أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 26 - صـ 1572

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد فتحي مرسي، وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي، وعبد اللطيف المراغي، وجميل الزيني.

(295)
الطعن رقم 408 لسنة 40 القضائية

(1) تزوير. حكم. استئناف.
النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه بالتزوير. وجوب أن يتم قبل صدور الحكم الفاصل في الإدعاء بالتزوير. علة ذلك. عدم قبول استئناف ذلك الحكم لمجرد القضاء بإلغائه وإنهاء الإجراءات.
(2) بيع "البيع بالمزاد". التزام "سبب الالتزام". إثبات "الإثبات بالبينة". نظام عام.
الاتفاق على التخلي عن الاشتراك في المزايدة في البيوع الاختيارية. لا مخالفة فيه للنظام العام.. رفض طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات ذلك الاتفاق استناداً إلى مخالفته للنظام العام. خطأ.
1 - مفاد نص المادة 57 من قانون الإثبات المقابلة للمادة 289 من قانون المرافعات السابق أن النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه وما يترتب عليه من إنهاء إجراءات الإدعاء بالتزوير ينبغي أن يتم قبل أن تنتهي هذه الإجراءات بصدور الحكم الفاصل في الإدعاء بالتزوير، أما بعد صدور هذا الحكم فلا وجه لإنهاء إجراءات قد انتهت بالفعل، وإذن فمتى كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم ينزل عن التمسك بالمحرر المطعون عليه إلا بعد صدور الحكم الابتدائي برد وبطلان ذلك المحرر، فليس له أن ينعى على المحكمة الابتدائية عدم قضائها بإنهاء الإجراءات كما ليس له أن يستأنف ذلك الحكم لمجرد القضاء بإلغائه وإنهاء الإجراءات - استناداً إلى نزوله عن الورقة المطعون عليها - بعد صدوره.
2 - ليس في القانون ما يمنع من الاتفاق على أن يتخلى أي شخص بإرادته واختياره عن الاشتراك في المزايدة في بيع اختياري طالما أن حرية التزايد متاحة لغيره من الراغبين في الاشتراك في المزاد، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض إجابة الطاعن إلى طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات اتفاقه مع المطعون ضده على عدم التقدم لمزاد بيع الأرز موضوع الدعوى على أن يبيعه المطعون ضده كمية من الأرز التي يرسو مزادها عليه استنادا إلى أن هذا الاتفاق مخالف للنظام العام لأنه يحد من حرية المزايدة مما يجعل إثباته بالبينة غير جائز قانوناً، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 764 سنة 1965 تجاري كلي طنطا طلب فيها القضاء بصحة ونفاذ العقد المؤرخ في 29/ 6/ 1965 وتسليم الطاعن الأرز موضوع العقد، وأسس دعواه على أنه بموجب عقد تاريخه 29/ 6/ 1965 اتفق المطعون ضده على أن يبيعه هذا الأخير 3823 أردباً من الأرز الشعير بثمن قدره 6919 ج و630 م وذلك بعد أن رسا مزاد بيع هذه الكمية من وزارة الزراعة على المطعون ضده، ولكن المطعون ضده امتنع عن تسليمه الأرز المبيع وشرع في تهريبه رغم أنه تسلم منه مبلغ 993 ج كعربون للصفقة. طعن المطعون ضده بالتزوير في عقد الاتفاق المقدم من الطاعن والمؤرخ 29/ 6/ 1965، ومحكمة طنطا الابتدائية قضت في 17/ 11/ 1966 في موضوع الإدعاء بالتزوير برد وبطلان هذا العقد، وحددت لنظر الموضوع جلسة 22/ 12/ 1966، وفيها نزل الطاعن عن التمسك بالعقد موضوع الطعن، وبعد أن أحيلت الدعوى لمحكمة دمياط الابتدائية للاختصاص وقيدت برقم 6 سنة 1968 تجاري كلي دمياط، قضت تلك المحكمة في 19/ 1/ 1969 برفض الدعوى استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 20 سنة 21 تجاري ق ومحكمة استئناف المنصورة قضت في 14/ 3/ 1970 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره. وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أنه قرر بعد صدور حكم محكمة الدرجة الأولى برد وبطلان العقد المؤرخ 29/ 6/ 1965 بنزوله عن التمسك بهذا العقد، وقد أشار إلى ذلك الحكم الابتدائي الصادر برفض الدعوى، كما أكد الطاعن أمام محكمة الاستئناف نزوله عن التمسك بهذا العقد وطلب صراحة إلغاء الحكم الابتدائي القاضي برد وبطلان هذا العقد وإنهاء إجراءات التزوير إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في موضوع الدعوى دون أن ينهي إجراءات التزوير مخالفاً بذلك نص المادة 57 من قانون الإثبات التي توجب إنهاء إجراءات الإدعاء بالتزوير متى نزل المدعى عليه بالتزوير عن التمسك بالمحرر المطعون عليه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المشرع إذ نص في المادة 57 من قانون الإثبات المقابلة للمادة 289 من قانون المرافعات السابق على أن "للمدعى عليه بالتزوير إنهاء إجراءات الإدعاء في أية حالة كانت عليها بنزوله عن التمسك بالمحرر المطعون فيه"، فإن مفاد هذا النص أن النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه وما يترتب عليه من إنهاء الإجراءات ينبغي أن يتم قبل أن تنتهي هذه الإجراءات بصدور الحكم الفاصل في الإدعاء بالتزوير، أما بعد صدور هذا الحكم فلا وجه لإنهاء إجراءات قد انتهت بالفعل فمتى كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم ينزل عن التمسك بالمحرر المطعون عليه إلا بعد صدور الحكم الابتدائي برد وبطلان ذلك المحرر، فليس له أن ينعى على المحكمة الابتدائية عدم قضائها بإنهاء الإجراءات، كما ليس له أن يستأنف ذلك الحكم لمجرد القضاء بإنهاء الإجراءات استناداً إلى نزوله عن الورقة المطعون عليها بعد صدوره، ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه طلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات الاتفاق الذي تم بينه وبين المطعون ضده على ألا يزايد أحدهما على الآخر في مزاد بيع الأرز الذي أجرته وزارة الزراعة على أن يشتري الطاعن كمية الأرز التي يرسو مزادها على المطعون ضده، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض الاستجابة إلى هذا الطلب بمقولة أن هذا الاتفاق يخالف النظام العام لأنه يعطل حرية المزايدة، وهو من الحكم خطأ في القانون لأن هذا الاتفاق ليس من شأنه أن يحد من حرية المزايدين العديدين الذين اشتركوا في المزاد وتزايدوا على الصفقة.
وحيث إن هذا النعي في محله، إذ ليس في القانون ما يمنع من الاتفاق على أن يتخلى أي شخص بإرادته واختياره عن الاشتراك في المزايدة في بيع اختياري طالما أن حرية التزايد متاحة لغيره من الراغبين في الاشتراك في المزاد، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض إجابة الطاعن إلى طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات اتفاقه مع المطعون ضده على عدم التقدم لمزاد بيع الأرز موضوع الدعوى على أن يبيعه المطعون ضده كمية الأرز التي يرسو مزادها عليه استناداً إلى أن هذا الاتفاق مخالف للنظام العام لأنه يحد من حرية المزايدة مما يجعل إثباته بالبينة غير جائز قانوناً، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.