أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 26 - صـ 1394

جلسة 11من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.

(264)
الطعن رقم 58 لسنة 41 القضائية

(1 و2) دعوى "قيمة الدعوى". استئناف "نصاب الاستئناف". نقض "السبب الجديد". نظام عام. محكمة الموضوع.
(1) عدم جواز اعتماد المحكمة في تقدير قيمة الدعوى لتحديد نصاب الاستئناف على القيمة التي حددها المدعي وسكت عنها المدعى عليه. وجوب الرجوع في ذلك إلى قواعد قانون المرافعات.
(2) النزاع في دعوى صحة التعاقد بشأن تقدير قيمة العقار المبيع. واقع يتعين طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو أنه متعلق بالنظام العام.
(3 و4) إثبات "طرق الإثبات". إرث. بطلان "بطلان التصرفات". نظام عام.
(3) الاتفاق الذي ينطوي على التصرف في حق الإرث قبل استحقاق الوارث إياه يقع باطلاً بطلاناً مطبقاً فلا تلحقه الإجازة. جواز إثبات التحايل على قواعد الميراث بكافة الطرق، ولو كان الوارث طرفاً في الاتفاق.
(4) توقيع الوارث على عقد البيع الصادر من مورثه. لا يحول دون طعنه على العقد بالصورية علة ذلك. عدم الاعتداد بإجازة الوارث لتصرف مورثه إلا إذا حصلت بعد وفاة المورث.
1 - لا يجوز الاعتماد في تقدير قيمة الدعوى لتحديد نصاب الاستئناف على القيمة التي حددها المدعي وسكت عنها المدعى عليه بل يجب على المحكمة أن تعتمد في ذلك على القواعد التي نص عليها قانون المرافعات في المواد من 36 إلى 41 وذلك عملاً بالمادة 223 من هذا القانون.
2 - الدعوى بطلب صحة عقد تقدر طبقاً للمادة 37/ 7 من قانون المرافعات بقيمة المتعاقد عليه، وتنص الفقرة الأولى من هذه المادة على أن الدعاوي المتعلقة بالمباني تقدر قيمتها باعتبار 180 مثلاً من قيمة الضريبة الأصلية المربوطة على العقار، فإذا كان غير مربوط عليه ضريبة قدرت المحكمة قيمته. ولما كان تقدير قيمة المنزل الذي طلب الطاعن الحكم بصحة عقد البيع بالنسبة له هو واقع كان يتعين طرحه على محكمة الاستئناف، فإن النعي على الحكم المطعون فيه فيما قضى به ضمناً من جواز الاستئناف بالنسبة لهذا الطلب بمقولة أن قيمه هذا العقار لم تكن تتجاوز النصاب النهائي للمحكمة الابتدائية، يكون نعياً غير مقبول مما يمتنع معه عرض هذا السبب لأول مرة أمام محكمة النقض ولو كان متعلقاً بالنظام العام.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاتفاق الذي ينطوي على التصرف في حق الإرث قبل انفتاحه لصاحبه واستحقاقه إياه أو يؤدي إلى المساس بحق الإرث في كون الإنسان وارثاً أو غير وارث وكونه يستقل بالإرث أم يشاركه فيه غيره هو اتفاق مخالف للنظام العام إذ يعد تحايلاً على قواعد الميراث فيقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لا تلحقه الإجازة ويباح إثباته بكافة الطرق ولو كان الوارث طرفاً في الاتفاق.
4 - إجازة الوارث للتصرف الصادر من مورثه لا يعتد بها إلا إذا حصلت بعد وفاة المورث، ذلك لأن صفة الوارث التي تخوله حقاً في التركة لا تثبت له إلا بهذه الوفاة [(1)]. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإن النعي عليه - بالخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بصورية عقدي البيع الصادرين للطاعن رغم أن المطعون عليها الثانية وقعت عليهما ويعتبر ما ورد فيهما من شروط حجة عليها بحيث يمتنع عليها الطعن فيهما بالصورية - يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام ابتداء الدعوى رقم 1798 لسنة 1967 مدني جزئي المحلة الكبرى ضد المطعون عليهما بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقدين المؤرخين 26/ 11/ 1965 الصادرين من المرحومة....... مورثة الطرفين ويتضمن أولهما بيعها له أطياناً زراعية مساحتها 1 ف و8 ط مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والعقد لقاء ثمن قدره 290 ج دفعه الطاعن للبائعة، ويتضمن العقد الثاني بيعها له قطعة أرض فضاء مساحتها 60 متراً مربعاً مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والعقد لقاء ثمن قدره 105 ج دفعه الطاعن للبائعة، ثم قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة طنطا الابتدائية للاختصاص حيث قدرت بجدولها برقم 1798 لسنة 1967 مدني. طعن المطعون عليه الأول بالجهالة على بصمة الختم وبصمة الإبهام المنسوبتين لمورثته على عقدي البيع سالفي الذكر، وبعد أن حلف يميناً بعدم العلم حكمت المحكمة بتاريخ 14/ 4/ 1968بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن بصمتي الختم والإبهام الموقع بهما على عقدي البيع المؤرخين 26/ 11/ 1965 هما لمورثة المطعون عليهما المرحومة...... وبعد أن نفذ الحكم بسماع شهود الطرفين حكمت المحكمة بتاريخ 29/ 12/ 1968 بطلبات الطاعن. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 7 لسنة 19 مدني طنطا، وبتاريخ 26/ 1/ 1970 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهما صورية عقدي البيع وأنه قصد بهما الإيصاء والتحايل على قواعد الإرث إضراراً بحقوقهما في الميراث. سمعت المحكمة شهود الطرفين ثم حكمت بتاريخ 28/ 11/ 1970 بإلغاء الحكم المستأنف وباعتبار العقدين تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت بأخذ حكم الوصية ونفاذها بمقدار ثلث تركة المتصرفة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بأن التصرف الصادر من مورثة الطرفين إلى الطاعن يعتبر وصية استناداً إلى أنه ثبت أن المورثة المذكورة احتفظت بحيازة المنزل والأطيان المتصرف فيها وبحقها في الانتفاع بها مدى حياتها يؤيد ذلك أنها ظلت تقيم في المنزل مع ابنها، في حين أنه لا دليل في الأوراق أو في أقوال الشهود على ما استخلصه الحكم، هذا إلى أن المورثة كانت تقيم بمحافظة الغربية بعيداً عن الأطيان المبينة التي تقع بمحافظة البحيرة ويضع الطاعن اليد عليها ولم ينكر شهود الإثبات ذلك، ومن ناحية أخرى فإن المورثة لم تبع منزلاً وإنما باعت قطعة أرض فضاء وقد استلمها الطاعن وأقام عليها منزلاً وهو ما يدل على أن العقد منجز. الأمر الذي يعيب الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استخلص من أقوال شاهدي المطعون عليهما في التحقيق الذي أجرته محكمة ثاني درجة أن المورثة تصرفت إلى ابنها الطاعن في منزل لا أرض فضاء وفى أطيان زراعية وأنها لم تكن بحاجة إلى بيع أملاكها بل أثرت الطاعن على باقي إخوته بما تصرفت فيه ولم تقبض منه ثمناً وأنها احتفظت لنفسها بحيازة المنزل والأطيان المتصرف فيها وبحقها في الانتفاع بها طوال حياتها ولم تكن يد الطاعن عليها إلا يد نائب عنها وأكد الحكم أن التصرف انصب على منزل لا أرض فضاء بما قرره شاهد الطاعن نفسه، ولما كان ما خلص إليه الحكم يتفق مع ما قرره هؤلاء الشهود في التحقيق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها من أن نية الطرفين قد انصرفت إلى الوصية لا إلى البيع المنجز، لما كان ذلك. فإن ما يثيره الطاعن بهذين السببين لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن قيمة المنزل الذي تصرفت فيه المورثة تبلغ 105 جنيه فيكون حكم محكمة أول درجة بالنسبة له نهائياً وإذ تعرض الحكم المطعون فيه للفصل في العقد الخاص بالمنزل، ولم يقض بعدم جواز الاستئناف بالنسبة لهذا الطلب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان لا يجوز الاعتماد في تقدير قيمة الدعوى لتحديد نصاب الاستئناف على القيمة التي حددها المدعي وسكت عنها المدعى عليه بل يجب على المحكمة أن تعتمد في ذلك على القواعد التي نص عليها قانون المرافعات في المواد 36 إلى 41 وذلك عملاً بالمادة 223 من هذا القانون، ولما كانت الدعوى بطلب صحة عقد تقدر طبقاً للمادة 37/ 7 من قانون المرافعات بقيمة المتعاقد عليه وتنص الفقرة الأولى من هذه المادة على أن الدعاوي المتعلقة بالمباني تقدر قيمتها باعتبار 180 مثلاً من قيمة الضريبة الأصلية المربوطة على العقار فإذا كان غير مربوط عليه ضريبة قدرت المحكمة قيمته، ولما كان تقدير قيمة المنزل الذي طلب الطاعن الحكم بصحة عقد البيع بالنسبة له هو واقع كان يتعين طرحه على محكمة الاستئناف، فإن النعي على الحكم المطعون فيه فيما قضى به ضمناً من جواز الاستئناف بالنسبة لهذا الطلب بمقولة إن قيمة هذا العقار لم تكن تتجاوز النصاب النهائي للمحكمة الابتدائية يكون نعياً غير مقبول مما يمتنع معه عرض هذا السبب لأول مرة أمام محكمة النقض ولو كان متعلقاً بالنظام العام.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن المطعون عليها الثانية وقعت على عقدي البيع مما يجعلها طرفاًً فيهما ويعتبر ما ورد فيهما من شروط ومنها دفع الثمن وتسليم العين المبيعة إليه حجة عليها بحيث يمتنع عليها الطعن بالصورية على العقدين وأنهما يخفيان وصية، غير أن الحكم المطعون فيه لم يلتفت إلى ذلك وقرر أن توقيع المطعون عليها الثانية على العقدين لا يعتبر إجازة للوصية وأن حقها في الإجازة لا ينشأ إلا بوفاة المورثة، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاتفاق الذي ينطوي على التصرف في حق الإرث قبل انفتاحه لصاحبه واستحقاقه إياه أو يؤدي إلى المساس بحق الإرث في كون الإنسان وارثاً أم غير وارث، وكونه يستقل بالإرث أم يشاركه فيه غيره هو اتفاق مخالف للنظام العام إذ يعد تحايلاً على قواعد الميراث فيقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لا تلحقه الإجازة ويباح إثباته بكافة الطرق ولو كان الوارث طرفاً في الاتفاق، وكانت إجازة الوارث للتصرف الصادر من مورثه لا يعتد بها إلا إذا حصلت بعد وفاة المورث، ذلك لأن صفة الوارث التي تخوله حقاً في التركة لا تثبت له إلا بهذه الوفاة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 10/ 4/ 1973 مجموعة المكتب الفني السنة 24 ص 577.