أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 105

جلسة 2 من فبراير سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى محمد صادق ويحيى محمود خليفة ومحمد عيد سالم نواب رئيس المحكمة ومنصور القاضي.

(18)
الطعن رقم 9240 لسنة 61 القضائية

(1) حكم "بيانات الديباجة". نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
خطأ الحكم في إثبات صدوره من محكمة أمن الدولة العليا طوارئ. على خلاف الثابت بالأوراق أنها أحيلت إلى محكمة الجنايات. خطأ مادي. الطعن فيه بالنقض جائز.
(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي. شرط ذلك؟
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي".
حالة الدفاع الشرعي. يكفي لقيامها صدور فعل من المجني عليه يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي. حصول اعتداء بالفعل من المجني عليه، ليس بلازم.
الفعل المتخوف منه الذي يقوم به حالة الدفاع الشرعي. لا يلزم أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته. كفاية أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره. ما دام للتخوف أسباب مقبولة. أساس ذلك؟
(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إيراد الحكم في الرد على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي بعدم توافر حالة الضرورة ثم استطرد أن إطلاق الطاعنة النار على المجني عليه يعد تجاوزاً لحق الدفاع الشرعي. اضطراب في الأسباب وبعيداً عن مواجهة دفع الطاعنة على وجهه الصحيح. يعيبه.
1 - لما كان الثابت من المفردات المضمومة أن النيابة العامة أحالت الدعوى إلى محكمة الجنايات بأمر الإحالة، فإن ما جاء بمحضري جلستي المحاكمة وديباجة الحكم من أنه صدر من محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ يكون مجرد خطأ مادي في الكتابة وزلة قلم لا تخفى، ومن ثم فإن الطعن بالنقض في الحكم يكون جائزاً.
2 - الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، لمحكمة الموضوع الفصل فيه، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم سليماً لا عيب فيه ويؤدي إلى ما انتهى إليه.
3 - قيام حالة الدفاع الشرعي لا يستلزم حصول اعتداء بالفعل من المجني عليه على المتهم بل يكفي أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته، بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون لهذا التخوف أسباب مقبولة، إذ أن تقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري يجب أن يتجه وجهة شخصية تراعى فيها مختلف الظروف الدقيقة التي أحاطت بالمدافع وقت رد العدوان مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ البعيد عن تلك الملابسات.
4 - لما كان ما أورده الحكم في بداية رده على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال من عدم توافر حالة الضرورة لدى الطاعنة يدل على أن المحكمة لم تفطن إلى حقيقة الأساس الذي قام عليه الدفع، كما أن ما استطرد إليه - بعد ذلك - من أن الخطر لم يكن محدقاً بالطاعنة وأن إطلاقها النار على المجني عليه يعد تجاوزاً لحق الدفاع، لا يمكن أن يستخلص منه أنه لم يكن هناك ما تخشى منه الطاعنة على نفسها ومالها وقت أن أطلقت النار على المجني عليه. لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون قد جاء مضطرباً في أسبابه بعيداً عن مواجهة دفع الطاعنة على وجهه الصحيح وما قد يترتب عليه - إن صح - من أثر على مسئوليتها عن كافة ما أسند إليها من جرائم، الأمر الذي يعيبه ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها أولاً: أحرزت بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس عيار 8 مم". ثانياً: أحرزت ذخائر عيار 8 مم (طلقتان) مما تستعمل في السلاح الناري سالف البيان دون أن يكون مرخصاً لها بحيازته أو إحرازه. ثالثاً: أحدثت عمداً بالمجني عليه الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أعجزته عن أداء أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك باستعمال السلاح الناري سالف البيان. رابعاً: أطلقت أعيرة نارية داخل المدن. وأحالتها إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمة بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 241، 377/ 6 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 - 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند "أ" من القسم الأول من الجدول رقم (3) الملحق مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بحبسها لمدة سنة مع الشغل وإلزامها بأن تؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الثابت من المفردات المضمومة أن النيابة العامة أحالت الدعوى إلى محكمة الجنايات بأمر الإحالة المؤرخ 25 من ديسمبر سنة 1989، فإن ما جاء بمحضري جلستي المحاكمة وديباجة الحكم من أنه صدر من محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ يكون مجرد خطأ مادي في الكتابة وزلة قلم لا تخفى، ومن ثم فإن الطعن بالنقض في الحكم يكون جائزاً.
من حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجرائم إحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص وإحداث إصابات بالمجني عليه أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً، قد شابه الفساد في الاستدلال ذلك أنها دفعت بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع برد غير سائغ بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من محضري جلستي المحاكمة أن المدافعين عن الطاعنة تمسكا بأنها كانت في حالة دفاع شرعي عن النفس والمال، وقد عرض الحكم لهذا الدفع وأطرحه بقوله: (وحيث إن من المقرر قانوناً طبقاً لصريح نص المادة 61 من قانون العقوبات على أنه "لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ولا في قدرته منعه بطريقة أخرى" وبتطبيق هذا النص على الواقعة المطروحة يتضح بجلاء عدم انطباقه بأي حال.... ذلك أن الخطر لم يكن محدقاً وقد كان بوسع المتهمة أن تتصل هاتفياً بالنجدة أو أن تستعين بجيرانها لتهدئة أعصاب الفريقين وما كان الأمر يقتضي بأي حال أن تفتح باب شقتها على الإطلاق.... أما فتحها الباب بغتة وإطلاق الرصاص من مسدس زوجها في اتجاه المجني عليه فهو أمر يشكل تجاوزاً خطيراً لحق الدفاع ليس له ثمة مبرر وإنما يكشف عن ميل عدواني جدير بالعقاب). لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم سليماً لا عيب فيه ويؤدي إلى ما انتهى إليه. وكان قيام حالة الدفاع الشرعي لا يستلزم حصول اعتداء بالفعل من المجني عليه على المتهم بل يكفي أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته، بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون لهذا التخوف أسباب مقبولة، إذ أن تقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري يجب أن يتجه وجهة شخصية تراعى فيها مختلف الظروف الدقيقة التي أحاطت بالمدافع وقت رد العدوان مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ البعيد عن تلك الملابسات. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في بداية رده على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال من عدم توافر حالة الضرورة لدى الطاعنة يدل على أن المحكمة لم تفطن إلى حقيقة الأساس الذي قام عليه الدفع، كما أن ما استطرد إليه - بعد ذلك - من أن الخطر لم يكن محدقاً بالطاعنة وأن إطلاقها النار على المجني عليه يعد تجاوزاً لحق الدفاع، لا يمكن أن يستخلص منه أنه لم يكن هناك ما تخشى منه الطاعنة على نفسها ومالها وقت أن أطلقت النار على المجني عليه. لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون قد جاء مضطرباً في أسبابه بعيداً عن مواجهة دفع الطاعنة على وجهه الصحيح وما قد يترتب عليه - إن صح - من أثر على مسئوليتها عن كافة ما أسند إليها من جرائم، الأمر الذي يعيبه ويوجب نقضه والإعادة.