أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 217

جلسة 21 من فبراير سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وفتحي حجاب وجاب الله محمد جاب الله وشبل حسن نواب رئيس المحكمة.

(40)
الطعن رقم 25484 لسنة 67 القضائية

(1) تزييف. تقليد عملة. مسئولية جنائية. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جواز إعفاء الجاني من العقوبة عن جريمة الشروع في تقليد عملة ورقية متداولة قانوناً. شرط ذلك؟ المادة 205 عقوبات.
دفاع الطاعن إعفاءه من العقاب عن الجريمة سالفة البيان تأسيساً على أنه مكن السلطات من القبض على المحكوم عليه الآخر. جوهري. وجوب أن تعرض له المحكمة وتقول كلمتها فيه بأسباب سائغة لا تعسف فيها. إغفالها ذلك. واكتفاؤها في الرد عليه بالقول بأن طلب الإعفاء من العقاب لا ينطبق عليه. قصور. القول بأن العقوبة المقض بها مقررة لجريمة حيازة أدوات مما تستعمل في تقليد العملة. غير مقبولة. علة ذلك؟
(2) مسئولية جنائية. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب".
الإعفاء من العقاب ليس إباحة للفعل أو محواً للمسئولية الجنائية بل هو مقرر لمصلحة الجاني التي تحققت في فعله وفي شخصه عناصر تلك المسئولية.
العذر المعفي من العقاب. يحط العقوبة عن الجاني دون أن يمس قيام الجريمة التي ثبتت قبله.
(3) تزييف. تقليد عملة. شروع. ارتباط. عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد". أسباب الإباحة وموانع العقاب "الإعفاء من العقاب".
الارتباط في حكم المادة 32/ 2 عقوبات. مناطه: كون الجرائم المرتبطة قائمة لم يقض في إحداها بالبراءة.
انتهاء المحكمة إلى قيام الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين جريمتي الشروع في تقليد عملة ورقية وحيازة أدوات مما تستعمل في التقليد. يوجب توقيع العقوبة المقررة لأشدهما وهي عقوبة التقليد.
تحقق موجب الإعفاء من العقاب في الجريمة الأشد يمتنع معه توقيع عقوبة الجريمة الأخف.
(4) نقض "أثر الطعن".
عدم امتداد أثر الطعن لمن صدر الحكم بالنسبة إليه غيابياً.
1 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن طلب إعفاءه من العقاب تأسيساً على أنه مكن السلطات من القبض على المحكوم عليه الثاني، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه وإن أورد هذا الدفاع إلا أنه اقتصر في الرد عليه بقوله: "إن طلب الإعفاء من العقاب لا ينطبق على المتهم". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات تنص على أنه "ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع في التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة". فإن دفاع الطاعن سالف البيان يشكل دفاعاً جوهرياً إذ من شأنه لو صح أن يؤثر في مسئوليته ويتغير به وجه الرأي في الدعوى، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه وإن أشار في مدوناته إلى أن تحريات الشرطة دلت على أن الطاعن والمحكوم عليه الثاني اتفقا على تقليد الورقة المالية فئة العشرين جنيهاً وأن المحكوم عليه الثاني سئل بتحقيقات النيابة العامة وأنكر ما أُسند إليه، إلا أنه خلا تماماًً مما يشير إلى كيفية القبض على المحكوم عليه الثاني، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقول كلمتها في هذا الدفاع الجوهري بأسباب سائغة لا تعسف فيها، أما وهي لم تفعل، واكتفت في الرد على دفاع الطاعن بالعبارة المار بيانها، وهي عبارة قاصرة تماماً لا يستطاع معها الوقوف على مسوغات ما قضى به الحكم في هذا الشأن، ومن ثم فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يوجب نقضه.
2 - الإعفاء من العقاب ليس إباحة للفعل أو محواً للمسئولية الجنائية، بل هو مقرر لمصلحة الجاني التي تحققت في فعله وفي شخصه عناصر المسئولية الجنائية واستحقاق العقاب، وكل ما للعذر المعفي من العقاب من أثر هو حط العقوبة عن الجاني بعد استقرار إدانته دون أن يمس ذلك قيام الجريمة في ذاتها.
3 - من المقرر أن مناط الارتباط في حكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات هو كون الجرائم المرتبطة قائمة لم يقض في إحداها بالبراءة، وكانت المحكمة قد خلصت في منطق سائغ إلى قيام الارتباط بين جريمتي الشروع في تقليد العملة الورقية وحيازة أدوات مما تستعمل في التقليد ارتباطاً لا يقبل التجزئة، فقد وجب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي عقوبة الشروع في التقليد، فإذا أسفر تمحيص المحكمة لدفاع الطاعن عن تحقق موجب الإعفاء من العقاب في جريمة الشروع في التقليد، امتنع عليها توقيع عقوبة الجريمة الأخف وهي جريمة حيازة أدوات مما تستعمل في التقليد.
4 - لما كان الحكم قد صدر غيابياً بالنسبة للمحكوم عليه الثاني فلا يمتد إليه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه قبل الطاعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- ....... 2- ...... بأنهما: شرعا في تقليد عملة ورقية متداولة قانوناً في مصر "سبعون ورقة مالية من فئة العشرين جنيهاً مصرياً" بأن قاما بوضع العلامة المائية وخيط الضمان عليها تمهيداً لطبعها وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو ضبط تلك الأوراق بمسكن المتهم الأول والجريمة متلبس بها على النحو المبين بالتحقيقات، المتهم الأول أيضاً: حاز بغير مسوغ أدوات "خمس أكلشيهات نحاسية وأربع علب أحبار طباعة ملونة" مما تستعمل في تقليد العملة الورقية بغير مسوغ. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني عملاً بالمواد 45، 46/ 3، 202/ 1، 204 مكرراً (ب) من قانونا العقوبات مع إعمال المواد 17، 30، 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات عما أُسند إليه وبمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات ومصادرة المضبوطات. فطعن الأستاذ/ ...... المحامي عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الشروع في تقليد عملة ورقية متداولة قانوناً، وحيازة أدوات مما تستعمل في تقليد العملة بغير مسوغ قد شابه قصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المدافع عنه طلب إعفاءه من العقاب عملاً بنص المادة 205 من قانون العقوبات لأن إخباره السلطات عند التحقيق معه - عن المحكوم عليه الثاني - مكنها من القبض عليه إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع الجوهري بغير ما يسوغ به إطراحه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن طلب إعفاءه من العقاب تأسيساً على أنه مكن السلطات من القبض على المحكوم عليه الثاني، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه وإن أورد هذا الدفاع إلا أنه اقتصر في الرد عليه بقوله: "إن طلب الإعفاء من العقاب لا ينطبق على المتهم". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات تنص على أنه "ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع في التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة". فإن دفاع الطاعن سالف البيان يشكل دفاعاً جوهرياً، إذ من شأنه لو صح أن يؤثر في مسئوليته ويتغير به وجه الرأي في الدعوى، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه وإن أشار في مدوناته إلى أن تحريات الشرطة دلت على أن الطاعن والمحكوم عليه الثاني اتفقا على تقليد الورقة المالية فئة العشرين جنيهاً وأن المحكوم عليه الثاني سئل بتحقيقات النيابة العامة وأنكر ما أُسند إليه، إلا أنه خلا تماماً مما يشير إلى كيفية القبض على المحكوم عليه الثاني، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقول كلمتها في هذا الدفاع الجوهري بأسباب سائغة لا تعسف فيها، أما وهي لم تفعل، واكتفت في الرد على دفاع الطاعن بالعبارة المار بيانها، وهي عبارة قاصرة تماماً لا يستطاع معها الوقوف على مسوغات ما قضى به الحكم في هذا الشأن، ومن ثم فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة، دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن، ولا محل للقول بأن العقوبة المقضي بها مقررة لجريمة حيازة أدوات مما تستعمل في تقليد العملة الورقية التي دين بها الطاعن، ذلك بأن الحكم قد اعتبر الجريمتين مرتبطتين ارتباطاً لا يقبل التجزئة وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد وهي جريمة الشروع في تقليد العملة الورقية عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات، ومن المقرر أن الإعفاء من العقاب ليس إباحة للفعل أو محواً للمسئولية الجنائية، بل هو مقرر لمصلحة الجاني التي تحققت في فعله وفي شخصه عناصر المسئولية الجنائية واستحقاق العقاب، وكل ما للعذر المعفي من العقاب من أثر هو حط العقوبة عن الجاني بعد استقرار إدانته دون أن يمس ذلك قيام الجريمة في ذاتها، وإذ كان (مناط الارتباط في حكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات هو كون الجرائم المرتبطة قائمة لم يقض في إحداها بالبراءة، وكانت المحكمة قد خلصت في منطق سائغ إلى قيام الارتباط بين جريمتي الشروع في تقليد العملة الورقية وحيازة أدوات مما تستعمل في التقليد ارتباطاً لا يقبل التجزئة، فقد وجب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي عقوبة الشروع في التقليد) فإذا أسفر تمحيص المحكمة لدفاع الطاعن عن تحقق موجب الإعفاء من العقاب في جريمة الشروع في التقليد، امتنع عليها توقيع عقوبة الجريمة الأخف وهي جريمة حيازة أدوات مما تستعمل في التقليد. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد صدر غيابياً بالنسبة للمحكوم عليه الثاني فلا يمتد إليه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه قبل الطاعن.