مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1984 إلى آخر فبراير سنة 1985) - صـ 84

(18)
جلسة 17 من نوفمبر سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني وعبد الفتاح محمد إبراهيم صقر وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 1781 لسنة 30 القضائية

قرار إداري - عدم سريانه على الماضي.
صدور قرار مجلس القسم بكلية الآداب جامعة الإسكندرية بوضع نظام جديد للقبول في شعبة الآثار المصرية المنبثقة عن هذا القسم بعد أن تم قبول الطالب بها - لا يسري على الماضي فلا يمس المراكز الذاتية التي نشأت قبل صدوره - نطاق تطبيقه - سريانه فحسب على حالات الطلبة الذين لم يتم بعد قبولهم في الشعبة كأثر حال للتنظيم الجديد - تطبيق.


إجراءات الطاعن

في يوم السبت الموافق الخامس من شهر مايو سنة 1984 أودع الأستاذ محمد إسماعيل ندا المحامي بصفته ولياً طبيعياً على ابنه القاصر عبد الفتاح محمد إسماعيل ندا الطالب بالسنة الثانية بكلية آداب الإسكندرية، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1781 لسنة 30 القضائية ضد رئيس جامعة الإسكندرية عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 12 من إبريل سنة 1984 في الدعوى رقم 856 لسنة 38 القضائية المقامة من الطاعن ضد: 1- وزير التعليم العالي بصفته. 2- رئيس جامعة الإسكندرية بصفته. 3 – عميد كلية الآداب بجامعة الإسكندرية بصفته. 4 – رئيس قسم التاريخ والآثار بكلية الآداب جامعة الإسكندرية بصفته. 5 - الدكتور رشيد سالم الناضوري، والذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الحكم بإلغائه، والقضاء له في الدعوى بقبولها شكلاً وفي موضوعها بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه ثم بإلغائه مع إلزام المطعون ضد المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وأعلن تقرير الطعن قانوناً وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم أولاً: بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه. ثانياً: بقبول الطعن شكلاً. ثالثاً: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الدعوى شكلاً وإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 4 من يونيه 1984 ثم قررت الدائرة بجلسة 12 من سبتمبر 1984 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" التي نظرته بجلسة 20 من أكتوبر 1984 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 10/ 1/ 1984 أقام الأستاذ محمد إسماعيل ندا المحامي بصفته ولياً طبيعياً على ابنه عبد الفتاح محمد إسماعيل ندا الدعوى رقم 856 لسنة 38 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية ضد: 1 - وزير التعليم العالي. 2 - رئيس جامعة الإسكندرية. 3 - عميد كلية آداب الإسكندرية. 4 - رئيس قسم التاريخ والآثار بجامعة الإسكندرية. 5 - الدكتور رشيد سالم الناضوري، طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار استبعاد نجله من قسم الآثار بكلية الآداب جامعة الإسكندرية وفي الموضوع بإلغائه مع إلزام المدعى عليهما الرابع والخامس المصروفات وحفظ جميع حقوقه في مواجهة المدعى عليهم الآخرين.
وجاء في بيان الدعوى أن ابنه الطالب عبد الفتاح محمد إسماعيل التحق بكلية الآداب جامعة الإسكندرية ونقل من السنة الأولى إلى السنة الثانية واجتياز اختباراً شخصياً لاختيار الصالحين للالتحاق بقسم الآثار بالكلية الذي يشترط للالتحاق به الحصول على مرتبة مرتفعة من مواد عصور ما قبل التاريخ ومصر الفرعونية والنصوص التاريخية وقد حصل ابنه في هذه المواد على تقديرات جيد مرتفع وجيد مرتفع وجيد جدا وبلغت درجاته 218 درجة من 250 درجة وتم قبوله بعد اختبار شخص آخر، وقيد ضمن المقبولين في هذا القسم وقام بشراء الكتب اللازمة وانتظم في دراسته في هذا القسم وباشر نشاطه فيه ما يقرب من ثلاثة أسابيع ثم أخبره المدعى عليه الأخير (رئيس الشعبة) أن رئيس القسم قد وضع أخيراً مبدءاً جديداً للالتحاق بقسم الآثار هو ألا يكون من تم قبوله والتحاقه به متخلفاً في مواد من السنة الأولى إلى السنة الثانية باعتبار أن مثل هذا الطالب يعد راسباً في حين أن إدارة الجامعة تقر النجاح بمادة أو مادتين للنقل من سنة إلى السنة التي تليها كما أن تخلف ابنه في مادتي الجغرافيا والتاريخ الأوربي الأوسط - وهما لا تمتان بصلة للمواد التي تؤهل للقبول بشعبة الآثار - كان بسبب حادث مفاجئ وقع له أثناء تأدية الامتحان وأعجزه عن أدائه في هاتين المادتين ونظراً إلى ذلك فقد تقدم ابنه إلى الدكتور المسئول شارحاً ظروفه والحادث الذي وقع له وقدم المستندات المثبتة لمرضه بسببه إلى أن المدعى عليه الأخير أصر على استبعاده مع الطلبة المتخلفين بمواد وعددهم سبعة بعد سبق قبولهم في قسم الآثار ووعد بأن رئاسة القسم ستصدر قراراً مسبباً بهذا الاستبعاد لعدول القسم عن قبول أي تخلف وهو ما لم يعلن به ولما كانت محاولات نجله لإبقائه في الشعبة التي قبل فيها قد باءت بالفشل مع أنه ناجح في المواد التي تؤهله للقبول فيها ويجيد اللغة الإنجليزية التي تدرس بها أغلب مواد الشعبة المذكورة ومن ثم فإن قرار استبعاده الذي بني على أسباب لاحقة لقبوله وانتظامه في الدارسة بهذه الشعبة يكون قد خالف القانون فضلاً عما انطوى عليه من عنف وتعسف يمس مستقبله الأمر الذي من أجله أقام هذه الدعوى للحكم بالطلبات المتقدمة.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى فدفعت بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد كما طلبت رفضها موضوعاً على أساس عدم توافر شروط القبول بشعبة الآثار في نجل المدعي، وأجاب المدعي على الدفع الشكلي بأن نجله تظلم من القرار المطعون فيه بتاريخ 1/ 11/ 1983 عقب علمه به في أكتوبر 1983 كما قد تظلماً آخر في 1/ 12/ 1983 ولما لم يتلق رداً أقام دعواه في 10/ 1/ 1984. وبجلسة 12 من إبريل سنة 1984 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل الذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً وألزمت المدعي المصروفات وأسست قضاءها على أن الثابت من الأوراق ومما ذكره المدعي في دفاعه أنه علم بالقرار المطعون فيه في شهر أكتوبر 1983 وأن تظلمه الذي قال أنه قدمه في شأن هذا القرار بتاريخ 1/ 11/ 1983 قد نفته الإدارة في مذكرتها ولم يقدم دليلاً على سابقة تظلمه اللهم إلا صورة عرفية مؤرخة 1/ 11/ 1983 صادرة منه وليس عليها أي إثبات يفيد إرسالها إلى الإدارة في تاريخ معين وبالتالي فإنه طبقاً للمادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تكون دعواه المرفوعة في 10/ 1/ 1984 مقامة بعد الميعاد القانوني.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون حيث قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد فقد سبق أن قدم الطاعن للمحكمة المطعون في حكمها ما يدل على تقديم التظلم القاطع لميعاد رفع الدعوى وهو صورة التظلم المؤرخ 1/ 11/ 1983 إلى السيد الأستاذ نائب رئيس جامعة الإسكندرية وثابت أدناه قيده تحت رقم 2452 في 16/ 11/ 1983 بإدارة شئون الطلبة وأيضاً التظلم المقدم إلى السيد الأستاذ عميد كلية الآداب بالإسكندرية وقد تأشر عليه بتوقيع العميد في 2/ 12/ 1983 بإحالته إلى رئيس قسم التاريخ بالكلية وقد احتفظ الطاعن بالأصل تحت يده وقدم الصورة لرئيس قسم التاريخ خشية إنكار الجامعة حصول التظلم ولم تعقب الجامعة على هذا المستند ولا الحكم المطعون فيه بأي تعقيب ولما كان المستفاد من الأوراق المقدمة من الجامعة المطعون ضدها أن القرار المتنازع فيه صدر من قسم التاريخ بكلية الآداب في 17/ 10/ 1983 وأن الإدارة لم ترد على تظلمه فإن دعواه المقامة في 10/ 1/ 1984 تكون مرفوعة في الميعاد القانوني. فضلاً عن ذلك فإن القرار موضوع الدعوى قد شابه الانعدام لصدوره من جهة غير مختصة بإصداره ذلك أن المادة 18 من اللائحة الداخلية لكلية الآداب تنص على أن يحدد مجلس الكلية بناء على اقتراحات مجالس الأقسام الشروط التي ينبغي توافرها فيمن تقبلهم هذه الأقسام والأعداد المسموح بها وفقاً لمتطلبات خطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية ولم تقدم الجامعة أي دليل على موافقة مجلس الكلية على الشروط التي وضعها مجلس القسم لقبول الطلاب في شعبة الآثار المصرية وهو ما يعني أن الشروط المذكورة هي مجرد اقتراحات من قسم التاريخ لم تعرض على مجلس الكلية وبالتالي لا تقوم سنداً صحيحاً لاستبعاد ابن الطاعن من الشعبة المذكورة بعد أن سبق اختياره للقبول بها وعلى هذا الوجه يكون هذا القرار قد انطوى على غصب للسلطة مما ينحدر به إلى مجرد العمل المادي وأضاف أنه بناء على ما هو ثابت من المستندات المقدمة في الدعوى والطعن الماثل يكون من حق ابن الطاعن أن يظل بشعبته التي اختارها دون أن يجبر بغير حق على دراسة أخرى لا يميل إليها ولا يصلح لها وتكون من ثم دواعي وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلغائه قد تحققت في هذه الدعوى.
ومن حيث إنه أثناء نظر الطعن عقبت الجامعة المطعون ضدها على ما آثاره الطاعن عن سابقة التظلم من القرار المطعون فيه وذلك بإيداع كتاب مدير إدارة القضايا بالإدارة العامة للشئون القانونية بالجامعة المؤرخ 6/ 6/ 1984 وعليه تأشير رئيس قسم القيد بتاريخ 9/ 6/ 1984 بأنه بالبحث في دفتر الوارد لم يستدل على المستند الوارد للجامعة برقم 2452 بتاريخ 16/ 11/ 1983 كما تأشر على ذات الكتاب بتاريخ 7/ 6/ 1984 من مدير مكتب نائب رئيس الجامعة بأنه لم يرد للمكتب المستند المشار إليه بهذا الخطاب كما قدمت صورة تظلم مؤرخ في 5/ 11/ 1983 يلتمس فيه ابن الطاعن الحلول محل طالبة أخرى تركت شعبة الآثار المصرية بالكلية وبالنسبة إلى الموضوع أوضحت الجامعة أنه ليس هناك قسم مستقل للآثار المصرية داخل كلية الآداب جامعة الإسكندرية وإنما هي مجرد شعبة تنبثق من قسم التاريخ بها وتبدأ الدراسة فيها من السنة الثانية وعلى ذلك فإن القرار النهائي الذي يتخذ بشأن التحاق الطلاب الجدد بهذه الشعبة أو بشأن امتحاناتهم وتقديراتهم يكون لقسم التاريخ باعتبار أن قراره في ذلك يعد مسألة داخلية مما يختص بها القسم وحده وهو ما يستفاد من أحكام المادتين 41 بند 11، 55 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 أما عن نص المادة 19 من اللائحة الداخلية لكلية الآداب والذي يقضي بأن يحدد مجلس الكلية بناء على اقتراحات مجالس الأقسام الشروط التي ينبغي توافرها فيمن تقبلهم الأقسام والأعداد المسموح بها...... فإن حكم هذه المادة والذي يستند إليه الطاعن فلا ينطبق على واقعة الدعوى لأن المقصود به الطلاب المستجدين المقبولين بالسنة الأولى وليس طلاب السنة الثانية بأحد الأقسام كالشأن في حالة ابن الطاعن وأضافت الجامعة أن قرارها المتنازع فيه لم يقصد به طالب بذاته واستهدف الصالح العام وصدر في بداية العام الدراسي.
ومن حيث إن الطاعن قرر في تعقبيه على رد الجامعة على أسباب الطعن أنها لم تجر البحث عن تظلمه المؤرخ 1/ 11/ 1983 بإدارة شئون الطلبة التي قدم إليها هذا التظلم على ما هو ثابت من المستندات المقدمة منه كما أنها لم تأت بأي دفاع في شأن التظلم المؤشر عليه بتوقيع عميد الكلية في 2/ 12/ 1983 وفي موضوع الدعوى ذكر أن قرار استبعاد ابنه من شعبة الآثار المصرية صدر ونفذ بأثر رجعي بعد أن كان ابنه قد قبل بالشعبة وانتظم في الدارسة، الأمر الذي يصمه بعدم المشروعية وأضاف أن ابنه قد نجح في مادتي التخلف من السنة الأولى وأنه ما زال في السنة الثانية بكلية الآداب.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد فإن المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن "ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به. وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية ويجب أن يبت في التظلم قبل مضي ستين يوماً من تاريخ تقديمه وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسبباً ويعد مضي ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه. ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكور".
ومن حيث إن الثابت من أوراق الطعن أن قرار استبعاد الطالب عبد الفتاح محمد إسماعيل ندا من شعبة الآثار المصرية بالسنة الثانية بكلية آداب جامعة الإسكندرية - المطعون فيه - صدر في 17/ 10/ 1983 تاريخ موافقة قسم التاريخ بالكلية على الاقتراح الذي قدمه أستاذ التاريخ القديم المتفرغ باستبعاد الطالب المذكور وبعض زملائه من الشعبة المذكورة وطبقاً للثابت من حافظة المستندات المقدمة من المدعي أنه إلى جانب تظلم نجله من هذا القرار إلى الأستاذ الدكتور نائب رئيس الجامعة لشئون الطلبة المؤرخ 1/ 11/ 1983 والمنكور من الجامعة المطعون ضدها فقد تقدم بتظلم آخر إلى الأستاذ الدكتور عميد كلية الآداب جامعة الإسكندرية بتاريخ 1/ 12/ 1983 وتأشر عليه بالمداد الأحمر بالعبارة الآتية "الزميل الأستاذ الدكتور السيد عبد العزيز سالم مع الشكر وأسفل التأشيرة توقيع مؤرخ 2/ 12/ 1983 ذكر الطاعن أنه أصل توقيع العميد وأنه سلم صورة التظلم إلى الأستاذ رئيس القسم ولم تبد الجامعة أي دفاع بشأن هذا التظلم كما لم تطعن على التأشير المدون عليه المنسوب صدوره إلى العميد بالتزوير، وطالما خلت الأوراق مما ينقضه وقدم في الميعاد فلا مناص من الاعتداد به في حساب ميعاد رفع الدعوى مثار الطعن وإذ لم تجب الإدارة عنه خلال الستين يوماً التالية لتقديمه في 2/ 12/ 1983 والتي تنتهي بنهاية يوم 31 من يناير 1984 فإنه يبدأ من هذا التاريخ سريان ميعاد الطعن القضائي بالإلغاء وغايته يوم 31 من مارس 1984 ولما كانت الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه قد أقيمت في 10/ 1/ 1984 فإنها تكون مقامة في الميعاد القانوني ويغدو الحكم المطعون فيه القاضي بغير ذلك مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن الدعوى قد تهيأت للفصل فيها أمام هذه المحكمة فلا وجه لإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري.
ومن حيث إن الثابت من واقعات الدعوى وأوراقها أن عبد الفتاح محمد إسماعيل ندا - ابن المدعي - التحق طالباً بكلية الآداب جامعة الإسكندرية ونقل من السنة الأولى إلى السنة الثانية ونظراً إلى أن الالتحاق بشعبة الآثار المصرية وهي إحدى شعب قسم التاريخ بالكلية يبدأ الالتحاق بها من السنة الثانية فقد تقدم في العام الدراسي 83/ 1984 بطلب إلى الأستاذ رئيس القسم للالتحاق بهذه الشعبة وتأشر على طلبه بأن مجموع درجاته 218 (جيد) وبالموافقة. ثم حدث أن تقدم أستاذ التاريخ القديم المتفرغ الدكتور رشيد سالم الناضوري بمذكرة مؤرخة 15/ 10/ 1983 إلى الأستاذ الدكتور رئيس قسم التاريخ وقد جاء فيها "أتشرف بالكتابة إلى سيادتكم بشأن قبول الطلاب المستجدين بشعبة الآثار المصرية بالسنة الثانية فقد سبق أن تم اختبارهم على أساس استيفائهم للتقديرات التي تؤهلهم لمتابعة الدراسة في هذا التخصص هذا بالإضافة إلى رغبتهم الملحة والصادقة في ذلك. واتضح أن بعضهم قد انتقل إلى السنة الثانية بمواد تخلف ولذلك أرجو الموافقة على استبعاد هؤلاء الطلاب لصعوبة تفرغهم الكامل في التخصص الجديد. كما تضمنت هذه المذكورة أسماء الطلبة المقترح استبعادهم من الشعبة ومن بينهم ابن المدعي، وقد تأشر على المذكورة بالعبارة الآتية "وافق القسم" 17/ 10/ 1983 وبناء على ذلك تم استبعاد الطالب المذكور من الشعبة لفقدانه أحد الشروط التي تطلبها القسم للقبول فيها وهو ألا يكون منقولاً إلى السنة الثانية بمواد تخلف من السنة الأولى، وتذهب الجامعة المطعون ضدها إلى أن القرار المطعون فيه صدر من مجلس القسم وصدق عليه عميد الكلية وهو في ذات الوقت رئيس مجلس القسم وأن سلطة مجلس القسم في هذا الشأن نهائية ومستمدة من نص المادة 55 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49/ 1972 التي ناطت بمجلس القسم الاختصاص بالنظر في جميع الأعمال العلمية والدراسية والإدارية والمالية المتعلقة بالقسم ومنها وبصفة خاصة رسم السياسة العامة للتعليم والبحث العلمي في القسم ووضع نظام العمل به والتنسيق بين مختلف التخصصات فيه، وطالما أن قراره المطعون فيه قد استهدف الصالح العام فإنه يكون سليماً مطابقاً للقانون.
من حيث إنه أياً كان وجه النظر في مدى اختصاص مجلس قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة الإسكندرية بوضع وإقرار شروط القبول في شعبة الآثار المصرية المنبثقة من هذا القسم، فإن الثابت من الأوراق أن قراره الذي تضمن اشتراط ألا يكون الطالب متخلفاً في مواد من السنة الأولى كشرط للقبول في الشعبة المذكورة قد استحدث هذا الشرط بعد أن تم قبول الطالب ابن المدعي في الشعبة ذلك أنه طبقاً لما هو مستفاد من المذكرة التي انبنى عليها هذا القرار لم يكن مطلوباً للالتحاق بالشعبة سوى أن يكون الطالب قد حصل على التقديرات التي تؤهله لمتابعة الدارسة في هذا التخصص بالإضافة إلى رغبته الملحة والصادقة في ذلك وقد تم اختبار الطالب المذكور في هذه الشعبة على هذا الأساس وحصل على موافقة صريحة على التحاقه بها ثم جاء قرار مجلس القسم المنوه عنه بإضافة الشرط الخاص بألا يكون الطالب متخلفاً في مواد من السنة الأولى وباستبعاد الطالب المذكور من الشعبة لعدم توافر هذا الشرط بالنسبة له بناء على الاقتراح الذي تضمنته المذكرة المشار إليها والمقدمة من أستاذ التاريخ القديم المتفرغ إلى رئيس القسم. ومتى كان ذلك هو الثابت فإن قرار مجلس القسم قد أخذ بنظام جديد للقبول في شعبة الآثار المصرية بعد أن تم قبول الطالب المذكور بها وهو على هذا الوجه لا يسري على الماضي فلا يمس المراكز الذاتية التي نشأت قبل صدوره وإنما يسري فحسب على حالات الطلبة الذين لم يتم بعد قبولهم في الشعبة كأثر حال للتنظيم الجديد.
ومن حيث إنه على هذا الأساس فإنه لو صح أن الشرط الذي استحدثه قسم التاريخ بتاريخ 17/ 10/ 1973 للقبول في شعبة الآثار المصرية على الوجه السالف بيانه قد صدر من جهة الاختصاص طبقاً لقانون تنظيم الجامعات رقم 49/ 1972 ولوائحه فإنه لا يسري على الطالب ابن المدعي الذي كان وقت إقرار هذا الشرط قد اكتسب مركزاً ذاتياً بمقتضاه استوي طالباً مقيداً في الشعبة وتعلق أمله ومستقبله بالحصول على إجازة التخصص في دراساتها، ولا وجه لتطبيقه عليه بمقولة أن القرار قد صدر في بداية العام الدراسي وذلك طالما كان من شأن هذا التطبيق إهدار المركز القانوني الذي اكتسبه وهو ما لا يجوز إلا بنص في القانون طبقاً للمادة 187 من الدستور.
ومن حيث إنه لا وجه للتحدي بمقتضيات الصالح العام في صدد أعمال الشرط الجديد للقبول في الشعبة في حالة الطالب المذكور وذلك ما دام أن جهة الإدارة لم تنبه إلى هذه المقتضيات إلى في وقت لاحق لقبوله في الشعبة إذ يقع عليها وحدها في هذه الحالة مغبة ما فاتها أما الطالب فليس عليه جناح أن تقدم للالتحاق بالشعبة وتم قبوله بها على مقتضى ما كان متطلباً لذلك من شروط. وغنى عن البيان أنه ليس لجهة الإدارة لما توافر لديها من أسباب أن تسحب قرارها بالموافقة على التحاق الطالب المذكور بالشعبة لما هو مقرر من أن السحب لا يرد على القرارات المشروعة.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم يكون القرار المطعون فيه قد وقع باطلاً لمساسه بمركز ذاتي نشأ للطالب ابن المدعي قبل صدوره على خلاف حكم القانون وهو بهذه المثابة يكون حريا بالإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب في قضائه لما تقدم من أسباب وبالتالي يتعين القضاء بإلغائه وبقبول دعوى المدعي شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

فهذه الأسباب

"حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات".