مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1984 إلى آخر فبراير سنة 1985) - صـ 146

(28)
جلسة 27 من نوفمبر سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد الرءوف محمد محيي الدين وعبد اللطيف أحمد أبو الخير وعلي محمد حسن وفاروق علي عبد القادر - المستشارين.

الطعن رقم 1359 لسنة 28 القضائية

( أ ) إصلاح زراعي - ملكية الأسرة - توفيق أوضاع الأسرة.
القانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين الحد الأقصى لملكية الأسرة والفرد في الأراضي الزراعية وما في حكمها المعمول به من 23/ 7/ 1969 - المشرع حدد مدلول كلمة الأسرة في تطبيق أحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 والتي يجوز لأفرادها توفيق أوضاعهم وفقاً لأحكامه بأنها الزوج والزوجة والأولاد القصر ولو كانوا متزوجين - يشترط للاعتداد بالزواج أن يكون بوثيقة رسمية في تاريخ سابق على العمل بالقانون المذكور - الزواج الذي يعتد به القانون ويرتب آثاره في شأن توفيق أوضاع الأسرة هو الزواج الشرعي وفقاً لقوانين الأحوال الشخصية وفي إطار النظام العام في الدولة - تطبيق.
(ب) أحوال شخصية - مرتد - القوانين الوضعية في مصر خلت من أية نصوص تشريعية تحكم الحالة القانونية للمرتد عن دين الإسلام - وجوب الرجوع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية - المسلم الذي يرتد عن دين الإسلام لا يقر على ردته ولا يعتد بها - ارتداد المسلمة عن دين الإسلام وزواجها بغير مسلم قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي المطبق - هذا الزواج لا يعتد به ولا تترتب عليه آثاره القانونية ومن بينها جواز توفيق الأوضاع بين أفراد الأسرة طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 - الأثر المترتب على ذلك: العقد المبرم بين المرتدة وزوجها غير المسلم في تاريخ لاحق على القانون رقم 50 لسنة 1969 يعتبر باطلاً ولا أثر له - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق الثالث من شهر يوليه سنة 1982 أودع الأستاذ جاد العبد جاد المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة ملك السيد قنصوه بموجب التوكيل الرسمي العام رقم 594/ ب لسنة 1981 إمبابة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1359 لسنة 28 القضائية في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بتاريخ 4/ 5/ 1982 في الاعتراض رقم 121 لسنة 1981، والقاضي بقبول الاعتراض شكلاً ورفضه موضوعاً، وطلبت الطاعنة للأسباب التي تضمنها تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبرفع الاستيلاء على المساحة موضوع الاعتراض وبأحقية الطاعنة لها وما يترتب على ذلك من آثار، وقد أعلن تقرير الطعن إلى الهيئة المطعون ضدها في 11/ 8/ 1982 وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه للأسباب التي ارتأتها إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة جلسة 4/ 4/ 1984 وفيها تقرر تأجيله لجلسة 2/ 5/ 1984 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 22/ 5/ 1984، وتدوول نظر الطعن أمام المحكمة في الجلسات على النحو المبين في المحاضر إلى أن قررت المحكمة بجلسة 23/ 10/ 1984 إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر المنازعة، حسبما بين من الأوراق، تتحصل في أن السيدة/ ملك السيد قنصوه أقامت الاعتراض رقم 121 لسنة 1981 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي أبدت فيه أنها تطبيقاً لقواعد توفيق أوضاع الأسرة المنصوص عليها في القانون رقم 50 لسنة 1969 اشترت مساحة 14 سهماً و11 قيراطاً و29 فداناً من الأطيان الزراعية بناحية الصالحية مركز الفيوم من السيد سمير ناشد أرمانيوس وأنها حصلت من هيئة الإصلاح الزراعي على شهادة تتضمن الاعتداد بهذا التصرف طبقاً للقانون المشار إليه، ورغم ذلك استولت الهيئة على هذه المساحة دون مبرر قانوني وطلبت إلغاء الاستيلاء عليها وبأحقيتها فيها، وردت هيئة الإصلاح الزراعي على الاعتراض بمذكرة جاء بها أنه يبين من مطالعة ملف إقرار الخاضع سمير ناشد ارمانيوس طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 أن دار الإفتاء أفادت بأن زواج المعترضة من الخاضع المذكور باطل شرعاً ولا تترتب عليه الآثار التي تترتب على العقد الصحيح وبناء على تلك الفتوى صدر قرار مجلس الإدارة رقم 16 في 29/ 5/ 1978 متضمناً اعتبار الخاضع فرداً وليس أسرة والاستيلاء قبله على ما يزيد على خمسين فداناً، وبجلسة 4/ 5/ 1982 قررت اللجنة القضائية قبول الاعتراض شكلاً ورفضه موضوعاً وأسست قرارها على أن التصرف كان بتاريخ 20/ 9/ 1969 وقدم عنه طلب الشهر رقم 816 في 5/ 10/ 1970 ولا يعتد بهذا التصرف طبقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 لصدوره بعد العمل به في 23/ 7/ 1969، يضاف إلى ذلك أن المعترضة تخرج عن مدلول الزوجة في تطبيق القانون رقم 50 لسنة 1969 لأنها مسلمة متزوجة من قبطي أرثوذكسي وهو زواج باطل شرعاً ولا تترتب عليه آثار الزواج، ولذا يعتبر التصرف صادراً من فرد ليس له أسرة ويكون الاعتراض قائماً على غير سند من القانون أو الواقع متعيناً رفضه.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أسباب حاصلها أن ملكية الأسرة تحسب حسب حالتها يوم 23/ 7/ 1969 تاريخ العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 وفي هذا التاريخ كانت الطاعنة زوجة للخاضع ناشد أرمانيوس، ولذا فإن تصرف زوجها لها بالبيع صحيح قانوناً وأن مجلس إدارة هيئة الإصلاح الزراعي سبق له التصديق على قرار الاعتداد بالتصرف الصادر للطاعنة وهذا التصديق نهائي يكتسب حصانة ولا يقبل الطعن فيه أمام أية جهة قضائية.
ومن حيث إن القانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد في الأراضي الزراعية وما في حكمها المعمول به من 23/ 7/ 1969 ينص في مادته الأولى على أنه (لا يجوز لأي فرد أن يمتلك من الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي البور والصحراوية أكثر من خمسين فداناً، كما لا يجوز أن تزيد على مائة فدان من تلك الأرضي جملة ما تمتلكه الأسرة وذلك مع مراعاة حكم الفقرة السابقة، وكل تعاقد ناقل للملكية يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام يعتبر باطلاً ولا يجوز شهره، ونصت المادة الثانية منه على أنه (في تطبيق أحكام هذا القانون تشمل الأسرة الزوج والزوجة والأولاد القصر ولو كانوا متزوجين وذلك بمراعاة القواعد الآتية... وتحسب ملكية الأسرة عند تطبيق أحكام هذا القانون على أساس الحالة المدنية لأفرادها الذين كانوا عليها يوم 23/ 7/ 1969، كما لا يعتد بالزواج إلا إذا كان بوثيقة رسمية في هذا التاريخ) ونصت المادة الرابعة من القانون المذكور على أنه (يجوز لأفراد الأسرة التي تجاوز ملكيتها أو ملكية أحد أفرادها الحد الأقصى المنصوص عليه في المادة الأولى أن يوفقوا أوضاعهم في نطاق ملكية المائة فدان التي يجوز للأسرة تملكها بالطريقة التي يرتضونها بموجب تصرفات ثابتة التاريخ خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون وعلى ألا تزيد ملكية أي فرد منهم على خمسين فداناً) ونصت المادة السادسة من القانون ذاته على أن (تستولي الحكومة خلال سنتين من تاريخ العمل بهذا القانون على الأراضي الزائدة على الحد الأقصى للملكية المقرر وفقاً لأحكام المواد السابقة، وفي جميع الأحوال يعتبر الاستيلاء قائما قانوناً من تاريخ العمل بهذا القانون مهما كان تاريخ الاستيلاء الفعلي، وتعتبر الدولة مالكة لتلك الأراضي ابتداء من ذلك التاريخ، ولا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك السابقة ما لم تكن ثابتة التاريخ قبل تاريخ العمل به).
ومن حيث إنه يبين من النصوص المشار إليها أن المشرع حدد مدلول كلمة الأسرة في تطبيق أحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 والتي يجوز لأفرادها توفيق أوضاعهم وفقاً لأحكامه بأنها الزوج والزوجة والأولاد القصر ولو كانوا متزوجين، واشترط للاعتداد بالزواج أن يكون بوثيقة رسمية من تاريخ العمل بالقانون المذكور.
ومن حيث إن الزواج الذي يعتد به القانون ويرتب عليه آثاره وخصوصاً في توفيق الأوضاع طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 المشار إليه، هو الزواج الشرعي الذي يبرم وفقاً لقوانين الأحوال الشخصية المعمول بها في إطار قواعد النظام العام في الدولة.
ومن حيث إن القوانين الوضعية في مصر خلت من أية نصوص تشريعية تحكم الحالة القانونية للمرتد عن دين الإسلام، كما أن أعراف المجتمع المصري لا تهتم بحالة المرتد إلا في نطاق قواعد الأخلاق دون غيرها من القواعد القانونية المحددة للحقوق والالتزامات، ولذا يتعين الرجوع في شأنها إلى مبادئ الشريعة الإسلامية عملاً بنص المادة الأولى من القانون المدني التي تقضي بأنه (تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو فحواها فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه حكم القاضي بمقتضى العرف، فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة) ومن حيث إن مبادئ الشريعة الإسلامية تقضي بأن المسلم الذي يرتد عن دين الإسلام سواء إلى دين سماوي آخر أو إلى غير دين، لا يقر على ردته ولا يعتد بها، وقد اضطرد القضاء المصري على ذلك، فقضى بعدم جواز توريث المرتد (محكمة النقض في 19/ 1/ 1966 وقضى ببطلان زواج المرتدة عن دين الإسلام إذا تزوجت بعد ردتها بغير مسلم ووجوب التفريق بينهما (محكمة النقض في 30/ 3/ 1966) وقضى بعدم جواز تغيير اسم المرتد وديانته في بيانات البطاقة الشخصية (محكمة القضاء الإداري في 21/ 12/ 1982).
ومن حيث إنه لما كان الثابت من أوراق الطعن أن الطاعنة كانت مسلمة الديانة وارتدت عن دينها وتزوجت بعد ردتها بالسيد سمير ناشد ارمانيوس المسيحي الديانة بتاريخ 1/ 2/ 1969 بموجب الوثيقة رقم 9509، فإن هذا الزواج لا يعتد به ولا يترتب عليه آثاره القانونية ومن بينها جواز توفيق الأوضاع بين أفراد الأسرة طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 المشار إليه آنفاً، ويكون العقد المبرم بينها وبين زوجها المذكور في 20/ 9/ 1969 باطلاً ولا أثر له، ويعتبر باطلاً كذلك قرار الاعتداد بهذا العقد الصادر في 9/ 5/ 1972.
ومن حيث إنه وقد انتهى قرار اللجنة القضائية المطعون فيه إلى هذه النتيجة وبنى عليها قضاءه فإنه يكون موافقاً لصحيح حكم القانون، مما يتعين معه القضاء برفض الطعن الماثل مع إلزام الطاعنة بالمصروفات طبقاً للمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة المصروفات.


[(1)] يراجع حكم محكمة النقض الصادر في 19/ 1/ 1966 والذي يقضي بعدم جواز توريث المرتد وحكمها الصادر في 30/ 3/ 1966 ببطلان زواج المرتدة عن دين الإسلام إذا تزوجت بعد ردتها بغير مسلم وحكم محكمة القضاء الإداري في 21/ 12/ 1982 بعدم جواز تغيير اسم المرتد وديانته في بيانات البطاقة الشخصية.