مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1984 إلى آخر فبراير سنة 1985 ) - صـ 342

(60)
جلسة 6 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطي نصير والدكتور محمد عبد السلام مخلص وأحمد إبراهيم عبد العزيز - المستشارين.

الطعن رقم 1262 لسنة 27 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - بطلان الأحكام.
المادة 176 من قانون المرافعات - أسباب الحكم - يجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي أقيم عليها - المشرع أوجب أن تتضمن أسباب الحكم الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استندت إليها المحكمة في إصدار حكمها في النزاع - المشرع رتب البطلان على القصور في أسباب الحكم الواقعية أو القانونية - لا يجوز للمحكمة أن تحيل إلى أسباب وردت في حكم آخر صادر عنها أو صادر عن محكمة أخرى في حكم آخر دون أن تبين ماهية الأسباب تفصيلاً أو إجمالاً - الإحالة إلى أسباب حكم آخر دون بيان هذه الأسباب مؤداه أن يكون الحكم المتضمن الإحالة خالياً من الأسباب أو مبنياً على أسباب يشوبها القصور - الأثر المترتب على ذلك - بطلان الحكم - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 5/ 1981 أودع الأستاذ حنا ناروز المحامي المنتدب عن السيد/ عبد الفتاح أحمد إبراهيم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1262 لسنة 27 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 22/ 12/ 1980 في الدعوى رقم 579 لسنة 32 القضائية المقامة من عبد الفتاح أحمد إبراهيم ضد وزارة الدفاع والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقيته في تسوية حالته طبقاً للقوانين رقم 35 لسنة 1967 و83 لسنة 1973 و11 لسنة 1975 وقرار الوزير المختص بالتنمية الإدارية رقم 2 لسنة 1976 بمقارنته بزميله الأحدث منه السيد/ محمد السيد سلامة ومنحه الدرجات وتدرج راتبه إلى أن يصل إلى 120 جنبهاً في 31/ 12/ 1974 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات والأتعاب.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي بالقانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه أولاً وبصفة أصلية بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعن في الترقية إلى الفئة (684 - 1440 جنبهاً سنوياً) اعتباراً من 1/ 10/ 1958 مع ما يترتب على ذلك من آثار مع عدم صرف أية فروق مالية عن فترة سابقة على أول يوليو 1980 ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الطاعن المصروفات.
ثانياً: وبصفة احتياطية ببطلان الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً مع إبقاء الفصل في المصروفات إلى أن يفصل في موضوع الدعوى.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 28/ 5/ 1984 وفيها قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" حيث تحدد لنظره أمامها جلسة 28/ 10/ 1984، وفيها استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على النحو المبين بمحضرها ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق في أن السيد/ عبد الفتاح أحمد محمد إبراهيم أقام الدعوى رقم 579 لسنة 32 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعت قلم كتابها في 8/ 1/ 1978 وطلب فيها الحكم بأحقيته في تسوية حالته طبقاً للقوانين 35 لسنة 1967 و83 لسنة 1973 و11 لسنة 1975 بمقارنته بزميله الأحدث منه المهندس/ السيد محمد السيد سلامه ومنحه الدرجات وتدرج راتبه حتى يصل إلى 120 جنبهاً شهرياً في 31/ 12/ 1974 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه حصل على دبلوم الفنون التطبيقية نظام حديث سنة 1938 وعين بخدمة الحكومة في 21/ 9/ 1938 وسويت حالته بالقانون رقم 83 لسنة 1973 والقانون رقم 35 لسنة 1967 فمنح الدرجة الثالثة اعتباراً من 1/ 5/ 1969 وتدرج راتبه حتى وصل إلى 500 مليم و90 جنيه في 31/ 12/ 1974، وسويت حالته بالقانون رقم 11 لسنة 1975 فمنح الدرجة الثالثة اعتباراً من 1/ 10/ 1961 بنفس مرتبه 500 مليم و90 جنيه ومنح علاوة في 1/ 1/ 1975 وصل راتبه بها إلى 500 مليم و95 جنيه، وأضاف المدعي أن جهة الإدارة وقد أخطأت عند تطبيق القانون رقم 83 لسنة 1973 والقانون رقم 35 لسنة 1967 على حالته، إذ قارنته ببعض زملائه وكان من الواجب أن تقارنه بزميله المهندس/ السيد محمد السيد سلامة الذي عين ابتداء على الدرجة السادسة المخفضة براتب قدره 500 مليم و10 جنيه وتدرجت حالته الوظيفية بالدرجة السادسة في 8/ 12/ 1942 والخامسة 26/ 5/ 1949 والرابعة في 3/ 6/ 1953 والثالثة في 1/ 12/ 1956 والثانية في 22/ 7/ 1961 والثالثة (الجديدة) في 22/ 7/ 1961، والثانية في 25/ 4/ 1966 ووصل راتبه في 1/ 1/ 1972 (116 جنبهاً شهرياً) وفي 1/ 1/ 1976 (130) جنبهاً وبررت جهة الإدارة مسلكها بأن المهندس/ السيد محمد السيد سلامة نقل من الكادر المتوسط إلى الكادر العالي قبل المدعي وهذا القول لا أساس له من الناحية القانونية لأنهما اجتمعا عند سريان القانون رقم 35 لسنة 1967 و83 لسنة 1973 بالكادر العالي وقد قصد القانون رقم 11 لسنة 1975 إلى رفع الظلم الذي وقع على بعض العاملين بحيث يتساوى العامل مع زميله الذي دخل معه الخدمة، إلا أن جهة الإدارة قامت بمقارنته بزميله الذي عين في الدرجة السابعة ابتداء بمرتب 10 جنيه وهو إجراء غير سليم لأن القانون رقم 83 لسنة 1973 وقرار وزير التنمية رقم 2 لسنة 1967 سعراً مؤهله بالدرجة السادسة بمرتب 500 مليم و10 جنيه وهو ما يتوافر في زميله المذكور يحق له أن يطالب بتسوية حالته أسوة به.
وردت جهة الإدارة على الدعوى بمذكرة أوضحت فيها أن المدعي لم يكن زميلاً للسيد السيد محمد السيد سلامة الذي يطالب مساواته به، إذ أن المذكور حاصل على دبلوم الهندسة التطبيقية سنة 1941 وعين بالدرجة السادسة اعتباراً من 8/ 12/ 1941 ونقل إلى المجموعة التخصصية اعتباراً من 30/ 6/ 1953 حيث كان المدعي بالمجموعة الفنية.
وبجلسة 22/ 12/ 1980 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً، ولم تتضمن مسودة الحكم الأسباب التي استندت إليها المحكمة في قضائها وأحالت إلى الأسباب الواردة في حكمها الصادر في الدعوى رقم 1894 لسنة 34 القضائية.
ويقوم الطاعن على أن الحكم المطعون فيه أخطأ وخالف القانون عندما قضى بعدم قبول تسوية حالة الطاعن بالتطبيق للقانون رقم 35 لسنة 1967، إذ لم يكن بإمكان الطاعن رفع دعوى المطالبة بتسوية حالته طبقاً لهذا القانون لأن مؤهل الطاعن (دبلوم الفنون والصناعات حديث) لم يسعر إلا بموجب قرار الوزير المختص بالتنمية الإدارية رقم 2 لسنة 1976 وقد قرر لهذا الدبلوم الدرجة السادسة المخفضة بالقرار المشار إليه، وبذلك يتساوى مؤهل الطاعن ومؤهل الزميل فضلاً عن أن الطاعن أقدم في التخرج وفي الالتحاق بالخدمة، فقد حصل الطاعن على دبلوم الفنون والصناعات نظام حديث سنة 1938 وعين بخدمة الحكومة في 21/ 9/ 1938، بينما حصل السيد محمد السيد سلامة على دبلوم الهندسة التطبيقية سنة 1941 وعين في خدمة الحكومة في 8/ 12/ 1941.
ومن حيث إن قانون المرافعات أوجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها ورتب البطلان على صدور الحكم غير مشتمل على الأسباب التي أقيم عليها، كما أوجب القانون حفظ مسودة الحكم المشتملة على منطوقه وأسبابه بملف الدعوى أو الطعن، وأوجب أيضاً أن تتضمن أسباب الحكم الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استندت إليها المحكمة في إصدار حكمها في النزاع ورتب المشرع البطلان على القصور في أسباب الحكم الواقعية والقانونية، وعلى ذلك لا يجوز للمحكمة أن تحيل إلى أسباب وردت في حكم آخر صادر عنها أو صادر عن محكمة أخرى في حكم آخر دون أن تبين ماهية هذه الأسباب تفصيلاً أو إجمالاً، لأن الإحالة إلى الأسباب التي يتضمنها حكم آخر دون بيان هذه الأسباب في الحكم المتضمن الإحالة مؤداها أن يكون الحكم المتضمن الإحالة خالياً من الأسباب أو مبنياً على أسباب يشوبها القصور، ويشترط القانون أن يكون ملف الدعوى أو الطعن محتوياً على مسودة الحكم الصادر من المحكمة والمشتملة هي بذاتها على منطوق الحكم وأسبابه التي بني عليها دون ما إحالة إلى حكم صادر في دعوى أو طعن آخر، إذ الأصل المسلم به في فقه المرافعات أن يكون كل حكم مستوفياً في ذاته أسبابه بحيث لا تصلح الإحالة في تسبيب حكم على ورقة أخرى ولو كانت أسباب حكم صادر في نزاع ومودع في ملف ذلك النزاع الآخر. ومتى كان الثابت من الأوراق أن مسودة الحكم المطعون فيه لم تشتمل على الأسباب التي بني عليها وتضمنت الإحالة إلى أسباب الحكم الصادر في الدعوى رقم 1894 لسنة 31 القضائية، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد اشتمل في مسودته على الأسباب التي بني عليها، ومن ثم يكون باطلاً طبقاً لحكم المادة 176 من قانون المرافعات ويتعين الحكم بإلغائه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً، مع إبقاء الفصل في المصروفات للحكم الذي تنتهي به الخصومة طبقاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه لما تقدم فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن، شكلاً، وفي موضوعه، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً، وأبقت الفصل في المصروفات.