينهم المدعي، وبناء على ذلك صدر القرار بتعيينه في إحدى وظائف الدرجة السادسة الفنية العالية بالإدارة العامة سالفة الذكر، وعلى الرغم من أن المدعي كان يشغل حينئذ إحدى وظائف الدرجة الخامسة بالكادر الفني الحالي في المؤسسة العامة للنقل البحري ارتضى التعيين في الوظيفة التي رشح لها، وقدم استقالته من وظيفته بالمؤسسة المذكورة، فلما قبلت الاستقالة تسلم عمله الجديد في الوظيفة التي عين فيها، ومن ثم فإن تعيينه بالإدارة العامة للتمثيل التجاري كان تعييناً مبتدأ وليس تعييناً معاداً، إذ جاء هذا التعيين منطوياً على إلحاقه بوظيفة في أدنى درجات الكادر الفني العالي بوزارة من وزارات الدولة التي يحكم نظام التوظف فيها القانون رقم 210 لسنة 1951 ومن بعده القانون رقم 46 لسنة 1964، وهذا النظام يستقل بأحكامه عن نظام التوظف الذي كان المدعي خاضعاً له في المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري، وهي مؤسسة تستقل بشخصيتها الاعتبارية عن الجهاز الإداري للدولة، وبهذه المثابة فإنه لا يسوغ للمدعي أن يطلب أن يكون تعيينه في وزارة الاقتصاد في وظيفة معادلة في مستواها وفي مربوطها المالي للوظيفة التي كان يشغلها بالمؤسسة المذكورة، وذلك طالما أنه تقدم لامتحان المسابقة مرتضياً التعيين في إحدى الوظائف الشاغرة المعلن عنها وهي جميعاً وظائف من الدرجة السادسة الفنية العالية، ولا يسعف المدعي في التوصل إلى طلبه أن تقر الوزارة المدعى عليها بإتحاد طبيعة العمل في كل من وظيفته السابقة ووظيفته اللاحقة، وإنما يقتصر حقه تبعاً لذلك على ضم مدة خدمته السابقة إلى مدة خدمته في وظيفته الجديدة، وهو ما قامت به الوزارة فعلاً بمقتضى القرار رقم 206 لسنة 1965 إذ أرجعت أقدميته في الدرجة السادسة إلى 1/ 11/ 1960 ثم رقته إلى الدرجة السادسة الجديدة اعتباراً من 5/ 6/ 1965 بالقرار رقم 40 لسنة 1969 الصادر في 18/ 1/ 1969، وهو الأمر الذي ترتب عليه انتهاء الخصومة بين طرفي الدعوى بالنسبة إلى الطلب الاحتياطي للمدعي.