مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1984 إلى آخر فبراير سنة 1985) - صـ 151

(29)
جلسة الأول من ديسمبر سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 636 لسنة 26 القضائية

( أ ) شركات - القانون الذي يسري على نظامها القانوني.
الشركات الأجنبية التي تباشر نشاطها الرئيسي في مصر - يسري على نظامها القانوني القانون المصري - مثال.
(ب) شركات - تصفيتها - تعريف التصفية - حقوق الشركات.
تصفية الشركة هي مجموع الأعمال اللازمة لتحديد حقوق الشركة للمطالبة بها ودفع ديونها للغير أو استنزال المبالغ اللازمة لذلك ثم تحديد موجودات الشركة المتبقية بعد ذلك وتحويلها إلى مبالغ نقدية - فائض التصفية هو ما يتبقى بعد رد حصة كل شريك في رأس المال ويوزع بنسبة نصيب كل منهم في الأرباح - فائض التصفية لا يتحدد بذلك، إلا في نهاية عمليات التصفية، ويمتنع على الشركة توزيع أية مبالغ أثناء فترة التصفية.
(جـ) نقد - رقابة على النقد - اختصاصات الإدارة القائمة على رقابة النقد.
صدور قرار إدارة الرقابة على النقد برفض تحويل المبلغ الذي تطلب الشركة تحت التصفية تحويله إلى الشركاء في الخارج باعتباره فائض تصفية قبل انتهاء أعمال التصفية - الإدارة المذكورة اتخذت قرارها بوصفها السلطة القائمة على شئون النقد بمصر وذلك برفض تحويل المبلغ المذكور لانتفاء صحة السبب أو الغرض المطلوب تحويل المبلغ من أجله - القرار المطعون فيه صدر في حدود اختصاص الإدارة المذكورة، وهو قرار سليم قائم على سببه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 9 من مارس سنة 1980 أودع الأستاذ وهبه البدوي المحامي - بصفته وكيلاً عن الشركة البلجيكية المصرية - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 636 لسنة 26 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 29/ 1/ 1980 في الدعوى رقم 2856 لسنة 26 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام الشركة المدعية المصروفات.
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء قرار مراقبة النقد الصادر في 12/ 6/ 1972 والقاضي بإيداع مبلغ 36065.771 جنيه في حساب مجمد طرف بنك مصر فرع قصر النيل يفتح باسم المستفيدين، والقضاء بالتصريح للبنك المذكور بتحويل المبلغ إلى مركز الشركة في بروكسيل مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً في إلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة أول مارس سنة 1982 وتدوول بالجلسات على الوجه الثابت بالمحاضر، وبجلسة 7/ 3/ 1983 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة 30/ 4/ 1983. وقد نظرت المحكمة الطعن وتدوول بجلساتها حسبما هو مبين بمحاضر الجلسات، وحجز للحكم بجلسة 7/ 1/ 1984، ثم أعيد الطعن إلى المرافعة لجلسة 21/ 1/ 1984 بناء على طلب المطعون ضده لتقديم مستندات وحجز للحكم لجلسة اليوم، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 22/ 7/ 1972 أقامت الشركة البلجيكية بالأزبكية "شركة مساهمة تحت التصفية" الدعوى رقم 2856 لسنة 26 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالبة الحكم بإلغاء قرار مراقبة النقد الصادر في 12/ 6/ 1972 القاضي بإيداع مبلغ 36065.771 جنيه في حساب مجمد ببنك مصر (فرع قصر النيل) يفتح باسم المستفيدين والحكم بالتصريح للبنك المذكور بتحويل هذا المبلغ إلى مركز الشركة في بروكسل مع إلزام المدعى عليه الأول بمصروفات الدعوى وأتعاب المحاماة.
وقالت الشركة شرحاً لدعواها، أنها أسست في بروكسل سنة 1899 بغرض القيام بأعمال مقاولات البناء لحساب الغير على أرض ملك الشركة أو ملك الغير واقتناء العقارات والحقوق العينية بمصر، واستمرت في نشاطها حتى تقرر في سنة 1918 رد رأس مال الشركة بالكامل إلى المساهمين من حصيلة بيع عقاراتها، وقد تم ذلك فعلاً على مراحل انتهت في سنة 1925، وبعد ذلك كانت حصيلة بيع العقارات تؤدى للمساهمين كأرباح صافية. وفي سنة 1959 قررت الجمعية العمومية للشركة وضع الشركة تحت التصفية، وعينت لجنة من المصفين لهذا الغرض، ولكن التصفية تعطلت بسبب فرض الحراسة على الشركة تبعاً لفرض الحراسة على أموال الرعايا البلجيكيين في مصر عام 1961، إلى أن رفعت الحراسة وسلمت أموال الشركة إلى وكيل المصفين في سبتمبر سنة 1969، واستطردت الشركة أنها جرت على تحويل مصروفات المركز الرئيسي ببروكسل، وأتعاب أعضاء مجلس الإدارة، وأرباح المساهمين الأجانب إلى الخارج سنوياً، أم المساهمين المصريين فكان يتم صرف الأرباح إليهم محلياً. وكانت الشركة قد حولت إلى الخارج الأرباح المستحقة عن الكوبونات رقم 3 لسنة 1952، 4 لسنة 1953، 5 لسنة 1954 للمساهمين الأجانب، ولم يتعذر صرف كوبونات في السنوات اللاحقة حتى سنة 1958.
وبتاريخ 15/ 11/ 1960 طلبت الشركة تحويل مبلغ 36065.771 جنيه إلى الخارج لسداد قيمة الكوبون رقم (6) للمساهمين الأجانب المقيمين بالخارج، وكذا أتعاب المصفي عن السنة المالية 1959، إلا أن فرض الحراسة على الشركة في فبراير سنة 1961 حال دون ذلك، ولما رفعت الحراسة استأنف الشركة إجراءات التحويل في 18/ 12/ 1969 وقدمت كل المستندات المطلوبة - فيما عدا ميزانية التصفية - لعدم تمامها، إلا أن مراقبة النقد رفضت طلب التحويل وقررت بخطابها المؤرخ 3/ 2/ 1972 إيداع مبلغ 36065.771 جنيه في حساب مجمد طرف البنك يفتح باسم المستفيدين.
وتنعى الشركة على هذا القرار مخالفته لما جرت عليه مراقبة النقد من قبل بالموافقة على تحويل قيمة الكوبونات السابقة، خاصة وأن قرار تصفية الشركة الصادر سنة 1959 لا يغير من الأمر شيئاً، لأن الشركة تحت التصفية يمكنها تحقيق أرباح كأثر لامتداد شخصيتها في فترة التصفية وليس من المقبول حبس المبالغ المطلوب تحويلها إلى المساهمين الأجانب لما في ذلك من إخلال بالمساواة بين المساهمين الأجانب والمصريين الذين تم الصرف لهم بقيمة الكوبون رقم (6) المشار إليه. كما أن تحويل أموال الشركة إلى حساب مجمد يتناقض وحقيقة أن المال لا يزال مملوكاً للشركة، ولا يقيد باسم المساهمين، فهم مجهولون لا يعرفون إلا عند تقديم أسهمهم لصرف قيمة الكوبون، فهو قرار يخلط بين مال وشخصية الشركة، ومال وشخصية الشركاء.
وبجلسة 29/ 1/ 1980 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى وأقامت قضاءها على أساس أن مقطع النزاع بين الشركة ومراقبة النقد يدور حول مدى جواز توزيع أية مبالغ على المساهمين خلال فترة التصفية.
ولما كان عقد الشركة وكذا قرار الجمعية العمومية الصادر بحل الشركة وتعيين مصفين لها لم يتضمنا أية نصوص خاصة تتعلق بكيفية توزيع أموال الشركة أثناء فترة التصفية أو بعد إنهائها سوى ما نصت عليه المادة 40 من عقد الشركة من أن "صافي متحصل التصفية بعد تسديد الالتزامات يوزع على جميع الأسهم بدون امتياز وبحسب عددها. لذا فإن تصفية الشركة المذكورة وتوزيع ناتج التصفية يخضع للقواعد العامة ولأحكام القانون المدني المصري - وهي تسري على الشركة المدعية عملاً بحكم المادة 11/ 2 مدني التي تنص على سريان أحكام القانون المصري على الأشخاص الاعتبارية الأجنبية من شركات وجمعيات ومؤسسات وغيرها إذا باشرت نشاطها الرئيسي في مصر. وكذا حكم المادة 88/ 1 من القانون رقم 26 لسنة 1954 التي تنص على سريان أحكام هذا القانون على شركات المساهمة التي تؤسس في مصر أو التي تتخذ فيها مركز إدارتها أو مركز نشاطها الرئيسي. واستطردت المحكمة أن المقصود بالتصفية هو إنهاء عمليات الشركة بعد انحلالها واستجماع موجوداتها واستيفاء ما لها من حقوق وأداء ما عليها من ديون ثم إعداد موجوداتها لتقسيمها على الشركاء.
فهي إذن مجموع الأعمال التي ترمي إلى إنهاء العمليات الجارية للشركة واستيفاء حقوقها وتحويل مفردات أصولها إلى نقود وسداد ديونها ثم قسمة الباقي أن وجد بين الشركاء. ولذلك كان من الضروري الإبقاء على شخصية الشركة في دور التصفية بالقدر اللازم لهذه العلمية وهو ما نصت عليه المادة 533 من القانون المدني. ومتى كان ذلك فإنه لا يجوز توزيع شيء من متحصل التصفية على الشركاء قبل سداد ديون الشركة جميعها وتحديد فائض الموجودات على الديون والالتزامات. وهذا النظر هو ما يتفق مع طبيعة التصفية باعتبارها عملية تستهدف تحديد حق كل شريك فيما عساه يظهر على ضوء النتيجة النهائية للتصفية وذلك أمر لا يمكن التحقق منه بطبيعة الحال إلا بعد الانتهاء من عملية التصفية. كما يتفق أيضاً مع ما نصت عليه المادة 40 من عقد الشركة المدعية المشار إليها وكذا نص المادة 536 من القانون المدني، وبالبناء على ما تقدم يمتنع على الشركة المدعية توزيع أية مبالغ على المساهمين أثناء فترة التصفية.
وأردفت المحكمة أنه بالنسبة إلى أتعاب المصفي المراد تحويلها للخارج، فإن القانون المدني وقانون الشركات لم يعرضا لأجر المصفي ومن ثم يجب تطبيق القواعد العامة في هذا الشأن، ومؤدى هذه القواعد أنه لما كان المصفي وكيلاً عن الشركاء، وكان الأصل في الوكالة طبقاً لحكم المادة 709 مدني ألا تكون مأجورة إلا إذا اتفق على أجر للوكيل، فمن ثم لا يستحق المصفي أجراً إلا إذا اتفق على ذلك. ولما كان قرار الجمعية العمومية للشركة المدعية الصادر في 3 من مارس سنة 1959 بتصفيتها وتعيين المصفين لم يتضمن تحديد أجر لهم، وكانت الشركة لم تقدم إلى الإدارة العامة للنقد المستندات الدالة على استحقاق الأتعاب المطلوب تحويلها، فمن ثم يكون ما ذهبت إليه الإدارة من عدم وجود التزام بتحمل الشركة لهذه الأتعاب أمراً متفقاً وصحيح حكم القانون.
وانتهت المحكمة إلى أنه لما كانت المادتان الأولى والثانية من القانون رقم 80 لسنة 1947 بشأن الرقابة على عمليات النقد - وهو القانون الذي كان معمولا به في تاريخ صدور القرار المطعون فيه تحظران أي تحويل للنقد في مصر أو إليها أو استرداد وتصدير أوراق النقد على اختلاف أنواعها والقراطيس المالية والكوبونات وغير ذلك من القيم المنقولة أياً كانت العملة المقومة بها إلا عن طريق المصارف المرخص لها في ذلك وبالشروط والأوضاع التي يحددها وزير المالية بقرار منه. كما أوجبت المادتان 109، 114 من قرار وزير الاقتصاد رقم 893 لسنة 1960 بلائحة الرقابة على عمليات النقد عرض "طلبات الترخيص لتحويل مبالغ مقابل خدمات أو استشارات فنية أو ما شابهها" وكذا "طلبات تحويل الأرباح التي تستحق لغير المقيمين" على الإدارة العامة للنقد لدراستها والبت فيها. وأوجبت اللائحة على طالب التحويل تقديم مستندات معينة بهدف التحقق من استحقاق المبالغ المطلوب تحويلها.
وإذا كان المبلغ الذي طلبت الشركة المدعية الموافقة على تحويله غير مستحق الأداء على التفصيل السابق بيانه، فمن ثم يكون قرار الإدارة العامة للنقد المطعون فيه بعدم الموافقة على التحويل قائماً على أساس سليم من القانون مما يتعين معه الحكم برفض الدعوى وإلزام الشركة بالمصروفات.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على الأسباب التالية: -
1 - أن مراقبة النقد درجت في السنوات السابقة على فرض الحراسة على تحويل قيمة الكوبونات الخاصة بالمساهمين بالخارج، ومن ثم فقد نشأت قاعدة استنتها الإدارة لا يجوز لها بعد ذلك مخالفتها.
2- أن رأس مال الشركة الطاعنة سبق سداده بالكامل للمساهمين ومن ثم فكل ما يحققه المصفي بعد ذلك هو ربح خالص للمساهمين يتعين توزيعه بنسبة حصة كل منهم في الأرباح.
3- أن نص المادة 536 من القانون المدني فيما نصت عليه من تقسيم أموال الشركة بين الشركاء جميعاً بعد استيفاء الدائنين لحقوقهم وبعد استنزال المبالغ اللازمة لوفاء الديون التي لم تحل أو الديون المتنازع عليها.... ليس نصاً آمراً أو من النظام العام، وكل ما رمى إليه النص هو استيفاء الدائنين لحقوقهم وهو أمر ليس لأحد أن يتمسك به سوى الدائنين بمعنى أنه لو تم توزيع ربح الشركاء دون استيفاء الدائنين لحقوقهم أمكن الرجوع على الشركاء في حدود ما حصلوه من ربح.
4 - أن مراقبة النقد ليست رقيباً على الشركاء ولا قيماً عليهم، والشركاء وحدهم هم أصحاب الحق في الاعتراض على التوزيع.
5 - أنه لا يجوز التفرقة في توزيع الربح بين من يقيم في مصر وبين المقيم في الخارج.
6 - أن الحكم المطعون فيه افترض أن توزيع الكوبون رقم (6) قبل تحديد صافي التصفية، وهو افتراض لا أساس له من الأوراق، لأنه لا يوجد ثمة دائنين، كما أن رأس المال سبق توزيعه على المساهمين كل بنسبة حصته في رأس المال.
7 - لما كانت إجراءات التصفية كثيراً ما تطول بسبب إجراءات تحصيل الديون التي للشركة على الغير فقد جرت العادة على قيام المصفين بتوزيع كل صاف ناتج عن التصفية على المساهمين كتصفية جزئية.
ومن حيث إنه طبقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون المدني فإنه يسري على النظام القانوني للأشخاص الاعتبارية الأجنبية من شركات وجمعيات ومؤسسات وغيرها قانون الدولة التي اتخذت منها هذه الأشخاص مركز إدارتها الرئيسي الفعلي، إلا إذا باشرت نشاطها الرئيسي في مصر فإن القانون المصري هو الذي يسري.
ولما كان الثابت من الاطلاع على ملخص نظام الشركة الطاعنة المودع بالأوراق أن نشاطها الرئيسي هو مقاولات البناء على الأراضي الكائنة بمصر واقتناء العقارات والحقوق العينية بمصر، فمن ثم يسري عليها أحكام القانون المصري.
ومن حيث إن المادة 532 من القانون المدني تنص على أن "تتم تصفية أموال الشركة وقسمتها بالطريقة المبينة في العقد وعند خلوه من حكم خاص تتبع الأحكام الآتية: -
ومن حيث إن عقد الشركة الطاعنة لم يتضمن بخصوص التصفية سوى المادتين 39، 40 وتنص المادة 39 من العقد على أنه "عند حل الشركة بسبب انتهاء أجلها أو بسبب حلها قبل الميعاد تكون التصفية من شأن أعضاء مجلس الإدارة الموجودين حينذاك إلا إذا عينت الجمعية العمومية مصفين مخصوصين تحدد سلطتهم".
وتنص المادة 40 من العقد على أن "صافي متحصل التصفية بعد تسديد الالتزامات يوزع على جميع الأسهم بدون امتياز وبحسب عددها".
كما أن قرار الجمعية العمومية الصادر في 3 مارس سنة 1959 يحل الشركة وتعيين مصفين لها لم يتضمن أية نصوص تتعلق بكيفية توزيع أموال الشركة أثناء فترة التصفية أو بعد انتهائها. وبناء عليه فإن أحكام القانون المدني تكون هي الواجبة التطبيق في المنازعة المعروضة.
ومن حيث إن المادة 536 مدني تنص على أن:
1 - تقسم أموال الشركة بين الشركاء جميعاً وذلك بعد استيفاء الدائنين لحقوقهم، وبعد استنزال المبالغ اللازمة لوفاء الديون التي لم تحل أو الديون المتنازع فيها، وبعد رد المصروفات أو القروض التي يكون أحد الشركاء قد باشرها في مصلحة الشركة.
2 - ويختص كل واحد من الشركاء بمبلغ يعادل قيمة الحصة التي قدمها في رأس المال، كما هي مبينة في العقد، أو يعادل قيمة هذه الحصة وقت تسليمها إذا لم تبين قيمتها في العقد ما لم يكن الشريك قد اقتصر على تقديم عمله أو اقتصر فيما قدمه من شيء على حق المنفعة فيه أو على مجرد الانتفاع به.
3 - وإذا بقى شيء بعد ذلك وجبت قسمته بين الشركاء بنسبة نصيب كل منهم في الأرباح.
4 - وأما إذا لم يكف صافي مال الشركة للوفاء بحصص الشركاء فإن الخسارة توزع عليهم جميعاً بحسب النسبة المتفق عليها في توزيع الخسائر".
ومفاد ما تقدم أنه يقصد بتصفية الشركة مجموع الأعمال التي من شأنها تحديد حقوق الشركة قبل الشركاء وقبل الغير للمطالبة بها، وكذلك دفع ديونها للغير واستنزال المبالغ اللازمة لوفاء الديون التي لم تحل أو الديون المتنازع فيها. ثم تحديد موجودات الشركة المتبقية بعد ذلك وتحويلها إلى مبالغ نقدية، ثم رد ما يعادل قيمة حصة كل شريك في رأس المال، وما تبقى بعد ذلك ويسمى "فائض التصفية" يقسم بين الشركاء بنسبة نصيب كل منهم في الأرباح.
ومؤدى ذلك أن فائض التصفية الذي يجوز توزيعه على الشركاء لا يتحدد إلا في نهاية عمليات التصفية وبعد الوفاء للدائنين بحقوقهم ورد رأس المال إلى الشركاء وتحديد الصافي المتبقى.
ومن حيث إنه متى استبان ذلك فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه يمتنع على الشركة الطاعنة توزيع أية مبالغ على المساهمين أثناء فترة التصفية وقبل انتهائها وتحديد صافي فائض التصفية يكون قد أصاب وجه الحق والقانون.
ومن حيث إنه لا حجاج فيما ذكرته الشركة الطاعنة من أن إدارة مراقبة النقد كانت قد درجت في السنوات السابقة على فرض الحراسة على تحويل قيمة الكوبونات الخاصة بالمساهمين المقيمين بالخارج ذلك أن هذه المبالغ كانت تحول للمساهمين في فترة سابقة على تصفية الشركة التي صدر قرار تصفيتها عام 1959. كذلك فإن رد رأس المال بأكمله للمساهمين لا يعني أن كل ما يتحقق بعد ذلك يعتبر من قبيل فائض التصفية، ذلك أن هذا الفائض - حسبما سبق بيانه - لا يتحدد إلا بانتهاء أعمال التصفية والوفاء للدائنين بحقوقهم واستنزال الديون التي لم يحل أجلها أو المتنازع عليها.
ومن حيث إنه لا مقنع فيما ذهبت إليه الشركة الطاعنة من أن استيفاء الدائنين لحقوقهم قبل توزيع فائض التصفية على الشركاء هو أمر ليس لأحد أن يتمسك به سوى الدائنين، ومن ثم لا يجوز لمراقبة النقد التمسك به، كما لا يجوز لها أن تفرض رقيباً على الشركاء أو وصياً على الدائنين لا مغير في ذلك لأن مراقبة النقد عندما أصدرت قرارها المطعون فيه برفض تحويل المبلغ المطلوب تحويله إلى الخارج، إنما اتخذت قرارها هذا بوصفها السلطة العامة القائمة على شئون النقد بمصر والعمليات الخاصة به، وينصب قرارها على رفض تحويل المبلغ المذكور لانتفاء صحة السبب أو الغرض المطلوب تحويل المبلغ من أجله من الناحية القانونية. ومن ثم فإن مراقبة النقد لا تتدخل موضوعياً في عملية التصفية لحماية الدائنين أو تفرض نفسها وصية على الشركاء، وإنما تمارس اختصاصها في الموافقة على تحويل النقد خارج مصر إذا ما تحققت أسبابه ودواعيه واستوفت عملية التحويل شروطها القانونية.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالمبلغ الذي طالبت الشركة الطاعنة تحويله للخارج كأجر للمصفين، فإن الشركة فضلاً عن أنها لم تقدم أدلة ومستندات كافية لاستحقاق هذا الأجر بالخارج ومقداره، فإن ما ذهبت إليه إدارة النقد من عدم وجود التزام بتحميل الشركة بأجور للمصفين بالخارج سيما وأن نشاط الشركة الرئيسي يتركز في مصر، والمفروض أن يزاول المصفون أعمالهم فيها ويستحقون أجورهم - إن وجدت بالعملة المحلية - ما ذهبت إليه الإدارة في هذا الخصوص هو نظر سائغ يقوم على أساس سليم.
ومن حيث إنه في ضوء ما سبق يبين أن قرار مراقبة النقد برفض تحويل المبلغ المطلوب تحويله للخارج وفتح حساب به مجمد مقيم باسم المستفيدين، قد صدر في حدود اختصاصها المخول لها بمقتضى حكم المادتين 109، 114 من قرار وزير الاقتصاد رقم 893/ 1960 بلائحة الرقابة على النقد اللتين أوجبتا عرض طلبات الترخيص لتحويل مبالغ مقابل خدمات أو استشارات فنية أو ما شابهها وكذا طلبات تحويل الأرباح التي تستحق لغير مقيمين، على الإدارة العامة للنقد لدراستها والبت فيها، وقد صدر القرار قائماً على أسباب ومبررات سليمة بما أولاها إليه القرار المشار إليه.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق والقانون في قضائه برفض الدعوى للأسباب التي قام عليها. ويغدو الطعن عليها ولا أساس له من الصحة حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الدعوى تلزمه المصروفات عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

"حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات".