أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 198

جلسة 16 من فبراير سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان وحسين الجيزاوي وهاني خليل نواب رئيس المحكمة.

(38)
الطعن رقم 33899 لسنة 68 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
عدم إيداع الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) نقض. "ميعاده". نيابة عامة. إعدام.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام دون التقيد بما إذا كان عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته. أساس ذلك؟
(3) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالإمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال. لتسبيب سائغ في إثبات نية القتل.
(4) رابطة السببية. قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استظهار الحكم قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليهم وبين وفاتهم نقلاً من تقرير الصفة التشريحية. لا قصور.
(5) سبق الإصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. ماهيته؟
مثال لتسبيب سائغ لتوافر ظرف سبق الإصرار.
(6) اقتران. قتل عمد. حريق. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما. لتطبيق المادة 234/ 2 عقوبات المصاحبة الزمنية. مقتضاها: أن تكون الجرائم قد ارتكبت في وقت واحد وفترة قصيرة من الزمن. تقدير ذلك. موضوعي.
(7) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاعتراف في المسائل الجنائية. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
(8) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الإعفاء من العقاب". مسئولية جنائية. إثبات "بوجه عام". قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر الظروف المخففة". ظروف مخففة.
الإعفاء من العقاب وفقاً لنص المادة 62 إجراءات. مناط تحققه؟
حالات الإثارة أو الاستفزاز. أعذار قضائية مخففة. تقدير توافرها. موضوعي.
(9) وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". ظروف مشددة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". قتل عمد.
تعديل المحكمة الوصف بإضافة ظرف مشدد وتنبيه دفاع المتهم إليه. لا إخلال بحق الدفاع.
(10) حكم "إصداره". قضاة.
حضور أحد القضاة محل القاضي المتغيب يوم النطق بالحكم. جائز. متى اقتصرت الهيئة على تأجيل الدعوى ومد أجل للنطق بالحكم.
(11) إعدام. إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - من المقرر أن المحكوم عليه........ وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً.
2 - من المقرر أن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم المعروض فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المحدد في المادة 34 من القانون - المار ذكره - إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
3 - قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم المعروض - على السياق المتقدم - يكفي لاستظهار نية القتل، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
4 - لما كان الحكم المعروض قد استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليهم التي أوردها تفصيلاً عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاتهم فأورد من واقع ذلك التقرير أن وفاة المجني عليهم جنائية حدثت نتيجة اسفكسيا الخنق بالضغط اليدوي على العنق، فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا الشأن.
5 - ظرف سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة إنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم عليه بقوله: "فهو ثابت في الدعوى - متوافر في حق المتهم من اعترافاته التفصيلية الصحيحة في تحقيقات النيابة العامة ومن توافر الباعث على القتل وهو الضغينة التي يختزنها المتهم في نفسه للمجني عليها الأولى زوجته منذ الليلة السابقة على الحادث عندما طعنته في شرفه وجاهرته بعلاقتها الآثمة بمن يدعى...... ومعاشرته لما معاشرة الأزواج وإنجاب أولادها منه وليسوا من صلبه - ومن ساعتها عقد العزم وبيت النية على الانتقام منها ومن أولادها بقتلهم جميعاً، وقد أعمل فكره في هدوء وروية في تحديد الخطة التي رسمها والوسيلة التي استعملها في قتل المحني عليهم وهي الخنق بالضغط اليدوي على العنق وانفراده بكل ضحية من ضحاياه دون أن يشعر أو ينتبه باقي الضحايا لجرمه رغم أنهم يقيمون جميعاً في شقة واحدة مما يدل على أن المتهم قد ارتكب جريمته وهو هادئ البال بعيداً عن ثورة الغضب وبعد تفكير متأني وهادئ وتصميم محكم على تنفيذ ما انتواه، وذلك بقصد الانتقام من المجني عليهم جزاء لما ارتكبته زوجته طعناً في شرفه وسمعته وهو ما يدل بيقين على توافر ظرف سبق الإصرار في حقه كما هو معرف قانوناً دلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهم"، فإن الحكم يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون، وما يكفي للرد على ما أثاره الدفاع عن المحكوم عليه بشأن انتفاء ظرف سبق الإصرار.
6 - يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجرائم قد ارتكبت في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه كما هو في الدعوى المطروحة.
7 - الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وكان الحكم - على ما سلف بيانه - قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى سلامة اعتراف المتهم وأفصح عن اطمئنانه إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وخلوه مما يشوبه فإنه يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الشأن.
8 - من المقرر أن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً - على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات - لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما، وكان المستفاد من دفاع المحكوم عليه أمام محكمة الموضوع هو أنه كان في حالة من حالات الإثارة أو الاستفزاز تملكته فألجأته إلى فعلته دون أن يكون متمالكاً إدراكه، فإن ما دفع به على هذه الصورة من انتفاء مسئوليته لا يتحقق به الجنون أو العاهة في العقل - وهما مناط الإعفاء من المسئولية، ولا يعد في صحيح القانون عذراً معفياً من العقاب، بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض، ومن ثم فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون في هذا الخصوص.
9 - لما كان البين من مدونات الحكم المعروض أن الدعوى الجنائية رفعت على المحكوم عليه بوصف القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالقتل العمد والحريق العمد، فعدلت المحكمة هذا الوصف بإضافة ظرف سبق الإصرار إلى جنايات القتل العمد المقترنة ونبهت الدفاع الحاضر مع المتهم إلى هذا التعديل وأبدى دفاعه على هذا الأساس، فإن ذلك يكون كافياً في تنبيه المحكوم عليه والدفاع عنه إلى الظرف المشدد لتوافر ظرف الإصرار بالنسبة لواقعات قتل المجني عليهم...... و...... ومن ثم تكون المحكمة قد قامت بإتباع أمر القانون في المادة 308/ 3 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع.
10 - من المقرر أنه ليس ثمة ما يمنع أن يحل أحد القضاة محل القاضي الذي تغيب يوم النطق بالحكم متى اقتصرت الهيئة على أن تقرر مد أجل النطق بالحكم ومن ثم فإن دور المستشار...... الذي حل محل المستشار........ قد اقتصر على مجرد التأجيل.
11 - لما كان الحكم المعروض قد بين الواقعة بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، كما وأن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعد قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، ومن ثم يتعين معه قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه - قتل....... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على التخلص منها بأن أطبق على عنقها بكلتا يديه قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات أربع تلتها: - (1) قتل..... عمداً بأن أطبق بكلتا يديه على عنقه قاصداً قتله فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (2) قتل الطفلة..... عمداً بأن أطبق بكلتا يديه على عنقها قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. (3) قتل الطفلة...... عمداً بأن أطبق بكلتا يديه على عنقها قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. (4) وضع النار عمداً في مكان مسكون مملوك له بأن وضع بساط على فوهة أسطوانة الغاز وسكب كمية من مادة معجلة بالاشتعال "كيروسين" وأشعل النيران بها فنشب الحريق بمحتويات المسكن على النحو المبين بالتحقيقات، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء إرسال ملف القضية إلى فضيلة المفتي وحددت جلسة....... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع آراء أعضائها عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 1، 2 من قانون العقوبات بمعاقبته بالإعدام شنقاً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة بالرأي...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه...... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم المعروض فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه......، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المحدد في المادة من القانون - المار ذكره - إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، ويستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
من حيث إن الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى في قوله: - "إن المتهم....... المقيم في ملكه رقم...." دائرة قسم...... والذي يعمل في فندق....... بالغردقة والذي يمضي فيه وقتاً طويلاً ويتردد على سكنه في...... في أوقات متباعدة والذي تزوج منذ حوالي تسع سنين من المجني عليها........ التي أنجب منها فيه بنتيه...... والتي تقيم مع أولادها في العقار الكائن...... - دائم الخلاف مع زوجته حول نفقات ومصاريف البيت وضيق ذات اليد الذي دفعه إلى الاقتراض من...... مبالغ لم يستطع سدادها مما حدا به إلى أن أجر له شقة ومحل في العقار سكنه ملك والده ضماناً لهذا الدين - ولدى عودته إلى عمله في الغردقة بعد قضاء إحدى إجازته مع أسرته في...... - ترامى إلى سمعه من بعض زملائه في العمل شائعات تمس شرفه وزوجته وطعناً في رجولته - فترك العمل في الغردقة يوم 20/ 7/ 1996 وعاد مسرعاً إلى بيته في....... فوجد صدى لهذه الشائعات تتردد على ألسنة الجيران واستنتج منها وجود علاقة غير شريفة بين زوجته ومن يدعى...... منذ أن تزوجها في إحدى مرات الطلاق الذي أوقعه عليها كمحلل لتعود إلى عصمته كما لاحظ تغيير في تصرفاتها نحوه وفتور في علاقتها به ولما أنهى إليها ما سمعه وأقلق نفسه هونت عليه من تلك الشائعات التي ظلت تخالط نفسه، فعقد العزم على وضع حد لتلك الحالة القلقة التي يعيشها منذ أن وصلت إليه تلك الشائعات فاختلى بزوجته في غرفة نومها بعيداًَ عن أولاده في نحو الحادية عشرة من مساء يوم 23/ 7/ 1996 وأعاد عليها ما في نفسه من شائعات تلوكها الألسن حول مسلكها فأجابته بطعنه في رجولته مرددة على سمعه وفي مواجهته بأنها على علاقة بمن يدعى....... من قبل زواجه منها ويعاشرها معاشرة الأزواج، وأنه دخل بها من قبله وأنجبت منه أولاده الثلاثة فأكدت له ما ترامى إلى سمعه من شائعات حول مسلكها فكظم غيظه الذي امتزج برد فعل عنيف وانتوى قتلها هي وأولادها، وبعد أن هدأت النفس واستقرت الفكرة بعد تمحيص دقيق أعد عدته النفسية ورسم خطته وصمم على تنفيذ ما انتوى عليه بطريق الخنق والضغط اليدوي على العنق متخذاًَ من قوته البدنية التي تفوق قوة المجني عليها أداة للتنفيذ، وبعد أن اطمأنت نفسه لهذه اللحظة التي اعتملت في فكره طوال الليل وفي نحو الثامنة والنصف من صباح يوم 24/ 7/ 1996 انتهز فرصة وجود أولاده الثلاثة نياماً في غرفة نومهم واختلى بزوجته المجني عليها في غرفة نومهما وتجاذب معها أطراف الحديث لفترة وجيزة ثم انقض عليها وأطبق كلتا يديه حول عنقها بقوة وغل وهي تقاومه ولكنه تغلب على مقاومتها بقوته الجسدية واستمر في حالته هذه مدة حوالي نصف ساعة ولم يتركها إلا بعد أن تيقن من إزهاق روحها وصارت جثة هامدة وبعد أن أحدث بها العلامات والمظاهر الإصابية الموضحة بالتقرير الطبي الشرعي، ثم حمل جثتها وسجاها على سرير النوم وغلق باب الغرفة واتجه صوب غرفة نوم أولادها فوجد ابنه..... البالغ من العمر حوالي سنتين فحمله إلى غرفة النوم التي بها جثة والدته وأجهز عليه بإطباق كلتا يديه حول عنقه والضغط عليه بقوة وغل لمدة خمس وعشرين دقيقة ولم يتركه إلا بعد أن تيقن من إزهاق روحه وصار جثة هامدة وبعد أن أحدث به العلامات والمظاهر الإصابية الموضحة بالتقرير الطبي الشرعي، ثم سجى جثته على السرير بجوار جثة والدته، ولدى خروجه من الغرفة أبصر بنتيه..... و...... بصالة الشقة فمكث معهما حوالي الساعة تناول خلالها مشروب الشاي ثم طلب من...... الاتصال تليفونياً من الشارع لاستدعاء........ وإبلاغه بمرض والدته وبعدم وجود والدها بالمنزل بقصد قتله انتقاماً منه على ما ارتكبه في حقه، وانتهز فرصة غيابها خارج الشقة بابنته....... البالغة من العمر حوالي ست سنين وانقض عليها وأطبق كلتا يديه حول عنقها بقوة وعنف لمدة حوالي نصف ساعة ولم يتركها إلا بعد أن أحدث بها العلامات والمظاهر الإصابية الموضحة بالتقرير الطبي الشرعي ثم حملها إلى غرفة النوم وسجى جثتها بجوار جثتي والدتها وشقيقها وبعد أن عادت ابنته...... البالغة من العمر حوالي ثماني سنين وأخبرته بعدم وجود...... طلب منها النزول إلى الشقة الذي كان يقيم فيها والده أسفل الشقة سكنه لترتيبها وأسرع خلفها وانقض عليها وأطبق كلتا يديه حول عنقها بكل قوة وعنف لمدة حوالي نصف ساعة، ولم يتركها إلا بعد أن تيقن من إزهاق روحها وصارت جثة هامدة، وبعد أن أحدث بها العلامات والمظاهر الإصابية الموضحة بالتقرير الطبي الشرعي ثم حملها إلى غرفة النوم وسجى جثتها على السرير بجوار جثث والدتها وشقيقها وشقيقتها، وقد استغرق منه تنفيذ ما انتوى عليه حتى الثانية والنصف مساءً، وبعد أن فرغ من مهمته وحقق مبغاه احتسى كوباً من الشاي، وإمعاناً في الانتقام من أسرته هداه فكره إلى إشعال الحريق في العقار سكنه بأن أحضر أنبوبة بوتاجاز وضع على فوهتها قطعة من قماش سجادة وسكب عليها كيروسين وأشعل النار فيها وذلك بقصد تدمير العقار بما فيه من جثث المجني عليهم فاشتعلت النار في بعض أجزاء الشقتين وأحدث آثار الحريق الموضحة بتقرير وحدة الأدلة الجنائية - ثم غلق الشقتين وقصد إلى بلدته........ مركز....... وألق بنفسه في الترعة المارة بالبلدة بغية التخلص من حياته ولكن أهل القرية لم يكنوه من ذلك وتمكنوا من إنقاذه ولما وصل خبر انتحاره إلى ابن عمه الرقيب أول قوات مسلحة...... وأسرع إليه وبالاستفسار منه عن سبب إقدامه على الانتحار أخبره بقتل زوجته وأولاده وإشعال النار في العقار سكنه فأقبل على الانتحار للتخلص من الورطة التي ألمت به فأبلغ الرائد....... رئيس وحدة مباحث مركز..... الذي أسرع إلى المتهم وواجهه بما وصل إلى علمه فاعترف له بقتل زوجته وأولاده وإشعال الحريق في العقار سكنه لإخفاء جريمته فاصطحبه إلى مكان الحادث بإرشاده وبعد التأكد من صحة الواقعة ومعاينته لمكان الحادث سلم المتهم إلى شرطة...... مع المحضر الذي دون فيه ما سمعه من المتهم وما رآه من المعاينة وقد دلت تحريات النقيب ضابط مباحث قسم...... على أن المجني عليها زوجة المتهم كانت حسنة السير والسلوك". وقد ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال الرائد...... رئيس وحدة مباحث مركز....... والنقيب....... ضابط مباحث قسم....... و...... و....... و...... ومن اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة ومما ثبت من معاينة النيابة العامة لمكان الحادث ومن التقرير الطبي الشرعي لجثث المجني عليهم ومن تقرير وحدة الأدلة الجنائية، وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق ويتفق وصورة الواقعة كما أوردها الحكم على سياق المتقدم - على ما تبين من المفردات المضمومة ثم خلص إلى إدانة المتهم بارتكاب جناية قتل المجني عليها عمداً مع سبق الإصرار وقد اقترنت هذه الجناية بثلاث جنايات قتل عمداً مع سبق الإصرار وجناية وضع النار عمداً في المسكن المقيمين فيه وأنزل عليه العقاب المنصوص عليه في المواد 230، 231، 234/ 1 - 2، 252/ 1 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر توافر نية القتل في حق المحكوم عليه بقوله: - "وحيث إنه عن قصد القتل - فهو متوافر في الواقعة متحقق في الجريمة ثابت في حق المتهم من اعترافاته التفصيلية في جميع مراحل التحقيق أمام النيابة العامة وفي بعض محاضر تجديد حبسه أمام قاضي المعارضات وغرفة المشورة ومحكمة الجنايات بما قرره من تصميمه على قتل المجني عليهم انتقاماً لشرفه حسب قوله الذي لوثته زوجته المجني عليها الأولى، وذلك باختلائه وانفراده بكل من المجني عليهم بدءاً من زوجته مروراً بولده وابنته الصغرى وانتهاء بابنته الكبرى........ والضغط بقوة وعنف بيديه على عنق كل منهم - وهو في مقتل من الجسم - جزاء لما بدر من زوجته المجني عليها الأولى مستنداً في ذلك - حسب قوله - على قوته الجسمانية التي تفوق قوة كل من المجني عليهم واستمراره في الضغط على العنق مدة طويلة قاربت نصف الساعة مع كل منهم حتى تأكد من إزهاق روح كل منهم ولم يتركهم إلا بعد أن صاروا جثثاً هامدة وقد فارقوا الحياة على نحو ما أفصح عنه التقرير الطبي الشرعي من أن وفاة المجني عليهم نتيجة اسفكسيا الخنق بالضغط اليدوي على العنق بما أحدثه من انسكابات دموية بأنسجة وعضلات مقدم وجانبي العنق وكسر حيوي عند التقاء العرق الكبير بجسم العظم اللامي بجسم المجني عليها..... وبما أحدثه من انسكابات دموية بأنسجة وعضلات مقدم وجانبي العنق وانضغاط الغضاريف الحنجرية بجثث باقي المجني عليهم وعلى نحو ما أشارت إليه المظاهر الخارجية من وجود احتقان شديد وانتفاخ بالوجه والعنق وأعلى الصدر وزرقة بالشفتين وأظافر اليدين وخروج سائل مدمم من طاقتي الأنف والفم وخدوش ظفرية غير منظمة بجثث المجني عليهم وبروز لسان المجني عليها.....، كل ذلك يدل بيقين لدى المحكمة على توافر قصد القتل في حق المتهم كما هو معروف قانوناً دلت عليه الظروف المحيطة بالواقعة والمظاهر والإمارات الخارجية التي أتاها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه من انتوائه قتل المجني عليهم، ولما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم المعروض - على السياق المتقدم - يكفي لاستظهار نية القتل، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليهم التي أوردها تفصيلاً عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاتهم من واقع ذلك التقرير أن وفاة المجني عليهم جنائية حدثت نتيجة اسفكسيا الخنق بالضغط اليدوي على العنق، فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ظرف سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة إنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم عليه بقوله: "فهو ثابت في الدعوى - متوافر في حق المتهم من اعترافاته التفصيلية الصحيحة في تحقيقات النيابة العامة ومن توافر الباعث على القتل وهو الضغينة التي يختزنها المتهم في نفسه للمجني عليها الأولى زوجته منذ الليلة السابقة على الحادث عندما طعنته في شرفه وجاهرته بعلاقتها الآثمة بمن يدعى...... ومعاشرته لها معاشرة الأزواج وإنجاب أولادها منه وليسوا من صلبه - ومن ساعتها عقد العزم وبيت النية على الانتقام منها ومن أولادها بقتلهم جميعاً، وقد أعمل فكره في هدوء وروية في تحديد الخطة التي رسمها والوسيلة التي استعملها في قتل المجني عليهم وهي الخنق بالضغط اليدوي على العنق وانفراده بكل ضحية من ضحاياه دون أن يشعر أو ينتبه باقي الضحايا لجرمه رغم أنهم يقيمون جميعاً في شقة واحدة مما يدل على أن المتهم قد ارتكب جريمته وهو هادئ البال بعيداً عن ثورة الغضب وبعد تفكير متأني وهادئ وتصميم محكم على تنفيذ ما انتواه، وذلك بقصد الانتقام من المجني عليهم جزاء لما ارتكبته زوجته طعناً في شرفه وسمعته وهو ما يدل بيقين على توافر ظرف سبق الإصرار في حقه كما هو معرف قانوناً دلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهم، فإن الحكم يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون، وما يكفي للرد على ما أثاره الدفاع عن المحكوم عليه بشأن انتفاء ظرف سبق الإصرار. لما كان ذلك. وكان الحكم قد استظهر ظرف الاقتران في قوله: - "....... وكان الثابت من ماديات الدعوى أن ما أتاه المتهم من أفعال من خنق زوجته المجني عليها الأولى بقصد قتلها ومن ثم تكون جناية القتل العمد قد توافرت في حقه وما وقع بعد ذلك من الانفراد بباقي المجني عليهم أولاده وخنق كل منهم على حدة بقصد قتله وإشعال الحريق عمداً في العقار سكنه كل ذلك يوفر في حقه ظرف الاقتران لوقوع الجرائم في مكان واحد وزمن قصير وبفعل مادي مستقل لكل جريمة الأمر الذي يتحقق به توافر ظرف الاقتران بين الجنايات الواردة في الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات" فإن ما ساقه الحكم على النحو السالف - يتفق وصحيح القانون ويتحقق به معنى الاقتران، لما هو مقرر من أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجرائم قد ارتكبت في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه كما هو الحال في الدعوى المطروحة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره المحكوم عليه من أنه لم يكن في وعيه عندما أدلى باعترافه أمام النيابة العامة وأطرحه في قوله: - "وحيث إنه عن القول بأن المتهم لم يكن في وعيه عندما أدلى باعترافاته أمام النيابة العامة ولم يكن في حالة تسمح له بالإدلاء بهذه الاعترافات التفصيلية - فإن البين من تحقيقات النيابة العامة ومن تسلسل أقوال المتهم أن اعترافه في النيابة العامة قد صدر عنه طواعية واختياراً وهو في كامل وعيه وفي إدراك تام وجاء مطابقاً للواقع في أدق تفاصيله. وقد أدلى بهذا الاعتراف بعد ارتكاب الحادث بفسحة من الزمن - حتى يريح نفسه حسب تعبيره - وغير متأثر بالجرم الذي قارفه، وقد أصر على هذا الاعتراف في جلسات تجديد حبسه يوم 27/ 7/ 1996، أمام قاضي المعارضات وبجلسات 7/ 9/ 1996، 22/ 10/ 1996، 5/ 12/ 1996، 5/ 1/ 1997. أمام غرفة المشورة وبجلسة 10/ 8/ 1997 أمام محكمة الجنايات، ومن ثم يكون اعتراف المتهم جاء سليماً صحيحاً مبرئاً من أية شوائب صدر منه وعن وعي وإدراك كاملين، ومن ثم يكون ما تساند عليه الدفاع غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وكان الحكم - على ما سلف بيانه - قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى سلامة اعتراف المتهم وأفصح عن اطمئنانه إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وخلوه مما يشوبه فإنه يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد عرض لما أثاره دفاع المحكوم عليه بأنه في حالة من حالات الإثارة أو الاستفزاز ورد عليه بقوله:- "....... إن ما دفع به على هذه الصورة لا يعد في صحيح القانون عذراً معفياً من العقاب، بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير المحكمة التي لا ترى مبرراً لإعماله وتلتفت عنه وتضيف أن الاستفزاز لا ينفي نية القتل، ومع ذلك فإن ظروف الحادث وملابساته - كما طرحتها المحكمة - لا ترشح في الذهن للقول بأنه ألجأته إليه لحظة الاستفزاز، فالثابت من اعترافات المتهم الصحيحة في تحقيقات النيابة العامة والتي أصر عليها في بعض محاضر جلسات تجديد أن العبارات المستفزة التي صدرت من زوجته المجني عليها الأولى - حسب قوله.. كانت في الحادية عشرة ليلاً وأنه لم يباشر ارتكاب الواقعة بقتل تلك الزوجة إلا في الثامنة والنصف من صباح اليوم التالي بعد أن فكر وتدبر الأمر وزال أثر حالة الاستفزاز المقول بها وبعد أن انتهى تفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل إقدامه على تنفيذ الجريمة بما يؤدي إلى القول بعدم توافر عنصر الاستفزاز في الواقعة وأنه زال أثره الفوري وقارف المتهم جريمته بعد تفكير هادئ ونفس مطمئنة، فإن ما يثيره الدفاع في هذا الصدد لا يكون سديد. لما كان ذلك، وكان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً - على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات - لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما، وكان المستفاد من دفاع المحكوم عليه أمام محكمة الموضوع هو أنه كان في حالة من حالات الإثارة أو الاستفزاز تملكته فألجأته إلى فعلته دون أن يكون متمالكاً إدراكه، فإن ما دفع به على هذه الصورة من انتفاء مسئوليته لا يتحقق به الجنون أو العاهة في العقل - وهما مناط الإعفاء من المسئولية، ولا يعد في صحيح القانون عذراً معفياً من العقاب، بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض، ومن ثم فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المعروض أن الدعوى الجنائية رفعت على المحكوم عليه بوصف القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالقتل العمد والحريق العمد، فعدلت المحكمة هذا الوصف بإضافة ظرف سبق الإصرار إلى جنايات القتل العمد المقترنة ونبهت الدفاع الحاضر مع المتهم إلى هذا التعديل وأبدى دفاعه على هذا الأساس، فإن ذلك يكون كافياً في تنبيه المحكوم عليه والدفاع عنه إلى الظرف المشدد لتوافر ظرف سبق الإصرار بالنسبة لواقعات قتل المجني عليهم....،.....،..... ومن ثم تكون المحكمة قد قامت بإتباع أمر القانون في المادة 308/ 3 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة عقدت بتاريخ 29 من يونيه سنة 1998 برئاسة وعضوية المستشارين.....،.....،....... وظلت تتداول في الجلسات بهذه الهيئة حتى جلسة 23/ 8/ 1998 والتي سمعت فيها المرافعة وقررت فيها المحكمة حجز الدعوى للنطق بالحكم بجلسة 26/ 9/ 1998 مع إحالة الأوراق للمفتي، وفي هذا اليوم تخلف عضو اليسار المستشار..... وحضر بدلاً منه المستشار.....، وفيها قررت المحكمة تأجيل النطق بالحكم لجلسة 28/ 9/ 1998، حيث انعقدت المحكمة بذاتها - هيئتها الأصلية - التي سمعت المرافعة وحجزت الدعوى للحكم - وأصدرت حكمها محل الطعن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس ثمة ما يمنع أن يحل أحد القضاة محل القاضي الذي تغيب يوم النطق بالحكم متى اقتصرت الهيئة على أن تقرر مد أجل النطق بالحكم ومن ثم فإن دور المستشار...... الذي حل محل المستشار...... قد اقتصر على مجرد التأجيل. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، كما وأن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعد قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، ومن ثم يتعين معه قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.