مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1984 إلى آخر فبراير سنة 1985) - صـ 6

(2)
جلسة 21 من أكتوبر سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي، ومحمد يسري زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وأحمد إبراهيم عبد العزيز- المستشارين.

الطعن رقم 359/ 363 لسنة 29 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - مرتب - طوائف خاصة من الموظفين - موظفو الهيئة العامة للإذاعة - موظفو مؤسسة فنون المسرح والموسيقى.
قرار رئيس الجمهورية رقم 2020 لسنة 1964 بربط ميزانية الخدمات للسنة المالية (64/ 1965) تضمن التأشير في الميزانية على ضم ميزانية مؤسسة فنون المسرح والموسيقى إلى ميزانية هيئة الإذاعة - المقصود بالضم توحيد النظم المالية والصرف المالي وسهولة الإشراف والرقابة - يقف أثر قرار ربط الميزانية عند حد إقرار تقدير إيرادات الدولة في عام واحد دون أن يتعداها إلى إدماج المؤسستين أو توحيد القواعد التي تحكم العاملين في كل مؤسسة - الأثر المترتب على ذلك: عدم جواز استفادة العاملين بكل مؤسسة من الميزات المالية المقررة في المؤسسة الأخرى - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 6 من يناير سنة 1983 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الثقافة وهيئة مفوضي الدولة قلم كتاب هذه المحكمة تقريري طعن قيدا بجدولها برقمي 363، 359 لسنة 29 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 8 من نوفمبر سنة 1982 في الدعوى رقم 547 لسنة 36 القضائية المقامة من رضا محمد توفيق ضد وزير الثقافة والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي في تقاضي بدل طبيعة العمل طبقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 1606 لسنة 1959. وذلك اعتباراً من تاريخ نقله إلى المؤسسة المصرية العامة للسينما بالقرار الجمهوري رقم 511 لسنة 1970 مع مراعاة التقادم الخمسي وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقريري طعنيهما - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده مصروفاته والحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات عن الدرجتين.
وعين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 11 من إبريل سنة 1984 حيث قررت الدائرة ضم الطعن رقم 363 لسنة 29 القضائية إلى الطعن رقم 359 لسنة 29 القضائية ليصدر فيهما حكم واحد، وحكمت بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده مصروفات هذا الطلب، وقررت إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) حيث تحدد لنظرهما أمامها جلسة 7 من أكتوبر سنة 1984 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في إنه بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1981 أقام رضا محمد توفيق الدعوى رقم 547 لسنة 36 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير الثقافة طالباً الحكم بأحقيته في منحه بدل طبيعة العمل المقرر بموجب القرار الجمهوري رقم 1606 لسنة 1959 اعتباراً من تاريخ سريان القرار الجمهوري رقم 511 لسنة 1970 مع إلزام المدعى عليه المصروفات. وقال المدعي بياناً للدعوى أن القرارات الجمهورية المتعاقبة المنظمة لمؤسسة المسرح والتي انتهت بإدماجها في الهيئة المصرية العامة للسينما بقرار رئيس الجمهورية رقم 2827 لسنة 1971 تضمنت أحكاماً وقتية أحالت بمقتضاها فيما يتعلق بالشئون المالية والإدارية إلى القواعد التي طبقتها هيئة الإذاعة ولما كان من بين هذه القواعد تلك التي تضمنها قرار رئيس الجمهورية رقم 1606 لسنة 1959 الذي يقضي بمنح هؤلاء العاملين بدل طبيعة عمل لا يزيد على 25% من مرتباتهم فمن ثم فإن أحكام هذا القرار تنطبق على العاملين بمؤسسة السينما بحكم الإحالة الواردة في القرارات الجمهورية المنظمة لتلك المؤسسة والتي انتهت بإدماجها في الهيئة المدعى عليها وإذ أصبح المدعي من بين العاملين بالمؤسسة العامة للسينما بعد نقله إليها عملاً بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 511 لسنة 1970 بإعادة تنظيم مؤسسة السينما وبالتالي أصبح من حقه تقاضي بدل طبيعة العمل المقرر بالقرار الجمهوري رقم 1606 لسنة 1959. وبجلسة 8 من نوفمبر سنة 1982 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه ويقضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي في تقاضي بدل طبيعة العمل طبقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 1606 لسنة 1959 وذلك اعتباراً من تاريخ نقله إلى المؤسسة المصرية العامة للسينما بالقرار الجمهوري رقم 511 لسنة 1971 مع مراعاة التقادم الخمسي وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي كان من العاملين بالمؤسسة المصرية العامة للسينما، وقد تضمنت القرارات الجمهورية المتعاقبة بتنظيم هذه المؤسسة أحكاماً وقتية أحالت بمقتضاها في الشئون المالية والإدارية إلى القواعد التي كانت تطبقها هيئة الإذاعة، ولما كان العاملون في الهيئة الأخيرة يتقاضون بدل طبيعة عمل بنسبة لا تزيد على 25% تطبيقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 1606 لسنة 1959 ومن ثم يغدو من حق العاملين بتلك المؤسسة تقاضي ذلك البدل اعتباراً من تاريخ نقلهم إلى المؤسسة المذكورة مع مراعاة التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه ذلك أن تقرير هذا البدل وغيره من البدلات المالية أياً كان نوعها إنما يتطلب ضرورة توافر الاعتماد المالي الذي يتم الصرف منه وقد تعذر على الجهة الإدارية توفير هذا الاعتماد الخاص بذلك النوع من البدلات لمن نقلوا في تاريخ لاحق على بدء تقريره حال صدور القرار الجمهوري رقم 1606 لسنة 1959 حيث كان الاعتماد متوافراً بالنسبة إلى العاملين الأصليين الموجودين حال تقريره بداءة، ومن ثم فإن من نقلوا من جهات أخرى كالعاملين بالمؤسسة المصرية العامة للسينما في تاريخ لاحق على هذا التاريخ ومنهم المدعي لا يحق له تقاضي ذلك البدل طالما لم يتوافر الاعتماد المالي اللازم.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة إن قضت أن قرار رئيس الجمهورية رقم 1606 لسنة 1959 الصادر بمقتضى السلطة المقررة في المادة 3 من القانون رقم 383 لسنة 1959 بإدخال بعض التعديلات في التشريعات القائمة والتي تقضي بأن تأخذ النصوص الواردة في القوانين في شأن ترتيب المصالح العامة حكم القرارات الصادرة من رئيس الجمهورية في هذا الشأن إلى أن يتم إلغاؤها أو تعديلها بقرارات منه هو تعديل لنص المادة 13 من القانون رقم 98 لسنة 1949 المعدل بالقانون رقم 652 لسنة 1953 في شأن الإذاعة المصرية، وهو النص الذي ظل قائماً بعد العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 717 لسنة 1959 بتنظيم إذاعة الجمهورية العربية المتحدة بمقتضى المادة 22 منه، وكان يقضي بأن:
1 - تسري في شأن جميع موظفي الإذاعة ومستخدميها الأحكام المنصوص عليها في قانون نظام موظفي الدولة والقوانين الأخرى المنظمة لشئون الموظفين.
2 - واستثناء مما تقدم يتقاضى هؤلاء الموظفون والمستخدمون أجراً إضافياً لا يزيد على 25% من مرتباتهم بصفة مكافأة نظير ما يقومون به من عمل يمتد إلى غير ساعات العمل الرسمية في الحكومة "واقتصر هذا التعديل على البند (2) إذ تغير لفظ الأجر الإضافي" إلى "بدل طبيعة عمل" فأصبح النص يجري كالآتي:
3 - واستثناء مما تقدم يتقاضى هؤلاء الموظفون والمستخدمون بدل طبيعة عمل لا يزيد على 25% من مرتباتهم نظير ما يقومون به من عمل يمتد إلى غير ساعات العمل الرسمية وهذا الاستثناء بحسب ما يبين من أصل تقريره من تاريخ العمل بالقانون رقم 98 لسنة 1949 إنما يخص العاملين في الإذاعة، فحكمه مقصور عليهم دون ما عداهم، وهو من ناحية أخرى مقيد بالشرط الذي جعله القرار موجباً له كمكافأة نظير ما يقومون به من عمل يمتد إلى غير ساعات العمل الرسمية في الحكومة، وقد بقى هذا الحكم قائماً بعد تحويل الإذاعة إلى مؤسسة عامة للإذاعة والتليفزيون بمقتضى القرار الجمهوري رقم 1899 لسنة 1961 بإنشاء المجلس الأعلى للمؤسسات العامة.
ومن حيث إن القرار الجمهوري رقم 2020 لسنة 1964 بربط ميزانية الخدمات للسنة المالية 64/ 1965 قد تضمن التأشير في الميزانية على ضم ميزانية مؤسسة فنون المسرح والموسيقى إلى ميزانية هيئة الإذاعة اعتباراً من السنة المالية 64/ 1965.
ومن حيث إن الضم قصد به توحيد النظم المالية والمصرف المالي وسهولة الإشراف والرقابة ويقف أثر قرار ربط الميزانية عند حد إقرار تقدير إيرادات الدولة في عام واحد دون أن يتعداها إلى القول بإدماج المؤسستين أو توحيد القواعد التي تحكم العاملين في كل منهما واستفادة كل من الميزات المقررة للآخرين. ولا يغير من الحكم المتقدم في شيء إعادة تنظيم مؤسسة فنون المسرح والموسيقى بقرار رئيس الجمهورية رقم 452 لسنة 1966 والنص في المادة 15 منه على أن يعمل بالقواعد السارية في هيئة الإذاعة بالجمهورية العربية المتحدة بالنسبة إلى الشئون المالية والإدارية وشئون العاملين إلي أن تصدر اللوائح الخاصة بالمؤسسة.
ومن حيث إن إدماج هيئتي المسرح والسينما بالقرار الجمهوري رقم 2827 لسنة 1971 لا يغير من الوضع في شيء خاصة وأنه لم يصدر قرار جمهوري بمنح هذا البدل للعاملين بمؤسسة فنون المسرح قبل أو بعد إدماجها، ولم يدرج الاعتماد المالي اللازم له بالميزانية وحتى صدور الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون الطعن الماثل في محله ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه فيما قضى به من استجابة لطلبات المدعي مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، وفي موضوعهما، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعين المصروفات.