أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 840

جلسة 26 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ جرجس إسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فتحي الجمهودي نائبي رئيس المحكمة، عبد الحميد الشافعي، إبراهيم الطويلة، وأنور العاصي.

(147)
الطعن رقم 1556 لسنة 56 القضائية

(1) التزام "تنفيذ الالتزام". تعويض.
صيرورة تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين مؤداه. لا ضرورة للإعذار. مادتان 218، 220/ 1 مدني. مثال بشأن: دعوى التعويض عن عدم صلاحية التليفون للعمل بتهالك شبكة الكابلات الأرضية لانتهاء عمرها الافتراضي.
(2- 6) تعويض "دعوى التعويض: تقدير التعويض: تقرير التعويض: عناصر التعويض. "مسئولية المسئولية العقدية". دعوى، "بعض أنواع الدعاوى". محكمة الموضوع "في تكييف الطلبات: في مسائل الواقع". التزام. عقد. نقض "سلطة محكمة النقض".
(2) تكييف محكمة الموضوع للفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه. خضوعه لرقابة محكمة النقض. استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية سلطة تقديرية لمحكمة الموضوع ما دام - استخلاصها سائغاً. مثال: بشأن استخلاص الحكم خطأ هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية من تعطل التليفون لفترات طويلة دون إصلاحه في الوقت المناسب أو تركيب خط جديد يعمل بانتظام. موجب للمسئولية لما فيه من إخلال الهيئة بالتزاماتها التعاقدية.
(3) التزام المدين فى المسئولية العقدية بالتعويض عن الضرر المباشر أهميتها له ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب. مادة 221/ 201 مدني مؤدى ذلك استبعاد التعويض عن الأضرار غير المباشر التي لا محل للمساءلة عنها طالما استبعد الحكم وقوع عطل أو خطأ جسيم في تنفيذ العقد.
4- جواز القضاء بتعويض إجمالي عن الأضرار التي حاقت بالمضرور. شرطه بيان عناصر الضرر ومناقشة كل عنصر على وحده - حرمان المطعون عليه من استعمال التليفون وما يصاحبه من متاعب نفسيه وأضرار مادية فضلاً عن التردد على الهيئة للإبلاغ عن الأعطال وسداد الاشتراكات بيان لعناصر الضرر الذي قضى من أجله بالتعويض جملة.
5- استخلاص الحكم إن إعفاء هيئة المواصلات اللاسلكية من المسئولية عن تعطل التليفون من قبيل الشروط التعسفية التي لحقت بالعقد سلطة تقريرية لمحكمة الموضوع متى كان الاستخلاص سائغاً.
6- إثبات مساهمة المضرور في الفعل الضار أو أن الضرر بفعله وحده. من مسائل الواقع. تقديرها لقاضي الموضوع ما دام استخلاصه سائغاً. استخلاص الحكم أن الخطأ المؤدي إلى تعطل التليفون مرجعه للهيئة وحدها ونفي الخطأ عن المطعون عليه لتهالك شبكة الكابلات الأرضية وكون الإصلاح لا يحتاج لدخول العطل لمسكن المضرور سائغ.
1- مفاد نص المادتين 218، 230/ 1 من القانون المدني أنه ولئن كان التعويض لا يستحق إلا بعد إعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك إلا أنه لا ضرورة لهذا الإعفاء إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين، لما كان ذلك وكان الثابت من عقد تركيب واستعمال التليفون المبرم بين الطرفين أن الهيئة الطاعنة التزمت بتركيب خط التليفون المبين بالأوراق. كانت طبيعة هذا الالتزام تقتضي تركيبه بحالة صالحة للاستعمال وأن تتخذ الهيئة الطاعنة كافة الإجراءات الفنية اللازمة لإصلاح هذا الخط وصيانته بقصد تمكين المتعاقد الآخر من إتمام الاتصال التليفوني وعلى أن يتم ذلك فور مطالبة المتعاقد بإجراء الاتصال أو في الوقت المناسب لذلك تحقيقاً للغرض الذي هدف إليه المتعاقد من تركيب التليفون، ومن ثم فإن تأخير الهيئة الطاعنة في تحقيق الاتصال التليفوني في الوقت المناسب من شأنه أن يرتب مسئوليتها عن إخلالها بالتزامها ولا يكون إعذارها واجباً على الدائن بعد فوات هذا الوقت إذ لا ضرورة لإعذاره بنص المادة 220 من القانون المدني متى أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل المدين، لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير الذي اتخذته محكمة الموضوع سنداً لقضائها أن التليفون الذي قامت الهيئة الطاعنة بتركيبه لم يعمل في خلال الفترة من 2/ 9/ 1977 حتى 4/ 10/ 1980 بسبب تهالك شبكه الكابلات الأرضية لانتهاء عمرها الافتراضي، فإنه لا ضرورة لإعذاره إزاء تأخر الهيئة الطاعنة وفوات الوقت المناسب لتنفيذ التزامها ووقوع الضرر.
2- المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي تخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، إلا أن استخلاص الخطأ الموجب المسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه وقائع الدعوى.
3- المدين في المسئولية العقدية يلزم طبقاً لنص المادة 221/ 1، 2 من القانون بتعويض الضرر المباشر الذي يمكن توقعه عادة وقت التعاقد ويشمل تعويض الضرر ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب وهذا الضرر الموجب للتعويض هو ما كان محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو أن يكون وقوعه في المستقبل حتمياً، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه وهو بسبيل تقدير ما يستحقه المطعون عليه من تعويض اتبع المعايير المترتبة على إخلال المدين بالتزاماته التعاقدية فقضى للمطعون عليه بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية المباشرة التي لحقت به والتي كانت متوقعه وقت تعاقدها معه واستبعد التعويض عن الأضرار غير المباشرة والتي لا محل لمساءلة الطاعنة عنها بعد أن استبعد الحكم وقوع غش أو خطأ جسيم منها في تنفيذ العقد المبرم بينهما ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد التزم صحيح القانون في استخلاص الضرر.
4- المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجوز لمحكمة الموضوع أن تقضي بتعويض إجمالي عن جميع الأضرار التي حاقت بالمضرور إلا أن - ذلك مشروط بأن تبين عناصر الضرر الذي قضت من أجله بهذا التعويض وأن تناقش كل عنصر فيها على حدة وتبين وجه أحقيه طالب التعويض فيه أو عدم أحقيته.
5- لما كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص من العقد المبرم بين الطرفين أن العقد تم بطريق الإذعان وأن الشرط الذي تضمن البند الثاني منه بإعفاء الطاعنة من المسئولية عن تعطل التليفون هو من قبيل الشروط التعسفية وانتهى إلى إعفاء المطعون عليها باعتباره الطرف المذعن - منه إعمالاً للمادة 149 من القانون المدني، وإذ كان هذا الاستخلاص ما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وقد أقيم على أسباب سائغة ولم يكون محل نعي من الطاعنة فإن ما تثيره حول التمسك بهذا الشرط يكن في غير محله.
6- لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إثبات مساهمة المضرور في الفعل الضار أو أن الضرر بفعله وحده من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع ولا رقابه عليه في ذلك لمحكمة النقض ما دام استخلاصه سائغاً، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص في حدود سلطته التقديرية أن الخطأ راجع إلى الهيئة الطاعنة وحدها ونفي الخطأ عن المطعون عليه لما هو ثابت بتقرير الخبير الذي استند إليه في قضائه أن تعطل التليفون رجع إلى تهالك شبكة الكابلات الأرضية وأن إصلاحه لا يحتاج لدخول عمال الطاعنة إلى مسكن المطعون عليه وأطرح ما جاء بالمحضر رقم......... المؤرخ 28/ 2/ 1981 لخدمة دفاعها بعد أن أقام المطعون عليه الدعوى، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون النعي برمته على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 5640 لسنة 1980 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الهيئة الطاعنة وآخرين بأن يدفعوا له مبلغ 5000 جنيه وقال بياناً للدعوى أنه بموجب عقد مؤرخ 16/ 11/ 1974 تعاقد مع الهيئة الطاعنة على تزويده بتليفون بمنزله وقد تم تركيبه بالفعل إلا أن التليفون كان معطلاً بصفة شبه دائمة رغم قيامه بالوفاء بالتزاماته وتقدمه بالعديد من الشكاوى والإنذارات، وقد أصيب من جراء إخلال الطاعنة بالتزاماتها التعاقدية - والتي تتمثل أساساً في جعل التليفون صالحاً لكي يكون وسيله اتصال - بأضرار مادية ومعنوية يقدر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به فأقام الدعوى، بتاريخ 25/ 5/ 1981 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالإسكندرية لفحص النزاع، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت إلى أقوال شاهدي المطعون عليه، حكمت بتاريخ 21/ 5/ 82 بإلزام الهيئة الطاعنة بأن تؤدي للمطعون عليه مبلغ 5000 جنيه، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 920 لسنة 28 ق - وأقام المطعون عليه استئنافاً فرعياً وبتاريخ 26/ 2/ 1983 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون عليه مبلغ 3000 جنيه، فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 1070 لسنة 53 ق وبتاريخ 6/ 6/ 1984 نقضت محكمة النقض ذلك الحكم وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية وبعد أن قامت الطاعنة بتعجيل السير فيه حكمت المحكمة بتاريخ 12/ 3/ 1986 بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون عليه مبلغ 3000 جنيه، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول أنها دفعت بعدم قبول الدعوى لعدم قيام المطعون عليه بإعذارها قبل رفعها. وفقاً لنص المادة 218 من القانون المدني غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع رغم أن الشكاوى المقدمة من المطعون عليه وما تضمنته صحيفة دعواه لا تقوم مقام الإعذار.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مفاد نص المادتين 218، 220 من القانون المدني أنه ولئن كان التعويض لا يستحق إلا بعد إعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك إلا أنه لا ضرورة لهذا الإعذار إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين، لما كان ذلك وكان الثابت من عقد تركيب واستعمال التليفون المبرم بين الطرفين أن الهيئة الطاعنة التزمت بتركيب الخط التليفوني المبين بالأوراق وكانت طبيعة هذا الالتزام تقتضي تركيبه بحالة صالحة للاستعمال وأن تتخذ الهيئة الطاعنة كافة الإجراءات الفنية اللازمة لإصلاح هذا الخط وصيانته بقصد تمكين المتعاقد الآخر من إتمام الاتصال التليفوني وعلى أن يتم ذلك فور مطالبة المتعاقد بإجراء الاتصال أو في الوقت المناسب لذلك تحقيقاً للغرض الذي هدف إليه المتعاقد من تركيب التليفون، ومن ثم فإن تأخير الهيئة الطاعنة في تحقيق الاتصال التليفوني في الوقت المناسب من شأنه أن يرتب مسئوليتها عن إخلالها بالتزامها ولا يكون إعذارها واجباً على الدائن بعد فوات هذا الوقت إذ لا ضرورة للإعذار بنص المادة 220 من القانون المدني حتى أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل المدين، لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير الذي اتخذته محكمة الموضوع سنداً لقضائها أن التليفون الذي قامت الهيئة الطاعنة بتركيبه لم يعمل في خلال الفترة من 2/ 9/ 1977 حتى 4/ 10/ 1980 بسبب تهالك شبكه الكابلات الأرضية لانتهاء عمرها الافتراضي، فإنه لا ضرورة للإعذار إزاء تأخر الهيئة الطاعنة وفوات الوقت المناسب لتنفيذ التزامها ووقوع الضرر وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى رفض الدفع بعدم قبول الدعوى يكون صحيحاً ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالأسباب الثاني والرابع والخامس على الحكم المطعون فيه - القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه لم يتعرض للخطأ المدعى به ولم يفصح عن رأيه فيه أو يجدده مجتزئاً في ذلك بالقول بأن خطأ الطاعنة كان كبيراً وليس جسيماً دون بيان لما أطمأنت إليه من أقوال الشهود أو تقرير الخبير في هذا الخصوص، كما أن الضرر الذي يدعيه المطعون عليه ليس ضرراً محققاً وحالاً ومباشراً مترتباً على خطئها بفرض وقوعه فلا يجوز التعريض عنه، بالإضافة إلى أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون عليه بتعويض مادي وأدبي جملة دون بيان عناصر الضرر التي أدخلها في حسابه عند تقرير التعويض بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التي تخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، إلا أن - استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه وقائع الدعوى، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إثبات خطأ الطاعنة إلى قوله "أن الثابت من المستندات المقدمة من المستأنف ضده - المطعون عليه - والتي لم تطعن عليها الهيئة المستأنفة وما قرره شاهديه وكذا ما جاء بتقرير الخبير أن التليفون محل النزاع قد تعطل لفترات طويلة في المدة من 16/ 1/ 1975 حتى قامت الهيئة بتركيب خط جديد يعمل بانتظام في 5/ 10/ 1980 الأمر الذي يعتبر ويحق خطأ كبيراً - وليس جسيماً - وإخلالاً من جانب الهيئة بالتزاماتها تجاه المستأنف ضده طبقاً للعقد المبرم بينهما بتاريخ 16/ 11/ 1974 وبالتالي تلتزم الهيئة بتعويضه. فإن الحكم يكون قد استخلص من تعطيل التليفون طوال هذه الفترة دون إصلاحه في الوقت المناسب أنه في ذاته خطأ موجب للمسئولية لما فيه من إخلال بالتزاماتها التعاقدية المترتبة على العقد وكان ما استند إليه الحكم في ثبوت الفعل الذي اعتبره بحق خطأ مستمداً من أوراق الدعوى وكان هذا الاستخلاص سائغاً وكافياً لحمل قضائه فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد يكون على غير أساس، لما كان ذلك وكان المدين في المسئولية العقدية يلزم طبقاً لنص المادة 221/ 1، 2 من القانون المدني بتعويض الضرر المباشر الذي يمكن توقعه عادة وقت التعاقد ويشمل تعويض الضرر ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب وهذا الضرر الموجب للتعويض هو ما كان محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو أن يكون وقوعه في المستقبل حتمياً، وكان بين من الحكم المطعون فيه أنه وهو بسبيل تقدير ما يستحقه المطعون عليه من تعويض اتبع المعايير المترتبة على إخلال المدين بالتزاماته التعاقدية فقضى للمطعون عليه بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية المباشرة التي لحقت به والتي كانت متوقعه وقت تعاقدها معه واستبعد التعويض عن الأضرار غير المباشرة والتي لا محل لمساءلة الطاعنة عنها بعد أن استبعد الحكم وقوع غش أو خطأ جسيم منها في تنفيذ العقد المبرم بينهما ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد التزم صحيح القانون في استخلاص الضرر، لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن يجوز لمحكمة الموضوع أن تقضي بتعويض إجمالي عن جميع الأضرار التي حاقت بالمضرور إلا أن ذلك مشروط بأن تبين عناصر الضرر الذي قضت من أجله بهذا التعويض وأن تناقش كل عنصر منها على حدة وتبين وجه أحقية طالب التعويض فيه أو عدم أحقيته، وكان الحكم المطعون فيه حين عرض في أسبابه لقضائه بالتعويض قرر "أن الطاعنة تلتزم بتعويض كافة الأضرار المادية والمعنوية المباشرة التي لحقت به من جراء ذلك والتي كانت متوقعة وقت تعاقدها معه وقد تمثلت تلك الأضرار أساساً في حرمانه المستأنف ضده - المطعون عليه - من استعمال التليفون وحرمان الآخرين من الاتصال به وبواسطته خلال تلك المدة وما صاحب ذلك من متاعب صعبه وما نتج عنه مباشرة من أضرار مادية فضلاً عما تكبده أثناء تردده على المسئولين في الهيئة للإبلاغ عن الأعطال وانتظاره للإصلاح وكذا ما سدده من اشتراكات بانتظام دون منفعة مقابل ذلك مع استبعاد ما أصاب ابنته من تطورات في حالتها الصحية باعتبارها من الأضرار غير المباشرة التي لا محل لمساءلة الهيئة المستأنفة عن تعويضها إعمالاً لنص المادة 221 من القانون المدني" ويبين من ذلك أن الحكم بين عناصر الضرر الذي قضى من أجله بالتعويض وناقش كل عنصر منها على حدة وبين وجه أحقية طالب التعويض فيه وفي هذا الذي أورده الحكم البيان الكافي لعناصر الضرر الذي قضى بالتعويض عنه فلا يعيبه بعد ذلك إنه قدر التعويض عن الضرر المادي والأدبي جملة بغير تخصيص لمقدار كل منهما إذ ليس هذا التخصيص بلازم قانوناً، لما كان ما تقدم وكان الحكم - المطعون فيه قد خلص إلى ثبوت مسئولية الطاعنة على أسباب سائغة استخلصها نتيجة فهم سليم للواقع وتطبيق صحيح للقانون فإنه لا يكون ثمة محل للنعي عليه في ذلك.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع في ثلاثة أوجه وقالت في بيان أولها إنه لما كان العقد شريعة المتعاقدين. فقد تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن البند الثاني من العقد المبرم بينهما وبين المطعون عليه حدد قيمة التعويض الذي يستحقه في حالة حدوث عطل بالتليفون هو رد قيمة الاشتراك عن المدة التي حدث خلالها العطل فلا يجوز للمضرور أن يطالب بتعويض يزيد عن القدر المتفق عليه وتقول في بيان الوجه الثاني بأن العقد تضمن بنده الثاني شرطاً بإعفائها من المسئولية عن تعطل التليفون وبالرغم من ذلك قضت المحكمة بإلزامها بالتعويض وفي بيان الوجه الثالث تقول أن المطعون عليه هو الذي تسبب لخصمه في عدم إصلاح التليفون لعدم إقامته إقامة دائمة بمسكنه وهو ما ثبت من المحضر رقم 1928 لسنة 1981 - إداري المنتزه إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الدفع الجوهري ولم ترد عليه بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في وجهه الأول غير صحيح ذلك أن البين من العقد المؤرخ 11/ 11/ 1974 المبرم بين الطاعنة والمطعون عليه إنه لم يتضمن ثمة اتفاق بين الطرفين على تقدير قيمة التعويض في حالة تعطل التليفون وجاء البند الثاني منه خلواً من تحديد مقدار التعويض برد قيمة الاشتراك في حالة التعطل، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الصادر بجلسة 22/ 2/ 1982 المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص من العقد المبرم بين الطرفين أن العقد تم بطريق الإذعان وأن الشرط الذي تضمنه البند الثاني منه بإعفاء الطاعنة من المسئولية عن تعطل التليفون هو من قبيل الشروط التعسفية وانتهى إلى إعفاء المطعون عليه - باعتباره الطرف المذعن - منه إعمالاً للمادة 149 من القانون المدني، وإذ كان هذا الاستخلاص مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وقد أقيم على أسباب سائغة ولم يكون محل نعي من الطاعنة فإن ما تثيره حول التمسك بهذا الشرط يكون في غير محله، والنعي في وجهه الثالث مردود بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إثبات مساهمة المضرور في الفعل الضار أو أن الضرر بفعله وحده من مسائل الواقع التي يقدرها "قاضي الموضوع ولا رقابه عليه في ذلك لمحكمة النقض ما دام استخلاصه سائغاً وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص في حدود سلطته التقديرية أن الخطأ راجع إلى الهيئة الطاعنة وحدها ونفى الخطأ عن المطعون عليه لما هو ثابت بتقرير الخبير الذي استند إليه في قضائه أن تعطل التليفون راجع إلى تهالك شبكة الكابلات الأرضية وأن إصلاحه لا يحتاج لدخول عمال الطاعنة إلى مسكن المطعون عليه وأطرح ما جاء بالمحضر رقم 1928 لسنة 1981 إداري المنتزه المحرر بتاريخ 28/ 2/ 1981 لخدمة دفاعها بعد أن أقام المطعون عليه الدعوى، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.