مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1984 إلى آخر فبراير سنة 1985 ) - صـ 250

(45)
جلسة 18 من ديسمبر سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد الرؤوف محمد محيي الدين ومحمد محمود البيار وعلي محمد حسن وفاروق علي عبد القادر - المستشارين.

الطعنان رقما 1223 و1224 لسنة 27 القضائية

عقد إداري - تنفيذه - عوارض تنفيذ العقد الإداري.
مجال إعمال نظرية الظروف الطارئة أن تطرأ خلال تنفيذ العقد الإداري حوادث أو ظروف طبيعية أو اقتصادية سواء من عمل الجهة الإدارية المتعاقدة أو من غيرها ولم تكن في حسبان المتعاقد عند إبرام العقد ولا يملك لها دفعاً وأن يترتب عليها أن تنزل بالمتعاقد خسائر فادحة تختل معها اقتصاديات العقد اختلالاً جسيماً - مؤدى هذه النظرية بعد توافر شروطها إلزام جهة الإدارة المتعاقدة مشاركة المتعاقد معها في تحمل نصيب من الخسارة التي حاقت به طوال فترة قيام الظرف الطارئ - أساس ذلك: ضمان تنفيذ العقد الإداري واستمرارية سير المرافق العامة مراعاة للصالح العام - تطبيق هذه النظرية يفترض بداءة أن يتم تنفيذ العقد الإداري تنفيذاً كاملاً - إذا لم يقم المتعاقد بتنفيذ التزاماته التعاقدية كاملة بعد أن أعفته الجهة الإدارية من توريد جزء من الكمية المتعاقد عليها فلا محل لطلب التعويض - أساس ذلك: إعفاء المتعاقد من التوريد خير مشاركة من جانب الإدارة للمتعاقد في تحمل بعض أعباء العقد خلال فترة الظرف الطارئ - لا محل لتطبيق النظرية عند توافر شروطها للحكم بتعويض يحقق ربحاً للمتعاقد - أساس ذلك: مجال إعمال النظرية تحمل جزء من الخسارة وليس تحقيق ربح للمتعاقد - تطبيق.


إجراءات الطعن

بالنسبة إلى الطعن رقم 1223 لسنة 27 ق. عليا.
أودع تقرير هذا الطعن الأستاذ ضياء الدين داود المحامي - المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا. بصفته وكيلاً عن السيد/ أحمد علي عيسى، وذلك في يوم الخميس 21/ 5/ 1981، طعنا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بتاريخ 22/ 3/ 1981 في الدعوى رقم 769 لسنة 28 ق. عليا المقامة من الطاعن والذي قضى بإلغاء القرار الصادر من هيئة الإمدادات والتموين للقوات المسلحة بتكليف المدعي (الطاعن) بتوريد 1805 طن من الجبن الأبيض واعتباره كأن لم يكن ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت طرفي الدعوى المصروفات مناصفة، وطلب الطاعن للأسباب الموضحة بعريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة للطلب الثاني من طلبات الطاعن بصحيفة الدعوى الخاص بطلب التعويض، والحكم بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا للطاعن مبلغ مائتي جنيه والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
بالنسبة للطعن رقم 1224 لسنة 27 ق. عليا.
فقد أودعت تقرير هذا الطعن إدارة قضايا الحكومة - نائبة عن السيدين وزير الدفاع ومدير هيئة إمداد وتموين القوات المسلحة وذلك في يوم الخميس الموافق 21/ 5/ 1981 في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري المشار إليه في الطعن السابق، وطلب الطاعنان للأسباب الموضحة في عريضة الطعن إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات وتم تحضير الطعنين وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن رقم 1223 لسنة 27 ق. عليا شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات، وبقبول الطعن رقم 1224 لسنة 27 ق. عليا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض دعوى المدعي مع إلزامه بالمصروفات عن درجتي التقاضي، ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 21/ 11/ 1983 ضم الطعن رقم 1224 لسنة 27 ق. عليا إلى الطعن رقم 1223 لسنة 27 ق. عليا وبجلسة 4/ 6/ 1984 قررت إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا لنظرهما بجلسة 27/ 10/ 1984 وفي هذه الجلسة وما تلاها من جلسات استمعت المحكمة إلى ملاحظات الطرفين وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه بملف الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية فهما مقبولان شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 2/ 5/ 1974 أقام السيد/ أحمد علي عيسى الدعوى رقم 769 لسنة 28 ق أمام محكمة القضاء الإداري مختصماً فيها السيدين وزير الحربية ومدير هيئة الإمدادات والتموين وطلب فيها بصفة مستعجلة وقف تنفيذ قرار هيئة الإمداد والتموين بتكليفه بتوريد 1805 طناً من الجبن، وفي الموضوع بإلغائه مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات وبإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا له مائتي ألف جنيه والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال المدعي شرحاً لهذه الدعوى أنه أبرم مع إدارة التموين بالقوات المسلحة عقداً بتوريد 2500 طن جبن أبيض كامل الدسم طبقاً لمواصفات وزارة الصحة معبأ في صفائح جديدة سعة 18 لتراً ونص بالعقد على أن مدته سنة ونصف تبدأ في 1/ 7/ 1972 وتنتهي في 31/ 12/ 1973 وأن يتم التوريد طبقاً للكميات التي تصدر بها أوامر التوريد، إلا أنه نظراً لعدم توافر الألبان في فصل الصيف فقد تعطل التوريد ورأت جهة الإدارة تقديراً منها لهذه الظروف أن تجعل بداية التوريد متراخية إلى 6/ 2/ 1973 وأن تلغى أوامر التوريد السابقة مع ما يترتب عليها من غرامات واستطرد المدعي قائلاً أنه قبل نهاية 1973 زادت وزارة الحربية كمية الجبن المتعاقد عليها بمقدار 30% فأصبحت الكمية 3240 طناً وصدرت أوامر توريد بمقدار 1500 طناً قام المدعي بتوريدها على أكمل وجه وبسعر أقل من السعر الذي تعاقدت به وزارة الحربية مع شركة مصر للألبان في ذات المدة إذ كان سعره عن الطن مبلغ 320 جنيهاً في حين كان السعر المتفق عليه مع الشركة المشار إليها 360 جنيهاً مما حمله خسائر في توريد 1450 طناً بلغت مائة وخمسين ألف جنيه الأمر الذي أدى إلى توقف البنك الصناعي - الذي يمول العملية عن التعامل معه، وأنه بعد انتهاء مدة العقد فوجئ بإنذار من هيئة الإمداد والتموين بتاريخ 9/ 3/ 1974 تطلب منه العمل على سرعة توريد 1805 طناً من الجبن، ونعى المدعي على إنذار جهة الإدارة بالتوريد مخالفته للقانون لأنه قام بالتوريد طبقاً لأوامر التوريد الصادرة إليه، وأنه خلال عام 1973 لم يتلق أي أمر بالتوريد الأمر الذي يؤكد تخلي جهة الإدارة عن عقد 72/ 73 وأن هذا العقد قد انتهى بانقضاء مدته في 31/ 12/ 1973 ولا يجوز الاستناد إلى إعفاء جهة الإدارة من التوريد لمدة ستة شهور للقول بتجديد العقد ستة أشهر أخرى، لأنه خلال المدة المذكورة تم إعفاء المورد نهائياً من التوريد، وانتهى المدعي إلى الحكم له بطلباته السابقة، وقد ردت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى بمذكرة خلصت فيها إلى عدم توافر الاستعجال أو الجدية في طلب وقف التنفيذ، وأن أوامر التوريد صدرت أثناء مدة العقد الأصلي، ومن ثم فإن المتعهد يلزم بتوريدها حتى بعد انقضاء مدة العقد.
وبجلسة 18/ 5/ 1975 قضت محكمة القضاء الإداري برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير في موضوعها، وقدمت الهيئة تقريراً اقترحت فيه الحكم برفض الدعوى وأمام محكمة القضاء الإداري قدمت الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها جاء بها أنها تعاقدت مع المدعي لتوريد 1500 طن جبن أبيض عن عام 71/ 72 على أن يبدأ التوريد من 1/ 7/ 71 حتى 30/ 6/ 1972 ثم تعاقدت معه على توريد 2500 طن جبن خلال المدة من 1/ 7/ 72 حتى 31/ 12/ 1973، ونظراً لتراخي المدعي والموردين الآخرين في التوريد فقد عقد اجتماع بالقوات المسلحة بتاريخ 23/ 1/ 1973 حضره المدعي وبعض الموردين الآخرين، تعهد فيه الموردون بتوريد جميع باقي كميات عقد 71/ 72 في موعد غايته 5/ 2/ 1973 ثم يبدأ توريد عقد 72/ 73 وهو العقد محل الدعوى وذلك اعتباراً من 6/ 2/ 73، وبتاريخ 19/ 7/ 73 طلبت الجهة الإدارية زيادة كميات هذا العقد بنسبة 30% وأخطر المدعي بذلك في 19/ 7/ 1973 وعندما رأت الإدارة تقصيره في التوريد خفضت الزيادة إلى 15% وأصدرت أوامر التوريد بما فيها كمية الزيادة خلال مدة العقد وآخر أمر صدر له كان بتاريخ 2/ 12/ 1973 ولما لم يقم بالتوريد منحته مهلة حتى 5/ 2/ 1974 ليقوم بالتوريد خلالها مع إعفائه من غرامة التأخير، واختتمت الإدارة مذكرتها بأن ادعاء المدعي بحدوث ظروف استثنائية لا يستند إلى أساس سليم، ذلك أنه في الوقت الذي يزعم أن تقصيره في توريد كميات عقد 71/ 72 بسبب ما أسماه بموقف الجبن واللبن، تعاقد مع الجهة الإدارية على توريد 2500 طن عن عام 72/ 73، كما تعاقد على توريد جبن 74 الأمر الذي يقطع بعدم صحة مزاعمه وطلبت الحكم برفض الدعوى.
وبجلسة 22/ 3/ 1981 قضت محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار الصادر من هيئة الإمداد والتموين بتكليف المدعي بتوريد 1805 طن من الجبن الأبيض واعتباره كأن لم يكن ورفض ما عدا ذلك من طلبات وأقامت المحكمة قضاءها على ما جاء بالبند الثاني مما تم الاتفاق عليه بين طرفي الدعوى بتاريخ 23/ 1/ 1973 إذ نص على إلغاء جميع أوامر التوريد الصادرة من عقد 1973 ويبدأ العمل والتوريد من العقود الجديدة، وفسرت المحكمة هذه العبارة بأن إعفاء المدعي من توريد ما حررت به أوامر سابقة على ذلك التاريخ أي سابقة على 6/ 2/ 1973، والباقي بعد استنزال الكميات التي تضمنتها أوامر التوريد الملغاة يلتزم المدعي بتوريد ما تصدر به أوامر توريد اعتباراً من 6/ 2/ 1973 وخلصت المحكمة من ذلك إلى كون المدعي قد أوفى بإلزاماته التعاقدية عن عقد 72/ 73 ولا يوجد سند قانوني لإلزامه بتوريد 1805 طناً أخرى من الجبن، وفيما يتعلق بطلب المدعي تعويضاً قدره مائتا ألف جنيه وهي تمثل الخسارة التي لحقت به بسبب توريد الجبن، فإن مقتضى تطبيق نظرية الظروف الطارئة التي يطالب المدعي بتطبيقها أن يتم تنفيذ العقد تنفيذاً كاملاً وأن يلحق المتعاقد مع الجهة الإدارية خسارة فادحة تختل معها اقتصاديات العقد، ولما كان المدعي لم يقم بتنفيذ التزاماته التعاقدية، كاملة بعد أن أعفته الجهة الإدارية من توريد بعض كميات العقد، وهي خير مشاركة من جانب الإدارة للمتعاقد في تحمل بعض أعبائه طوال فترة الظرف الطارئ، فلا يحل معه أن يطلب المدعي تعويضاً آخر يجاوز حد نظرية الظروف الطارئة، وانتهت المحكمة إلى رفض طلب المدعي للتعويض.
ولم يلق هذا الحكم قبولاً لدى طرفي النزاع، فطعن عليه كل منهما بطعنه المشار إليه سلفاً وقد بني الطعن رقم 1223 لسنة 27 ق. عليا المقام من السيد/ أحمد علي عيسى على سببين:
أولهما: الخطأ في تطبيق القانون إذ أن الحكم رفض طلب الطاعن بالتعويض تأسيساً على أن جهة الإدارة أعفته من بعض التزاماته التعاقدية، وبالتالي لا يكون لطلبه التعويض سند صحيح من القانون، وهذا القول مردود عليه بأنه طالما أن الحكم مسلم بتوافر شروط نظرية الظروف الطارئة فيتعين أن تشارك الإدارة في تحمل قدر من الخسارة بصرف النظر عن الإعفاء من الكمية التي اتفق على عدم توريدها.
ثانيهما: القصور في التسبيب ذلك أن الحكم الطعين لم يناقش حجم الخسارة التي حاقت بالطاعن ومقدارها ومدى الإخلال بالتوازن المالي للعقد على ضوء الظروف والحادث الطارئ ومقدار ما يمكن أن تسهم به الإدارة لإعادة التوازن بما يكفل للطاعن أن يحقق القدر المعقول من الربح أما الطعن رقم 1223 لسنة 27 عليا المقام من وزير الدفاع ومدير الإمدادات والتموين، فيقوم على سبب واحد مقتضاه أن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله إذ ليس مقتضى تأجيل تنفيذ عقد توريد 71/ 72 إلى 6/ 2/ 73 بدلاً من 1/ 7/ 72 ليس معنى ذلك إعفاءه من توريد كميات الجبن التي صدرت بها أوامر توريد حتى 5/ 2/ 73، بل هو تأجيل توريدها ويتعين عليه توريدها كاملة حتى 31/ 12/ 1973 علاوة على الكميات الباقية من عقد 71/ 72 مع الإعفاء من غرامة التأخير، وموافقة الإدارة في اجتماع 23/ 1/ 73 على بدء تنفيذ عقد 72/ 73 ليكون من 6/ 2/ 73 يعتبر من حسن معاملة الإدارة لمورديها، ولا يعتبر تنازلاً منها عن الكميات المتعاقد عليها.
ومن حيث إن طعن الجهة الإدارية رقم 1224 لسنة 27 يعتبر أساساً للفصل في الطعن رقم 1223/ 27 مما قضى بحثه أولاً، وعن هذا الطعن أي 1224 لسنة 27 فإن البادئ من وقائع الدعوى أن المطعون ضده تعاقد مع الجهة الإدارية على توريد 1500 طن جبن عن عام 71/ 72 على أن يبدأ التوريد اعتباراً من 1/ 7/ 71 حتى 30/ 6/ 72 ثم تعاقد على توريد 2500 طن جبن خلال المدة من 1/ 7/ 72 حتى 31/ 12/ 73 ثم تعاقد على توريد ذات الصنف عن عام 1974 وأنه بالنسبة إلى عقد 72/ 73 فقد زيدت كمياته بنسبة 30% ثم خفضت إلى 15% وأن الجهة الإدارية أصدرت إليه أوامر توريد بكل كمية هذا العقد بما فيها الزيادة وأنه ورد من هذه الكميات 1429 طناً وذلك حتى 19/ 7/ 1973 ومنحته الإدارة مهلة لتوريد الباقي حتى 5/ 2/ 1974 ونظراً لأن المطعون ضده والموردين الآخرين لم يقوموا بالتوريد طبقاً للعقود المبرمة معهم فقد عقدوا اجتماعاً بتاريخ 27/ 1/ 1973 بالقوات المسلحة وضم هذا الاجتماع موردي الجبنة البيضاء، وتم في هذا الاجتماع مناقشة الآتي: -
1 - تقصير الموردين في توريد الجبن اللازم للقوات المسلحة وقيام الإدارة بشراء الكميات المقصرين في توريدها.
2 - سوء حالة الصفيح المورد فيه الجبن مما ترتب عليه رفض الكثير من الرسائل الموردة.
3 - وقد تقرر في هذا الاجتماع ما يلي:
1 - تعهد الموردون بإتمام توريد جميع باقي كميات عقد 71، 72 وكذا بنسبة الـ 30% المضافة إلى العقد حتى 5/ 3/ 1973 وإذا حدث أي تقصير من أي متعهد فستقوم الإدارة بالشراء على حسابه مباشرة دون إخطار.
2 - نظراً لسوء موقف الألبان والجبن الأبيض بالسوق المحلي على مستوى الجمهورية وتمكيناً للموردين من الاستمرار في التوريد وتشجيعاً لهم لتعاونهم مع القوات المسلحة فتلغى جميع أوامر التوريد الصادرة عن عقد 1973 ويبدأ العمل والتوريد من العقود الجديدة اعتباراً من 6/ 2/ 1973 طبقاً لأوامر التوريد التي ستصدر.
3 - تعهد الموردون بأنهم سيقومون بتوريد كميات الجبن المتعاقد عليها في صفائح جديدة لم يسبق استخدامها كما هو جار وطبقاً للعقود والمواصفات.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل هو تفسير ما تضمنه البند 2 من اجتماع 23/ 1/ 1973 إذ على ما سلف البيان تضمن هذا البند نظراً لسوء موقف الألبان والجبن الأبيض..... تلغى جميع أوامر التوريد الصادرة عن عقد 1973 ويبدأ العمل والتوريد عن العقود الجديدة اعتباراً من 6/ 2/ 1973 طبقاً لأوامر التوريد التي ستصدر، فإن مقتضى هذه العبارة أي إلغاء أوامر التوريد الصادرة، هو إعفاء المطعون ضده من توريد ما تضمنته أوامر التوريد المشار إليها الصادرة إليه حتى تاريخ الاجتماع الذي تم في 23/ 1/ 1973 ولو كان الطرفان يقصدان غير ذلك لاستعملا عبارات غير عبارة الإلغاء كأن ينص على تأجيل أو مد مدة أوامر التوريد وهو ما لا يتفق مع مدلول كلمة الإلغاء التي تختلف عن الأرجاء أو المد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد نحى المنحنى المتقدم خاصة بعبارة الإلغاء التي تضمنها اجتماع 23/ 1/ 1973 على إنهاء إعفاء المطعون ضده من توريد الكميات الصادر بها أوامر التوريد الملغاة حتى 23/ 1/ 1973 فإن هذا الحكم يكون ولا مطعن عليه، ويكون الطعن عليه قد قام على غير أساس سليم من القانون، مما يتعين رفض هذا الطعن مع إلزام الطاعنين بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات.
ومن حيث إنه عن الطعن 1224 لسنة 27 ق عليا.
فإن مبنى هذا الطعن على نحو ما تقدم مخالفة الحكم للقانون والقصور في التسبيب لأنه بعد أن أقر بتطبيق نظرية الظروف الطارئة على العقد رفض الحكم بتعويض له، فإن طلب الطاعن تعويضه بمبلغ قدره مائتا ألف جنيه وهي تمثل الخسارة التي لحقته بسبب توريد الجبن بأسعار تقل عن الأسعار التي تعاقدت بها هيئة الإمداد والتموين مع شركة مصر للألبان وهذه الفروق عبارة عن مائة وخمسين ألف جنيه وباقي مبلغ التعويض يمثل مصروفات إدارية وأجور عمال ومكاتب وتسهيلات.
ومن حيث إن مقتضى نظرية الظروف الطارئة أن يطرأ خلال مدة تنفيذ العقد الإداري حوادث أو ظروف طبيعية كانت أو اقتصادية، سواء من عمل الجهة الإدارية المتعاقدة أو من غيرها لم يكن في حسبان المتعاقد عند إبرام العقد ولا يملك لها دفعاً ومن شأنها أن تنزل به خسائر فادحة تختل معها اقتصاديات العقد اختلالاً جسيماً، ومؤدى هذه النظرية بعد توافر شروطها إلزام جهة الإدارة المتعاقدة مشاركة المتعاقد معها في تحمل نصيبه من الخسارة التي حاقت به طوال فترة قيام الظرف الطارئ وذلك ضماناً لتنفيذ العقود الإدارية واستمرارية لسير المرفق العام الذي يخدمه ومراعاة للصالح العام، فإن مقتضى ذلك أن تطبيق هذه النظرية يفترض بداءة أن يتم تنفيذ العقد الإداري تنفيذاً كاملاً، ولكن تلحق بالمتعاقد مع الجهة الإدارية خسارة فادحة تختل معها اقتصاديات العقد، ولما كان الطاعن لم يقم بتنفيذ التزاماته التعاقدية كاملة بعد أن أعفته الجهة الإدارية من توريد 1805 طن من عقد 72/ 73 موضوع النزاع وهو الإعفاء الذي أقرته المحكمة على النحو المتقدم والذي يعتبر خير مشاركة من جانب الإدارة للمتعاقد في تحمل بعض أعبائه طوال فترة الظرف الطارئ بما لا محل معه لأن يطلب الطاعن تعويضاً آخر يجاوز حدود تطبيق نظرية الظروف الطارئة، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ما تقدم فإنه يكون متفقاً وحكم القانون، ولا محل لما ساقه الطاعن في طعنه من أنه ما دامت المحكمة قد استظهرت أسباب انطباق نظرية الظروف الطارئة على عقده فكان يجب عليها الحكم له بتعويض يحقق له ربحاً ولو يسيراً، ذلك أنه ليس مقتضى نظرية الظروف الطارئة تحقيق ربح للمتعاقد، وإنما هو تحمل جزء من خسارته، وهو ما تم في شأن حالة الطاعن، ومن ثم يغدو طعنه غير قائم على أساس خليقاً بالرفض مع تحميله مصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات.
ومن حيث إنه لما تقدم أضحى الطعنان فاقدي الأساس، مما يتعين معه الحكم برفضهما مع إلزام كل طاعن بمصروفات طعنه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وألزمت كل طاعن مصروفات طعنه.