أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 26 - صـ 1354

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.

(258)
الطعن رقم 178 لسنة 41 ق

(1) نقض "حالات الطعن". قوة الأمر المقضى.
الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية. عدم جواز الطعن فيه بطريق النقض إلا إذا كان قد فصل في النزاع خلافاً لحكم آخر سبق صدوره بين ذات الخصوم وحاز قوة الأمر المقضى. م 249 مرافعات.
(2) بيع "دعوى صحة التعاقد". تسجيل. ملكية. خلف.
المشترى الذي لم يسجل عقده لا يستطيع نقل الملكية للمشتري منه. توصل المشتري الأخير إلى تسجيل عقد شرائه أو الحكم الصادر بصحته ونفاذه رغم عدم شهر سند البائع له. أثره. عدم اعتبار هذا المشتري مالكاً للبيع رغم هذا التسجيل. ليس له التحدي بأن الحكم برفض دعوى تثبت ملكيته قد خالف حجية الحكم بصحة التعاقد.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية، فإنه لا يجوز وفقاً للمادة 249 من قانون المرافعات الطعن بالنقض في هذا الحكم إلا إذا قد فصل في النزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضى.
2 - حق ملكية العقار المبيع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - [(1)] لا ينتقل فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة إلى الغير إلا بالتسجيل، فلا تنتقل الملكية لمشتر لم يسجل عقد البيع الصادر إليه، ومن ثم لا يكون لهذا المشتري أن ينقل الملكية لمن اشترى منه لأنها لا تئول إليه هو إلا بتسجيل عقده ولذلك فقد أورد المشرع بالمادة 23 من قانون الشهر العقاري نصاً يقضي بأنه لا يقبل فيما يتعلق بإثبات أصل الملكية أو الحق العيني إلا المحررات التي سبق شهرها، فإذا توصل المشتري إلى تسجيل عقده أو تسجيل الحكم الصادر بصحته ونفاذه رغماً من أن سند البائع له لم يكن قد تم شهره، فإنه لا يكون من شأن التسجيل على هذه الصورة اعتبار المشتري مالكاً إذ من غير الممكن أن يكون له من الحقوق أكثر مما هو للبائع له الذي لم تنتقل إليه الملكية بسبب عدم تسجيل سنده. وبالتالي فإنه لا يجدي الطاعن التمسك بأن الملكية قد انتقلت إليه بتسجيل الحكم الصادر في دعوى صحة ونفاذ عقد البيع - الصادر له - وأن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعواه الحالية بتثبيت ملكيته للقدر المبيع له قد خالف حجية الحكم سالف الذكر، لا يجدي الطاعن هذا القول طالما أن الملكية لم تنتقل إلى البائع له، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف حكماً سابقاً صدر في نزاع بين الخصوم أنفسهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 576 سنة 1966 مدني مركز شبين الكوم طالباً الحكم بتثبيت ملكيته إلى 12 ط أطياناً زراعية موضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وتسليمها إليه، وقال شرحاً لدعواه أنه اشترى هذا القدر بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 31/ 12/ 1947 من المرحوم..... بثمن قدره 250 ج واستصدر الحكم رقم 2392 سنة 1949 مدني شبين الكوم بصحة ونفاذ العقد بعد أن أشهر صحيفة الدعوى في 10/ 10/ 1984 وقضى بتأييد الحكم استئنافياً وقام بتسجيله، غير أن المطعون عليه الثاني اشترى من نفس البائع بمقتضى عقد بيع ابتدائي مؤرخ 15/ 9/ 1947، 6 ط 10 س تدخل ضمن القدر المبيع إليه ورفع بشأنه الدعوى رقم 1979 سنة 1948 مدني قويسنا بعد أن سجل صحيفتها في 19/ 1/ 1949 وصدر الحكم في 1/ 5/ 1950 طلباته وقام بشهره، وقضى للمطعون عليه المذكور بتثبيت ملكيته للأطيان المذكورة في الدعوى رقم 42 سنة 1953 مدني مركز شبين الكوم وتأيد الحكم استئنافياً، ثم تصرف المطعون عليه سالف الذكر فيما اشتراه إلى المطعون عليه الرابع، كما اشترى المطعون عليه الأول 5 ط 14 س في نفس القطعة ثم باعها إلى زوجته المطعون عليا الثالثة التي تصرفت فيها بدورها إلى المطعون عليه الخامس، وإذ ينسحب تاريخ شهر الحكم الصادر للطاعن إلى تاريخ تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد ويعتبر الحكم حجة على المطعون عليهم، فقد أقام دعواه بالطلبات سالفة البيان. دفع المطعون عليهم الثلاثة الأخيرون بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعاوي رقم 2392 سنة 1949، 42 سنة 1953 مدني مركز شبين الكوم رقم 1979 سنة 1948 مدني قويسنا والإستئنافات التي رفعت بشأنها، وبتاريخ 17/ 3/ 1969 حكمت المحكمة برفض الدعوى وبندب مكتب خبراء وزارة العدل بشبين الكوم لبحث أصل ملكية القدر موضوع الدعوى ومن يضع اليد عليه، لم يسدد الطاعن أمانة الخبير، وبتاريخ 23/ 2/ 1970 حكمت المحكمة برفض الدعوى بحالتها. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية بهيئة استئنافية وقيد الاستئناف برقم 168 سنة 1970 طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته، وبتاريخ 31/ 12/ 1970 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. ودفع المطعون عليه الثاني بعدم جواز الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز الطعن لصدور الحكم المطعون فيه من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية في حالة لا يجوز الطعن فيها بالنقض، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحدد جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع بعدم جواز الطعن في محله، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية، وكان لا يجوز وفقاً للمادة 249 من قانون المرافعات الطعن بالنقض في هذا الحكم إلا إذا كان قد فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضى، وكان ما ينعاه الطاعن بالسبب الأول من سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه فصل في النزاع خلافاً للحكم النهائي الصادر في الدعوى رقم 159 سنة 1948 مدني شبين الكوم الابتدائية وللحكم في الدعوى رقم 2392 سنة 1949 مدني جزئي شبين الكوم المؤيد استئنافياً الصادر بين نفس الخصوم والذي قضى بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 31/ 12/ 1947 الصادر إلى الطاعن من المرحوم...... وقد أشهرت صحيفة الدعوى في 10/ 10/ 1948، ولما كان يبين من مطالعة الحكم رقم 159 سنة 1948 مدني شبين الكوم الابتدائية أن المرحوم....... تصرف بالبيع في 14/ 4/ 1947 إلى ولده..... في أطيان زراعية مساحتها 1 ف بحوض حسان وإلى ولده....... المطعون عليه الأول في 6 بذات الحوض وإلى ولده....... المطعون عليه الثاني وابنتيه..... و..... في أطيان كائنة بأحواض أخرى وأقام المطعون عليه الثاني الدعوى المذكورة للحكم له بصحة ونفاذ هذا العقد فيما يختص بالقدر الذي آل إليه من مورثه دون الأطيان التي تصرف فيها المورث إلى باقي الورثة، ولم يختصم الطاعن في تلك الدعوى، وقضى فيها بتاريخ 8/ 6/ 1948 للمطعون عليه المذكور بطلباته، ولما كان يبين من الحكم رقم 2392 سنة 1949 مدني مركز شبين الكوم أنه قضى بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي الصادر من المرحوم...... إلى الطاعن والمتضمن بيع الأطيان موضوع النزاع ومساحتها 12 ط، وكان حق ملكية العقار المبيع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا ينتقل فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة إلى الغير إلا بالتسجيل فلا تنتقل الملكية لمشتر لم يسجل عقد البيع الصادر إليه، ومن ثم لا يكون لهذا المشتري أن ينقل الملكية لمن اشترى منه لأنها لا تئول إليه هو إلا بتسجيل عقده، ولذلك فقد أورد المشرع بالمادة 23 من قانون الشهر العقاري نصاً يقضي بأنه لا يقبل فيما يتعلق بإثبات أصل الملكية أو الحق العيني إلا المحررات التي سبق شهرها، فإذا توصل المشتري إلى تسجيل عقده أو تسجيل الحكم الصادر بصحته ونفاذه رغماً من أن سند البائع له لم يكن قد تم شهره فإنه لا يكون من شأن التسجيل على هذه الصورة اعتبار المشتري مالكاً إذ من غير الممكن أن يكون له من الحقوق أكثر مما هو للبائع له الذي لم تنتقل إليه الملكية بسبب عدم تسجيل سنده، وكان الثابت أن البائع للطاعن وأن اشترى من والده المرحوم..... أطياناً زراعية مساحتها 1 ف كائنة بحوض نصار تقع ضمنه الأطيان موضوع النزاع إلا أن ملكية هذه الأطيان لم تنتقل إلى البائع المذكور لعدم تسجيل عقد البيع الصادر إليه، وتكون قد ظلت على ملك المورث...... ثم انتقلت من بعده إلى ورثته ومن بينهم البائع إلى الطاعن، وقد تصرف هذا البائع في نصيبه وقدره 6 ط و10 س إلى المطعون عليه الثاني وقضى بتثبيت ملكيته إلى هذا القدر في الدعوى رقم 42 سنة 1953 مدني مركز شبين الكوم وتأيد هذا الحكم استئنافياً، وبالتالي فلا يجدي الطاعن التمسك بأن الملكية قد انتقلت إليه بتسجيل الحكم الصادر في الدعوى رقم 2392 سنة 1949 بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 31/ 12/ 1947 وأن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعواه الحالية بتثبيت ملكيته للقدر المبيع له قد خالف حجية الحكم سالف الذكر، لا يجدي الطاعن هذا القول طالما أن الملكية لم تنتقل إلى البائع له على ما سلف البيان، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف حكماً سابقاً صدر في نزاع بين الخصوم أنفسهم، وكان ما ينعاه الطاعن بالسبب الثاني من أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع يخرج عن الحالة التي يجوز الطعن فيها بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية، لما كان ما تقدم، فإن الطعن في الحكم يكون غير جائز.


[(1)] نقض 21 يناير 1965 مجموعة المكتب الفني. السنة 16 ص 73.