أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 239

جلسة الأول من مارس سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الشافعي ومحمد حسين مصطفى نائبي رئيس المحكمة وهاني مصطفى كمال ومصطفى محمد أحمد.

(44)
الطعن رقم 25632 لسنة 67 القضائية

(1) تزوير "الاشتراك في التزوير". اشتراك. إثبات "بوجه عام".
الاشتراك في التزوير تمامه دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة. وجوب استخلاصه من ظروف الدعوى وملابساتها استخلاصاً سائغاً.
(2) تزوير "تزوير أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مجرد التمسك بالورقة المزورة لا تقوم به جريمة استعمال المحرر المزور. وجوب ثبوت علم من استعملها بأنها مزورة عدم التزام المحكمة بتعيين خبير في دعوى التزوير. شرطه؟
عدم تدليل الحكم المطعون فيه على اشتراك الطاعن مع المتهم المجهول بطريق من طرق الاشتراك المنصوص عليها قانوناً في تزوير المحررات وإيراده علمه بتزويرها تدليلاً سائغاً. قصور وإخلال بحق الدفاع.
(3) نقض "أثر الطعن".
عدم امتداد أثر نقض الحكم لمن صدر الحكم بالنسبة له غيابياً. علة ذلك؟
1 - من المقرر إنه وإن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهي تقرر حصوله، أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقاداً سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
2 - من المقرر أنه لا تقوم جريمة استعمال الورقة المزورة إلا بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة ولا يكفي مجرد التمسك بها أمام الجهة التي قدمت لها مادام لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دان الطاعن بجرائم الاشتراك في التزوير واستعمال محررات مزورة والنصب ولم يدلل تدليلاً سائغاً على أنه قد اشترك مع المتهم المجهول بطريق من طرق الاشتراك المنصوص عليها في المادة 40 من قانون العقوبات في تزوير المحررات ولم يورد علمه بتزويرها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عدم التزام المحكمة بتعيين خبير في دعوى التزوير مشروط بثبوت الأمر لديها مما يقوم في الدعوى من أدلة أخرى وهو ما لم تدلل المحكمة على توافره. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً فوق قصوره في التسبيب بالفساد في الاستدلال - الإخلال بحق الدفاع - بما يعيبه، ويوجب نقضه والإعادة.
3 - لما كانت أوجه الطعن سالفة البيان تتصل بالمحكوم عليه الآخر - الذي لم يطعن في الحكم - إلا أن الحكم بالنسبة إليه غير نهائي لصدوره عليه غيابياً، فلا يمتد إليه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)....... (طاعن) (2)...... في قضية الجناية بأنهما أولاً: وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررين رسميين هما التوكيلين رقمي......،...... المؤرخين....... والمنسوب صدورهما لمكتب توثيق مصر الجديدة وذلك بتغيير بياناتهما بجعلها واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن استصدرا توكيلين صحيحين من الجهة سالفة الذكر واتفقا مع ذلك المجهول على تزويرهما بتغيير بيانات أطرافهما (الموكل - الوكيل) بمحو البيانات الأصلية وإثبات حضور الموكلين....... وأولاده..... و...... و...... وإصداره التوكيلين سالفي الذكر للمتهمين وأمداه بالبيانات اللازمة فأثبتها بهما وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: المتهم الأول أيضاً: استعمل التوكيل المزور رقم...... موضوع التهمة الأولى فيما زور من أجله بأن قدمه إلى مكتب توثيق العاشر من رمضان واستخرج التوكيل....... لصالح...... والذي أباح له التصرف في قطعة الأرض المملوكة للمجني عليه/ ...... وأولاده مع علمه بتزويره. ثالثاً: المتهمان أيضاً: توصلا إلى الاستيلاء على المبلغ النقدي المبين قدراً بالأوراق المملوكة للمجني عليه..... وكان ذلك باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهامه بوجود مشروع كاذب وواقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن تصرفا إليه في قطعة أرض ليست مملوكة لهما على النحو المبين بالتحقيقات وأحالتهما إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى المجني عليهم مدنياً قبل المتهم الأول بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني في...... عملاً بالمواد 40/ 3 - 4، 41/ 1، 211، 212، 213، 214، 336/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما هو منسوب إليهما ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة وفي الدعوى المدنية بإلزام كل من المحكوم عليهما سالفي الذكر أن يؤديا للمدعيين بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير أوراق رسمية واستعمالها مع علمه بتزويرها والنصب، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال ذلك بأن لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر الجرائم التي دانه بها وأعرض عن طلبه ندب خبير لتحقيق التزوير مطرحاً إياه بما لا يسوغ إطراحه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر اشتركا مع مجهول في تزوير محررين رسميين هما التوكيلان المشار إليهما بالأوراق، بأن اتفقا معه على تغيير بياناتهما بمحو اسميهما وإثبات أسماء المجني عليهم بدلاً منهما كموكلين وتوصلا بذلك إلى الاستيلاء على المبالغ المبينة من...... بناء على إيهامه بواقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وهي ملكيتهما لأرض ليست مملوكة لهما، وبعد أن أوردت المحكمة أقوال شهود الإثبات، عرضت لطلب الطاعن ندب خبير لتحقيق التزوير بأنها تلتفت عنه بعد أن اطمأنت إلى أنهما هما اللذان قاما باستخراجهما واشتركا مع آخر في تزوير بياناتهما، وتوالت جرائمهما بإصدار توكيل من توكيل حتى تمكنا من بيع قطعة الأرض ملك المجني عليهم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهي تقرر حصوله، أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقاداً سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم. وكان من المقرر كذلك أنه لا تقوم جريمة استعمال الورقة المزورة إلا بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة ولا يكفي مجرد التمسك بها أمام الجهة التي قدمت لها ما دام لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دان الطاعن بجرائم الاشتراك في التزوير واستعمال محررات مزورة والنصب ولم يدلل تدليلاً سائغاً على أنه قد اشترك مع المتهم المجهول بطريق من طرق الاشتراك المنصوص عليها في المادة 40 من قانون العقوبات في تزوير المحررات ولم يورد علمه بتزويرها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عدم التزام المحكمة بتعيين خبير في دعوى التزوير مشروط بثبوت الأمر لديها مما يقوم في الدعوى من أدلة أخرى وهو ما لم تدلل المحكمة على توافره. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً فوق قصوره في التسبيب بالفساد في الاستدلال، الإخلال بحق الدفاع، بما يعيبه، ويوجب نقضه والإعادة، وذلك بغير حاجة لبحث سائر أوجه الطعن إلا أنه وإن كانت أوجه الطعن سالفة البيان تتصل بالمحكوم عليه الآخر - الذي لم يطعن في الحكم إلا أن الحكم بالنسبة إليه غير نهائي لصدوره عليه غيابياً، فلا يمتد إليه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن.