أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 26 - صـ 1410

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد فتحي مرسي، وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي، وعبد اللطيف المراغي، وسعد العيسوي.

(267)
الطعن رقم 475 لسنة 40 القضائية

بيع "البيع بالمزاد". تنفيذ عقاري. نظام عام.
البيوع الجبرية الاتفاق فيها على عدم التقرير بزيادة العشر. مخالف للنظام العام. هذا الاتفاق في البيوع الاختيارية. لا مخالفة فيه للنظام العام.
لئن صح أن الاتفاق على عدم التقرير بزيادة العشر مخالف للنظام العام بالنسبة للبيوع الجبرية التي نظمتها نصوص قانون المرافعات، إلا أنه لا يجرى على البيوع الاختيارية التي يجريها البائع بطريق المزاد ولا يفرض فيها القانون نظام الزيادة بالعشر، وإنما يرجع وضع هذا الشرط في قائمة المزاد إلى محض اختيار البائع وإراداته تحقيقاً لما يراه من صالحه الخاص، وإذ كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن البيع الذي رسا مزاده على المطعون ضده لم يكن بيعاً جبرياً تم تحت إشراف القضاء إنما كان بيعاً اختيارياً فإن الحكم المطعون فيه الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق - إذ انتهى إلى أن الاتفاق على عدم التقرير بهذه الزيادة يعتبر مخالفاً لقاعدة آمرة من قواعد النظام العام - مما يجوز معه الإثبات بالبينة، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على أوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن استصدر أمر الأداء رقم 59 سنة 1968 كلي الزقازيق بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي إليه مبلغ 500 ج استناداً إلى سند إذني صادر من المطعون ضده في 15 نوفمبر سنة 1967 ويستحق الأداء وقت الطلب. تظلم المطعون ضده من هذا الأمر بالدعوى رقم 348 سنة 1968 كلي الزقازيق طالباًً القضاء بإلغائه. مؤسساً تظلمه على أنه رسا عليه مزاد أرض مساحتها 2 ف و12 ط من شركة سكك حديد الدلتا. واتفق مع الطاعن على شراء 15 ط من هذه الأرض. وحتى لا يلجأ أي من الطرفين إلى الزيادة خلال العشرة أيام التالية لرسو المزاد، فقد اتفقا على أن يحرر كل منهما سنداً إذنياً بمبلغ 500 ج لصالح الآخر. وتنفيذاً لهذا الاتفاق حرر عقد بيع يتضمن بيع المطعون ضده إلى الطاعن 15 ط من تلك الأرض، وأودع هذا العقد مع السندين لدى أمين اختاره الطرفان، إلا أنه بعد انتهاء المدة المحددة للتقرير بالزيادة، استطاع الطاعن بطريق التواطؤ مع الأمين أن يحصل على الأوراق المودعة لديه ومن بينها السند المطالب بقيمته، وأنه لما كان هذا السند باطلاً لبطلان سببه، فقد أقام تظلمه بطلب أمر الأداء. وفى 24/ 6/ 1968 قضت المحكمة برفض التظلم وتأييد أمر الأداء. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 125 سنة 11 ق. ومحكمة استئناف المنصورة (مأمورية الزقازيق) قضت في 2/ 6/ 1969 قبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى للتحقيق ليثبت المطعون ضده عدم مشروعية سبب الدين، حيث رسا عليه مزاد 2 ف و12 ط من شركة سكك حديد الدلتا، وأنه اتفق مع الطاعن على شراء 15 ط من هذه الأرض بثمن ذكر على خلاف الواقع أنه مقبوض، وحتى لا يعمل الطاعن على التقرير بالزيادة خلال العشرة أيام التالية للمزاد، فقد اتفقا على أن يحرر كل منهما سنداً إذنياً بمبلغ 500 ج، وأودع عقد البيع والسندان عند أمين على أن تجرى التسوية بين الطرفين بعد انتهاء المزاد. وبعد أن استمعت المحكمة لشهود الطرفين قضت في 4/ 4/ 1970 بإلغاء الحكم المستأنف وإلغاء أمر الأداء المتظلم منه، ورفض طلب المستأنف ضده. طعن الطاعن بطريق النقض في هذا الحكم وفى حكم الإحالة إلى التحقيق الصادر في 3/ 6/ 1969. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكمين المطعون فيهما. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره. وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة الاستئناف في 3/ 6/ 1969 أقام قضاءه بإحالة الدعوى إلى التحقيق على أن الاتفاق على عدم التقرير بزيادة العشر مخالف للنظام العام ومن ثم تجوز الإحالة للتحقيق لإثبات عدم مشروعية السبب الوارد في السند. وهو من الحكم خطأ في القانون. ذلك أن نظام التقرير بزيادة العشر الذي قرره قانون المرافعات إنما يجرى على البيوع الجبرية، أما البيوع الاختيارية التي يجريها الأفراد بطريق المزاد بعيداً عن رقابة القضاء فلا يوجد نص تشريعي يستلزم إجراء الزيادة فيها بالعشر. وإذ كان الثابت أن المزايدة التي رسا مزادها على المطعون ضده، كانت جزءاً من بيع اختياري أجرته شركة سكك حديد الدلتا لبعض أطيانها بطريق المزاد رعاية لصالحها الخاص، فإن الحكم المطعون فيه، إذ انتهى إلى أن الاتفاق على عدم التقدم لهذه الزيادة يشكل مخالفة لقاعدة قانونية متعلقة بالنظام العام يكون قد أخطأ في تطبيق القانون حيث خلا التشريع المصري من إلزام البائعين باتباع نظام الزيادة بالعشر في البيوع الاختيارية.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أنه يبين من الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 30/ 6/ 1969 والذي قضى بإحالة الدعوى للتحقيق أنه أقام قضاءه فيما يتصل بإجازة الإثبات بالبينة على أن "التقرير بزيادة العشر نظام قرره المشرع حماية للثروة العقارية من البيع بثمن بخس، وقصد به المصلحة العامة، وأن الاتفاق على عدم التقرير بالزيادة يكون مخالفاً للنظام العام وغير مشروع، ومن ثم يجوز للمتظلم (المطعون ضده) إثبات السبب الحقيقي لالتزامه الوارد في سند الدين بجميع طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود" وهذا الذي قرره الحكم، وإن صح بالنسبة للبيوع الجبرية التي نظمتها نصوص قانون المرافعات، إلا أنه لا يجرى على البيوع الاختيارية التي يجريها البائع بطريق المزاد، ولا يفرض فيها القانون نظام الزيادة بالعشر، وإنما يرجع وضع هذا الشرط في قائمة المزاد إلى محض اختيار البائع وإرادته تحقيقاً لما يراه من صالحه الخاص. وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أن البيع الذي رسا مزاده على المطعون ضده لم يكن بيعاً جبرياً تم تحت إشراف القضاء، وإنما كان بيعاً اختياريا أجرته شركة سكك حديد الدلتا لجزء من أراضيها بطريق المزاد، وأجازت فيه التقرير بالزيادة على الثمن خلال الأيام العشرة التالية لرسو المزاد، فإن الحكم المطعون فيه الصادر في 3/ 6/ 1969 بإحالة الدعوى للتحقيق، إذ انتهى إلى أن الاتفاق على عدم التقرير بهذه الزيادة يعتبر مخالفاً لقاعدة آمره من قواعد النظام العام، مما يجوز معه الإثبات بالبينة، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويتعين لذلك نقضه. كما يتعين نقض الحكم المترتب عليه الصادر في 9 إبريل سنة 1970.