مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1984 إلى آخر فبراير سنة 1985 ) - صـ 338

(59)
جلسة 5 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 1424 لسنة 30 القضائية

اختصاص - توزيع الاختصاص بين محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا.
المادتان 183، 184 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 155 لسنة 1981.
مجلس تأديب الطلاب المشكل من عناصر غير قضائية لا يخرج عن كونه لجنة إدارية - مجلس التأديب الأعلى الذي استحدثه القانون رقم 155 لسنة 1981 وناط به استئناف قرارات مجلس تأديب الطلاب - طبيعة قراراته - هي قرارات إدارية وليست أحكاماً تأديبية - نتيجة ذلك - اختصاص محكمة القضاء الإداري بطلب إلغائها، وعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق الثالث من إبريل سنة 1984 أودع الأستاذ محمد حسن شريف المحامي بصفته وكيلاً عن السيد محمد مصطفى حسنين. قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدلها تحت رقم 1424 لسنة 30 القضائية ضد كل من: - رئيس جامعة عين شمس وعميد كلية التجارة جامعة عين شمس، في القرار الصاد من مجلس التأديب الاستئنافي لطلبة جامعة عين شمس بتاريخ 7/ 2/ 1984 القاضي بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتأييد القرار الصادر من مجلس التأديب الابتدائي يوم 29/ 9/ 1983 لأسبابه.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة قي تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه فيما تضمنه من فصل الطاعن نهائياً من السنة الرابعة بكلية التجارة جامعة عين شمس وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والحكم مجدداً بإلغاء قرار فصل الطاعن نهائياً من السنة الرابعة بكلية التجارة بجامعة عين شمس وبراءته مما نسب إليه مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات وأتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن قانوناً وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم.
أولاً: أصلياً - بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعن وإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للفصل فيه للاختصاص مع إبقاء الفصل في المصروفات.
ثانياً: - احتياطياً - بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب الاستئنافي بجامعة عين شمس فيما تضمنه من تأييد قرار مجلس تأديب طلاب كلية التجارة بالجامعة من فصل الطاعن فصلاً نهائياً من الكلية ومن الجامعات المصرية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 7 من مايو 1984 ثم قررت الدائرة بجلسة 27 من أغسطس سنة 1984 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة 27 من أكتوبر سنة 1984 حيث نظرته المحكمة على النحو المبين بمحاضرها وبعد أن سمعت ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة الأول من ديسمبر سنة 1984 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن السيد محمد مصطفى حسنين الطالب بالفرقة بالرابعة (انتساب) بكلية التجارة جامعة عين شمس أحيل إلى المحاكمة التأديبية أمام مجلس تأديب طلاب الجامعة لما نسب إليه من عدم تسليمه ورقة الإجابة الخاصة بمادة الإحصاء يوم 16/ 5/ 1983 وقد قرر مجلس التأديب بجلسته المنعقدة في 29 من سبتمبر سنة 1983 فصله نهائياً من الكلية وإبلاغ الجهة التابع لها بهذا القرار مع طلب تحريز جميع كراسات الإجابة الخاصة بالطالب للرجوع إليها عند اللزوم مع إبلاغ جامعات جمهورية مصر العربية بهذا القرار من إعلان القرار في لوحة إعلانات الكلية. وبناء على الطلب المقدم من الطالب المذكور إلى السيد رئيس جامعة عين شمس طعناً في هذا القرار فقد تم عرضه على مجلس التأديب الأعلى الذي قرر بجلسته المنعقدة في 7 من فبراير 1984 قبول طلب الاستئناف المقدم من الطالب شكلاً وفي الموضوع بتأييد القرار لأسبابه نظراً لأنه لم يتبين للمجلس الاستئنافي جديداً ينفي هذه الأسباب وهذا القرار هو مثار المنازعة الماثلة.
ومن حيث إن القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة حدد اختصاص المحكمة الإدارية العليا بالفصل في الطعون التي ترفع إليها في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو من المحاكم التأديبية في الأحوال المبينة في المادة 23 من القانون المذكر، وطبقاً للمادتين 183، 184 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات قبل تعديلهما بالقانون رقم 155 لسنة 1981 كان مجلس تأديب الطلاب يتولى تأديبهم عما يقع منهم من مخالفات لأحكام القوانين واللوائح والتقاليد الجامعية، وكان للطالب الذي أدانه المجلس حق التظلم من قراره بطلب يقدم إلى رئيس الجامعة الذي يعرض ما يقدم إليه من تظلمات على مجلس الجامعة للنظر فيها، وفي ظل هذه الأحكام درج قضاء هذه المحكمة على أن القرارات التأديبية التي يصدرها مجلس تأديب الطلاب تتساوى في المرتبة مع القرارات الصادرة من السلطات التأديبية الرئاسية ولا ترقى إلى مرتبة الأحكام التأديبية التي يطعن فيها رأساً أمام المحكمة الإدارية العليا طبقاً للمادة 23 من قانون مجلس الدولة، وينعقد الاختصاص بطلب إلغائها لمحكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) طبقاً للمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة التي ناطت بهذه المحكمة الاختصاص بالفصل في الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية.
ومن حيث إن البين من مطالعة نصوص القانون رقم 155 لسنة 1981 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات - وهو الذي صدر في ظله القرار المطعون فيه أنه استبدل بنص المادة 183 من هذا القانون نصاً يقضي بتشكيل مجلس تأديب الطلاب برئاسة عميد الكلية أو المعهد الذي يتبعه الطالب وعضوية كل من وكيل الكلية أو المعهد المختص وأقدم أعضاء مجلس الكلية أو المعهد المختص. كما استبدل بنص المادة 184 من القانون المذكور نصاً يجري على أنه "لا يجوز الطعن في القرار الصادر من مجلس تأديب الطلاب إلا بطريق الاستئناف ويرفع الاستئناف بطلب كتابي يقدم من الطالب إلى رئيس الجامعة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه بالقرار وعليه إبلاغ هذا الطلب إلى مجلس التأديب الأعلى خلال خمسة عشر يوماً. ويشكل مجلس التأديب الأعلى على الوجه التالي: -
- نائب رئيس الجامعة المختص رئيساً.
- عميد كلية الحقوق أو أحد الأساتذة بها.
- أستاذ من الكلية أو المعهد الذي يتبعه الطالب.
ويصدر باختيار الأساتذة الأعضاء قرار من رئيس الجامعة. وفي جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ قرار مجلس تأديب الطلاب أو مجلس التأديب الأعلى قبل الفصل في الموضوع".
ومن حيث إن المستفاد من هذين النصين المعدلين أنه لم يترتب عليهما تغيير في الطبيعة الإدارية لقرارات تأديب الطلاب، ذلك أن السلطة التي خولها المشرع أمر تأديب الطلبة هي محض سلطة إدارية تتمثل في مجلس تأديب الطلاب المشكل من غير عناصر قضائية وبالتالي فهو لا يخرج عن كونه لجنة إدارية، كما أن مجلس التأديب الأعلى الذي استحدثه القانون رقم 155 لسنة 1981 المشار إليه وناط به استئناف النظر في قرارات مجلس تأديب الطلاب، لا يغاير في طبيعته القانونية الطبيعة الإدارية للمجلس الذي ينظر في قراراته، وممارسته مهمة التعقيب على هذه القرارات لا تجعل قراراته في صدد هذه المهمة أحكاماً تأديبية بل تعد بحسب التكييف السليم لها من القرارات الإدارية النهائية الصادرة من جهات إدارية ذات اختصاص قضائي مما ينعقد الاختصاص بالفصل في الطعون المقامة بطلب إلغائها لمحكمة القضاء الإداري عملاً بنص البند (ثامناً) من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة، وهو ما يقتضي الحكم بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الدعوى الماثلة.
ومن حيث إن المادة 110 من قانون المرافعات قد أوجبت على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها، ومن ثم يتعين القضاء بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر هذه الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مع إبقاء الفصل في المصروفات لمحكمة الموضوع.

فلهذه الأسباب

"حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري - (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) للفصل فيها وأبقت الفصل في المصروفات".