أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 26 - صـ 1376

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، وسعد الشاذلي، والدكتور أحمد رفعت خفاجى، وحسن مهران حسن.

(261)
الطعن رقم 17 لسنة 43 ق "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية" ميعاد الطعن بالنقض". قانون "إلغاء التشريع". نقض "ميعاد الطعن".
ميعاد الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية. ستون يوماً. م 252/ 1 مرافعات. علة ذلك.
(2) أحوال شخصية "تغيير الدين".
للشخص أن يغير دينه أو مذهبه. ليس لأية جهة قضائية البحث في ذلك إلا عن طريق المظاهر الخارجية الرسمية وحدها.
(3) نقض "السبب المجهل". حكم "القصور".
عدم إيضاح الطاعنة في تقرير الطعن ماهية الاعتراضات التي ساقتها وما قصر الحكم في تحقيقها أو الرد عليها. النعي بذلك. مجهل وغير مقبول.
(4)، (5)، (6) أحوال شخصية "الطلاق الرجعي".
(4) الطلاق الرجعى. حكمه. أثره.
(5) الرجعة ليست إنشاء لعقد زواج بل امتداد لزوجية قائمة. هي حق ثابت مقرر للزوج وحده ولا يملك إسقاطه. لا يشترط لصحتها رضا الزوجة أو علمها بها.
(6) مجرد عودة الزوجة إلى منزل الزوجية في فترة العدة دون اعتراض من زوجها. لا يعتبر رجعة. علة ذلك.
(7) أحوال شخصية "طلاق". حكم "تسبيب الحكم".
الحكم بإثبات الطلاق بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية. إيراده تقريرات مخالفة. لا عيب.
1 - إذ كان المقصود بإلغاء التشريع ونسخه هو رفع حكم قانوني بحكم قانوني آخر متأخر عنه بما يترتب عليه بطلان العمل بالتشريع الأول وتجريده من قوته الملزمة، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن يتم ذلك بتشريع لاحق ينص على الإلغاء صراحة أو يدل عليه ضمناً، بأن يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده، وكان من الجائز أن يتم إلغاء التشريع إما عن طريق استبدال نصوص أخرى بنصوصه أو الاقتصار على إبطال مفعوله دون سن تشريع جديد، بمعنى أنه لا يلزم أن يشتمل النص الناسخ على بديل للحكم المنسوخ، وكان ما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 881 من قانون المرافعات المضافة بموجب القانون رقم 126 لسنة 1951 - قبل وبعد تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955 - من أن ميعاد الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية ثمانية عشر يوماً قد صار إلغاؤه صراحة بموجب المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام النقض، وقررت المادة 29 منه إزالة التفرقة - في ميعاد الطعن وإجراءاته - بين المسائل المدنية والتجارية وبين مواد الأحوال الشخصية، وكان ما جرت به الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 من العودة إلى الأحكام المنظمة للطعن بطريق النقض التي كان معمولاً بها قبل صدور القانون رقم 401 لسنة 1955 الذي استحدث دوائر فحص الطعون ومن بينها حكم المادة 881/ 1 من قانون المرافعات قد صاحبه صدور القانون رقم 4 لسنة 1967 الذي جعل ميعاد الطعن بالنقض في كافة المواد المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية ستين يوماً منذ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965، مما يدل على أن الفقرة الأولى من المادة 881 من قانون المرافعات قد ظلت منسوخة ضمناً لوجود تعارض بين نصين ورداً على محل واحد، مما يستحيل معه إعمالهما معاً فيعتبر النص الجديد ناسخاً للنص القديم وملغيا له. لما كان ذلك، وكان بقاء المادة 881 من قانون المرافعات بمقتضى المادة الأولى من مواد إصدار قانون المرافعات القائم لا يستطيل إلى الفقرة الأولى منها لأنه لم يكن لها وجود عند صدوره وظلت هذه الفقرة منسوخة بالقانون رقم 4 لسنة 1967 على نحو ما سلف، وبقى ميعاد الطعن بالنقض في كافة المسائل ومن بينها مواد الأحوال الشخصية موحداً، لما كان ما تقدم، وكان إلغاء القانون رقم 43 لسنة 1965 وتعديلاته بموجب قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ليس من شأنه أن يبعث من جديد نص الفقرة الأولى من المادة 881 من قانون المرافعات الملغاة طالما لم ينص المشرع صراحة على العودة إليها، وكان مفاد المادة 868 من قانون المرافعات الواردة في الكتاب الرابع الخاص بالإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والتي استبقاها قانون المرافعات الحالي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - أن الطعن بطريق النقض تحكمه القواعد العامة في قانون المرافعات فيما لا يتعارض مع النصوص الواردة بالكتاب الرابع، وكانت المادة 252/ 1 من قانون المرافعات تنص على أن ميعاد الطعن ستون يوماً فإن هذه المادة هي التي تحكم ميعاد الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية كما هو الحال في سائر المواد المدنية والتجارية.
2 - المستقر في قضاء هذه المحكمة [(2)] أن للشخص أن يغير دينه أو مذهبه، وهو في هذا مطلق الإرادة تحقيقاً لمبدأ حرية العقيدة، إذ الاعتقاد الديني مسألة نفسية فلا يمكن لأية جهة قضائية البحث فيها إلا عن طريق المظاهر الخارجية الرسمية وحدها.
3 - إذ كانت الطاعنة لم توضح في تقرير الطعن ماهية الاعتراضات التي ساقتها أمام محكمة أول درجة على شهادة تغيير الملة والتي تزعم أن الحكم قد قصر في تحقيقها أو الرد عليها للوقوف على صحة ما تتحدى به في هذا الخصوص، فإن النعي يكون مجهلاً وبالتالي غير مقبول.
4 - الطلاق الرجعى يرفع قيد الزواج الصحيح في المآل لا في الحال، ولا يزيل ملكاً ولا حلاً ما دامت العدة قائمة، ويترتب عليه أثران، أولهما نقص عدد الطلقات التي يملكها الزوج على زوجته والمراجعة لا تمحو هذا الأثر، وثانيهما تحديد الرابطة الزوجية بانتهاء العدة بعد أن كانت غير محددة.
5 - لئن كانت الرجعة عند الحنفية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(3)] - هي استدامة ملك النكاح بعد أن كان الطلاق قد حدده بانتهاء العدة، وهى ليست إنشاء لعقد زواج بل امتداد لزوجية قائمة وتكون بالقول أو بالفعل، إلا أنها حق ثابت مقرر للزوج وحده دون سواه ولا يملك إسقاطه، ولا يشترط لصحتها رضا الزوجة أو علمها بها، ولو بدر من الزوجة ما يفيد الرجعة، فلا تكون ثمة مراجعة لأنها حق للزوج لا لها.
6 - مجرد عودة الزوجة إلى منزل الزوجية في فترة العدة دون اعتراض من زوجها لا يعتبر رجعة، لأن حكم الطلاق الرجعى لا يؤثر على قيام الزوجية ما دامت الزوجة في العدة، فيحق لها البقاء في البيت الذي تساكن فيه زوجها قبل الطلاق.
7 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إثبات الطلاق، وكان ما خلص إليه في هذا الشأن يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، فلا يعيبه ما أورده من تقريرات مخالفة أياً كان وجه الرأي فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام ضد الطاعنة الدعوى رقم 244 سنة 1972 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإثبات طلاقه لها طلقة رجعية بتاريخ 22/ 1/ 1972، وقال شرحاً لدعواه أنه تزوجها بتاريخ 23/ 1/ 1955 طبقاً للمذهب القبطي الأرثوذكس، وإذ انضم، من بعد، إلى طائفة الأقباط الإنجيليين في 9/ 1/ 1972 ومن قبل رفع الدعوى في 22/ 1/ 1972، بينما هي قبطية أرثوذكسية وقد أوقع طلاقه عليها عند إقامة دعواه بقوله زوجتي ومدخولتي "........" طالق مني طلقة أولى رجعية، فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان، وبتاريخ 14/ 11/ 1972 حكمت المحكمة بإثبات طلاق المطعون عليه للطاعنة طلقة رجعية بتاريخ 22/ 1/ 1972، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 158 سنة 89 ق القاهرة أحوال شخصية نفس طالبة إلغاؤه، وبتاريخ 5/ 6/ 1973 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن شكل الطعن - فلما كان المقصود بإلغاء التشريع ونسخه هو رفع حكم قانوني بحكم قانوني آخر متأخر عنه بما يترتب عليه بطلان العمل بالتشريع الأول وتجريده من قوته الملزمة. وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن يتم ذلك بتشريع لاحق ينص على الإلغاء صراحة أو يدل عليه ضمناً، بأن يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده، ولما كان من الجائز أن يتم إلغاء التشريع إما عن طريق استبدال نصوص أخرى بنصوصه أو الاقتصار على إبطال مفعوله دون سن تشريع جديد، بمعنى أنه لا يلزم أن يشتمل النص الناسخ على بديل للحكم المنسوخ، وكان ما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 881 من قانون المرافعات المضافة بموجب القانون رقم 126 لسنة 1951 - قبل وبعد تعديلها بالقانون رقم 401 سنة 1955 - من أن ميعاد الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية ثمانية عشر يوماً قد صار إلغاؤه صراحة بموجب المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام النقض وقررت المادة 29 منه إزالة التفرقة في ميعاد الطعن وإجراءاته بين المسائل المدنية والتجارية وبين مواد الأحوال الشخصية، وكان ما جرت به الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون السلطة القضائية رقم 43 سنة 1965 من العودة إلى الأحكام المنظمة للطعن بطريق النقض التي كان معمولاً بها قبل صدور القانون رقم 401 سنة 1955 الذي استحدث دوائر فحص الطعون ومن بينها حكم المادة 881/ 1 من قانون المرافعات قد صاحبه صدور القانون رقم 4 لسنة 1967 الذي جعل ميعاد الطعن بالنقض في كافة المواد المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية ستين يوماً منذ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965، مما يدل على أن الفقرة الأولى من المادة 881 من قانون المرافعات قد ظلت منسوخة ضمناً لوجود تعارض بين نصين ورداً على محل واحد، مما يستحيل معه إعمالهما معاً، فيعتبر النص الجديد ناسخاً للنص القديم وملغياً له. لما كان ذلك وكان بقاء المادة 881 من قانون المرافعات بمقتضى المادة الأولى من مواد إصدار قانون المرافعات القائم منها لا يستطيل إلى الفقرة الأولى بها لأنه لم يكن لها وجود عند صدوره وظلت هذه الفقرة منسوخة بالقانون 4 لسنة 1967 على نحو ما سلف وبقى ميعاد الطعن بالنقض في كافة المسائل ومن بينها مواد الأحوال الشخصية موحداً، لما كان ما تقدم وكان إلغاء القانون رقم 43 لسنة 1965 وتعديلاته بموجب قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ليس من شأنه أن يبعث من جديد نص الفقرة الأولى من المادة 881 من قانون المرافعات الملغاة طالما لم ينص المشرع صراحة على العودة إليها، وكان مفاد المادة 868 من قانون المرافعات الواردة في الكتاب الرابع الخاص بالإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والتي استبقاها قانون المرافعات الحالي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطعن بطريق النقض تحكمه القواعد العامة في قانون المرافعات فيما لا يتعارض مع النصوص الواردة بالكتاب الرابع، وكانت المادة 252/ 1 من قانون المرافعات تنص على أن ميعاد الطعن بالنقض ستون يوماً فإن هذه المادة هي التي تحكم ميعاد الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية كما هو الحال في سائر المواد المدنية والتجارية.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك تقول أن الحكم انتهى إلى أن المطعون عليه اعتنق مذهباً دينياً مخالفاً لمذهب الطاعنة ورتب على ذلك إعمال أحكام الشريعة الإسلامية التي تخول له توقيع الطلاق بإرادته المنفردة في حين أن الثابت أن المطعون عليه لم يغير مذهبه وكنيسته إيماناً منه بعقيدة معينة بل لمجرد تحقيق رغبته في تطليق زوجته، وقد صرح بذلك في إحدى الدعاوى المرددة بينه وبين الطاعنة، الأمر الذي لا يمكن معه الاعتداد بتغيير الملة في هذا المقام، هذا إلى أن الطاعنة اعترضت على الشهادة التي قدمها المطعون عليه بانضمامه إلى الطائفة الإنجيلية وفات الحكم أن يحقق دفاعها، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المستقر في قضاء هذه المحكمة أن للشخص أن يغير دينه أو مذهبه، وهو في هذا مطلق الإرادة تحقيقاً لمبدأ حرية العقيدة إذ الاعتقاد الديني مسألة نفسية فلا يمكن لأية جهة قضائية البحث فيها إلا عن طريق المظاهر الخارجية الرسمية وحدها. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذا النظر وجرى في قضائه على "أن الشهادة المقدمة من المستأنف عليه - المطعون ضده - والمحررة بتاريخ 9/ 1/ 1972 والتي تفصح عن تغيير ملته إلى الإنجيلية الوطنية من هذا التاريخ السابق على يوم 22/ 1/ 1972 تاريخ رفع الدعوى المستأنف حكمها وتاريخ إنشاء طلاقه للمستأنفة - الطاعنة - هذه الشهادة لا مطعن عليها وقد صدرت من جهة تملك إصدارها وليس في الأوراق ما يهدر قيمتها أو ينال منها وبذلك سلمت حجيتها وصح الاستناد إليها، وأما أقوالها بأن تغييره لملته إلى الإنجيلية الوطنية لم يكن عن عقيدة أو اقتناع فهو مردود بأن الاعتقاد الديني من الأمور التي تبنى فيها الأحكام على الإقرار بظاهر اللسان ولا يجوز للقاضي أن يبحث في جديتها أو دواعيها" وهذا الذي استخلصه الحكم من انضمام المطعون عليه للطائفة الإنجيلية دون تطرق لبحث ما إذا كان هذا الانضمام وليد عقيدة ونتيجة اقتناع أم لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم توضح في تقرير الطعن ماهية الاعتراضات التي ساقتها أمام محكمة أول درجة على شهادة تغيير الملة والتي تزعم أن الحكم قد قصر في تحقيقها أو الرد عليها للوقوف على صحة ما تتحدى به في هذا الخصوص فإن النعي يكون مجهلاً وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة بالسبب الثاني مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وفى بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة أول درجة بأنها عادت إلى منزل الزوجية خلال الثلاثة الشهور التالية لتوجيه المطعون عليه اليمين بطلاقها طلقة أولى رجعية وذهب الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى أن هذه الرجعة بفرض حصولها لا يحول دون إثبات وقوع الطلاق السابق عليها، إذ لا يتصور حدوث رجعة بغير طلاق، في حين أن هذه الطلقة الحاصلة بتاريخ 22/ 1/ 1972 قد زالت وسقطت بالمراجعة، ويكون القضاء بثبوتها منطوياً على مخالفة للقانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد أيضاً، ذلك أنه لما كان الطلاق الرجعي يرفع قيد الزواج الصحيح في المآل لا في الحال، ولا يزيل ملكاً ولا حلاً ما دامت العدة قائمة، ويترتب عليه أثران أولهما نقص عدد الطلقات التي يملكها الزوج على زوجته والمراجعة لا تمحو هذا الأثر، وثانيهما تحديد الرابطة الزوجية بإنهاء العدة بعد أن كانت غير محددة، ولئن كانت الرجعة عند الحنفية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي استدامة ملك النكاح بعد أن كان الطلاق قد حدده بانتهاء العدة، وهى ليست إنشاء لعقد زواج بل امتداد لزوجية قائمة وتكون بالقول أو بالفعل، إلا أنها حق ثابت مقرر للزوج وحده دون سواه ولا يملك إسقاطه ولا يشترط لصحتها رضا الزوجة أو علمها بها، ولو بدر من الزوجة ما يفيد الرجعة فلا يكون ثمة مراجعة لأنها حق للزوج لا لها، لما كان ذلك، وكان ما تسوقه الطاعنة في سبب النعي من مجرد عودتها إلى منزل الزوجية في فترة العدة دون اعتراض من زوجها المطعون عليه لا يعتبر رجعة، لأن حكم الطلاق الرجعي وعلى ما سلف - لا يؤثر على قيام الزوجية ما دامت الزوجة في العدة فيحق لها البقاء في البيت الذي تساكن فيه زوجها قبل الطلاق، وإذا لم تدع الطاعنة أن المطعون عليه قد أتى بقول أو فعل يصير به مراجعاً، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إثبات الطلاق، وكان ما خلص إليه في هذا الشأن يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية فلا يعيبه ما أورده من تقريرات مخالفة - أياً كان وجه الرأي فيها - ويكون النعي عليه بمخالفة القانون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.


[(1)] نقض 25/ 2/ 1961 مجموعة المكتب الفني السنة 12 ص 30.
[(2)] نقض 29/ 1/ 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 187.
[(3)] نقض 31/ 5/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 1053.