مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1984 إلى آخر فبراير سنة 1985 ) - صـ 233

(43)
جلسة 11 من ديسمبر سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد الرءوف محمد محيي الدين ومحمد محمود البيار وعلي محمد حسن وفاروق علي عبد القادر - المستشارين.

الطعن رقم 639 لسنة 25 القضائية

إصلاح زراعي - قواعد الاعتداد بالتصرفات.
الفقرة ب من المادة 4 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي معدلة بالقانونين رقمي 108 و300 لسنة 1953 - يجوز للمالك أن يتصرف بنقل ملكية ما لم يستول عليه من أطيانه الزراعية الزائدة على مائتي فدان إلى صغار الزراع في ميعاد غايته 31 من أكتوبر سنة 1953 - المادة 29 من القانون رقم 178 لسنة 1952 معدلة بالقانون رقم 14 لسنة 1965 - يشترط للاعتداد بهذه التصرفات أن يصدق عليها من قاضي المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار - وجوب تسجيل هذه التصرفات وأحكام صحة التعاقد الخاصة بها خلال ميعاد غايته 3 من إبريل سنة 1966 تاريخ انقضاء سنة على تاريخ العمل بالقانون رقم 14 لسنة 1965 إذا كان تصديق المحكمة الجزئية أو ثبوت تاريخ التصرف سابقاً على أول إبريل سنة 1955 - إذا كان التصديق أو ثبوت التاريخ أو تسجيل عريضة دعوى صحة التعاقد لاحقاً على أول إبريل سنة 1955 يجب تسجيل التصرف أو الحكم في دعوى صحة التعاقد خلال سنة من تاريخ تصديق المحكمة أو ثبوت التاريخ أو صدور الحكم أو خلال سنة من تاريخ العمل بالقانون رقم 14 لسنة 1965 أي هذه المواعيد أبعد - جزاء عدم تسجيل التصرفات أو أحكام صحة التعاقد الخاصة بها خلال المواعيد - عدم الاعتداد بالتصرفات والاستيلاء على الأرض محل التصرف فضلاً عن استحقاق الضريبة الإضافية كاملة اعتباراً من أول يناير سنة 1953 حتى تاريخ الاستيلاء - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 1/ 5/ 1979 أودع الأستاذ/ عبد الحليم سليمان الجنيدي المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا تقرير هذا الطعن نيابة عن ورثة المرحوم/ أحمد جنيدي خليل وهم: زوجته سميرة محمود عبد السلام عن نفسها وبصفتها وصية على قصر المرحوم وهم (عماد الدين وعاطف ونادية) وأولاده البلغ (سيد وسيادة وكريمة أحمد جنيدي) ووالدته السيدة/ زينب سيد أبو العنيين ضد: (1) السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته (2) السيدة/ سميحة محمد بهنسي - في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 97 لسنة 1975 بجلسة 15/ 3/ 1979 والقاضي برفض الاعتراض.
وطلب الطاعنون في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الاعتراض شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المشار إليه والاعتداد بالتصرف الصادر لمورث الطاعنين مع إلزام الهيئة المطعون ضدها المصروفات.
وقد تم تحضير الطعن وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 16/ 3/ 1983 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 29/ 3/ 1983 وفيها استمعت المحكمة إلى ملاحظات الطرفين ثم تدوول نظر الطعن بعد ذلك بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها إلى أن قررت المحكمة بجلسة 6/ 11/ 1984 إصدار الحكم بجلسة 11/ 12/ 1984 مع التصريح بالاطلاع ومذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين إلا أن أياً من الطرفين لم يودع شيئاً خلال ذلك الأجل - وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر بجلسة 15/ 3/ 1979 وأودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 1/ 5/ 1979 ومن ثم فإن الطعن يكون قد أودع خلال ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 13 مكرر من القانون رقم 178 لسنة 1952 معدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1971. ولما كان الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه بالتالي يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تتحصل في أن السيد/ أحمد جنيدي خليل (مورث الطاعنين) - أقام الاعتراض رقم 97 لسنة 1975 بصحيفة قدمت إلى سكرتارية اللجان القضائية للإصلاح الزراعي بتاريخ 10/ 3/ 1975 وقال شرحاً لاعتراضه أنه اشترى بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 16/ 7/ 1953 من السيدة/ سميحة محمد بهنسي مساحة 20 س 6 ط 3 ف أطياناً زراعية كائنة بزمام بوش على قطعتين إحداهما 14 س - ط 3 ف بحوض كامل باشا العربي رقم 55 ضمن القطعة رقم/ 7 والأخرى مساحتها 6 س 6 ط بحوض بهنسي الشرقي/ 29 ضمن القطعة/ 11 في/ 5. وقد تم التصديق على هذا البيع في محكمة بني سويف الجزئية بتاريخ 29/ 8/ 1953 ذلك أن البائعة من الخاضعين للقانون رقم 178 لسنة 1952 وقد تم البيع تطبيقاً للمادة 4 من القانون المذكور. ونظراً لأن البائعة كانت ممتنعة عن تقديم مستندات الملكية فقد أقام المرحوم/ أحمد جنيدي خليل الدعوى رقم 433 لسنة 1966 مدني كلي القاهرة مختصماً البائعة المذكورة والهيئة العامة للإصلاح الزراعي طالباً الحكم بصحة ونفاذ العقد المذكور. وقد قضى في تلك الدعوى بالرفض استناداً إلى ما أثارته الهيئة العامة للإصلاح الزراعي من أن هذا القدر المبيع يقع في أعيان خيرية أوقفتها البائعة إلا أن المشتري طعن على هذا الحكم بالاستئناف رقم 403 لسنة 84 ق وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي وبصحة ونفاذ عقد البيع مع إلزام الهيئة العامة للإصلاح الزراعي المدعى عليها الثانية المصروفات عن الدرجتين وذلك بعد أن ثبت لمحكمة الاستئناف من تقرير الخبير الذي باشر المأمورية بناء على تكليف منها أن القدر المبيع لا يقع في أعيان الوقف ذلك أن هذا الوقف الخيري كائن بمحافظة أخرى هي محافظة الفيوم.
ونظراً لأن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد استولت على الأطيان المذكورة على الرغم من أنها من المساحات الزائدة على المائتي فدان والجائز التصرف فيها وفقاً للقانون فقد أقام المرحوم/ أحمد جنيدي خليل الاعتراض رقم 97 لسنة 1975 أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعي بتاريخ 10/ 3/ 1975 طالباً الحكم بإلغاء الاستيلاء على تلك الأطيان والاعتراض بالتصرف الصادر بشأنها له من البائعة السيدة/ سميحة محمد بهنسي.
وبجلسة 24/ 4/ 1975 أودع المعترض أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي حافظة مستندات اشتملت على:
1 - صورة تنفيذية من حكم محكمة استئناف القاهرة (الدائرة الحادية عشر المدنية) الصادر بجلسة 3/ 12/ 1967 في الاستئناف رقم 403 لسنة 84 ق المقام من المعترض ضد كل من السيدة/ سميحة محمد بهنسي (2) الهيئة العامة للإصلاح الزراعي. ويقضي هذا الحكم بما يلي: حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) بقبول الاستئناف شكلاً. (ثانياً) ببطلان الحكم المستأنف. (ثالثاً) وفي الموضوع بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 16 يوليو سنة 1953 المتضمن بيع المستأنف عليها الأولى إلى المستأنف 20 س 6 ط 3 ف الموضحة الحدود والمعالم نظير ثمن قدره 583 مليم 638 جنيه وألزمت المستأنف عليها الثانية المصروفات عن الدرجتين وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
2 - شهادة رسمية صادرة من إدارة الاستيلاء بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي تحت رقم 49 ومحررة بتاريخ 22/ 3/ 1966 تتضمن أن أطيان النزاع هي من الأطيان الزائدة على المائتي فدان وأن الخاضعة السيدة/ سميحة محمد بهنسي قد تصرفت فيها إلى المعترض تطبيقاً لأحكام المادة الرابعة من القانون رقم 178 لسنة 1952.
3 - عقد البيع الابتدائي المؤرخ 16/ 7/ 1953 والصادر من السيدة/ سميحة محمد بهنسي لصالح المعترض عن أطيان النزاع البالغ مساحتها 20 س 6 ط 3 ف.
4 - شهادة صادرة من تفتيش مساحة بني سويف مؤرخة 2/ 5/ 1967 تفيد أنه قد صدر القرار الوزاري رقم 10034 لسنة 1960 بفصل قرية بني زايد عن بوش وجعل كل قرية منها قائمة بذاتها وأعطى حوض كامل باشا الغربي رقم 53 بدلاً من 55، وحوض بهنس الشرقي رقم 57 بدلاً من 59 ثم أعيدت أرقام الأحواض إلى أرقامها الأصلية وأصبح حوض كامل باشا الغربي برقم 55 وحوض بهنس الشرقي رقم 59 كأصله طبقاً للتعليمات المصلحية.
5 - صورة رسمية من الحكم الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية (الدائرة 29 تصرفات) بجلسة 1/ 5/ 1958 في الدعوى المرفوعة من ورثة المرحوم/ سيد بهنس تحت رقم 86 لسنة 1956 ضمن وقف السيد/ محمد بهنس علي بشأن فرز وتجنيب مساحة 11 س 21 ط 11 ف وقد قضت المحكمة حضورياً بفرز وتجنيب هذه المساحة الموضحة الحدود والمعالم بملحق تقرير الخبير ومشروع الشهر العقاري رقم 275 المؤرخ 30/ 12/ 1957.
6 - صورة رسمية من تقرير الخبير المقدم في مادة التصرفات رقم 86 لسنة 1956 المقامة من ورثة المرحوم سيد بهنس ضد وقف السيد/ محمد بهنس.
كما أنه بجلسة 28/ 5/ 1975 قدم وكيل المعترض مذكرة بدفاعه خلص فيها إلى طلب الحكم بالاعتداد بالتصرف الصادر له من السيدة/ سميحة محمد بهنس.
وبجلسة 28/ 5/ 1975 قررت اللجنة القضائية قبل الفصل في شكل وموضوع الاعتراض إحالة الأوراق الخاصة بالاعتراض إلى مكتب خبراء وزارة العدل ليعهد إلى أحد خبرائه الانتقال إلى عين النزاع ومطابقة مستندات المعترض ثم بيان ما إذا كانت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تحوز هذه المساحات من عدمه وإيضاح أسباب الاستيلاء إن وجد إلا أنه بتاريخ 28/ 12/ 1975 أعاد الخبير المنتدب ملف الاعتراض وما به من أوراق ومستندات إلى اللجنة القضائية دون مباشرته للمأمورية المشار إليها نظراً لوفاة المعترض إلى رحمة الله بتاريخ 11/ 5/ 1975.
وبجلسة 13/ 1/ 1977 مثل طرفا النزاع أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي وقدم وكيل ورثة المرحوم/ أحمد جنيدي خليل حافظة مستندات طويت على: (1) صورة الإعلام الشرعي الصادر من محكمة ناصر الجزئية للأحوال الشخصية بتاريخ 14/ 1/ 1976 والمتضمن وفاة المرحوم/ أحمد جنيدي خليل بتاريخ 11/ 5/ 1975 وانحصار إرثه الشرعي في والدته السيدة/ زينب سيد أبو العينين وزوجته السيدة/ سميرة محمود عبد السلام وأولاده البالغين سيد وسيادة وكريمة والقصر نادية وعماد الدين وعاطف) (2) شهادة رسمية صادرة من نيابة بني سويف للأحوال الشخصية بتاريخ 14/ 1/ 1976 تتضمن أن المحكمة قضت بتعيين السيدة/ سميحة محمود عبد السلام وصية بلا أجر على أولادها نادية وعماد وعاطف قصر المرحوم/ أحمد جنيدي خليل.
وبجلسة 1/ 6/ 1977 قررت اللجنة القضائية شطب الاعتراض لتخلف وكيل المعترض عن الحضور. إلا أنه بتاريخ 20/ 12/ 1977 أقام المعترضون الاعتراض رقم 768 لسنة 1977 طالبين الحكم بالاعتداد بعقد البيع الابتدائي المؤرخ 16/ 7/ 1953 الصادر من السيدة/ سميحة محمد بهنس لصالح مورثهم المرحوم/ أحمد جنيدي خليل. وقد أوردت صحيفة الاعتراض المذكورة ذات الوقائع والطلبات السابق إيرادها في الاعتراض رقم 97 لسنة 1975.
وبجلسة 20/ 4/ 1978 قررت اللجنة القضائية ضم الاعتراض رقم 97 لسنة 1975 إلى الاعتراض رقم 768 لسنة 1977 وإحالة الأوراق إلى الخبير لمباشرة المأمورية الموضحة بالقرار التمهيدي الصادر بجلسة 28/ 5/ 1975.
وقد أودع الخبير المنتدب تقريراً خلص فيه إلى النتائج التالية:
أولاً: الأرض موضوع الاعتراض مسطحها 30 س 6 ط 3 ف تقع بناحية بوش محافظة بني سيوف على قطعتين: الأولى مسطحها 2 س 1 ط 3 ف شيوعاً في مسطح 10 س 3 ط 35 ف بالقطعة رقم (7) بحوض كامل باشا الغربي 53. والثانية مسطحها 18 س 5 ط شيوعاً في مسطح 2 س 8 ط 21 ف بالقطعة/ 11 بحوض بهنس الشرقي/ 57 وجملة مسطح الاعتراض هو 20 س 6 ط 3 ف وذلك بالحدود والمعالم الموضحة في ص 3 من التقرير.
ثانياً: أنه بتطبيق الحدود والمعالم الواردة بمستندات المعترض المودعة ملف الاعتراض وهي عقد البيع المؤرخ 16/ 7/ 1953 والحكم الصادر في الاستئناف رقم 403 لسنة 84 ق القاهرة على الطبيعة وجد أنها تنطبق تماماً على حدود ومعالم مسطح الاعتراض.
ثالثاً: مسطح أرض الاعتراض مربوط بالإيجار باسم المعترض أحمد جنيدي خليل من تاريخ الاستيلاء في 13/ 11/ 1961 للآن.
رابعاً: استولى الإصلاح الزراعي على أرض الاعتراض بالتطبيق لأحكام المادة الرابعة من القانون رقم 178 لسنة 1952 حيث إن المعترض لم يقم بتسجيل عقد البيع المؤرخ 16/ 7/ 1953 والحكم الصادر في الاستئناف 403 لسنة 84 ق القاهرة والقاضي بصحة ونفاذ العقد آنف الذكر للآن. وهذا مع ملاحظة أن المعترض أحمد جنيدي خليل تقدم بالطلب رقم 598 م/ 1955 إلى مأمورية الشهر العقاري وذلك حسبما تبين للخبير من الاطلاع على أبحاث الملكية للخاضعة السيدة سميحة محمد بهنس بالتطبيق لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952.
وبجلسة 15/ 3/ 1979 قررت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي رفض الاعتراض. وأقامت اللجنة المذكورة قضاءها على أساس أن المعترضين لم يقوموا بتسجيل عقد البيع المؤرخ 16/ 7/ 1953 ولا الحكم الصادر في الاستئناف رقم 403 لسنة 84 ق القاهرة والقاضي بصحة ونفاذ العقد المذكور تطبيقاً للمادة 29 من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 المعدلة بالقانون رقم 14 لسنة 1965 مما يتعين معه الاستيلاء على الأرض موضوع الاعتراض.
ويستند الطاعنون في إقامة طعنهم الماثل إلى الأسباب الآتية: (أولاً) أن المشرع عندما نص في المادة 29 من القانون رقم 178 لسنة 1952 بضرورة التسجيل في خلال سنة تالية من صدور الحكم كان يهدف بذلك إلى الحيلولة بين التصرفات الغير جدية لا سيما الصادرة إلى الأقارب أو التابعين وأنه لما كان المشتري غير تابع أو قريب للخاضع فإنه من ثم تنتفي شبهة التحايل. (ثانياً) أن تعديل المادة 29 سالفة الذكر كان المقصود به وضع حد للتصرفات الغير جدية والتي تهدف إلى الهروب من أحكام القانون وأن الطاعنين ظلوا في نزاع قضائي حتى سنة 1966.
وبتاريخ 14/ 11/ 1979 وأثناء تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة أودعت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي مذكرة بدفاعها تضمنت شرحاً لوقائع النزاع ثم خلصت فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن وتأييد القرار المطعون عليه مع إلزام الطاعنين المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أسست الهيئة المذكورة دفاعها وطلبها الحكم برفض الطعن على أحكام المادة 29 من القانون رقم 178 لسنة 1952 المعدلة بالقانون رقم 14 لسنة 1965 وعدم تسجيل التصرف محل النزاع في المواعيد المنصوص عليها في تلك المادة.
وبجلسة 10/ 4/ 1984 وأثناء نظر الطعن أمام هذه المحكمة أودعت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ثلاثة ملفات تحمل رقم 1/ 178/ 404 والمتضمنة إقرارات الخاضعة السيدة/ سميحة محمد بهنس.
وبجلسة 6/ 11/ 1984 أودع الطاعنون مذكرة ختامية بدفاعهم تضمنت ترديداً لما جاء بصحيفة الطعن مع إضافة ما يلي: (أولاً) أن الحكمة من تصديق القاضي الجزئي هو لضمان جدية التصرف والتأكد من عدم الصورية وهذا ما تحقق في التصرف موضوع النزاع منذ رفعت بشأنه دعوى صحة ونفاذ الأمر الذي يؤكد قيام المتصرف إليه بإجراءات أكثر من مجرد تصديق القاضي الجزئي على التصرف (ثانياً) ثابت من الأوراق أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد دخلت في دعوى صحة ونفاذ العقد التي أقامها مورث الطاعنين ضد البائعة السيدة/ سميحة محمد بهنس وقد قضى في هذه الدعوى بحكم الاستئناف رقم 403 لسنة 84 ق القاهرة بصحة ونفاذ العقد المذكور وقد حاز هذا الحكم حجية الأمر المقضى فيه في مواجهة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وإذا كان القانون قد اشترط الإشهار في بحر سنة من صدور الحكم المذكور فإن الغاية هي منع الصورية وقد كان في مكنة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أن تطعن بأي مطعن كيفما تشاء أمام المحاكم ذات الاختصاص العام ومن ثم فليس لها أن تستولي على الأرض بعد أن حاز الحكم المطعون فيه حجية الأمر المقضى فيه. (ثالثاً) أن مورث الطاعنين كان قد تقدم بالطلب رقم 588 م/ 1955 إلى مأمورية الشهر العقاري إلا أنه كما هو ثابت من شهادة تفتيش مساحة بني سويف المؤرخة 2/ 5/ 1967 فإنه قد صدر القرار الوزاري رقم 10034 لسنة 1960 بفصل قرية بني زايد عن بوش وجعل كل قرية منهما قائمة بذاتها وأعطى حوض كامل باشا الغربي رقم 53 بدلاً من 55 وحوض بهنس الشرقي رقم 57 بدلاً من 59 ثم أعيدت أرقام الأحواض إلى أرقامها الأصلية وأصبح حوض كامل باشا الغربي برقم 55 وحوض بهنس الشرقي رقم 59 كأصله. وأنه يتضح من كل ذلك أن مورث الطاعنين لم يتقاعس عن طلب إشهار عقد البيع الصادر لصالحه لكن هناك عقبات جدية حالت دون إتمام إجراءات الشهر إلا وهي تغيير أرقام الأحواض. ثم خلص الطاعنون في ختام مذكرة دفاعهم إلى التصميم على الطلبات الواردة في صحيفة الطعن.
ومن حيث إنه باستعراض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي يتبين أن المادة 4 منه معدلة بالقانون رقمي 108 و300 لسنة 1953 تنص على أنه يجوز مع ذلك للمالك خلال خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون، أن يتصرف بنقل ملكية ما لم يستول عليه من أطيانه الزراعية الزائدة على مائتي فدان على الوجه الآتي: ( أ ) إلى أولاده بما لا يجاوز الخمسين فداناً للولد على ألا يزيد مجموع ما يتصرف فيه إلى أولاده على مائة فدان. (ب) إلى صغار الزراع بالشروط الآتية. 1 - أن تكون حرفتهم الزراعة. 2 - أن يكونوا مستأجرين أو مزارعين في الأرض المتصرف فيها أو من أهل القرية الواقع في دائرتها العقار. 3 - ألا يزيد ما يملكه كل منهم من الأراضي الزراعية عن عشرة أفدنة. 4 - ألا تزيد الأرض المتصرف فيها لكل منهم على خمسة أفدنة. 5 - ألا تقل الأرض المتصرف فيها لكل منهم على فدانين إلا إذا كانت جملة القطعة المتصرف فيها تقل عن ذلك أو كان التصرف للبلدة أو القرية لبناء مساكن عليها على أن يتعهد المتصرف إليه بإقامة المسكن عليها خلال سنة من التصرف.
ولا يعمل بهذا البند إلا لغاية أكتوبر سنة 1953 ولا يعتد بالتصرفات التي تحصل بالتطبيق له إلا إذا تم التصديق عليها من المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار قبل أول نوفمبر سنة 1953 ويستثنى من هذا المنع الجمعيات الخيرية المنصوص عليها في المادة الثانية بعد (هـ) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 (جـ) إلى خريجي المعاهد الزراعية بالشروط الآتية...".
وتنص المادة 29 من ذات القانون معدلة بالقانون رقم 14 لسنة 1965 والذي جرى نفاذه من 4 إبريل سنة 1965 - على أنه تحصل الضريبة الإضافية والغرامة المنصوص عليها في المادة السابقة مع القسط الأخير للضريبة الأصلية ويكون للحكومة في تحصيل الضريبة الإضافية والغرامة مالها في تحصيل الضريبة الأصلية من حق الامتياز...... ويجب تسجيل التصرفات الصادرة إلى الأولاد ووفقاً للبند ( أ ) من المادة الرابعة وكذلك أحكام صحة التعاقد الخاصة بها قبل أول يوليو سنة 1959.
كما يجب تسجيل التصرفات الصادرة وفقاً للبندين (ب)، (ج) من المادة الرابعة وأحكام صحة التعاقد الخاصة بها خلال سنة من تاريخ العمل بهذا القانون إذا كان تصديق المحكمة الجزئية أو ثبوت تاريخ التصرف سابقاً على أول إبريل سنة 1955، فإذا كان التصديق أو ثبوت التاريخ أو تسجيل عريضة دعوى صحة التعاقد لاحقاً على أول إبريل سنة 1955 وجب تسجيل التصرف أو الحكم في دعوى صحة التعاقد خلال سنة من تاريخ تصديق المحكمة أو ثبوت التاريخ أو صدور الحكم أو خلال سنة من تاريخ العمل بهذا القانون أي هذه المواعيد أبعد.
ويترتب على مخالفة هذه الأحكام الاستيلاء على الأطيان محل التصرف وكذلك استحقاق الضريبة الإضافية كاملة اعتباراً من أول يناير سنة 1953 حتى تاريخ الاستيلاء.
ومن حيث إن المستفاد بجلاء من النصوص المتقدمة أن الشارع قد أجاز للمالك الخاضع لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه - في ميعاد لا يجاوز 31 من أكتوبر سنة 1953 - التصرف فيما لم يستول عليه من القدر الزائد على المائتي فدان الحد الأقصى للملكية الزراعية آنذاك إلى صغار الزراع بالشروط التي سلف بيانها بيد أنه تطلب للاعتداد بهذه التصرفات أن يصدق عليها من قاضي المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار وأوجب تسجيل هذه التصرفات أو أحكام صحة التعاقد الخاصة بها خلال ميعاد غايته 3 من إبريل سنة 1966 تاريخ انقضاء سنة على تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 14 لسنة 1965 وذلك إذا كان تصديق المحكمة الجزئية أو ثبوت تاريخ التصرف سابقاً على أول إبريل سنة 1955 أما إذا كان التصديق أو ثبوت التاريخ أو تسجيل عريضة دعوى صحة التعاقد لاحقاً على أول إبريل سنة 1955 وجب تسجيل التصرف والحكم في دعوى صحة التعاقد خلال سنة من تاريخ تصديق المحكمة أو ثبوت التاريخ أو صدور الحكم أو خلال سنة من تاريخ العمل بالقانون رقم 14 لسنة 1965 المشار إليه أي هذه المواعيد أبعد ورتب الشارع على عدم تسجيل تلك التصرفات أو أحكام صحة التعاقد الخاصة بها قبل نهاية المواعيد المشار إليها جزاء مفاده عدم الاعتداد بها والاستيلاء تبعاً لذلك على الأرض محل التصرف فضلاً على استحقاق الضريبة الإضافية عليها كاملة اعتباراً من أول يناير سنة 1953 حتى تاريخ الاستيلاء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق في الطعن الماثل أن مورث الطاعنين قد اشترى بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 16/ 7/ 1953 أطياناً زراعية مساحتها 20 س 6 ط 3 ف كائنة بزمام بوش محافظة بني سويف وذلك من السيدة/ سميحة محمد بهنس الخاضعة لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952، وقد تم هذا البيع تطبيقاً للمادة 4 من القانون المذكور وبتاريخ 29/ 8/ 1953 تم التصديق على عقد البيع المشار إليه من محكمة بني سويف الجزئية، ثم أقام مورث الطاعنين بعد ذلك الدعوى رقم 433 لسنة 1966 مدني كلي القاهرة بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المذكور وذلك بعد أن اختصم في هذه الدعوى كلاً من السيدة/ سميحة محمد بهنس البائعة والهيئة العامة للإصلاح الزراعي وبجلسة 22/ 12/ 1966 قضت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات. ولم يرتض مورث الطاعنين هذا الحكم فأقام الاستئناف رقم 403 لسنة 84 ق وبجلسة 3/ 12/ 1967 قضت محكمة الاستئناف القاهرة ببطلان الحكم المستأنف وفي الموضوع بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 16/ 7/ 1953. ومن ثم فإنه إعمالاً لصريح حكم المادة 29 من القانون رقم 178 لسنة 1952 - معدلة بالقانون رقم 14 لسنة 1965 السالف الإشارة إليها - فإن آخر موعد لتسجيل الحكم المذكور هو 3/ 12/ 1968. ولما كان مورث الطاعنين لم يقم بهذا الإجراء خلال المدة من 3/ 12/ 1967 تاريخ صدور الحكم الاستئنافي حتى 3/ 12/ 1968 تاريخ فوات سنة على صدور الحكم المذكور. ولما كانت أوراق الطعن خالية تماماً من أي دليل يفيد وجود عقبة مادية حالت بين مورث الطاعنين وبين تسجيل حكم صحة التعاقد سالف الذكر خلال مدة السنة المشار إليها فإنه من ثم تكون أرض النزاع محلاً للاستيلاء عليها من جانب الهيئة المطعون ضدها وإذ ذهب القرار المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون متفقاً مع القانون، ومن ثم يكون الطعن الماثل قائماً على غير أساس خليقاً بالرفض.
ومن حيث إنه لا يغير من الرأي الذي انتهت إليه المحكمة ما يثيره الطاعنون في مذكرات دفاعهم من أن ثمة ظروفاً خارجية حالت بين مورثهم وبين تسجيل حكم صحة التعاقد خلال الميعاد المقرر قانوناً وأن هذا القوة القاهرة تتمثل في صدور قرار وزير الري رقم 10034 لسنة 1960 بفصل قرية بني زايد من بوش وجعل كل قرية منهما قائمة بذاتها وأعطى حوض كامل باشا الغربي رقم 53 بدلاً من 55 وحوض بهنس الشرقي رقم 57 بدلاً من 59 ثم أعيدت أرقام الأحواض إلى أرقامها الأصلية وأصبح حوض كامل باشا الغربي برقم 55 وحوض بهنس الشرقي برقم 59 كأصله طبقاً للتعليمات. وهذا القول مردود بأن الشهادة الرسمية المبينة لذلك والصادرة عن تفتيش المساحة بمحافظة بني سويف مؤرخة 2/ 5/ 1967 أي قبل 3/ 12/ 1967 تاريخ صدور حكم الاستئناف الصادر لصالح مورث الطاعنين بسبعة أشهر ومن ثم فإنه كان في وسع المذكور تسجيل الحكم في أي وقت خلال مدة السنة المحددة قانوناً كما أن مورث الطاعنين قد أقام دعواه بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر لصالحه عام 1966 ومن المعلوم أن دعاوى صحة ونفاذ العقود المتعلقة بأموال عقارية يتعين قانوناً ليس فقط تسجيل الأحكام الصادرة فيها وإنما يتعين تسجيل عرائض دعاويها أيضاً ولو كان قرار وزير الري رقم 10034 لسنة 1960 يمثل عقبة فعلاً إزاء التسجيل لحال ذلك بين مورث الطاعنين وبين تسجيل عريضة دعواه المقامة عام 1966. هذا فضلاً عن أن الثابت من الاطلاع على تقرير الخبير الهندسي المرفق بالأوراق أن مورث الطاعنين سبق أن تقدم عام 1955 بطلب الشهر رقم 598 م لسنة 1955 إلى مأمورية الشهر العقاري المختصة ببني سويف إلا أن هذا الطلب تم إلغاؤه بعد ذلك بناء على طلب صاحب الشأن وهو مورث الطاعنين.
كما لا يغير من الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أيضاً ما يثيره الطاعنون في مذكرة دفاعهم الختامية من أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد اختصمت أيضاً في دعوى صحة ونفاذ العقد التي أقامها مورثهم ضد البائعة السيدة/ سميحة محمد بهنس وقد حاز الحكم الصادر لصالح المورث حجية الأمر المقضي في مواجهة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ومن ثم فإنه ليس للهيئة المذكورة أن تستولي بعد ذلك على الأرض محل النزاع. وهذا القول مردود بأن المحكمة الإدارية العليا قد استقر قضاؤها على أنه في حالة صدور حكم بصحة ونفاذ عقد بيع عرفي لصالح أحد صغار الزراع إعمالاً لحكم البند (ب) من المادة 4 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 وصيرورة هذا الحكم نهائياً بعدم الطعن فيه بالاستئناف ليس من شأنه أن يعطل حكم المادة 29 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 آنفة الذكر ولا يحول دون إعماله متى توافرت شرائط ذلك على الوجه السالف بيانه.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184/ 1 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.