أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 26 - صـ 1531

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود عباس العمراوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى كمال سليم، ومصطفى الفقي، ومحمد البنداري العشري، وأحمد سيف الدين سابق.

(287)
الطعن رقم 425 لسنة 40 القضائية

(1 و2 و3 و4) نزع الملكية للمنفعة العامة. اختصاص. "اختصاص ولائي".
(1) عدم جواز الالتجاء مباشرة إلى المحكمة بطلب التعويض عن نزع الملكية. شرطه. أن تكون الجهة نازعة الملكية قد اتبعت الإجراءات التي ألزمها القانون باتباعها.
(2) القرار الصادر بتقرير المنفعة العامة. لا يترتب عليه آثاره القانونية إلا من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية. سقوط مفعوله إذا لم يتم إيداع النماذج الخاصة بموافقة ذوي الشأن أو القرار الوزاري بنزع الملكية في مكتب الشهر العقاري خلال سنتين من تاريخ النشر.
(3) عدم اتباع الإدارة للإجراءات القانونية لنزع الملكية للمنفعة العامة. حق المالك في الالتجاء مباشرة للقضاء بطلب التعويض نشر القرار بتقرير المنفعة العامة بعد رفع الدعوى. لا أثر له.
(4) الاستيلاء المؤقت على العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة. ماهيته. لا يغني هذا الاستيلاء عن وجوب اتباع إجراءات نزع الملكية وتقدير التعويض المستحق عنها.
1 - إنه وإن كان لا يجوز لذوي الشأن - طبقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة. الالتجاء مباشرة إلى المحكمة بطلب التعويض المستحق عن نزع الملكية، إلا أن هذا الخطر مشروط بأن تكون الجهة نازعة الملكية قد اتبعت من جانبها الإجراءات التي أوجب القانون اتباعها فإذا لم تلتزم هذه الإجراءات كان استيلاؤها على العقار بغير حق حتى يجيز لصاحب الشأن أن يلجأ مباشرة إلى المحكمة بطلب التعويض المستحق له.
2 - يستلزم القانون رقم 577 سنة 1954 أن يكون تقرير المنفعة العامة بقرار من الوزير المختص ينشر في الجريدة الرسمية، وبمجرد حصول النشر يكون لمندوبي الجهة القائمة بنزع الملكية دخول العقارات لإجراء العمليات الفنية والمساحية ووضع علامات التحديد والحصول على البيانات اللازمة بشأن العقار على أن يكون دخول العقارات بعد إخطار ذوي الشأن، ثم تقوم الجهة نازعة الملكية بعد ذلك بإجراءات حصر العقارات وعرض البيانات وتقدير التعويض المستحق لأصحاب الشأن، فإذا وافقوا عليه وقعوا على نماذج خاصة تنتقل بمقتضاها الملكية أما إذا عارضوا أو تعذر الحصول على توقيعاتهم فيصدر بنزع الملكية قرار من الوزير المختص وتودع النماذج أو القرار الوزاري في مكتب الشهر العقاري، وإذا لم يتم الإيداع خلال سنتين من تاريخ نشر القرار المقرر للمنفعة العامة في الجريدة الرسمية سقط مفعول هذا القرار، ومؤدى ذلك أن قرار الوزير المختص بتقرير المنفعة العامة لا تترتب عليه آثاره القانونية إلا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية فإذا صدر ونشر في الجريدة الرسمية ومضت مدة سنتين من تاريخ نشره لم يتم خلالها إيداع النماذج الموقع عليها من ذوي الشأن أو القرار الوزاري بنزع الملكية في مكتب الشهر العقاري سقط مفعوله.
3 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه أن القرار بتقرير المنفعة العامة صدر برقم.... ثم تلاه قرار آخر برقم...... نص في مذكرته على أن القرار الأول سقط لتعذر تنفيذ الإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 577 لسنة 1954 - بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة - وأن القرار الأخير لم ينشر في الجريدة الرسمية إلا في 3/ 12/ 1959 بعد أن كان المطعون ضدهم الأربعة الأول قد رفعوا الدعوى في 25/ 12/ 1957 بسبب نزع الملكية لا الاستيلاء المؤقت فتحددت مراكز الخصوم فيها على هذا النحو وقد خلص الحكم من ذلك إلى أن جهة الإدارة لم تسلك سبيل نزع الملكية طبقاً لما يقرره القانون ورتب على ذلك رفض الدفع بعدم قبول الدعوى وحق المطعون ضدهم في الالتجاء إلى القضاء للمطالبة بحقهم فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة سديدة في القانون، ولا يقدح في ذلك كون القرار بتقرير المنفعة العامة قد نشر بعد ذلك لأن المراكز الواقعية للخصوم قد تحددت وقت رفع الدعوى.
4 - الاستيلاء المؤقت على العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة بطريق التنفيذ المباشر عملاً بأحكام الباب الرابع من القانون رقم 577 لسنة 1954 شأن له بالتعويض المستحق عن نزع الملكية وتقدير التعويض المستحق عنها طبقاً لما ينص عليه هذا القانون في الأبواب الثلاثة الأولى منه، وإنما هو يجيز للجهة نازعة الملكية الاستيلاء مؤقتاً على العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة لحين إتمام إجراءات نزع الملكية، وينظم تبعاً لذلك طريقة تقدير التعويض المقابل لعدم الانتفاع بالعقارات المستولى عليها من تاريخ الاستيلاء الفعلي لحين دفع التعويض المستحق كما ينظم المعارضة فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الأربعة الأول رفعوا الدعوى رقم 66 سنة 1958 مدني كلي قنا على الطاعن (مجلس مدينة قنا) طالبين الحكم أصلياً بتثبيت ملكيتهم إلى 842 متراً مربعاً مبينة الحدود والمعالم بالصحيفة واحتياطياً إلزامه بأن يدفع لهم ثمنها وقدره 8410 جنيهات استناداً إلى أنهم يتملكونها بالميراث وأن الطاعن استولى عليها غصباً، ودفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لأنه نزع ملكية الأرض للمنفعة العامة وقدر مقابل التعويض عنها طبقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 وأن المطعون ضدهم الأربعة الأول لم يتبعوا طريق المعارضة في تقدير مقابل التعويض طبقاً للقانون، وبتاريخ 21/ 12/ 1961 ندبت محكمة أول درجة خبيراً لتحقيق النزاع، وقدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن 540 م و620 س من أرض النزاع تدخل في المشروع رقم 304 الخاص بتوسيع ميدان محطة قنا، وقدر قيمة هذه المساحة بمبلغ 1621 جنيهاً و860 مليماً وقت الاستيلاء عليها، وتدخل المطعون ضدهما الأخيران في الدعوى على سند أنهما يمتلكان قيراطاً من القدر المتنازع عليه وبتاريخ 30/ 4/ 1968 قضت محكمة أول درجة برفض الدفع وبعدم قبول التدخل وبإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدهم الأربعة الأول مبلغ 1621 جنيهاً و860 مليماً، واستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 127 لسنة 43 ق أسيوط كما استأنفه المطعون ضدهم الأربعة الأول بالاستئناف رقم 131 لسنة 43 ق أسيوط والمحكمة قررت ضم الاستئنافين وبتاريخ 21/ 3/ 1970 برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف. طعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض على المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين حاصلهما أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 577 لسنة 1954 استناداً إلى أن من نزع عقاره للمنفعة العامة في حالة عدم الاتفاق معه على مقدار التعويض أن يلجأ للقضاء مباشرة للمطالبة بحقه طالما أن جهة الإدارة لم تتبع الإجراءات الواجبة قانوناً لتقدير التعويض وهو خطأ ومخالفة للقانون ذلك بأنه جعل لجهة الإدارة حق تقدير التعويض وجعل لأصحاب الشأن المعارضة فيه أمام لجنة الفصل في المعارضات ويكون قرارها قابلاً للطعن فيه أمام المحكمة المختصة ولا يؤثر في ذلك نشر القرار الصادر بتقرير المنفعة العامة في 3/ 12/ 1959 بعد رفع الدعوى لأن القانون لم يلزم الجهة نازعة الملكية بالانتهاء من إجراءات تقدير التعويض في ميعاد معين، فكان على المطعون ضدهم الأربعة الأول أن يتريثوا حتى تتم إجراءات تقدير التعويض وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وأجابهم إلى طلبهم فإنه يكون قد انتزع سلطة الجهة نازعة الملكية في تقدير التعويض وسلطة لجنة الفصل في المعارضات هذا إلى أن جهة الإدارة تكون قد استولت على الأرض استيلاء مؤقتاً تمهيداً لنزع ملكيتها للمنفعة العامة طبقاً لما هو منصوص عليه في الباب الرابع من القانون رقم 577 لسنة 1954 وهذا الاستيلاء الفعلي يمنع صاحب الشأن من اللجوء مباشرة إلى المحاكم ويوجب عليه اتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 577 لسنة 1954 وإلا كانت دعواه غير مقبولة، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بقبول الدعوى على خلاف ذلك فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه غير سديد ذلك أنه وإن كان لا يجوز لذوي الشأن طبقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة الالتجاء مباشرة إلى المحكمة بطلب التعويض المستحق عن نزع الملكية إلا أن هذا الحظر مشروط بأن تكون الجهة نازعة الملكية قد اتبعت من جانبها الإجراءات التي أوجب القانون اتباعها فإذا لم تلتزم هذه الإجراءات كان استيلاؤها على العقار بغير حق يجيز لصاحب الشأن أن يلجأ مباشرة إلى المحكمة بطلب التعويض المستحق له، لما كان ذلك وكان القانون رقم 577 لسنة 1954 يستلزم أن يكون تقرير المنفعة العامة بقرار من الوزير المختص ينشر في الجريدة الرسمية، وبمجرد حصول النشر يكون لمندوب الجهة القائمة بنزع الملكية دخول العقارات لإجراء العمليات الفنية والمساحية ووضع علامات التحديد والحصول على البيانات اللازمة بشأن العقار على أن يكون دخول العقارات بعد إحضار ذوي الشأن، ثم تقوم الجهة نازعة الملكية بعد ذلك بإجراءات حصر العقارات وعرض البيانات وتقدير التعويض المستحق لأصحاب الشأن، فإذا وافقوا عليه وقعوا على نماذج خاصة تنتقل بمقتضاها الملكية، أما إذا عارضوا أو تعذر الحصول على توقيعاتهم فيصدر بنزع الملكية قرار من الوزير المختص وتودع النماذج أو القرار الوزاري في مكتب الشهر العقاري، وإذا لم يتم الإيداع خلال سنتين من تاريخ نشر القرار المقرر للمنفعة العامة في الجريدة الرسمية سقط مفعول هذا القرار، ومؤدى ذلك أن قرار الوزير المختص بتقرير المنفعة العامة لا يترتب عليه آثاره القانونية إلا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية فإذا صدر نشر في الجريدة الرسمية ومضت مدة سنتين من تاريخ نشره لم يتم خلالها إيداع النماذج الموقع عليها من ذوي الشأن أو القرار الوزاري بنزع الملكية في مكتب الشهر العقاري سقط مفعوله، لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه أن القرار بتقرير المنفعة العامة صدر برقم 654 لسنة 1955 ثم تلاه قرار آخر برقم 1806 لسنة 1955 نص في مذكرته على أن القرار الأول سقط لتعذر تنفيذ الإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 577 لسنة 1954، وأن القرار الأخير لم ينشر في الجريدة الرسمية إلا في 3/ 12/ 1959 بعد أن كان المطعون ضدهم الأربعة الأول قد رفعوا الدعوى الحالية في 25/ 12/ 1957 بسبب نزع الملكية لا الاستيلاء المؤقت فتحددت مراكز الخصوم فيها على هذا النحو وقد خلص الحكم من ذلك إلى أن جهة الإدارة لم تسلك سبيل نزع الملكية طبقاً لما يقرره القانون ورتب على ذلك رفض الدفع بعدم قبول الدعوى وحق المطعون ضدهم في الالتجاء إلى القضاء للمطالبة بحقهم فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة سديدة في القانون، ولا يقدح في ذلك كون القرار بتقرير المنفعة العامة قد نشر بعد ذلك لأن المراكز الواقعية للخصوم قد تحددت وقت رفع الدعوى ولا يجدي الطاعن ادعاؤه بأن استيلاءه على العقار تم بطريق التنفيذ المباشر عملاً بأحكام الباب الرابع من القانون رقم 577 لسنة 1954 ذلك أن الاستيلاء المؤقت على العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة بطريق التنفيذ المباشر لا شأن له بالتعويض المستحق عند نزع الملكية ولا يغني عن وجوب اتباع إجراءات نزع الملكية وتقدير التعويض المستحق عليها طبقاً لما نص عليه هذا القانون في الأبواب الثلاثة الأولى منه، وإنما هو يجيز للجهة نازعة الملكية الاستيلاء مؤقتاً على العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة لحين إتمام إجراءات نزع الملكية، وينظم تبعاً لذلك طريقة تقدير التعويض المقابل لعدم الانتفاع بالعقارات المستولى عليها من تاريخ الاستيلاء الفعلي لحين دفع التعويض المستحق كما ينظم المعارضة فيه وهو أمر خارج عن نطاق هذه الدعوى وهي مطالبة بتعويض عن نزع الملكية لا عن عدم الانتفاع بسبب الاستيلاء المؤقت. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه.