أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 288

جلسة 13 من مارس سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وفتحي الصباغ وعبد المنعم منصور وفتحي جودة نواب رئيس المحكمة.

(53)
الطعن رقم 26293 لسنة 67 القضائية

(1) إثبات "اعتراف". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي ببطلان الاعتراف دون بيان وجه النعي عليه أو الإشارة إلى الإكراه المبطل له. لا يعد دفعاً ببطلانه. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز. علة ذلك؟
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً. دفاع الطاعن الأول بعدم انتوائه قتل المجني عليها والثاني بعدم قيامه بدور في الواقعة منازعة في صورة الواقعة وجدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاصها. غير مقبول.
(3) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
(4) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". ضرب "أفضى إلى موت". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نشوء نية القتل لدى الجاني إثر مشادة وقتية. جائز.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل ونفي كون الواقعة ضرب أفضى إلى الموت.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
(6) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ورود الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها. غير لازم. كفاية وروده على وقائع يستنتج منها اقتراف الجاني للجريمة.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يشترط في الشهادة أن ترد على الحقيقة المراد إثباتها بجميع تفاصيلها كفاية أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما رواه الشاهد مع عناصر الإثبات الأخرى.
(8) اتفاق. فاعل أصلي. اشتراك. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاتفاق على ارتكاب الجريمة يقتضي تقابل إرادة المساهمين. مضي وقت معين. غير لازم.
مساهمة شخص في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها. كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها.
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قول متهم على آخر. في حقيقته شهادة. للمحكمة التعويل عليها في الإدانة متى اطمأنت إليها.
(10) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. موضوعي.
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل ووزن عناصر الدعوى. غير جائز. أمام النقض.
(11) إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
1 - لما كان يبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يدفع ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه وكل ما ورد على لسان المدافع عن الطاعن الأول في هذا الصدد أنه تعرض لإكراه أدبي والقبض على أسرته كما ساق المدافع عن الطاعن الثاني عبارة مرسلة هي بطلان الاعتراف بمحضر الضبط دون أن يبين أيهما وجه ما ينعاه على هذا الاعتراف مما يشكك في سلامته ولا يمكن القول بأن هاتين العبارتين المرسلتين اللتين ساقاها تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف أو تشير إلى الإكراه المبطل له وكل ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكيك في الدليل المستمد من الاعتراف توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه فإنه لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من إجراء تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة محكمة النقض.
2 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مشادة كلامية بنت وقتها ولم يكن يقصد قتل المجني عليها وما يثيره الطاعن الثاني من أنه ليس له دور في هذه القضية إلا قيادته السيارة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع وفي استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب.
3 - قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
4 - لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين بقوله "وحيث إنه عن نية القتل في الجريمة الماثلة فإن الثابت من التحقيقات أن المتهمين قد باشرا الاعتداء بالطريقة التي أدلى بها المتهم تفصيلاً لإزهاق روح المجني عليها وذلك من استعمال سلاح قاتل بطبيعته - آلة حادة - مطواة - ومولاة الاعتداء بتسديد الطعنات في أماكن قاتلة من الجسد هي الصدر والعنق - الأمر الذي يقطع بأن المتهمين حينما اعتديا على المجني عليها بهذه الطريقة إنما كان قصدهما إزهاق روحها إذ لم يتركاها إلا جثة هامدة وقد تأكد من ذلك المتهم الثاني حينما أخبر المتهم الأول قيامه بالإجهاز عليها" وإذ كان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت نية القتل في حقهما وتضمن بذاته الرد على ما أثاره الدفاع عن الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى موت المجني عليها فإن ما يعيبه الطاعنان على الحكم بالقصور يكون على غير أساس ويتعين الالتفات عنه.
5 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ويكفي أن تكون في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى توافر نية القتل في حق الطاعنين وكان أي من الطاعنين لا يماري في أن ما أورده الحكم له مأخذه الصحيح في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول بشأن خلو أقواله من بيان مواضع الطعنات التي كالها للمجني عليها وشدتها وما يثيره الطاعن الثاني بأن الشهود قرروا بأن دوره اقتصر على قيادة السيارة بالمتهم الأول والمجني عليها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية الاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة.
7 - لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
8 - الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها وكان ما أورده الحكم من بيان واقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على الجرائم التي دينا بها من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر من إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل منهما فاعلاً أصلياً في تلك الجرائم.
9 - أقوال متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها فإن ما يثيره الطاعن الثاني بشأن استدلال الحكم باعتراف المتهم الأول على ارتكابه الجريمة معه - يكون غير سديد.
10 - تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم في الدعوى هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ولها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
11 - للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها فإن نعي الطاعن الثاني على الحكم التفاته عما ورد بالإقرار الموقع من الطاعن الأول بتلفيق الاتهام له - على فرض صحته - يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)....... (2)....... الطاعنين بأنهما (1) قتلا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتلها وأعدا سلاحاً أبيض "مطواة" واستدرجاها إلى كابينة بشاطئ المندرة وشلا حركتها بأن أمسكا بها وطعنها المتهم الأول بالمطواة عدة طعنات بالبطن والصدر والرقبة قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا إصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وشد المتهم الثاني من أزره بمسرح الحادث حال تقييده لحركتها وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى تقدمتها هي أنهما في ذات الزمان والمكان شرعا في مواقعة المجني عليها بغير رضاها بأن شهر المتهم الأول سلاحه سالف الذكر في وجهها وهددها به لشل حركتها وإيقاع الرعب في نفسها لاغتصابها عنوة وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مقاومة المجني عليها واستغاثتها ومفارقتها الحياة كما ارتبطت بها جنحة هي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا المشغولات الذهبية المملوكة للمجني عليها. (2) أحرزا بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال". وأحالتهما إلى محكمة جنايات........ لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 2، 3 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق مع إعمال المادتين 17، 32 من القانون الأول بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً والثاني بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة السلاح المضبوط وفي الدعوى المدنية بإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم القتل العمد المقترن بجناية الشروع في مواقعة أنثى بغير رضاها والمرتبطة بجنحتي سرقة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه التفت عن دفاعهما ببطلان اعترافهما لصدوره وليد إكراه مادي وأدبي كما أنه لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر نية القتل لديهما، وأضاف الطاعن الأول أن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى موت إذ إنه إثر مشادة كلامية بينه وبين المجني عليها تعدى عليها بالضرب فحدثت وفاتها دون أن يقصد إزهاق روحها ودلل على ذلك بسبق اتفاقهما على الزواج كما أن الحكم في معرض استظهاره لنية القتل أسند إليه أقوالاً لم ترد على لسانه وهو بيان مواضع الطعنات التي كالها للمجني عليها، وأضاف الطاعن الثاني أن الحكم لم يبين واقعة الدعوى ومؤدى الأدلة واعتبره فاعلاً أصلياً رغم أن أقوال الشهود أثبتت عدم وجود اتفاق بينه وبين المتهم الأول وأن مقابلته معه والمجني عليها كانت مصادفة وانحسر دوره في قيادة السيارة ولا يوجد بالأوراق دليل عليه سوى أقوال المتهم الأول التي لا تصلح دليلاً لإدانته وأن التحريات كانت غير جدية وهي ترديد لذات أقوال المتهم الأول وأخيراً التفت الحكم عن الإقرار الصادر من المتهم الأول الذي ينفي ارتكابه الجريمة أو مساهمته فيها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم القتل العمد المقترن بجناية الشروع في مواقعة أنثى بغير رضاها والمرتبطة بجنحتي السرقة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص التي دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم الأول بالتحقيقات وأقوال المتهم الثاني وتقرير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يدفعا ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه وكل ما ورد على لسان المدافع عن الطاعن الأول في هذا الصدد أنه تعرض لإكراه أدبي والقبض على أسرته كما ساق المدافع عن الطاعن الثاني عبارة مرسلة هي بطلان الاعتراف بمحضر الضبط دون أن يبين أيهما وجه ما ينعاه على هذا الاعتراف مما يشكك في سلامته ولا يمكن القول بأن هاتين العبارتين المرسلتين اللتين ساقاها تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف أو تشير إلى الإكراه المبطل له وكل ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكك في الدليل المستمد من الاعتراف توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه فإنه لا يقبل من الطاعنين إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من إجراء تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مشادة كلامية بنت وقتها ولم يكن يقصد قتل المجني عليها وما يثيره الطاعن الثاني من أنه ليس له دور في هذه القضية إلا قيادته السيارة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع وفي استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان من المقرر أيضاً أنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين بقوله "وحيث إنه عن نية القتل في الجريمة الماثلة فإن الثابت من التحقيقات أن المتهمين قد باشرا الاعتداء بالطريقة التي أدلى بها المتهم تفصيلاً لإزهاق روح المجني عليها وذلك من استعمال سلاح قاتل بطبيعته آلة حادة - مطواة - ومولاة الاعتداء بتسديد الطعنات في أماكن قاتلة من الجسد هي الصدر والعنق - الأمر الذي يقطع بأن المتهمين حينما اعتديا على المجني عليها بهذه الطريقة إنما كان قصدهما إزهاق روحها إذ لم يتركاها إلا جثة هامدة وقد تأكد من ذلك المتهم الثاني حينما أخبر المتهم الأول قيامه بالإجهاز عليها" وإذ كان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت نية القتل في حقهما وتضمن بذاته الرد على ما أثاره الدفاع عن الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى موت المجني عليها فإن ما يعيبه الطاعنان على الحكم بالقصور يكون على غير أساس ويتعين الالتفات عنه. لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ويكفي أن تكون في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى توافر نية القتل في حق الطاعنين وكان أي من الطاعنين لا يماري في أن ما أورده الحكم له مأخذه الصحيح في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول بشأن خلو أقواله من بيان مواضع الطعنات التي كالها للمجني عليها وشدتها وما يثيره الطاعن الثاني بأن الشهود قرروا بأن دوره اقتصر على قيادة السيارة بالمتهم الأول والمجني عليها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض هذا فضلاً عن أنه لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية الاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة كما هو الحال في الدعوى الراهنة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها. وكان ما أورده الحكم من بيان واقعة الدعوى مما سلف ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على الجرائم التي دينا بها من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر من إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل منهما فاعلاً أصلياً في تلك الجرائم". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أقوال متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها فإن ما يثيره الطاعن الثاني بشأن استدلال الحكم باعتراف المتهم الأول على ارتكابه الجريمة معه - يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم في الدعوى هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ولها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها فإن نعي الطاعن الثاني على الحكم التفاته عما ورد بالإقرار الموقع من الطاعن الأول بتلفيق الاتهام له - على فرض صحته - يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.