أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 26 - صـ 1359

جلسة 4 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمود عثمان درويش، وزكي الصاوي صالح.

(259)
الطعن رقم 78 لسنة 41 القضائية

(1) تقادم "تقادم مسقط". مسئولية "مسئولية تقصيرية". تعويض.
دعوى التعويض الناشئة عن جريمة. عدم سقوطها إلا بسقوط الدعوى الجنائية بالتقادم. لا يغير من ذلك صدور قرار النيابة بعد التحقيق بصرف النظر عن اتهام المدعى عليه. بدء حساب مدة السقوط من تاريخ انتهاء التحقيق الذي تجريه النيابة.
(2) حكم "تسبيب الحكم". دعوى "تقديم المذكرات".
تقديم الخصم مذكرة أثناء حجز الدعوى للحكم دون إعلانها للخصم الآخر أو إطلاعه عليها. إغفال الحكم الرد على ما ورد بهذه المذكرة من دفاع. لا قصور. لا يغير من ذلك أن المحكمة أذنت بإيداع المذكرات بملف الدعوى.
(3)، (4) مسئولية "مسئولية تقصيرية". تعويض. إرث.
(3) التعويض عن الضرر الأدبي. صاحب الحق فيه وشروط انتقاله إلى الغير. م 222 مدني.
(4) وفاة المضرور بعد إقامته دعوى التعويض عن الضرر الأدبي الذي لحق به. استئناف الدعوى وسيرها بناء على طلب أحد الورثة الذي انتصب خصماً عن الباقين. الحكم بالتعويض للتركة على أن يقسم بين الورثة حسب أنصبتهم الشرعية. لا خطأ.
1 - لما كانت المادة 172/ 2 من القانون المدني تقضي بأنه إذا كانت دعوى التعويض ناشئة عن جريمة فإنها لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية حتى يتمكن المضرور في الوقت الذي يعاقب فيه الجاني أن يتقاضى منه التعويض المدني، وكان الثابت أن دعوى التعويض التي أقامها مورث المطعون عليها ناشئة عن جريمة وهو الخطأ الذي نسب إلى ابن الطاعن من أنه كان يركب حصاناً دهم به ابنه المورث المذكور فقتلها، لا يغير من ذلك أن النيابة العامة صرفت النظر عن اتهامه. وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أن التحقيق ظل يجرى بمعرفة النيابة في قضية الجنحة التي حررت عن الواقعة حتى يوم 1/ 12/ 1962 وأنه لم تنقض مدة ثلاث سنوات حتى تاريخ رفع الدعوى الحالية في 30/ 1/ 1965. وإذ رتب الحكم على ذلك قضاءه برفض الدفع بالتقادم فإن النعي عليه - بالخطأ في تطبيق القانون - يكون على غير أساس.
2 - إذ يبين من الرجوع إلى الأوراق أن الطاعن قد تمسك بدفاعه - الوارد بوجه النعي - في مذكرته التي قدمها لمحكمة الاستئناف خلال فترة حجز القضية للحكم، غير أنه لم يؤشر عليها بما يفيد سبق إعلانها للمطعون عليها - المستأنف عليها - أو اطلاعها عليها، ومن ثم فلا يجوز طبقاً للمادة 168 من قانون المرافعات قبول هذه المذكرة، ولا يسوغ الخروج على هذه القاعدة أن المحكمة التي أصدرت الحكم قد أذنت للطاعن بإيداع مذكرته بملف الدعوى دون إعلان الخصم بها، إذ ليس من شأن هذا أن يغير من قواعد وضعت كفالة لعدالة التقاضي وعدم تجهيل الخصومة على من كان طرفاً فيها، وبالتالي فإن إغفال الحكم الرد على هذا الدفاع يكون موافقاً للقانون، ويكون النعي عليه بالقصور على غير أساس.
3 - مفاد نص المادة 222 من القانون المدني أن الحق في التعويض عن الضرر الأدبي مقصور على المضرور نفسه فلا ينقل إلى غيره إلا أن يكون هناك اتفاق بين المضرور والمسئول بشأن التعويض من حيث مبدئه ومقداره أو أن يكون المضرور قد رفع الدعوى فعلاً أمام القضاء مطالباً بالتعويض. أما الضرر الأدبي الذي أصاب ذوي المتوفى فلا يجوز الحكم بالتعويض عنه إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية.
4 - إذا كان الثابت أن مورث المطعون عليها عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتها قد أقام الدعوى يطالب بحقه في التعويض عن الضرر الأدبي الذي لحقه بوفاة ابنته ثم توفى أثناء سير الدعوى، فإن هذا الحق ينتقل إلى ورثته وإذا استأنفت الدعوى سيرها على طلب المطعون عليها التي انتصبت خصماً عن باقي الورثة طالبة الحكم للتركة بكل حقها، وقضى الحكم المطعون فيه بالتعويض للتركة على أن يقسم بين الورثة حسب أنصبتهم الشرعية فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن..... - مورث المطعون عليها عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتها...... أقام الدعوى رقم 70 سنة 1965 مدني أسيوط الابتدائية بصحيفة قدمت في 30/ 1/ 1965 طلب فيها الحكم بإلزام الطاعن وابنه...... متضامنين بأن يدفعا له مبلغ خمسمائة جنيه، وقال بياناً لدعواه إن الأخير تسبب بغير قصد ولا تعمد في قتل ابنته...... إذ كان يركب حصاناً مملوكاً لوالده - الطاعن - ودهم به هذه الطفلة فقتلها وحرر بشأن الواقعة محضر الجنحة رقم 4260 سنة 1961 مركز أسيوط وإذ يسأل الطاعن وابنه..... عن تعويضه عن الأضرار التي لحقت به نتيجة الحادث وتقدر بمبلغ 500 ج لأن أولهما مالك الحيوان الذي أحدث الضرر ولأن الثاني ارتكب الفعل الخاطئ، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. أحيلت الدعوى إلى محكمة مركز أسيوط الجزئية للاختصاص ثم أعيدت بعد صدور قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 إلى محكمة أسيوط الابتدائية حيث قيدت برقم 937 سنة 1968، وتوفى المدعي أثناء سير الدعوى وعجلتها المطعون عليها عن نفسها وبصفتها بنفس الطلبات. وبتاريخ 7/ 2/ 1970 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يدفع لورثة المرحوم..... مبلغ 500 ج تقسم بينهم حسب أنصبتهم الشرعية ورفضت الدعوى فيما عدا ذلك. استأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 96 سنة 45 ق مدني استئناف أسيوط، وبتاريخ 28/ 12/ 1970 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك أن الحكم رفض الدفع بتقادم دعوى التعويض تأسيسا على أنها ناشئة عن جريمة ولم تنقض مدة التقادم حتى رفع الدعوى في 30/ 1/ 1965، هذا في حين أن الحادث وقع في 22/ 12/ 1961 وعلمت به المطعون عليها وزوجها في حينه وقيدت الواقعة جنحة قتل خطأ ضدها هي لإهمالها بترك ابنتها الصغيرة في الطريق دون رعاية ثم صدر بشأنها قرار بالحفظ، فتكون دعوى التعويض قد سقطت طبقاً للمادة 172 من القانون المدني، وليس من شأن إجراءات طلب المعافاة من الرسوم القضائية الذي قدمه المرحوم..... أن تقطع التقادم، هذا إلى أن الطلب المذكور لم يوجه إلا إلى..... ابن الطاعن وصدر الإعفاء لـ..... مورث المطعون عليها فلا يتعدى أثره إلى ورثته بل كان عليهم الحصول على قرار جديد بالإعفاء، ولم يثبت أن المحكمة رأت استمرار الإعفاء بالنسبة لهم، ومن ناحية أخرى فإن دعوى التعويض لم يقتصر أثرها على..... طبقاً لقرار المعافاة وإنما شملت الطاعن دون أن يدفع رسم عن ذلك وهو ما لا يترتب عليه انقطاع التقادم بالنسبة للطاعن طبقاً لنص المادة 75 من القانون رقم 100 لسنة 1962 ويكون التقادم المسقط لدعوى التعويض قد اكتملت مدته قبل صدور الحكم الابتدائي في 7/ 2/ 1970 غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الذي تمسك به الطاعن وقضى برفض الدفع بالتقادم، مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 172/ 2 من القانون المدني تقضي بأنه إذا كانت دعوى التعويض ناشئة عن جريمة فإنها لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية حتى يتمكن المضرور في الوقت الذي يعاقب فيه الجاني أن يتقاضى منه التعويض المدني، وكان الثابت أن دعوى التعويض التي أقامها مورث المطعون عليها ناشئة عن جريمة وهو الخطأ الذي نسب إلى إن الطاعن من أنه كان يركب حصاناً دهم به ابنه المورث المذكور فقتلها، لا يغير من ذلك أن النيابة العامة صرفت النظر عن اتهامه، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن التحقيق ظل يجرى بمعرفة النيابة في قضية الجنحة التي حررت عن الواقعة حتى يوم 1/ 12/ 1962 وأنه لم تنقض مدة ثلاثة سنوات حتى تاريخ رفع الدعوى الحالية في 30/ 1/ 1965 ورتب الحكم على ذلك قضاءه برفض الدفع بالتقادم، وكان لا محل للنعي بأن قرار الإعفاء من الرسوم ضد..... ولكن مورث المطعون عليها اختصم معه والده في دعوى التعويض دون أن يسدد رسوماً عن ذلك، كذلك لا محل للنعي بأن المطعون عليها عن نفسها وبصفتها لم تحصل بعد وفاة مورثها على قرار بمعافاتها من الرسوم وأنه لم يثبت أن المحكمة رأت استمرار الإعفاء بالنسبة لهؤلاء الورثة طبقاً لما تقضي به المادة 26 من القانون رقم 90 لسنة 1944 المعدل بالقانون رقم 66 لسنة 1964 بشأن الرسوم القضائية في المواد المدنية لا محل لهذا النعي ذلك أنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أن الطاعن تمسك بهذا الدفاع في مذكرته التي قدمها لمحكمة الاستئناف بتاريخ 11/ 11/ 1970 خلال فترة حجز القضية للحكم غير أنه لم يؤشر عليها بما يفيد سبق إعلانها للمطعون عليها أو اطلاعها عليها، ومن ثم فلا يجوز طبقاً للمادة 168 من قانون المرافعات قبول هذه المذكرة، ولا يسوغ الخروج على هذه القاعدة أن المحكمة التي أصدرت الحكم قد أذنت للطاعن بإيداع مذكرته بملف الدعوى دون إعلان الخصم بها، إذ ليس من شأن هذا أن يغير من قواعد وضعت كفالة لعدالة التقاضي وعدم تجهيل الخصومة على من كان طرفاً فيها، وبالتالي فإن إغفال الحكم الرد على هذا الدفاع يكون موافقاً للقانون، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث أن مبنى النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب. ذلك أن الطاعن أبدى في مذكرته الختامية أمام محكمة الاستئناف دفاعاً جوهرياً حاصلة أنه قد ثبت من التحقيقات أن النيابة العامة قيدت الواقعة ضد المطعون عليها بوصفها المتسببة في قتل ابنتها لتركها في الطريق العام دون رعاية مع أنها لم يتجاوز عمرها ست سنوات وأن هذا يثبت أن الحادث وقع بسبب أجنبي لا يد له فيه مما ينفي مسئوليته، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع مما يعيبه بالقصور.
وحيث أن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه يبين من الأوراق أن الطاعن إنما ضمن دفاعه الذي أثاره بسبب النعي مذكرته التي قدمها لمحكمة الاستئناف بتاريخ 11/ 11/ 1970 - وهذه المذكرة وعلى ما سلف بيانه في الرد علي السبب الأول لا يجوز قبولها لعدم التأثير عليها بما يفيد سبق إعلانها للمطعون عليها أو اطلاعها عليها، ومن ثم فإن الحكم إذ أغفل الرد على هذا الدفاع يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه بالقصور في غير محله.
وحيث أن السبب الثالث من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطا في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم ألزم الطاعن بأن يؤدي إلى ورثة...... رافع الدعوى مبلغ 500 جنيه تعويضاً عن الضرر الأدبي الذي أصابه بفقد ابنته في الحادث ومن هؤلاء الورثة أعمام المتوفاة، وقرر الحكم أن المطعون عليها تمثل ورثة المدعي جميعاً، في حين أنه طبقاً للمادة 222 من القانون المدني لا يجوز لإخوة المدعي وهو - أعمام المتوفاة أن يرفعوا بأشخاصهم دعوى التعويض عن الضرر الأدبي أو أن يحكم لهم بنصيبهم الشرعي في المبلغ المطالب به وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث أن النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 222 من القانون المدني تنص على أن "1 - يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن ينتقل إلى الغير إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق أو طالب الدائن به أمام القضاء. 2 - ومع ذلك لا يجوز الحكم بتعويض إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية عما يصيبهم من ألم من جراء موت المصاب" مما مفاده أن الحق في التعويض عن الضرر الأدبي مقصور على المضرور نفسه فلا ينتقل إلى غيره إلا أن يكون هناك اتفاق بين المضرور والمسئول بشأن التعويض من حيث مبدئه ومقداره أو أن يكون المضرور قد رفع الدعوي فعلاً أمام القضاء مطالباً بالتعويض أما الضرر الأدبي الذي أصاب ذوي المتوفى فلا يجوز الحكم بالتعويض عنه إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية، ولما كان الثابت أن مورث المطعون عليها عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتها أقام الدعوى يطالب بحقه في التعويض عن الضرر الأدبي الذي لحقه بوفاة ابنته ثم توفى أثناء سير الدعوى فإن هذا الحق ينتقل إلى ورثته، وإذا استأنفت الدعوى سيرها بناء على طلب المطعون عليها التي انتصبت خصماً عن باقي الورثة طالبة الحكم للتركة بكل حقها وقضى الحكم المطعون فيه بالتعويض للتركة على أن يقسم بين الورثة حسب أنصبتهم الشرعية، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.