مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1984 إلى آخر فبراير سنة 1985) - صـ 97

(20)
جلسة 24 من نوفمبر سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج - المستشارين.

الطعن رقم 88 لسنة 25 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - الطعن في الأحكام - التماس إعادة النظر.
المادة 51 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - المشرع حدد في المادة 51 من القانون رقم 47 لسنة 1972 الأحكام التي يجوز الطعن فيها بطريق إعادة النظر تعداداً على سبيل الحصر - كافة الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والتأديبية يجوز الطعن فيها بالتماس إعادة النظر - لا يجوز الاستناد إلى نص المادة 22 من القانون رقم 47 لسنة 1972 والتي تقضي بأن أحكام المحاكم التأديبية نهائية ويطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا - أساس ذلك: امتناع الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية بالتماس إعادة النظر قبل الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا مؤداه امتناع الطعن في هذه الأحكام بطريق التماس إعادة النظر بصفة مطلقة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 30 من ديسمبر سنة 1978 أودع السيد المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم في الالتماس بإعادة النظر رقم 112 لسنة 11 القضائية والمقام من السيدة/ ........ في الحكم الصادر في الدعوى التأديبية رقم 62 لسنة 18 القضائية والذي قضى فيه بجلسة 31 من أكتوبر سنة 1978 بعدم جواز الالتماس.
وطلبت هيئة مفوضي الدولة في تقرير الطعن للأسباب التي استندت إليها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم جواز الالتماس وإعادة الطعن إلى المحكمة للفصل فيه.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم جواز نظر الالتماس وإعادة الطعن إلى المحكمة لتقضي فيه على الوجه المبين نهائياً.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 11 من إبريل سنة 1984 حيث قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا. الدائرة الرابعة لنظره بجلسة 5/ 5/ 1984 وبعد أن استمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات قررت إصدار الحكم بجلسة 3/ 11/ 1984 وفي هذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة 17/ 11/ 1984 لعدم إتمام المداولة ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لعدم إتمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانون
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - أنه بتاريخ 24 من يوليه سنة 1977 أودعت السيدة....... قلم كتاب المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم صحيفة التماس بإعادة النظر في الحكم الصادر ضدها من المحكمة المذكورة بجلسة 31 من أغسطس سنة 1976 في الدعوى رقم 62 لسنة 18 القضائية والمرفوعة من النيابة الإدارية ضدها والذي قضى بمجازاتها بالفصل من الخدمة استناداً إلى أنها انقطعت عن العمل دون إذن اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1974 عقب انتهاء الإجازة الخاصة التي منحت لها لمرافقة زوجها عضو البعثة الدراسية ببلجيكا وقالت شرحاً لالتماسها أن المحكمة قد أدانتها بارتكاب المخالفة الإدارية بانقطاعها عن العمل في حين أنها عادت إليه في 15 من سبتمبر سنة 1975 وقبل صدور الحكم القاضي بفصلها بحوالي أحد عشر شهراً وما زالت مستمرة في عملها حتى إقامة دعوى الالتماس وقد قامت إدارة شرق القاهرة التعليمية بإخطار النيابة الإدارية بعودتها للعمل في 18 من سبتمبر سنة 1975، وأضافت العاملة المذكورة أنها أعلنت بتقرير الاتهام في مواجهة النيابة العامة، بحجة عدم الاستدلال على محل إقامتها في حين أن هذا المحل معلوم علماً كافياً نافياً للجهالة، ولو أعلنت في محل إقامتها لحضرت للدفاع عن نفسها، إذ أنها راغبة في الاستمرار في عملها، كما أشارت إلى أن بعثة زوجها قد امتدت حتى 20 من سبتمبر سنة 1975 وذلك على خلاف ما ذهب إليه الحكم الصادر بفصلها من أن تلك البعثة لم تجدد من أول أكتوبر سنة 1974.
واستندت الملتمسة في التماسها إلى أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية الذي أجاز للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر في الأحكام الصادرة بصفة نهائية في أحوال معينة من بينها حالة حصول الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة في الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها وحالة صدور الحكم على شخص طبيعي أو اعتباري لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً في الدعوى، وكلتا الحالتين متوافر في الالتماس المقدم منها.
وانتهت الملتمسة إلى طلب الحكم بإعادة النظر في الحكم الصادر بفصلها من الخدمة والحكم بإعادتها إلى العمل اعتباراً من 15 سبتمبر سنة 1975.
وبجلسة 31 من أكتوبر سنة 1978 قضت المحكمة بعدم جواز الالتماس وأسست حكمها على أنه طبقاً لنص المادة 241 من قانون المرافعات يجوز للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر في الأحكام الصادرة بصفة نهائية في أحوال ثمانية أوردتها على سبيل الحصر، ولما كان الحكم الملتمس إعادة النظر فيه لم يصدر بصفة نهائية ولكنه قابل للطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا طبقاً لنص المادة 23 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ومؤدى ذلك أنه كان على العاملة المذكورة أن تطعن على الحكم الصادر ضدها بفصلها من الخدمة أمام المحكمة الإدارية العليا حتى وإن كان مشوباً بعيوب تجيز الطعن فيه بطريق الالتماس بإعادة النظر.
ومن حيث إن مبنى طعن هيئة مفوضي الدولة في الحكم المطعون فيه هو الخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أنه طبقاً لنص المادة 22 من قانون مجلس الدولة فإنه من المسلم به أن أحكام المحاكم التأديبية هي أحكام نهائية ومن ثم يجوز الطعن عليها بطريق التماس إعادة النظر طبقاً لنص المادة 51 من قانون مجلس الدولة في الأحول والمواعيد المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ولما كانت العاملة المذكورة لم تعلن بقرار إحالتها إلى المحاكمة التأديبية إعلاناً صحيحاً وبالتالي لم تحضر المحاكمة وصدر الحكم في غيبتها مما يعد إخلالاً بحق الدفاع، إذ لو أعلنت إعلاناً صحيحاً طبقاً لأحكام قانون المرافعات وقانون مجلس الدولة لقدمت دليلاً قد يترتب عليه التأثير في الحكم المرفوع بشأنه الالتماس ويتوافر بالتالي أحد الأسباب التي تجيز الطعن بطريق بالالتماس بإعادة النظر وإذا كان الحكم المطعون فيه لم يتعرض لموضوع الالتماس فقد طلبت هيئة مفوضي الدولة قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم جواز نظر الالتماس وإعادة الطعن إلى المحكمة لتقضي فيه.
ومن حيث إنه باستقراء القوانين المتعاقبة الصادرة بتنظيم مجلس الدولة يبين أن المشرع حرص على النص على جواز الطعن في الأحكام الصادرة من مجلس الدولة بطريق التماس إعادة النظر.
وكان هذا الطعن هو طريق الطعن الوحيد الذي أتاحه القانون رقم 112 لسنة 1946 لذوي الشأن إذ نصت المادة الثامنة منه على أنه "لا يقبل الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري إلا بطريق التماس إعادة النظر في الأحوال المنصوص عليها في قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية" وبذات الحكم نصت المادة التاسعة من القانون 9 لسنة 1949.
وبصدور القانون رقم 165 لسنة 1955 الذي أنشأ لأول مرة المحكمة الإدارية العليا ونظم طريق الطعن أمامها في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية (حرص المشرع على النص على جواز الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية عن طريق التماس إعادة النظر فنص في المادة 16 منه على أنه "يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو من المحاكم الإدارية بطريق التماس إعادة النظر، وبذات الحكم جرى نص المادة 19 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة، فلما كان القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة جرى نص المادة 51 منه في فقرتها الأولى بالآتي "يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية بطريق التماس إعادة النظر في المواعيد والأحوال المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية أو قانون الإجراءات الجنائية حسب الأحوال وذلك بما لا يتعارض مع طبيعة المنازعة المنظورة أمام هذه المحاكم".
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن المشرع عدد في المادة 51 من القانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليها الأحكام التي يجوز الطعن فيها بطريق إعادة النظر تعداداً على سبيل الحصر ولم ينص على الإحالة في بيان تلك الأحكام إلى قانون المرافعات أو قانون الإجراءات الجنائية اللذين ينصان على أنه يجوز الطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية (مادة 241 من قانون المرافعات المدنية والتجارية مادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية).
ومن حيث إن مقتضى ذلك أن كافة الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم التأديبية والمحاكم الإدارية يجوز الطعن فيها بالتماس إعادة النظر، ومن ثم لا حجة فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه لا يجوز التماس إعادة النظر في الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية استناداً إلى أنها لا تصدر بصفة انتهائية وكان يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا، ذلك أن المادة 51 من القانون رقم 47 لسنة 1972 صريحة في جواز الطعن في هذه الأحكام بطريق التماس إعادة النظر دون اشتراط أن تتصف بالنهائية حتى يجرى عليها هذا الوجه من أوجه الطعن بطريق التماس إعادة النظر فضلاً عن أن أحكام هذه المحاكم هي أحكام نهائية طبقاً لنص المادة 22 من قانون مجلس الدولة والتي تنص على أن "أحكام المحاكم التأديبية النهائية يكون الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحوال المبينة في هذا القانون".. كما أن القول بامتناع الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية بالتماس إعادة النظر قبل الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا مؤداه امتناع الطعن في هذه الأحكام بصفة مطلقة، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه لا يجوز الطعن على الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا بطريق التماس إعادة النظر، ومن ثم تكون المحكمة قد أهدرت صريح نص المادة 51 من قانون مجلس الدولة المشار إليها.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم جواز التماس إعادة النظر في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية في الدعوى رقم 62 لسنة 18 القضائية، وذلك على خلاف نص المادة 51 من قانون مجلس الدولة ومن هنا يكون الحكم المشار إليه قد صدر مخالفاً للقانون متعين الإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يتعرض لموضوع الالتماس، ومن ثم يتعين إعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.

فلهذه الأسباب

"حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الالتماس إلى المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم للفصل فيه".