أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 26 - صـ 1345

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، وزكي الصاوي صالح.

(257)
الطعن رقم 608 لسنة 40 القضائية

(1) عقد "تفسير العقد". محكمة الموضوع.
تفسير العقود. أمر تستقل به محكمة الموضوع ما دام أن قضاؤها يقوم على أسباب سائغة.
(2 و3) بيع "التزامات البائع". "ضمان العيب الخفي".
ضمان البائع للمشترى إغلال العقار المبيع قدراً معيناً من الريع. اعتباره كفالة من المشتري لصفة في المبيع. التزام البائع بالضمان عند تخلف هذه الصفة.
(3) تخلف الصفة التي كفلها البائع في المبيع. موجب لضمان البائع متى قام المشتري بإخطاره لا يغير من ذلك علم المشتري بتخلصها وقت البيع أو عدم علمه بها وسواء كان يستطيع أن يتبين فواتها أم لا.
(4) بيع "التزامات البائع". تقادم "تقادم مسقط". حكم "تسبيب الحكم".
تقادم التزام البائع بضمان العيوب الخفية. م 452 مدني. بيان الحكم عناصر الغش المنسوبة للبائع وتعمده إخفاء العيب. القضاء بأن مدة التقادم في هذه الحالة 15 سنة من تاريخ العقد. لا خطأ.
(5) حكم "تسبيب الحكم". استئناف.
قضاء محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي. عدم التزامها ببحث أسباب هذا الحكم والرد عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب كافية.
1 - تفسير العقود واستظهار نية طرفيها هو أمر تستقل به محكمة الموضوع ما دام قضاؤها يقوم على أسباب سائغة وطالما أنها لم تخرج في تفسيرها للعقد واستظهار نية الطرفين عن المعنى الظاهر لعبارته.
2 - ضمان البائع للمشتري إغلال العقار المبيع قدراً معيناً من الريع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - يعتبر كفالة من المشترى لصفة في المبيع مما تعنيه المادة 447 من القانون المدني بقولها "يكون البائع ملزماً بالضمان إذا لم يتوافر في المبيع وقت التسلم الصفات التي كفل للمشتري وجودها فيه وإذ كان البائع - مورث الطاعنين - قد ضمن إغلال الدور الأول من العقار المبيع قدراً معيناً من الريع وقد روعي هذا التقدير في تحديد الثمن فإن تخلف هذه الصفة في البيع يوجب إلزام البائع بالضمان.
3 - جرى قضاء هذه المحكمة على أن المشرع وإن كان قد ألحق حالة تخلف الصفة التي كفلها البائع للمشترى بالعيب الخفي وأجرى عليها أحكام فيما يختص بقواعد الضمان إلا أنه لم يشترط في حالة تخلف الصفة ما اشترطه في العيب الذي يضمنه البائع من وجوب كونه مؤثراً وخفياً إذ جعل مجرد عدم توافر الصفة في المبيع وقت التسليم موجباً لضمان البائع متى قام المشتري بإخطاره، سواء كان المشتري يعلم بتخلفها وقت البيع أو لا يعلم، وسواء كان يستطيع أن يتبين فواتها أو لا يستطيع.
4 - مفاد نص المادة 452 من القانون المدني أن الالتزام بضمان العيوب الخفية يسقط بمضي سنة من وقت تسلم المشتري للمبيع، غير أنه إذا تعمد البائع إخفاء العيب عن غش منه فلا تسقط دعوى الضمان في هذه الحالة إلا بمضي خمس عشرة سنة من وقت البيع. ولما كان يبين مما قرره الحكم أنه رغم أن البائع - مورث الطاعنين - كان يعلم أن الدور الأول من العقار المبيع كان مؤجراً من قبل بمبلغ ثمانية جنيهات شهرياً فإنه ضمن للمشترين المطعون عليها الثانية ومورث المطعون عليها الأولى - أن العقار يغل قدراً أكبر من الريع إذ استأجر منهما هذا الدور بمبلغ 35 ج شهرياً لمدة ثلاث سنوات من تاريخ التوقيع على العقد النهائي على أن تكون الأجرة 30 ج شهرياً بعد انتهاء هذه المدة مما جعل المشتريين يقبلان على تحديد ثمن العقار بمبلغ 8500 ج، ثم أقام ورثة البائع دعوى قضى فيها بتخفيض الأجرة وخلص الحكم من ذلك إلى أن المبيع به عيب خفي تعمد البائع إخفاءه عن المشترين غشاً منه واستند إلى أسباب سائغة تكفي لحمله في هذا الخصوص، وكان الحكم فيما أورده على النحو سالف الذكر قد بين عناصر الغش الذي نسبه إلى البائع وكيف أنه تعمد إخفاء العيب، وإذ رتب الحكم على ما انتهى إليه أن مدة تقادم دعوى الضمان في هذه الحالة تكون خمس عشرة سنة من تاريخ العقد وأن هذه المدة لم تنقضي بعد حتى تاريخ رفع الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
5 - محكمة الاستئناف غير ملزمة إذا ما قضت بإلغاء الحكم الابتدائي ببحث أسباب هذا الحكم والرد عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب كافية لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما أقامتا الدعوى رقم 2670 سنة 1967 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعنين بصحيفة قدمت في 4/ 1/ 1968 طلبت فيها الحكم بإلزامهم عن أنفسهم وبصفتهم ورثة المرحوم......... بأن يدفعوا لها مبلغ 2170 ج، وقالت بياناً للدعوى إنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 6/ 4/ 1958 اشترت المطعون عليها الثانية ووالدها المرحوم........ بصفته ولياً شرعياً على أولاده القصر المشمولين بوصاية والدتهم المطعون عليها الأولى من المرحوم...... مورث الطاعنين كامل أرض وبناء المنزل رقم........ بثمن قدره 8500 ج دفع نقداً، ونص في البند السابع من العقد على أنه روعي في تقدير الثمن أن أجرة الدور الأول الذي يشغله البائع توازي مبلغ 35 ج شهرياً، وأن الإنفاق تم على أن يظل الأخير مستأجراً للدور المذكور بهذه الأجرة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ التوقيع على عقد البيع النهائي كما تضمن البند الخامس عشر من العقد أنه إذا بقى البائع شاغلاً للعين المذكورة بعد انتهاء المدة المتفق عليها فإن العقد يتجدد لمدة سنة وهكذا بأجرة شهرية قدرها 30 ج، وتنفيذاً لهذا الاتفاق حرر الطرفان عقد إيجار مؤرخ 31/ 5/ 1958 تضمن الشروط سالفة الذكر غير أن الطاعنين سعوا في نقض ما اتفق عليه إذا أقاموا الدعوى رقم 1460 سنة 1966 مدني الإسكندرية الابتدائية طلبوا فيها تحديد أجرة الدور الأول الذي يشغلونه بمبلغ 5 ج و196 م شهرياً بمقولة أنه تبين لهم بعد وفاة مورثهم أن الأجرة الحقيقية لهذا المسكن طبقاً لعقد الإيجار المؤرخ 5/ 2/ 1941 هي 8 ج، وقضى في تلك الدعوى بجلسة 28/ 10/ 1967 بتحديد الأجرة بمبلغ 17 ج و495 م ابتداءً من تاريخ التعاقد ومبلغ 15 ج و545 م من 1/ 1/ 1962 وترتب على ذلك إنقاص غلة العقار المبيع من 68 ج و580 م إلى 51 ج و75 م شهرياً وأصبح المطعون عليهما ملتزمتين برد مبلغ يزيد على 1700 ج إلى الطاعنين وهو ما يربو على خمس ثمن العقار وإذ يحق لهما مطالبتهم بتعويض الضرر الذي لحقهما فقد أقاما الدعوى بالطلبات سالفة البيان. وبتاريخ 27/ 4/ 1968 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 520 سنة 24 ق مدني الإسكندرية طالبتين إلغاءه والحكم لهما بطلباتهما. وبتاريخ 19/ 5/ 1970 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعنين بأن يدفعوا للمطعون عليهما من تركة مورثهم المرحوم..... مبلغ 2107 ج. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعنون بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ويقولون في بيان ذلك أنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بأن مقتضى البند السابع من عقد البيع المؤرخ 6/ 4/ 1958 أن كلاً من طرفي العقد كان على بينة من أن مبلغ الخمسة والثلاثين جنيهاً المتفق عليه أجرة للدور الأول من المنزل المبيع لا يمثل القيمة الإيجارية القانونية لهذا الدور وإنما التزم البائع - مورث الطاعنين - بدفع هذه الأجرة لمدة ثلاث سنوات مقابل التزام المشترين بأداء الثمن المسمى بالعقد، وبانتهاء مدة ثلاث سنوات المذكورة يصير البند المذكور منقطع الصلة عن البيع وتصبح الأجرة المحددة بالبند الخامس عشر من عقد البيع هي المعول عليها في تنظيم العلاقة الإيجارية بين الطرفين دون ما ارتباط بثمن المبيع وبالتالي فإنها تخضع لأحكام القانون الآمرة بشأن تحديد الأجرة، ولهذا فقد أقام الطاعنون الدعوى رقم 1460 لسنة 1966 مدني الإسكندرية الابتدائية وصدر فيها حكم بتحديد الأجرة القانونية لهذه العين. غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع وذهب إلى أن المقصود من البند السابع من العقد استمرار التزام البائع بسداد الأجرة المرتفعة للدور الأول وهو ضمان منه لهذه الأجرة وأنه يحق للمشترين الرجوع على البائع بدعوى ضمان العيوب الخفية بعد أن صدر حكم بتحديد الأجرة، وهذا الذي قرره الحكم فيه انحراف عن المعنى الظاهر لعبارات العقد ومسخ لها، وإذ لم يبين الحكم سبب عدوله عن هذا المعنى علاوة على أنه لم يرد على دفاع الطاعنين فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث أن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الاطلاع على عقد البيع المؤرخ 6/ 4/ 1958 أن البند السابع منه ينص على أنه "يقر الطرف الأول - مورث الطاعنين (البائع) أنه روعي في تقدير الثمن بالقيمة الموضحة بالبند الثاني أن إيجار الدور الأول المشغول بسكنه حالياً في العقار المبيع يوازي مبلغ خمسة وثلاثين جنيهاً شهرياً وأنه اتفق مع فريق الطرف الثاني المطعون عليهما الثانية ومورث المطعون عليها الأولى (المشترين) - على أن يظل شاغلاً للدور المذكور كمستأجر بإيجار شهري قدره خمسة وثلاثين جنيهاً ولمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ التوقيع على العقد النهائي وليس للطرف الأول أن يتحلل من هذه الإجارة لأي سبب كان ويعتبر توقيع الطرفين على هذا العقد بمثابة إيجار تام انعقد بينهما عن الدور المشار إليه بالقيمة والمدة المذكورتين، كما نص البند الخامس عشر على أنه قبل الطرفان في أنه في حالة بقاء الطرف الأول في الدور الأول بعد نهاية المدة المتفق عليها في البند السابع من هذا العقد فإن الإجارة تتجدد لمدة سنة وهكذا بأجرة شهرية قدرها ثلاثون جنيهاً تدفع مقدماً، وكان الحكم المطعون فيه قد فسر هذين البندين وخلص إلى أن من بين الأغراض المقصودة من البيع أن تكون أجرة الدور الأول من العقار المبيع 35 جنيهاً شهرياً وأن هذا كان غاية من غايات المشترين وصفة من الصفات التي قصدا إليها وأدخلاها في اعتبارهما عند تقدير الثمن المدفوع عن العقار وقد كفل البائع لهما هذه الغاية المقصودة وضمنها لهما في عقد البيع عندما قرر بالبند السابع بأنه روعي في تقدير الثمن المتفق عليه وهو 8500 جنيهاً أن يكون إيجار الدور الأول بالأجرة سالفة الذكر وأكد لهما توافر هذه الصفة في منفعة الدور المذكور بأن اتفق معهما على أن يظل هو شاغلاً له بهذه القيمة لمدة ثلاث سنوات، ولما كان تفسير العقود واستظهار نية طرفيها هو أمر تستقل به محكمة الموضوع ما دام قضاؤها يقوم على أسباب سائغة وطالما أنها لم تخرج في تفسيرها للعقد واستظهار نية الطرفين عن المعنى الظاهر لعبارته، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد فيما استخلصه من العقد على المعنى الظاهر له وبين الاعتبارات المعقولة المؤدية لما ذهب إليه وهو ما يكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد على ما آثاره الطاعنون في سبب الطعن، ولما كان ضمان البائع للمشتري إغلال العقار المبيع قدراً معيناً من الريع وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، يعتبر كفالة من المشتري لصفة في المبيع مما تعنيه المادة 447 من القانون المدني بقولها "يكون البائع ملزماً بالضمان إذا لم يتوافر في المبيع وقت التسليم الصفات التي كفل للمشترى وجودها فيه" وكان البائع (مورث الطاعنين) وعلى ما سلف البيان قد ضمن إغلال الدور الأول من العقار المبيع قدراً معيناً من الريع وقد روعي هذا التقدير في تحديد الثمن فإن تخلف هذه الصفة في المبيع يوجب إلزام البائع بالضمان، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب على غير أساس.
وحيث أن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وعاره قصور في التسبيب، ذلك أن الطاعنين دفعوا بسقوط حق المطعون عليهما في ضمان العيب الخفي بمضي سنة من تاريخ تسليم المبيع في 31/ 5/ 1958 إلى أن رفعت الدعوى، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض الدفع تأسيساً على أن مورث الطاعنين تعمد إخفاء العيب غشاً منه إذ أنه التزم باستئجار الدور الأول من المنزل بالأجرة المتفق عليها وأخفى عن المشترين الأجرة الحقيقية التي كان على علم بها وقت إبرام عقد البيع، ورتب الحكم على ذلك أن الضمان لا يسقط إلا بمضي خمس عشرة سنة طبقاً للمادة 452/ 2 من القانون المدني، في حين أن دلالة البند السابع من العقد تفيد أن كلاً من الطرفين كان على علم بأن مبلغ الأجرة الشهرية للدور الأول لا يمثل القيمة الإيجارية القانونية وإنما التزم البائع بدفع هذه الأجرة لمدة ثلاث سنوات مقابل التزام المشترين بأداء الثمن المسمى بعقد البيع، كما لم يبين الحكم ماهية الغش الذي نسبه للبائع أو كيف تعمد إخفاء العيب ولم يرد على ما أورده الحكم الابتدائي من نفي الغش في جانب البائع، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث أن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع وإن كان قد ألحق حالة تخلف الصفة التي كفلها البائع للمشترى بالعيب الخفي وأجرى عليها أحكامه فيما يختص بقواعد الضمان إلا أنه لم يشترط في حالة تخلف الصفة ما اشترطه في العيب الذي يضمنه البائع من وجوب كونه مؤثراً وخفياً إذ جعل مجرد عدم توافر الصفة في المبيع وقت التسليم موجباً ضمان البائع متى قام المشتري بإخطاره، سواء كان المشتري يعلم بتخلفها وقت البيع أو كان لا يعلم وسواء كان يستطيع أن يتبين فواتها أو لا يستطيع، وكانت المادة 452 من القانون المدني تنص على أنه "1 - تسقط بالتقادم دعوى الضمان إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع ولو لم يكشف المشتري العيب إلا بعد ذلك ما لم يقبل البائع أن يلتزم بالضمان لمدة أطول. 2 - على أنه لا يجوز للبائع أن يتمسك بالسنة لتمام التقادم إذا ثبت أنه تعمد إخفاء العيب غشاً منه"، مما مفاده أن الالتزام بضمان العيوب الخفية يسقط بمضي سنة من وقت تسلم المشتري للمبيع، غير أنه إذا تعمد البائع إخفاء العيب عن غش منه فلا تسقط دعوى الضمان في هذه الحالة إلا بمضي خمس عشرة سنة من وقت البيع، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على قوله "أن الثابت من تقرير الخبير المقدم في الدعوى 1460 سنة 1966 مدني كلي مساكن الإسكندرية يبين أن المنزل أنشئ في سنة 1941 وكان مملوكاً..... الذي باعه للمرحوم........ مورث المستأنف عليهم (الطاعنين) وبعد أن باع....... العقار للمرحوم...... في 4/ 4/ 1948 اتفق هذا الأخير في 30/ 11/ 1949 مع مدام....... المستأجرة السابقة - على إنهاء عقد تأجير الدور الأول في ميعاد غايته 31/ 5/ 1950 وتسليم الشقة إليه وأقام...... بالدور الأول موضوع النزاع...... وأنه يظهر من ذلك بجلاء أن المرحوم..... مورث المستأنف عليهم كان تحت يده عقد إيجار مدام...... الذي قدمه ورثة المستأنف عليهم في الدعوى 1460 سنة 1966 مدني كلي مساكن وذلك منذ شرائه العقار من..... سنة 1948 بدليل اتفاقه مع المستأجرة المذكورة في 30/ 11/ 1949 على إخلاء الدور محل النزاع وإقامته فيه بعد ذلك وإجراء التحسينات عليه وبالتالي كان يعلم بحقيقة إيجار هذا الدور منذ 15/ 10/ 1941 وخضوعه للقانون رقم 121 لسنة 1947 وقد أخفى هذا الأمر عن المستأنفين - المطعون عليهما - عند شرائه العقا وبقي بهذا الدور وضمن لهما أن تكون أجرته الشهرية 35 ج وأكد لهما ذلك باستئجاره لمدة ثلاث سنوات بهذه القيمة من تاريخ البيع ثم بمبلغ 30 ج بعد انتهاء هذه المدة وابتداءً من 31/ 5/ 1961 ولما توفى في 27/ 2/ 1962 حصل ورثة المستأنف عليهم على العقد المذكور وكان تحت يد مورثهم بالطبع وأقاموا دعوى تخفيض الأجرة استناداً إليه وتستخلص المحكمة من ذلك أن مورث المستأنف عليهم قد أخفى عن المستأنفين عند شرائهم العقار هذا العقد الذي يعيب منفعة المبيع عمداً وغشاً منه، ذلك أنه وهو يعلم حسب إقراره بالبند السابع من عقد البيع أن تحديد ثمن العقار قد روعي فيه أن إيجار هذا الدور هو 35 ج شهرياً وأن المشتريين إذ قبلا تحديد هذا الثمن بمبلغ 8500 ج على أساس أن هذا الدور يؤجر بهذه القيمة لم يكشف لهما عن واقعة سبق تأجيره لمدام..... سنة 1941 بمبلغ 8 ج شهرياً رغم وجود عقد استئجارها للشقة تحت يده ورغم أنه حسبما يبين من تقرير الخبير هو الذي اتفق معها بعد شرائه العقار على إخلاء الدور الأول وأقام به وأحرى به بعض التحسينات الأمر الذي يقطع بأنه تعمد إخفاءه بطريق الغش حتى لا يتردد المشتريان في شراء العقار بالثمن المتفق عليه (8500 ج) وتكون مدة تقادم ضمان العيب الخفي في هذه الحالة 15 سنة وليست سنة واحدة كما ذهب المستأنف عليهم ويكون الدفع المبدى منهم بسقوط حق المستأنفين في إنقاص الثمن في غير محله - وأنه يخلص من كل ما تقدم أن من حق المستأنفين الرجوع على مورث المستأنف عليهم باعتباره بائعاً للعقار بضمان العيب الخفي الذي تكشف لهم برفع الدعوى رقم 1460 سنة 1966 مدني كلي الإسكندرية والتي نص فيها بتخفيض أجرة الدور الأول من العقار إلى مبلغ... وكان يبين مما قرره الحكم أنه رغم أن البائع - مورث الطاعنين - كان يعلم أن الدور الأول من العقار المبيع كان مؤجراً من قبل بمبلغ ثمانية جنيهات شهرياً فإنه ضمن للمشتريين - المطعون عليها الثانية ومورث المطعون عليها الأولى - أن العقار يغل قدراً أكبر من الريع إذا استأجر منهما هذا الدور بمبلغ 35 ج شهرياً لمدة ثلاث سنوات - من تاريخ التوقيع على العقد النهائي على أن تكون الأجرة 30 ج شهرياً بعد انتهاء هذه المدة مما جعل المشتريين يقبلان على تحديد ثمن العقار بمبلغ 8500 ج، ثم أقام ورثة البائع دعوى قضى فيها بتخفيض الأجرة وخلص الحكم من ذلك إلى أن المبيع به عيب خفي تعمد البائع إخفاءه عن المشترين غشاً منه، واستند إلى أسباب سائغة تكفى لحمله في هذا الخصوص وكان الحكم فيما أورده على النحو سالف الذكر قد بين عناصر الغش الذي نسبه إلى البائع وكيف أنه تعمد إخفاء العيب، وإذ رتب الحكم على ما انتهى إليه أن مدة تقادم دعوى الضمان في هذه الحالة تكون خمس عشرة سنة من تاريخ العقد وأن هذه المدة لم تنقض بعد حتى تاريخ رفع الدعوى، وكانت محكمة الاستئناف غير ملزمة إذا ما قضت بإلغاء الحكم الابتدائي ببحث أسباب هذا الحكم والرد عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب كافية لحمله، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه قصور في التسبيب ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث أنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 15/ 5/ 1969 مجموعة المكتب الفني 30 ص 796.