أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 919

جلسة 30 من مارس 1989

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وذكي عبد العزيز.

(161)
الطعن رقم 1528 لسنة 56 القضائية

(1) حكم "حجية الحكم. حجية الحكم الجنائي". تعويض.
الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المحكوم عليه. بطلانه وزواله بحضور المحكوم عليه. م 395 أ. ج. أثر ذلك.
عدم اكتساب هذا القضاء الغيابي أيه حجية أمام القضاء المدني. علة ذلك.
(2) مسئولية. كفالة. تضامن.
اعتبار المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون. أثره تضامن المتبرعين في حالة تعددهم. م 795 مدني.
1- المقرر وفقاً لصريح نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية أن الحكم الذي يصدر من محكمة الجنايات في غيبة المحكوم عليه يبطل حتماً بحضوره فتزول الآثار المترتبة عليه سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتضمينات وتعاد الإجراءات من جديد أمام المحكمة يستوي في ذلك ما يتصل منها بالدعوى الجنائية أو بالادعاء بالحق المدني بل وللمحكمة أن تأمر برد ما عسى أن يكون قد حصل عليه المدعي بالحق من تضمينات تنفيذاً للحكم الغيابي، وينبني على ذلك أنه إذا ما رأت محكمة الجنايات لدى نظر الدعوى من جديد تطبيقاً لهذا النص إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية إعمالاً للحق المخول لها بالمادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية فإن هذه المحكمة تنظر بدورها الدعوى المدنية من جديد وتفصل فيها غير مقيدة بقضاء الحكم الغيابي الصادر فيها من محكمة الجنايات باعتباره حكماً لا يكتسب ثمة حجية أمام القضاء المدني بعد أن صار باطلاً بقوة القانون وزالت عنه كافة آثاره.
2- المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر إذ يعتبر المتبوع في حكم الكفيل المتضامن للتابع كفالة مصدرها القانون مما يترتب عليه أنه إذا تعدد المتبوعون كانوا متضامنين فيما بينهم عملاً بالمادة 795 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة أسندت إلى المتهمين..... و............ ارتكاب جناية قتل المجني عليه......... مورث الطاعنين، وأثناء نظر الدعوى الجنائية في القضية رقم 97 لسنة 1979 جنايات دمياط تدخل فيها الطاعنان مدعين بالحق المدني وطلبا إلزام المطعون ضدهم بوصفهم مسئولين عن الحقوق المدنية بتعويض مقداره عشرة آلاف جنيه على سند من أن المتهمين يعملان في حراسة أرض هؤلاء المطعون ضدهم واقترفا الجريمة أثناء تأدية عمليهما مما تتحقق به مساءلتهم باعتبارهم متبوعين لمرتكبي الفعل غير المشروع، وبتاريخ 23 من نوفمبر سنة 1981 أصدرت محكمة الجنايات حكماً غيابياً قضى بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبإلزام المطعون ضدهم بأداء التعويض المطلوب للطاعنين المدعين بالحق المدني، وإذ قبض على المتهمين فقد أعيدت إجراءات محاكمتهما، ومثل الطاعنان طالبين تعديل مبلغ التعويض إلى عشرين ألف جنيه، وبتاريخ 24 من يناير سنة 1983 حكمت محكمة الجنايات حضورياً بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل وببراءة المتهم الثاني وبإحالة الدعوى المدنية بحالتها إلى محكمة دمياط الابتدائية، وبتاريخ 25 من ديسمبر سنة 1984 قضت محكمة أول درجة بإلزام المطعون ضدهم متضامنين أن يؤدوا إلى الطاعنين مبلغ عشرة آلاف جنيه واستأنف المطعون ضدهم من الثاني إلى الأخير هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة "مأمورية دمياط" بالاستئناف رقم 52 لسنة 27 قضائية كما استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم 55 لسنة 17 قضائية المنصورة، كذلك فقد رفع الطاعنان استئنافاً ثالثاً قيد برقم 57 لسنة 17 قضائية المنصورة، وأمرت المحكمة بضم الاستئنافين الثاني والثالث إلى الاستئناف الأول ليصدر فيها حكم واحد، وبتاريخ 2 من مارس سنة 1986 حكمت (أولاً) بقبول الاستئنافات الثلاثة شكلاً (ثانياً) وفى موضوع الاستئنافين رقمي 52، 55 لسنة 17 قضائية بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضدهم من الثاني إلى الأخير من تركة مورثيهما المرحوم........، والمرحوم.......... وإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدوا إلى الطاعنين مبلغ ألفي جنيه مثالثة فيما بينهم. (ثالثاً) وفى موضوع الاستئناف رقم 57 لسنة 17 قضائية برفضه. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالأول منها على الحكم المطعون فيه خطأه في فهم واقع الدعوى أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقولان أنهما كانا قد ادعيا بالحق المدني أثناء نظر الدعوى الجنائية أمام محكمة الجنايات وطلبا تعويضاً مقداره عشرة آلاف جنيه فصدر الحكم الجنائي الغيابي مستجيباً لمقدار هذا التعويض، وإذ قبض على المتهمين فإن إجراءات إعادة المحاكمة تكون قاصرة على الدعوى الجنائية دون الدعوى المدنية وأنه بسبب طلب الطاعنين زيادة التعويض إلى مبلغ عشرين ألف جنيه قررت محكمة الجنايات إحالة دعواهما إلى المحكمة المدنية التي كان ينبغي عليها في هذه الحالة الالتزام بمقدار التعويض المحكوم به غيابياً من محكمة الجنايات أن رأت انتفاء المبرر لزيادته وهو الأمر الذي تقيدت به محكمة أول درجة، وإذ لم تفطن محكمة الاستئناف إلى هذا النظر وقضت بحكمها المطعون فيه بتعويض يقل عن عشرة آلاف جنيه فإن هذا الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن المقرر وفقاً لصريح نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية أن الحكم الذي يصدر من محكمة الجنايات في غيبة المحكوم عليه يبطل حتماً بحضوره فتزول الآثار المترتبة عليه سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتضمينات وتعاد الإجراءات من جديد أمام المحكمة يستوي في ذلك ما يتصل منها بالدعوى الجنائية أو بالادعاء بالحق المدني بل وللمحكمة أن تأمر برد ما عسى أن يكون قد حصل عليه المدعي بالحق المدني من تضمينات تنفيذاً للحكم الغيابي، وينبني على ذلك أنه إذا ما رأت محكمة الجنايات لدى نظر الدعوى من جديد تطبيقاً لهذا النص إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية إعمالاً للحق المخول لها بالمادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية فإن هذه المحكمة المدنية تنظر بدورها الدعوى المدنية من جديد وتفصل فيها غير مقيدة بقضاء الحكم الغيابي الصادر فيها من محكمة الجنايات باعتباره حكماً لا يكتسب ثمة حجية أمام القضاء المدني بعد أن صار باطلاً بقوة القانون وزالت عنه كافة آثاره، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أنه بعد أن أصدرت محكمة جنايات دمياط حكماً غيابياً قضى بإدانة تابعي المطعون ضدهم وإلزام هؤلاء المتبوعين بتعويض مقداره عشرة آلاف جنيه فقد ترتب على حضور المحكوم عليهما زوال هذا الحكم الغيابي فأعادت تلك المحكمة من جديد نظر الدعوى الجنائية والادعاء بالحق المدني ثم قضت بإدانة أحد المتهمين وبراءة الآخر مع إحالة الدعوى المدنية إلى محكمة دمياط الابتدائية المدنية مما يستتبع أن يكون لهذه المحكمة نظر الدعوى المدنية والفصل فيها دون اعتداد بما قضى به الحكم الجنائي الغيابي من تعويض، ومن ثم يضحى النعي الذي يثيره الطاعنان في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ ألغى التضامن الذي قضى به الحكم الابتدائي بشأن التزام المطعون ضدهم بأداء التعويض مع أن الجاني الذي ارتكب الجريمة يعمل حارساً بالمزرعة التي يملكها هؤلاء ويعد تابعاً لهم فتتحقق مسئوليتهم كمتبوعين بالتضامن فيما بينهم عن أداء التعويض للطاعنين المضرورين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأنه من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر إذ يعتبر المتبوع في حكم الكفيل المتضامن للتابع كفالة مصدرها القانون مما يترتب عليه إذا تعدد المتبوعون كانوا متضامنين فيما بينهم عملاً بالمادة 795 من القانون المدني - ولما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه على الرغم من أنه قد انتهى في قضائه إلى تحقق مسئولية المطعون ضدهم بوصفهم متبوعين لمرتكب الفعل غير المشرع تطبيقاً لنص المادة 174 من القانون المدني فإنه لم يعمل حكم التضامن فيما بينهم بأداء التعويض، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والموجب لنقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.
وحيث إنه لما كان الموضوع صالحاً للفصل فيه ولما تقدم تقضي المحكمة بالتضامن في التزام المطعون ضدهم أداء التعويض المقضي به بالحكم المطعون فيه.