أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 26 - صـ 1493

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، وسعد أحمد الشاذلي، وحسن مهران حسن، ومحمد الباجوري.

(280)
الطعن رقم 15 لسنة 42 ق "أحوال شخصية"

(1) إعلان "الإعلان في الموطن المختار" نقض "إعلان الطعن".
إغفال المدعي بيان موطنه الأصلي في صحيفة افتتاح الدعوى. جزاؤه. جواز إعلانه بالطعن بالنقض في موطنه المختار. لا يغير من ذلك علم الطاعن بالموطن الأصلي للمطعون عليه من أية ورقة في الدعوى.
(2) وقف "إلغاء الوقف".
انتهاء الوقف على غير الخيرات. م 2 ق 180 لسنة 1952. مناطه. أن يكون مصرفه غير خالص لجهة من جهات البر عند العمل بهذا القانون. لا عبرة بمصرف الوقف عند إنشائه أو بمصرفه في المال حسب كتاب الوقف.
(3) وقف "انتهاء الوقف".
إنهاء الوقف على الخيرات بحكم القانون. لا يعد رجوعاً. الإشهاد فيه. لا محل له.
(4) وقف.
الوقف المعلق على الموت أو المضاف إليه. غير لازم في حياة الواقف. اعتباره لازماً بعد موته. الاستناد إلى المادتين 265 و271 مدني في القول بنفاذ الوقف رغم تأجيله. لا محل له.
1 - النص في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون المرافعات على أنه إن كان المطعون ضده هو المدعي ولم يكن قد بين في صحيفة افتتاح الدعوى موطنه الأصلي جاز إعلانه بالطعن في موطنه المختار المبين في هذه الصحيفة يدل على أنه لما كان المدعي ملزماً ببيان موطنه الأصلي في صحيفة الدعوى عملاً بالمادتين 9، 63 من قانون المرافعات فإن المشرع استحدث بموجب الفقرة الثانية من المادة 214 سالفة الإشارة جزاءً على إغفاله هذا البيان فأجاز إعلانه بالطعن في موطنه المختار حتى ولو ثبت علم الطاعن بالموطن الأصلي للمطعون عليه من أية ورقة أخرى من أوراق الدعوى.
2 - النص في المادة الثانية من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات بعد تعديلها بالقانون رقم 342 لسنة 1952 على أنه "يعتبر منهياً كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصاًَ لجهة من جهات البر، فإذا كان الواقف قد شرط في وقفه لجهة بر خيرات أو مرتبات دائمة معينة المقدار أو قابلة للتعيين مع صرف باقي الريع إلى غير جهات البر اعتبر الوقف منتهياً فيما عدا حصة شائعة تضمن غلتها الوفاء بنفقات تلك الخيرات أو المرتبات..." يدل على انتهاء كل وقف لا يكون مصرفه خالصاً لجهة من جهات البر، وكذلك بانتهاء كل وقف يكون مصرفه مشتركاً بين المستحقين في غير جهات البر وبين الخيرات أو المرتبات الدائمة المقررة لجهات البر فيما عدا حصة شائعة تكفي غلتها للوفاء بتلك الخيرات، وكما اتخذ المشرع من مصرف الوقف مناط لإنهائه فقد عنى ببيان الوقف الذي يعتبر فيه هذا المصرف غير خالص لجهة من جهات البر وحدده بأنه حال العمل بقانون إلغاء الوقف، دون اعتداد بمصرف الوقف عند إنشائه أو بمصرفه في المآل طبقاً للثابت بكتابه، لا فرق في ذلك بين الوقف الذي يتمخض مصرفه خالصاً منذ البداية لجهة من جهات البر أو ذلك الذي يكون مصرفه مشتركاً بين هذه الجهات وبين جهات غير الخيرات، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن كلاً من المطعون عليهما وقف على نفسه مساحة من الأطيان الزراعية مدة حياته، وناط بناظر وقفه صرف جزء محدد من الريع على جهات البر الموضحة بكتاب كل وقف عقب وفاته، وكان الحكم قد أقام قضاءه بإنهاء الوقفين على ما أورده من أن المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 قد أنهت جميع الأوقاف التي لا يكون مصرفها للخيرات في الحال، وأن مصرف الوقف عند صدور القانون المشار إليه كان مقصوراً عليهما وحدهما دون أية جهة من جهات البر لأنهما لا يزالان على قيد الحياة، فإن ما خلص إليه الحكم هو التفسير السليم للمادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 ولا يكون هناك ثمة حاجة لتجنب حصة من الأعيان الموقوفة تفي غلتها بحصة الخيرات.
3 - اعتبار الوقف منتهياً بقوة القانون لا يجعل هناك محلاً للقول بوجوب إعمال ما أوجبته المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف بصحة الرجوع فيه من إصدار إشهاد رسمي ممن يملكه أمام الجهة المختصة بسماعه، لأنه وإن كان الرجوع في الوقف هو إنهاؤه وانحسار وصف الوقف عنه، إلا أنه حق مطلق للواقف وحده لا لغيره في حدود المادة 11 من القانون، ولذلك استلزم القانون الإشهاد فيه على خلاف ما يفرضه المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 من إنهاء كافة الأوقاف على غير الخيرات إذ المرد فيه إلى حكم القانون لا لمشيئة الواقفين، فهو بهذه المثابة لا يعد رجوعاً.
4 - إذ كان أي من القانون رقم 48 لسنة 1946 - بأحكام الوقف - والمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 - بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات - لم يعرض لحكم الوقف سواء أكان معلقاً أو مضافاً فيبقى الأمر فيهما لأرجح الأقوال في مذهب أبى حنيفة، وكان الاتفاق عند الأحناف على أن كلاً من الوقف المعلق بالموت والوقف المضاف إليه غير لازم في حياة الواقف ويكون لازماً بعد موته، فإنه لا محل للحاجة بنصوص القانون المدني في هذا السبيل (المادتان 265 و271) والقول بنفاذ الوقف رغم تأجيله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما أقاما ضد الطاعنين الدعوى رقم 76 لسنة 1965 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة المنصورة الابتدائية بطلب الحكم بعدم تعرض الطاعنين لهما في جميع الأعيان الموقوفة بجهتي الوقف المشار إليهما بصحيفة الدعوى، وقالا شرحاً لها أن المطعون عليه الأول وقف الأطيان الموضحة بإشهاد الوقف رقم 6 لسنة 1950 بتاريخ 2/ 3/ 1950 أمام محكمة المنصورة الابتدائية الشرعية، كما أن المطعون عليها الثانية وقفت الأعيان الموضحة بإشهاد الوقف رقم 7 لسنة 1950 بذات التاريخ أمام نفس المحكمة وقد جعل كل منهما وقفه على نفسه مدى حياته ومن بعده على من ذكر بكتاب وقفه وشرط كل منهما في وقفه أن يصرف ناظر الوقف بعد وفاته مبلغ ثلاثين جنيهاً شهرياً على العجزة والأيتام بالمدينة المنورة، وكذا مبلغ 120 جنيهاً شهرياً لجمعيتين خيريتين إسلاميتين بالمنصورة، وإذ كانت المبالغ المخصصة للخيرات معلق نفاذها على وفاتهما فإن الوقف يصبح منتهياً وتكون أعيانه ملكاً خالصاً لهما طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 180 لسنة 1952 بشأن إنهاء الوقف على غير الخيرات، وإزاء تعرض الطاعنين لهما في إجراءات تسجيل تصرفاتهما في أعيان الوقف فقد أقاما الدعوى بالطلبات سالفة البيان، وبتاريخ 13/ 12/ 1970 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 2 لسنة 1972 ق أحوال شخصية المنصورة طالبين إلغاءه، وبتاريخ 13/ 12/ 1970 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإنهاء الوقفين الموضحين بإشهادي الوقف الرقمين 6، 7 سنة 1950 واعتبار الأعيان المبينة بإشهاد كل وقف ملكاً خالصاً للواقف ويمنع تعرض الطاعنين للمطعون عليهما فيها، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، دفع المطعون عليهما بعدم قبول الطعن، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفى الموضوع برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع ببطلان الطعن المبدى من المطعون عليهما أن الطاعنين أعلنا تقريره إلى الموطن المختار قولاً بأن عريضة الدعوى لم يوضح بها موطنهما الأصلي، مع أنه كان واجباً عليهما بذل الوسائل الكافية للتحري عنه، خاصة وأن الموطن الأصلي ثابت بملف الدعوى الابتدائية.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون المرافعات على أنه "..... وإذا كان المطعون ضده هو المدعي ولم يكن قد بين في صحيفة افتتاح الدعوى موطنه الأصلي جاز إعلانه بالطعن في موطنه المختار المبين في هذه الصحيفة" يدل على أنه لما كان المدعي ملزماً ببيان موطنه الأصلي في صحيفة افتتاح الدعوى عملاً بالمادتين 9، 63 من قانون المرافعات، فإن المشرع استحدث بموجب الفقرة الثانية من المادة 214 سالفة الإشارة جزاء على إغفاله هذا البيان فأجاز إعلانه بالطعن في موطنه المختار حتى ولو ثبت علم الطاعن بالموطن الأصلي للمطعون عليه من أية ورقة أخرى من أوراق الدعوى، وإذ كان المطعون عليهما لا يجادلا في أنهما لم يبينا في صحيفة افتتاح الدعوى موطنهما الأصلي واكتفيا بذكر الموطن المختار وكان الطاعنان قد استعملا الحق المخول لهما بمقتضى القانون على النحو السالف، فإن الدفع يكون متعين الرفض.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى بهما الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه بإنهاء وقفي المطعون عليهما واعتبار أعيانهما ملكاً خالصاً للواقفين، على سند من القول بأنه وقد شرط كتابا الوقف صرف جزء من الريع على الخيرات بعد وفاتهما، وكانت المادة الثانية من القانون رقم 180 لسنة 1952 التي أنهت جميع الأوقاف التي لا يكون مصرفها حالاً على الخيرات صدرت حال حياة المطعون عليهما فإن الوقفين يعتبران منتهيين بقوة القانون، وتعود أعيان كل وقف إلى واقفه ويحق له التصرف فيه تصرف الملاك طالما أن كل وقف كان يتمخض وقتئذٍ لصالح المطعون عليهما وحدهما، وكان مصرف الجزء المخصص لجهات البر معلقا على شرط هو وفاة الواقف، في حين أن المادة سالفة الذكر قصرت الإنهاء على الوقف على غير الخيرات واستثنت حصة شائعة تضمن غلتها الوفاء بحصة الخيرات وهو ما أغفله الحكم. هذا إلى أن الحكم اعتبر الوقف على جهة البر معلق على شرط واقف هو وفاة الواقف مع أن الوفاة تعد بمثابة الإضافة إلى أجل لا يمنع نشوءه وإن كان مؤجلاً نفاذه عملاً بالمادتين 265، 271 من القانون المدني، بالإضافة إلى أن الرجوع في الوقف طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1946 لا يتم بغير إشهاد يضبط بدفتر المحكمة، وبدون سلوك هذا الطريق يظل الوقف الخيري موجوداً، ولا يغير من ذلك صدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة الثانية من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف غير الخيرات بعد تعديلها بالقانون رقم 342 لسنة 1952، على أنه "يعتبر منتهياً كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصاً لجهة من جهات البر، فإذا كان الواقف قد شرط في وقفه لجهة غير خيرات أو مرتبات دائمة معينة المقدار أو قابلة للتعيين مع صرف باقي الريع إلى غير جهات البر اعتبر الوقف منتهياً فيما عدا حصة شائعة تضمن غلتها الوفاء بنفقات تلك الخيرات أو المرتبات" يدل على انتهاء كل وقف لا يكون مصرفه خالصاً لجهة من جهات البر وكذلك بانتهاء كل وقف يكون مصرفه مشتركاً بين المستحقين في غير جهات البر وبين الخيرات أو المرتبات الدائمة المقررة لجهات البر فيما عدا حصة شائعة تكفي غلتها للوفاء بتلك الخيرات وكما اتخذ المشرع من مصرف الوقف مناطاً لانتهائه فقد عنى ببيان الوقف الذي يعتبر منه هذا المصرف غير خالص لجهة من جهات البر وحدده بأنه حال العمل بقانون إلغاء الوقف دون اعتداد بمصرف الوقف عند إنشائه أو مصرفه في الحال طبقاً للثابت بكتابه لا فرق في ذلك بين الوقف الذي يتمخض مصرفه خالصاً منذ البداية لجهة من جهات البر أو ذلك الذي يكون مصرفه مشتركاً بين هذه الجهات وبين جهات غير الخيرات. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن كلاً من المطعون عليهما وقف على نفسه مساحة من الأطيان الزراعية مدة حياته، وناط بناظر كل وقف صرف جزء محدد من الريع على جهات البر الموضحة بكتاب كل وقف عقب وفاته، وكان الحكم قد أقام قضاءه بإنهاء الوقفين على ما أورده من أن المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 قد أنهت جميع الأوقاف التي لا يكون مصرفها للخيرات في الحال، وأن مصرف الوقف عند صدور القانون المشار إليه كان مقصوراً عليهما وحدهما دون أية جهة من جهات البر لأنهما لا يزالان على قيد الحياة فإن ما خلص إليه الحكم والتفسير السليم للمادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 ولا يكون هناك ثمة حاجة لتجنيب حصة من الأعيان الموقوفة نفى غلتها بحصة الخيرات، لما كان ذلك، وكان اعتبار الوقف منتهياً بقوة القانون - وعلى ما سبق تفصيله - لا يجعل هناك محلاً للقول بوجوب أعمال ما أوجبته المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف لصحة الرجوع فيه من إصدار إشهاد رسمي ممن يملكه أمام الجهة المختصة بسماعه، لأنه وإن كان الرجوع في الوقف هو إنهاؤه وانحسار وصف الوقف عنه، إلا أنه حق مطلق للواقف وحده لا لغيره في حدود المادة 11 من القانون، ولذلك استلزم القانون الإشهاد فيه على خلاف ما يفرضه المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 من إنهاء كافة الأوقاف على غير الخيرات إذ المرد فيه إلى حكم القانون لا لمشيئة الواقفين، فهو بهذه المثابة لا يعد رجوعاً، لما كان ما تقدم، وكان أي من القانون رقم 48 لسنة 1946 والمرسوم بقانون 180 لسنة 1952 لم يعرض لحكم الوقف سواء أكان معلقاً أو مضافاً فيبقى الأمر منهياً لأرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة، وكان الاتفاق عند الأحناف على أن كلا من الوقف المعلق على الموت والوقف المضاف إليه غير لازم في حياة الواقف ويكون لازماً بعد موته فإنه لا محل للمحاجة بنصوص القانون المدني في هذا السبيل والقول بنفاذ الوقف رغم تأجيله، ويكون النعي بكافة وجوهه على غير أساس.
وحيث إنه لما سلف يتعين رفض الطعن برمته.