أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 80

جلسة 24 من يناير سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا ومحمد الصيرفي نائبي رئيس المحكمة ومحمد ناجي دربالة ورفعت حنا.

(12)
الطعن رقم 5780 لسنة 67 القضائية

(1) إتلاف "أوراق أميرية". نقض "الطعن للمرة الثانية". محكمة النقض "نظرها الدعوى والحكم فيها".
القصد الجنائي في جريمة الإتلاف تحققه باتجاه إرادة المتهم لارتكابه.
مثال لحكم بالإدانة صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة إتلاف أوراق أميرية.
(2) اختلاس أوراق أميرية. نقض "الطعن للمرة الثانية". محكمة النقض "نظرها الدعوى والحكم فيها".
مثال لحكم بالبراءة صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة اختلاس أوراق أميرية.
1 - لما كان ذلك، وكانت الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة تجمل في أن المتهم الخبير الزراعي بمكتب خبراء وزارة العدل بأسوان، تسلم بصفته هذه عدداً من القضايا المدنية وقضايا الجنح المعهود إليه بأعمال الخبرة فيها فنقلها إلى منزله لينجز إعداد التقارير المطلوبة، ثم عن له أن يغادر المنزل في بعض شأنه وترك الباب مفتوحاً، وإذ عاد فوجئ بأن قطيعاً من الماعز قد ولج إلى المنزل وأتلف أوراق بعض من القضايا تلك، وإذ خشي المتهم أن يتعرض للمسئولية الإدارية وما قد يترتب عليها من تهديد لمستقبله الوظيفي، وأراد أن يدرأ عن نفسه ما وقع منه من إهمال في المحافظة على ما بعهدته من قضايا، فقد حمل القصاصات الباقية من القضايا التي تلفت وتوجه في ليلة 31 أكتوبر سنة 1989 إلى مقر عمله وألقاها على الأرض في غرفة الخبراء الزراعيين ثم تناول بعض القضايا الموجودة بالغرفة ومزقها وألقاها على الأرض ليبدو الأمر لزملائه ورؤسائه وكأنه فعل إتلاف قارفه مجهول. وقد قام الدليل على صحة هذه الواقعة وثبوتها في حق المتهم من أقوال كل من...... الخبراء بالقسم الزراعي بمكتب خبراء....... ومن اعتراف المتهم في تحقيق النيابة العامة. فقد شهد الأول بأنه وصل إلى مقر مكتب خبراء أسوان الساعة السابعة من صباح يوم 31 من أكتوبر سنة 1989 فوجد الباب الخارجي مفتوحاً، وإذ دخل إلى غرفة القسم الزراعي وجد الدواليب مفتوحة والقضايا ملقاة على الأرض ممزقة. وأضاف أن كلاً من الخبراء والفراشين يحتفظ بنسخة من مفتاح الباب الخارجي لمقر مكتب الخبراء أما الغرف الداخلية فتترك أبوابها مفتوحة. وشهد كل من الشاهدين الثاني والثالث بأن الشاهد الأول اتصل به في منزله صباح يوم اكتشاف الواقعة وأبلغه بما تقدم من شهادته فتوجه على الفور إلى المكتب حيث وجد غرفة القسم الزراعي على الحال التي وصفها الشاهد الأول. وقرر الشاهد الرابع بأنه رأس اللجنة التي قامت عقب الحادث بجرد عهدة المكتب من القضايا فتبين لها سلامتها في سائر الأقسام عدا القسم الزراعي فقد وجدت خمساً من القضايا المعهود بها لهذا القسم ممزقة وإن أمكن تجميع مستنداتها وهي القضايا أرقام..... كما وجدت اللجنة ضمن قصاصات الأوراق التي جمعت من مكان الحادث قصاصات لقضايا مدنية مسلمة إلى المتهم بسبب عمله. وشهد كل من الخامس والسادس أنهما كانا عضوين في اللجنة آنفة الذكر ورددا مضمون شهادة الشاهد السابق. وقرر المتهم في التحقيقات أنه حمل إلى مسكنه عدداً من القضايا المعهود إليه بأعمال الخبرة فيها غير أن الماعز دخلت إلى المسكن في غيبته وأتلفت بعضاً من ملفات القضايا تلك، فخشي مغبة المسئولية الإدارية وتأثيرها على مستقبله الوظيفي فحمل الملفات التالفة إلى المكتب ليلة الحادث وألقى بها على أرض غرفة الخبراء الزراعيين ثم مزق بعض القضايا المعهود بها إلى القسم وألقاها مع الأخرى التالفة حتى يلصق الاتهام بإتلاف هذه وتلك بمجهول. وحيث إن المتهم مثل بجلسة المحاكمة وأنكر ما أسند إليه وتنصل من الاعتراف المنسوب إليه في تحقيقات النيابة العامة، غير أن محاميه لم يجاره في إنكار تهمة الإتلاف، وإنما قرر بعدم توافر القصد الجنائي في حقه، والمحكمة تلتفت عن إنكار المتهم وتطمئن إلى صدور الاعتراف منه أمام النيابة العامة على النحو الذي ثبت به في محاضر التحقيق الابتدائي سيما وأن المتهم أرسل دفاعه في هذا الصدد دون دليل أو تفسير، كما أن قول الدفاع بعدم توافر القصد الجنائي يدحضه ما تضمنه اعتراف المتهم نصاً من أنه تعمد تمزيق ملفات بعض القضايا المعهود بها إلى جهة عمله للدافع الذي ذكره وهو دافع لا تأثير له على قيام القصد الجنائي في جريمة الإتلاف التي اتجهت إرادته إلى ارتكابها. لما كان ما تقدم، فإنه يكون قد ثبت في يقين المحكمة أن المتهم في يوم 30 من أكتوبر سنة 1989 بدائرة قسم...... ومحافظة....... وهو موظف عام خبير زراعي بمكتب خبراء وزارة العدل بـ...... أتلف القضايا أرقام....... المعهود بها إلى الجهة التي يعمل بها ومن ثم حق عقابه بموجب المواد 117 مكرراً، 119/ أ، 119 مكرراً/ أ من قانون العقوبات عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وترى المحكمة من ظروف الدعوى وأحوال المتهم أن تأخذه بقسط من الرأفة في الحدود المقررة بالمادة 17 من قانون العقوبات.
2 - لما كانت النيابة العامة قد أسندت للمتهم فضلاً عما تقدم أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفته المشار إليها: اختلس القضايا أرقام...... وصورة عقد الرهن في القضية رقم........ وحافظة المستندات في القضية رقم........ والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع على النحو المبين بالتحقيقات وطلبت عقابه بموجب المواد 112/ 1 - 2/ أ، 118، 119/ أ، 119 مكرراً/ أ من قانون العقوبات. وقد تساند الاتهام إلى أقوال الشهود المار ذكرهم والمقدم...... رئيس مباحث قسم........ فقد جاءت أقوال كل من الشهود الستة الأول على نحو ما سلف بيانه، وأضاف أعضاء لجنة الجرد أنه تبين لهم فقد القضايا المشار إليها بوصف التهمة الماثلة. وشهد رئيس المباحث بأن تحرياته دلت على أن المتهم كان في ضائقة مالية فاختلس بعض القضايا والمستندات من عهدته وتصرف فيها ثم ارتكب جريمة الإتلاف ليستر بها ذلك الاختلاس. وحيث إن المحكمة لا ترى في هذه الأدلة ولا في سائر أوراق الدعوى ما يحمل على اليقين بوقوع جريمة اختلاس وذلك للأسباب التالية: أولاً: لئن كان أعضاء لجنة الجرد قد قرروا بوقوع اختلاس إلا أنهم لم يجزموا بذلك وإنما قالوه استنتاجاً كما أن رئيس المباحث وإن قرر بأن تحرياته دلت على أن المتهم تصرف في بعض القضايا إلا أنه قرر أنه لم يتوصل إلى كيفية تصرفه فيها وهو ما يحمل على الظن بأن قوله بوقوع الاختلاس إنما بني على الاستنتاج وعلى أية حال فإن تحرياته تلك لا تعدو أن تكون رأياً له ولا تصلح أساساً للجزم بوقوع الاختلاس. ثانياً: أعاد المتهم ملفات سليمة لواحد وستين من القضايا التي كان معهوداً إليه بها وكانت في منزله لإنجاز التقارير المطلوبة. ثالثاًَ: جمعت النيابة العامة من مكان الحادث كمية من قصاصات الأوراق وكلفت اللجنة بمحاولة التعرف عليها فأفرزت منها مستندات تتعلق بسبع من الثماني قضايا المدنية المقال باختلاسها وبقيت من بعد قصاصات تعذر على اللجنة ردها إلى قضايا بعينها وأنه من المحتمل أن تكون خاصة بالقضايا الأخرى المقال باختلاسها. رابعاً: قدم المدافع عن الطاعن إقرارات من أرباب القضايا المدنية المقال باختلاسها تفيد أن أياً منهم لم يصبه ضرر من جراء الحادث لوجود أصول وصور رسمية للمستندات التي كانت مرفقة بتلك القضايا، وجاء بتقرير اللجنة أن قضايا الجنح تم تجديدها بالرجوع إلى صور محاضرها المحفوظة لدى جهات الضبط وملفاتها بالمحاكم وأن مهام الخبرة في القضايا جميعاً قد أنجزت. خامساً: أن المتهم تقدم من تلقاء نفسه إلى النيابة العامة واعترف بارتكاب الإتلاف وأنكر أي اختلاس وأصر على أن القصاصات التي عثرت عليها النيابة هي من بقايا ما أتلفته الماعز وأنها من القضايا المقال باختلاسها. وبالبناء على ما سلف فإن المحكمة لا ترى في الأوراق دليلاً يدحض دفاع المتهم الذي أبداه منذ فجر التحقيق لتضحي تهمة الاختلاس المنسوبة إليه محل شك كبير ويتعين والأمر كذلك القضاء ببراءته منها عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن أنه (1) بصفته موظفاً عاماً خبير زراعي بمكتب خبراء وزارة العدل بأسوان اختلس القضايا أرقام...... صورة عقد الرهن في القضية رقم....... وحافظة المستندات في القضية رقم...... والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حال كونه من الأمناء على الودائع على النحو المبين بالتحقيقات. (2) بصفته آنفة البيان أتلف القضايا أرقام......... والمعهود بهم للجهة التي يعمل بها وقد ارتكب تلك الجريمة بقصد إخفاء أدوات جناية الاختلاس موضوع التهمة الأولى على النحو المبين بالتحقيقات، وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 122/ 1 - 2 أ، 117 مكرر، 118، 119/ أ، 119 مكرر أ من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وبعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة أمن الدولة العليا بأسوان لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضورياًَ عملاً بالمواد 112/ 1 - 2، 117 مكرر، 118، 119/ أ، 119 مكرر/ أ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض - للمرة الثانية - ....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة تجمل في أن المتهم...... الخبير الزراعي بمكتب خبراء وزارة العدل بأسوان، تسلم بصفته هذه عدداً من القضايا المدنية وقضايا الجنح المعهود إليه بأعمال الخبرة فيها فنقلها إلى منزله لينجز إعداد التقارير المطلوبة، ثم عن له أن يغادر المنزل في بعض شأنه وترك الباب مفتوحاً، وإذ عاد فوجئ بأن قطيعاً من الماعز قد ولج إلى المنزل وأتلف أوراق بعض من القضايا تلك، وإذ خشي المتهم أن يتعرض للمسئولية الإدارية وما قد يترتب عليها من تهديد لمستقبله الوظيفي، وأراد أن يدرأ عن نفسه ما وقع منه من إهمال في المحافظة على ما بعهدته من قضايا، فقد حمل القصاصات الباقية من القضايا التي تلفت وتوجه في ليلة 31 من أكتوبر سنة 1989 إلى مقر عمله وألقاها على الأرض في غرفة الخبراء الزراعيين ثم تناول بعض القضايا الموجودة بالغرفة ومزقها وألقاها على الأرض ليبدو الأمر لزملائه ورؤسائه وكأنه فعل إتلاف قارفه مجهول.
وقد قام الدليل على صحة هذه الواقعة وثبوتها في حق المتهم من أقوال كل من..... الخبراء بالقسم الزراعي بمكتب خبراء...... ومن اعتراف المتهم في تحقيق النيابة العامة، فقد شهد الأول بأنه وصل إلى مقر مكتب خبراء أسوان في الساعة السابعة من صباح يوم 31 من أكتوبر سنة 1989 فوجد الباب الخارجي مفتوحاً، وإذ دخل إلى غرفة القسم الزراعي وجد الدواليب مفتوحة والقضايا ملقاة على الأرض ممزقة. وأضاف أن كلاً من الخبراء والفراشين يحتفظ بنسخة من مفتاح الباب الخارجي لمقر مكتب الخبراء أما الغرف الداخلية فتترك أبوابها مفتوحة.
وشهد كل من الشاهدين الثاني والثالث بأن الشاهد الأول اتصل به في منزله صباح يوم اكتشاف الواقعة وأبلغه بما تقدم من شهادته فتوجه على الفور إلى المكتب حيث وجد غرفة القسم الزراعي على الحال التي وصفها الشاهد الأول.
وقرر الشاهد الرابع بأنه رأس اللجنة التي قامت عقب الحادث بجرد عهدة المكتب من القضايا فتبين لها سلامتها في سائر الأقسام عدا القسم الزراعي فقد وجدت خمساً من القضايا المعهود بها لهذا القسم ممزقة وإن أمكن تجميع مستنداتها وهي القضايا أرقام........ كما وجدت اللجنة ضمن قصاصات الأوراق التي جمعت من مكان الحادث قصاصات لقضايا مدنية مسلمة إلى المتهم بسبب عمله.
وشهد كل من الخامس والسادس أنهما كانا عضوين في اللجنة آنفة الذكر ورددا مضمون شهادة الشاهد السابق.
وقرر المتهم في التحقيقات أنه حمل إلى مسكنه عدداً من القضايا المعهود إليه بأعمال الخبرة فيها غير أن الماعز دخلت إلى المسكن في غيبته وأتلفت بعضاً من ملفات القضايا تلك، فخشي مغبة المسئولية الإدارية وتأثيرها على مستقبله الوظيفي فحمل الملفات التالفة إلى المكتب ليلة الحادث وألقى بها على أرض غرفة الخبراء الزراعيين ثم مزق بعض القضايا المعهود بها إلى القسم وألقاها مع الأخرى التالفة حتى يلصق الاتهام بإتلاف هذه وتلك بمجهول.
وحيث إن المتهم مثل بجلسة المحاكمة وأنكر ما أسند إليه وتنصل من الاعتراف المنسوب إليه في تحقيقات النيابة العامة، غير أن محاميه لم يجاره في إنكار تهمة الإتلاف، وإنما قرر بعدم توافر القصد الجنائي في حقه، والمحكمة تلتفت عن إنكار المتهم وتطمئن إلى صدور الاعتراف منه أمام النيابة العامة على النحو الذي ثبت به في محاضر التحقيق الابتدائي سيما وأن المتهم أرسل دفاعه في هذا الصدد دون دليل أو تفسير، كما أن قول الدفاع بعدم توافر القصد الجنائي يدحضه ما تضمنه اعتراف المتهم نصاً من أنه تعمد تمزيق ملفات بعض القضايا المعهود بها إلى جهة عمله للدافع الذي ذكره وهو دافع لا تأثير له على قيام القصد الجنائي في جريمة الإتلاف التي اتجهت إرادته إلى ارتكابها. لما كان ما تقدم، فإنه يكون قد ثبت في يقين المحكمة أن المتهم..... في يوم 30 من أكتوبر سنة 1989 بدائرة قسم ومحافظة........ وهو موظف عام خبير زراعي بمكتب خبراء وزارة العدل بـ...... أتلف القضايا أرقام...... المعهود بها إلى الجهة التي يعمل بها. ومن ثم حق عقابه بموجب المواد 117 مكرراً، 119/ أ، 119 مكرراً/ أ من قانون العقوبات عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وترى المحكمة من ظروف الدعوى وأحوال المتهم أن تأخذه بقسط من الرأفة في الحدود المقررة بالمادة 17 من قانون العقوبات.
ومن حيث إن النيابة العامة أسندت للمتهم فضلاً عما تقدم أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفته المشار إليها: اختلس القضايا أرقام....... وصورة عقد الرهن في القضية رقم...... وحافظة المستندات في القضية رقم...... والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع على النحو المبين بالتحقيقات وطلبت عقابه بموجب المواد 112/ 1، 2 أ، 118، 119/ أ، 119 مكرراً/ أ من قانون العقوبات.
وقد تساند الاتهام إلى أقوال الشهود المار ذكرهم والمقدم...... رئيس مباحث قسم...... فقد جاءت أقوال كل من الشهود الستة الأول على نحو ما سلف بيانه، وأضاف أعضاء لجنة الجرد أنه تبين لهم فقد القضايا المشار إليها بوصف التهمة الماثلة.
وشهد رئيس المباحث بأن تحرياته دلت على أن المتهم كان في ضائقة مالية فاختلس بعض القضايا والمستندات من عهدته وتصرف فيها ثم ارتكب جريمة الإتلاف ليستر بها ذلك الاختلاس. وحيث إن المحكمة لا ترى في هذه الأدلة ولا في سائر أوراق الدعوى ما يحمل على اليقين بوقوع جريمة اختلاس وذلك للأسباب التالية: أولاً: لئن كان أعضاء لجنة الجرد قد قرروا بوقوع اختلاس إلا أنهم لم يجزموا بذلك وإنما قالوه استنتاجاً، كما أن رئيس المباحث وإن قرر بأن تحرياته دلت على أن المتهم تصرف في بعض القضايا إلا أنه قرر أنه لم يتوصل إلى كيفية تصرفه فيها وهو ما يحمل على الظن بأن قوله بوقوع الاختلاس إنما بني على الاستنتاج، وعلى أية حال فإن تحرياته تلك لا تعدوا أن تكون رأياً له ولا تصلح أساساً للجزم بوقوع الاختلاس. ثانياً: أعاد المتهم ملفات سليمة لواحد وستين من القضايا التي كان معهوداً إليه بها وكانت في منزله لإنجاز التقارير المطلوبة. ثالثاًَ: جمعت النيابة العامة من مكان الحادث كمية من قصاصات الأوراق وكلفت اللجنة بمحاولة التعرف عليها فأفرزت منها مستندات تتعلق بسبع من الثماني قضايا المدنية المقال باختلاسها وبقيت من بعد قصاصات تعذر على اللجنة ردها إلى قضايا بعينها وأنه من المحتمل أن تكون خاصة بالقضايا الأخرى المقال باختلاسها. رابعاً: قدم المدافع عن الطاعن إقرارات من أرباب القضايا المدنية المقال باختلاسها تفيد أن أياً منهم لم يصبه ضرر من جراء الحادث لوجود أصول وصور رسمية للمستندات التي كانت مرفقة بتلك القضايا، وجاء بتقرير اللجنة أن قضايا الجنح تم تجديدها بالرجوع إلى صور محاضرها المحفوظة لدى جهات الضبط وملفاتها بالمحاكم وأن مهام الخبرة في القضايا جميعاً قد أنجزت. خامساً: أن المتهم تقدم من تلقاء نفسه إلى النيابة العامة واعترف بارتكاب الإتلاف وأنكر أي اختلاس وأصر على أن القصاصات التي عثرت عليها النيابة هي من بقايا ما أتلفته الماعز وأنها من القضايا المقال باختلاسها. وبالبناء على ما سلف فإن المحكمة لا ترى في الأوراق دليلاً يدحض دفاع المتهم الذي أبداه منذ فجر التحقيق لتضحي تهمة الاختلاس المنسوبة إليه محل شك كبير ويتعين والأمر كذلك القضاء ببراءته منها عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.