مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1984 إلى آخر فبراير سنة 1985) - صـ 116

(23)
جلسة 24 من نوفمبر سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني وعبد الفتاح محمد إبراهيم صقر وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 923 لسنة 30 القضائية

( أ ) مجالس طبية متخصصة - طبيعة قراراتها.
المجالس الطبية المتخصصة هي الجهة الإدارية المختصة بتقرير الحالة الصحية لطالبي العلاج في الخارج على نفقة الدولة بما تصدره من تقارير تنطوي على قرار إداري نهائي يجوز الطعن عليه بالإلغاء استقلالاً - تطبيق.
(ب) دعوى الإلغاء - رقابة القرارات الإدارية - حدودها.
لا يعقب القضاء الإداري على ما قطعت به المجالس المتخصصة من أن حالة المدعي المرضية لا تقتضي سفره للعلاج في الخارج - لا يحول دون ذلك تعارضه مع تقرير الخبير الأجنبي المعالج - أساس ذلك - المجالس الطبية بحكم تشكيلها الفني المتخصص هي القادرة على تقرير حالة المدعي الصحية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 7 من فبراير سنة 1984 أودع الأستاذ عبد الصمد طه علي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد....... قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 923 لسنة 30 القضائية ضد: 1 - السيد وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء والتنمية الإدارية بصفته المختص بإصدار القرارات التنفيذية لعلاج المواطنين في الخارج، 2 - السيد وزر الصحة بصفته الرئيس الأعلى للإدارة العامة للمجالس الطبية المتخصصة والهيئة العامة للتأمين الصحي، عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات). بجلسة 13 من ديسمبر سنة 1983 في الدعوى رقم 3251 لسنة 37 القضائية المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما الذي قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وذلك على النحو الوارد بالأسباب وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم والقضاء أولاً: - بأحقيته في العلاج في الولايات المتحدة الأمريكية لدى الدكتور البروفيسور روبرت أسبل رئيس قسم الرمد بجامعة نيويورك بناء على تقريره الطبي الرسمي وعلى نفقة الهيئة العامة للتأمين الصحي لمدة شهرين وفي حدود مبلغ أحد عشر ألفاً من الجنيهات المصرية بخلاف نفقات السفر كأثران للحكم ومع مرافق مع تقرير نشوء التزام في ذمة الدولة بتحمل نفقة المرافق وفقاً لعجز المادة السادسة من القرار الجمهوري رقم 691 لسنة 1975 في شأن علاج العاملين والمواطنين على نفقة الدولة لعسر الطاعن ولعدم التزام الهيئة العامة للتأمين الصحي بنفقته، ثانياً: بإلغاء القرارات الصادرة بتقرير عدم وجود علاج لعين الطاعن اليمنى خارج جمهورية مصر العربية والتعويض عنها للأسانيد المبينة بطلبات الطاعن الواردة بمذكرة دفاعه المودعة ملف القضية المطعون في حكمها. ثالثاً: وتقرير نشوء التزام بذمة المدعى عليه الأول بإصدار القرار التنفيذي لعلاج الطاعن في الولايات المتحدة الأمريكية كأثر آخر للحكم. رابعاً: وإلزام المدعى عليه الثاني بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدعويين السابقة والحالية.
وأعلن تقرير الطعن قانوناً وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم أولاً: بقبول طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه. ثانياً: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى والقضاء بقبولها وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في موضعها. ثالثاً: إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 2 من إبريل سنة 1984 ثم قررت الدائرة بجلسة 21 من مايو سنة 1984 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) وحددت لنظره أمامها جلسة 16 من يونيو 1984 حيث نظرته المحكمة في هذه الجلسة وما تلاها على الوجه المبين بمحاضرها وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 13 من إبريل سنة 1983 أقام السيد/ ...... الدعوى رقم 3251 لسنة 37 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد: 1 - السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء. 2 - السيد الدكتور وزير الصحة طالباً الحكم أولاً: - بصفة مستعجلة بأحقيته في السفر للعلاج في الولايات المتحدة الأمريكية لدى البروفيسور..... بناء على تقريره الطبي الرسمي على نفقة الهيئة العامة للتأمين الصحي. ثانياً: - وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بتقرير عدم وجود علاج لعينه اليمنى خارج جمهورية مصر العربية مع إلزام المدعى عليه الثاني المصاريف وأتعاب المحاماة. وجاء في بيان الدعوى أنه أصيب بانفصال شبكي في عينه اليمنى وأجريت له عملية جراحية لم تحقق ثمرتها المرجوة وأصبح الانفصال الشبكي انفصالاً كلياً وبعد فترة تكونت في ذات العين مياه بيضاء تمت إزالتها بعملية ناجحة ثم سافر على نفقته الخاصة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن استدان نفقات السفر حيث عرض عينه على البروفيسور....... فكتب تقريراً بأن الحالة في العين اليمنى قابلة للحد الأدنى للتدخل الجراحي. وأضاف أنه نظراً لأنه مشترك في التأمين الصحي فقد عرضت حالته على طبيبه المختص الذي كتب تقريراً جاء فيه أن الحالة متقدمة وغير قابلة للتدخل الجراحي وذلك بالنسبة للإمكانيات المتاحة في جمهورية مصر العربية وبناء على ذلك قدم طلباً إلى السيد الدكتور رئيس إدارة لجنة الخدمات الطبية التابعة لهيئة التأمين الصحي للموافقة على علاجه في الخارج بالولايات المتحدة الأمريكية وقد أحيل طلبه إلى الإدارة العامة للمجالس الطبية المتخصصة التابعة لوزارة الصحة لإعداد تقرير طبي عن حالته وتحددت له أمام اللجنة الطبية المختصة جلسة 2/ 2/ 1983 وبمناظرته قررت اللجنة بأن العين اليمنى فاقدة الإبصار نهائياً ولا يجدي فيها أي علاج داخل أو خارج الجمهورية كما قررت متابعة حالة العين اليسرى بمستشفى القوات المسلحة بالمعادي في حدود مبلغ مائتي جنيه على نفقة هيئة التأمين الصحي ولما تظلم إلى السيد رئيس مجلس الوزراء أعيد عرض حالته على المجالس الطبية المتخصصة حيث تحدد لمناظرته جلسة 9/ 3/ 1983 وتقرر فيها وجود انفصال شبكي بالعين اليمنى والعين فاقدة الإبصار مع متابعة حالة العين اليسرى بمستشفى المعادي لمدة ستة شهور على نفقة هيئة التأمين الصحي وتضمن ذلك رد الجهة الطبية على تظلمه لمجلس الوزراء حيث قيد برقم 2388 في 19/ 3/ 1983 وصدر قرار بحفظه. ونظراً إلى أن المدعي يأخذ على تقارير المجالس الطبية عن حالته افتقارها إلى الأسباب الصحيحة المعبرة عن حالته الصحية وتعارضها مع تقرير الطبيب الأمريكي في هذا الصدد فقد أقام هذه الدعوى للحكم بالطلبات المتقدمة.
وأودعت إدارة قضايا الحكومة الملف الخاص بعلاج المدعي رقم 987/ 1983 متضمناً التقارير الطبية التي أعدتها المجالس الطبية المتخصصة مثار المنازعة.
وبجلسة 13 من ديسمبر 1983 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل الذي قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وذلك على النحو الوارد بالأسباب وألزمت المدعي المصروفات وأقامت قضاءها على أن حقيقة الأمر في دعوى المدعي أنها تشتمل طلباً بوقف تنفيذ ثم إلغاء توصية الإدارة العامة للمجالس الطبية المتخصصة بعدم أحقيته في العلاج بالخارج على نفقة الدولة وأن المستفاد من نصوص المواد 2، 3، 4، 5/ 2، 6 من قرار رئيس الجمهورية رقم 691 لسنة 1975 في شأن علاج العاملين والمواطنين على نفقة الدولة أنها قد نظمت قواعد وإجراءات علاج المواطنين في الخارج وذلك بأن عهدت إلى المجالس الطبية المتخصصة بفحص حالة المواطن طالب العلاج في الخارج على نفقة الدولة وإعداد تقرير عن حالته متضمناً توصياتها بشأنه في ضوء مدى توافر إمكانيات العلاج بالداخل وظروف الحالة الصحية للمريض على أن تعرض تقاريرها وتوصياتها بعد ذلك على وزير الصحة لاستصدار قرار من رئيس مجلس الوزراء بشأنها وعلى ذلك فإن تقارير وتوصيات المجالس الطبية المتخصصة في شأن حالات المواطنين طالبي العلاج على نفقة الدولة في الخارج لا تعدو أن تكون مجرد إجراءات تمهيدية سابقة على القرار النهائي الذي يصدره رئيس مجلس الوزراء في هذا الشأن إما بالموافقة على الطلب أو برفضه ولما كان المدعي قد استهدف بدعواه الطعن على تقارير وتوصيات المجالس الطبية المتخصصة فيما انتهت إليه من عدم جدوى علاجه بالخارج ولم يثبت في الأوراق أن ما أعدته المجالس الطبية المتخصصة من تقارير وما انتهت إليه من توصيات بشأن حالة المدعي قد عرض على كل من السيد وزير الصحة والسيد رئيس مجلس الوزراء للبت فيها واتخاذ ما يلزم من قرار بشأنها إما باعتماد ما انتهت إليه المجالس الطبية المتخصصة من توصيات أو بتقرير علاج المدعي على نفقة الدولة في الخارج ومن ثم يكون المدعي قد تعجل أمر نفسه ولم يتريث حتى يتم البت في شأن حالته بقرار نهائي على النحو المشار إليه آنفاً وبالتالي تكون دعواه والحالة هذه غير مقبولة شكلاً لرفعها قبل الأوان لاستهدافها بالطعن إجراءات تحضيرية لم ترق بعد إلى طبيعة القرار الإداري النهائي.
ومن حيث إن الطعن ينعى في أسبابه على الحكم المطعون فيه مخالفة الواقع والقانون والخطأ في تأويله وتفسيره إلى جانب ما اعتور الحكم من قصور في التسبيب ومخالفته لأحكام سابقة وذلك تأسيساً على أن القضاء الإداري يفرق بين القرارات التحضيرية التي لا تنفك عن القرار النهائي والتي تعتبر جزءاً من العملية القانونية المكونة له لا يتجزأ ولا يمكن فصلها عنه فهذه لا يقبل الطعن فيها وبين القرارات التمهيدية التي تحدث بذاتها - منفصلة عن القرار التالي لها - آثاراً قانونية تمس مصالح ذوي الشأن وتلك أجاز الطعن فيها والقرارات المطعون فيها بمقتضى الدعوى موضوع هذا الطعن هي من النوع الثاني فهي تحدث بذاتها آثاراً قانونية تضر بمركز الطاعن منفصلة عن القرار التالي لها حيث إنه لا يتصور منطقاً أو قانوناً موافقة رئيس مجلس الوزراء على علاج أي مواطن في الخارج قررت المجالس الطبية المتخصصة عدم موافقتها على علاجه في الخارج لأن قراره بذلك يكون منعدماً لانعدام سببه ومن ثم فإن عدم موافقة المجالس الطبية المتخصصة على علاج الطاعن في الخارج هو قرار ضار به مما يجيز له الطعن فيه استقلالاً. ومن ناحية أخرى فإن الطاعن أقام دعواه بتاريخ 13/ 4/ 1983 وصدرت القرارات المطعون فيها بتاريخ 2/ 2/ 1983، 9/ 3/ 1983، 29/ 5/ 1983 وحكم في الدعوى في 13/ 12/ 1983 ومن ذلك يتبين أنه قد انقطعت فترة تزيد على تسعة أشهر ما بين قرار 9/ 3/ 1983 وتاريخ صدور الحكم المطعون فيه الأمر الذي يقطع في الدلالة على امتناع جهة الإدارة عن إصدار قرار واجب عليها اتخاذه بمقتضى القانون وهو ما يشكل قراراً إدارياً سلبياً يجوز الطعن عليه بالإلغاء. يضاف إلى ذلك أن مؤدى التفسير السليم لنص المادة الخامسة من قرار رئيس الجمهورية رقم 691/ 1975 ألا تحيل اللجنة الطبية قراراتها وتوصياتها إلى وزير الصحة لاستصدار قرار من رئيس مجلس الوزراء بشأنها إلا في حالة الموافقة على العلاج في الخارج أما في حالة عدم موافقتها على ذلك فإنها تكون قد أصدرت قراراً إدارياً نهائياً مستكمل الأركان لعدم خضوعه لتعقيب سلطة إدارية أعلى والقول بغير ذلك وكما ذهب الحكم المطعون فيه يؤدي إلى نتائج غير مقبولة فيجوز لرئيس مجلس الوزراء الموافقة على علاج طالب العلاج في الخارج رغم عدم موافقة اللجنة الطبية المتخصصة كما يجوز له ألا يوافق على خلاف ما قررته اللجنة. والطاعن عندما تظلم إلى رئيس مجلس الوزراء من قرار اللجنة الطبية المتخصصة أعادت مناظرته في 9/ 3/ 1983 وأصدرت قرارها بعدم الموافقة على علاجه في الخارج ثم أرسلته مع التظلم إلى أمين عام مجلس الوزراء الذي أشر عليه بالحفظ ولو كان الواجب قانوناً العرض على رئيس مجلس الوزراء لتم ذلك وهو ما لم يحدث وهذا يعني أن قرار اللجنة الطبية المتخصصة (عيون) هو قرار إداري نهائي بالمعنى القانوني وليس مجرد إجراء تحضيري أو تمهيدي كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه وفضلاً عما تقدم فإن واقع التنفيذ لقرار رئيس الجمهورية سالف الذكر يقطع بأن ما تصدره المجالس الطبية المتخصصة بناء على أحكامه يعد من قبيل القرارات الإدارية النهائية وهو ما يستفاد من المراسلات الرسمية التي أرسلتها الإدارة العامة للمجالس الطبية المتخصصة إلى الجهات المعنية في شأن الطاعن ومن تقارير هذه المجالس التي تضمنت قراراتها.
ومن حيث إن الطاعن قدم أثناء نظر الطعن مذكرة أبدى فيها توجيه الطعن ضد السيد وزير الصحة وحده باعتباره قد أصبح مفوضاً في إصدار القرارات التنفيذية اللازمة لعلاج المواطنين في الخارج وإخراج السيد وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء ووزير التنمية الإدارية الذي كان مفوضاً في هذا الاختصاص من نطاق هذه المنازعة، كما تضمنت هذه المذكرة تعقيباً على تقرير السيد مفوض الدولة في الطعن الماثل.
ومن حيث إنه عن قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان فإن البادي من نصوص قرار رئيس الجمهورية رقم 691/ 1975 في شأن علاج العاملين والمواطنين على نفقة الدولة أنها قد استهدفت تنظيم العلاج في الخارج على نفقة الدولة تحقيقاً لأهداف تتعلق بالمصلحة العامة وفي هذا السبيل نص القرار في مادته الثانية على أن تشكل بقرار من وزير الصحة مجالس طبية متخصصة في فروع الطب المختلفة من بين أعضاء هيئة التدريس بكليات الطب والأخصائيين بوزارة الصحة والقوات المسلحة......
ونص في المادة الثالثة على أن "تختص المجالس الطبية المذكورة بفحص الحالة الصحية لطالب العلاج في الخارج من الفئات الآتية وتقدم تقاريرها وتوصياتها عنهم ( أ ) العاملون بالدولة وهيئات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام..".
ونص في مادته الرابعة على أن "توصى المجالس بعلاج المريض في الخارج إذا لم تتوافر إمكانياته في الداخل واقتضت حالته ذلك" ونص في مادته الخامسة على أن "تحيل المجالس تقاريرها وتوصياتها على طالبي العلاج في الخارج على نفقتهم الخاصة في حالة موافقتها على ذلك إلى إدارة الجوازات والجنسية وإدارة النقد وغيرهما من الجهات المعنية تمهيداً لاتخاذ إجراءات سفرهم كما تحيل تقاريرها وتوصياتها في شأن العلاج على نفقة الدولة إلى وزير الصحة لاستصدار قرار من رئيس مجلس الوزراء في شأنها، وللوزير أن يعيد عرض ما يراه من توصيات المجالس عليها مرة أخرى إذا ما رأى ضرورة لذلك". ونص في مادته السادسة على أن "يكون العلاج على نفقة الدولة بقرار من رئيس مجلس الوزراء.....".
ومن حيث إن البين من هذه النصوص أن المجالس الطبية المتخصصة هي اللجنة الإدارية المختصة بتقرير الحالة الصحية لطالبي العلاج في الخارج على نفقة الدولة ومهمتها في ذلك لا تقتصر على مجرد إثبات حالة المريض الصحية بل تنطوي كذلك على القول الفصل فيما إذا كانت حالته تقتضي علاجاً في الخارج لعدم توفر إمكانياته في الداخل أم أنها لا تستدعي ذلك لتوفر إمكانيات علاجه في الداخل أو لأن الحالة قد أصبحت مستعصية لا يجدي فيها العلاج في الداخل أو الخارج وتقديرها لكل ذلك مما تستقل به بلا معقب عليها من جهة إدارية أخرى، وهو ما يجعل لتقاريرها وتوصياتها في هذا الشأن أثرها في حق طالب العلاج في الخارج وذلك إما على الوجه الذي تساهم به في إصدار قرار رئيس مجلس الوزراء بالموافقة على علاجه على نفقة الدولة في الخارج، أو على النحو الذي يؤدي إلى عدم صدور هذا القرار كما لو قدرت أن حالة المريض لا تقتضي علاجاً في الخارج، وبهذه المثابة تنطوي هذه التقارير والتوصيات متى استنفدت مراحلها على قرار إداري نهائي يجوز الطعن فيه بالإلغاء استقلالاً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المجلس الطبي المتخصص (عيون) قد ناظر المدعي أكثر من مرة في 2/ 2/ 1983، 9/ 3/ 1983، 29/ 5/ 1983 وقرر في كل مرة أن العين اليمنى حالتها نهائية ولا يجدي فيها أي علاج داخل أو خارج الجمهورية، ولم يكن لتظلم المدعي المقدم منه إلى السيد رئيس مجلس الوزراء في 5/ 2/ 1983 أي وقع إزاء موقف المجلس الطبي من حالته فلم يرجع المجلس في قراره عندما أعاد الكشف عليه بعد تقديم التظلم وطلب الأمانة العامة لمجلس الوزراء إعادة العرض على المجلس وقد أدى ذلك فعلاً إلى عدم صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء بالموافقة على علاجه على نفقة الدولة في الخارج، ولم تذكر الجهة الإدارية سواء في مرحلة الدعوى أو الطعن الراهن أنها ما زالت تنظر حالة المدعي أو أنها بصدد استصدار قرار في شأن التقارير والتوصيات التي صدرت في المجلس الطبي المتخصص بشأنه مما يفيد بأنها قررت حفظ تظلم المدعي بناء على تقارير وتوصيات هذه المجالس. وعلى ذلك لا تكون دعوى المدعي قد رفعت قبل الأوان كما ذهب إلى ذلك خطأ الحكم المطعون فيه وإنما استهدفت في الواقع والقانون قراراً إدارياً نهائياً أضر بمصلحته في العلاج على نفقة الدولة في الخارج وبهذه المثابة تغدو الدعوى وهي مقامة في 13/ 4/ 1983 - قد استوفت سائر أوضاعها الشكلية الأمر الذي يستوجب القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى مثار الطعن شكلاً.
ومن حيث إنه لما كانت هذه الدعوى قد تهيأت للفصل فيها فلا وجه لإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الطعن وملف علاج المدعي أنه بمقتضى كتاب مؤرخ 22/ 1/ 1983 أرسلت الهيئة العامة للتأمين الصحي إلى الإدارة العامة للمجالس الطبية المتخصصة بوزارة الصحة لعرض حالة السيد....... وهو من العاملين بالأزهر - على لجنة طبية متخصصة لتقرير حالته وما يلزمه من علاج، فقد تمت مناظرته أمام المجلس الطبي المتخصص (عيون) بجلسة 2/ 2/ 1983 وأثبت المجلس في تقريره الطبي عن حالته أن العين اليمنى حالتها نهائية ولا يجدي فيها أي علاج داخل أو خارج الجمهورية والعين اليسرى تحتاج للمتابعة بمستشفى القوات المسلحة بالمعادى - قسم الرمد - للمتابعة بالعيادة الخارجية ومدة العلاج ستة شهور ونفقات العلاج مائتي جنيه على حساب التأمين الصحي وقد تظلم المدعي من هذا القرار بتاريخ 5/ 2/ 1983 إلى السيد رئيس مجلس الوزراء طالباً الموافقة على سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع مرافق لإجراء عملية جراحية تصحيحية لعينه اليمنى لدى البروفيسور...... على نفقة الدولة بناء على تقريره الطبي فأحال السيد أمين عام مجلس الوزراء التظلم بكتابه المؤرخ 16/ 2/ 1983 إلى السيد الدكتور مدير عام الإدارة العامة للمجالس الطبية المتخصصة طالباً العرض على المجلس الطبي المتخصص وموافاته برأيه في هذا الصدد. وبناء على ذلك ناظر المجلس الطبي المدعي في 9/ 3/ 1983 بهيئة أخرى وأثبت في تقريره تأييده لقرار المجلس السابق في 2/ 2/ 1983 ثم تلي ذلك أن أعاد المجلس الطبي مناظرة المدعي للمرة الثالثة في 29/ 5/ 1983 وبعد أن أثبت في تقريره اطلاعه وسابقة اطلاع اللجان الطبية التي كشفت على المدعي على تقرير طبيبه المعالج في الخارج الذي أفاد بأنه نوظر في 21/ 9/ 1982 ووجد عنده لابللورية وانفصال شبكي كلي بالعين اليمنى وذلك بعد عمليات انفصال شبكي غير ناجحة منذ سنة تقريباً وأن العملية يجب عملها ذكر المجلس في التقرير أن بالعين اليمنى انفصال شبكي كامل والحالة نهائية ولا جدوى من أي تدخل جراحي أو علاج داخل أو خارج الجمهورية والعين اليسرى بها قصر نظر وضعف بالإبصار يتحسن بنظارة وتحتاج للمتابعة فقط وهذه المتابعة متوفرة داخل الجمهورية كما ذكر التقرير في خانة الملاحظات: أن حالة العين اليمنى غير قابلة للشفاء على الإطلاق ولذا لا توافق اللجنة على التدخل الجراحي على هذه العين خاصة وأن الانفصال الشبكي تام ومضى عليه وقت طويل مما أدى إلى فقد وظيفة الشبكية.
ومن حيث إنه وقد ثبت ذلك فإن المجالس الطبية المتخصصة (عيون) تكون قد قطعت بأن حالة المدعي المرضية لا تقتضي سفره للعلاج في الخارج وذلك بناء على الأسباب المبينة التي أيدتها في تقاريرها الطبية والتي تستقل بتقديرها بلا معقب عليها من القضاء الإداري، ولا ينهض حجة على ما قررته القول بأنه قد افتقر إلى الأسباب الصحيحة المعبرة عن حالة المدعي الصحية كما تعارض مع تقرير طبيبه الأمريكي المعالج في الخارج ذلك لأن المجالس الطبية بحكم تشكيلها الفني المتخصص هي القادرة على تقرير حالة المدعي الصحية ومدى احتياجه للعلاج في الخارج وقد ناط بها قرار رئيس الجمهورية رقم 691/ 1955 دون غيرها هذا الاختصاص كما أن هذه المجالس وهي بصدد قيامها بهذه المهمة ليست ملزمة بالأخذ بتقارير طبية أعدها الطبيب الخاص لطالب العلاج في الخارج وذلك طالما أنها اطلعت عليها وأبدت رأيها فيها بأسباب فنية استخلصتها استخلاصاً سائغاً من واقع فحص الحالة المعروضة عليها. وإذ تحقق ذلك في خصوص الدعوى المنظورة فإنها تكون غير قائمة على أساس سليم حقيقة بالرفض.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب حين قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وذلك لما تقدم من أسباب وبالتالي لم يقض في موضوع الدعوى على نحو ما يوجبه القانون ومن ثم فقد تعين القضاء بإلغائه وبقبول دعوى المدعي شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزامه المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.