أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 304

جلسة 13 من مارس سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وحامد عبد الله وفتحي حجاب وجاب الله محمد جاب الله نواب رئيس المحكمة.

(55)
الطعن رقم 5335 لسنة 69 القضائية

(1) إعدام. نيابة عامة.
وجوب عرض النيابة الحكم الحضوري الصادر بالإعدام على محكمة النقض مشفوعاً بمذكرة برأيها. أساس ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحصيل الحكم مؤدى أدلة الدعوى تحصيلاً سليماً له أصله الثابت بالأوراق من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. كفايته لتحقيق حكم المادة 310 إجراءات.
(3) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
(4) إثبات "اعتراف". قبض. تفتيش "التفتيش بغير إذن". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش" "الدفع ببطلان الاعتراف".
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة وبطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه.
(5) إثبات "بوجه عام" "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إعدام. قتل عمد.
إثبات جريمة القتل العمد والحكم بالإعدام على مقارفها. لا يشترط القانون وجود شهود رؤية أو توافر أدلة معينة. كفاية أن تكون المحكمة اعتقادها بالإدانة من ظروف الدعوى وقرائنها.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق المحكمة في الأخذ برواية منقولة متى اطمأنت إليها.
(7) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى موضوعي. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. تستقل به محكمة الموضوع بلا معقب.
(8) إثبات "شهود" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
عدم التزام الحكم بإيراد الدفاع بوجود تناقض بين الدليلين القولي والفني. ما دام ما أورده يتضمن الرد على ذلك الدفاع.
تعقب المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي غير لازم. استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(9) قتل عمد. جريمة "أركانها".
آلة الاعتداء. ليست من أركان الجريمة.
(10) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الجنون وعاهة العقل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة المتهم العقلية". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "خبرة".
تقدير حالة المتهم العقلية وتأثيرها على مسئوليته الجنائية. موضوعي. ما دام سائغاً.
عدم التزام المحكمة بالاستعانة بخبير لتقدير حالة المتهم العقلية.
(11) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي".
قصد القتل. أمر خفي إدراكه بالأمارات والمظاهر الخارجية التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال. لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل والسرقة.
(12) سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
سبق الإصرار. حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني. استخلاص القاضي لها من وقائع خارجية. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل.
(13) إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - لما كانت النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
2 - لما كان الحكم قد حصل مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مما يتحقق به حكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون الحكم قد سلم من القصور في هذا الشأن.
3 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
4 - لما كان الحكم قد عرض لما أبداه الدفاع عن المحكوم بإعدامه ببطلان القبض عليه وتفتيشه لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة وبطلان الاعتراف المنسوب إليه بالتحقيقات لكونه وليد تفتيش باطل وإكراه وقع عليه وأطرحه في قوله "إن الثابت أن الإذن بالضبط والتفتيش صدر بتاريخ 27/ 1/ 1996 وأنه تم القبض على المتهم بتاريخ 28/ 1/ 1996 أي بعد صدور الإذن. ولما كان هذا الدفاع جاء مرسلاً لا دليل عليه مما يتعين رفضه. وحيث إنه عن الدفع المبدى ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه، حيث صدر من المتهم أثناء حضور ضابط الواقعة إجراءات التحقيق معه في النيابة العامة فهو غير سديد، ذلك أن الثابت من الأوراق أن المتهم قد اعترف تفصيلاً بالتحقيقات بارتكابه لواقعة قتل المجني عليها وسرقة حليها الذهبية بإرادته الحرة الواعية دون ثمة إكراه مادي أو معنوي أو غش أو تدليس وقع عليه من أحد رجال الشرطة أو النيابة العامة فضلاً عن أنه لو سلمنا جدلاً بتواجد رجل الضبط القضائي بالنيابة العامة أثناء التحقيق مع المتهم فإنه لا يمثل إكراهاً مادياً أو معنوياً وقع عليه طالما لم يثبت أن يده قد امتدت إليه بالإيذاء المادي أو المعنوي، ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهم قد اعترف أمام المحكمة عند تجديد أمر حبسه الاحتياطي بارتكابه للواقعة وكان هذا الاعتراف قد حاز أوضاعه القانونية، الأمر الذي يتعين معه رفض الدفع المبدى، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - رداً على ما أثاره المدافع عن المحكوم بإعدامه بمحضر جلسة المحاكمة له أصله الثابت بالأوراق ويسوغ به إطراح ما أثاره من بطلان القبض عليه وتفتيشه ومسكنه وبطلان اعترافه بالتحقيقات للأسباب التي حددها مما لا شائبة معه تشوب الحكم.
5 - من المقرر أن القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها.
6 - من المقرر أن القانون لا يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى ثبتت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه.
7 - حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من الأدلة التي استندت إليها في قضائها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي, ومن ثم يكون ما أثاره المدافع عن المحكوم بإعدامه بمحضر جلسة المحاكمة في شأن ما تقدم يكون في غير محله، إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً ويكون الحكم متفقاً وصحيح القانون في هذا الشأن.
8 - ليس بلازم تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، كما وأنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام أنه قد أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
9 - آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة.
10 - تقدير حالة المتهم العقلية ومدى تأثيرها على مسئوليته الجنائية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وهي غير ملزمة بالاستعانة في ذلك بخبير إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها تقديرها، وإذ كان الحكم المعروض قد انتهى في منطق سليم وبأدلة سائغة إلى سلامة إدراك المحكوم بإعدامه وقت اقترافه الجريمة ووقت اعترافه بارتكابها وأطرح طلب الدفاع بعرضه على الطبيب الشرعي لفحص قواه العقلية لعدم استناد هذا الطلب إلى أساس جدي، وكان ما أورده الحكم في هذا الشأن منبت الصلة بما هو محظور على المحكمة أن تقحم نفسها فيه من الأمور الفنية التي لا تستطيع أن تشق طريقها فيها دون الاستعانة بأهل الخبرة بل إنه لا يعدو أن يكون من الأمور التي تتعلق بسلطة المحكمة في تقدير الدليل، فإن شبهة الإخلال بحق الدفاع تكون منتفية.
11 - قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره الجاني في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية, وكان الحكم قد عرض لنية القتل ودلل على توافرها في حق المحكوم بإعدامه في قوله "لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المتهم وزوجته السابق الحكم عليها قد عقدا العزم وبيتا النية وتدبرا أمرهما في هدوء وروية على قتل المجني عليها وسرقة حليها الذهبية للتخلص من الضائقة المالية التي يمران بها فأعد المتهم سلاحه الأبيض القاتل بطبيعته - الساطور - في تاريخ سابق على الحادث ووضعه فوق صيوان ملابسه وما أن استدرجتها زوجته حتى باغتها المتهم بضربتين قاتلتين على أم رأسها أسقطتها أرضاً مضرجة في دمائها جثة هامدة لا حراك فيها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها". فإن الحكم المعروض يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم بإعدامه.
12 - سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم بإعدامه في قوله "لما كان من المقرر أن هذا الظرف يستلزم أن يكون لدى الجاني من الفرص ما يسمح له بالتروي والتفكير فيما هو مقدم عليه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال، ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهم قد أضمر شراً في نفسه بالمجني عليها ابتغاء سرقة حليها الذهبية وما معها من نقود للتخلص من الضائقة المالية التي يمر بها فأعد العدة لذلك في تفكير هادئ مطمئن ورسم خطته الشيطانية في تعقل وروية في تاريخ سابق على الحادث وأعد لذلك سلاحه الأبيض القاتل بطبيعته - ساطور - والذي أخفاه أعلى صيوان ملابسه وما أن استدرجت زوجته السابق الحكم عليها المجني عليها إلى مسكنها وتجاذبت معها أطراف الحديث حتى باغتها بضربتين على أم رأسها أسقطتها أرضاً مضرجة في دمائها جثة هامدة لا حراك فيها حيث لفظت أنفاسها الأخيرة إلى بارئها". فإن الحكم يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما ينتجه.
13 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم بإعدامه بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر الحكم من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من......,....... بأنهما: 1- قتلا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتلها وأعدا لذلك أداة حادة (ساطور) واستدرجاها إلى سكنهما وما أن ظفرا بها حتى عاجلها المتهم الأول بضربتين على رأسها بالأداة سالفة البيان قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا إصاباتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد وقعت هذه الجناية بقصد ارتكاب جنحة هي أنه في ذات الزمان والمكان سرقا المصوغات الذهبية المملوكة للمجني عليها المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق. 2 - المتهم الأول: أحرز بغير مسوغ من ضرورة شخصية أو حرفية أداة حادة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص. وأحالتهما إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى........ عن نفسه وبصفته مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قررت حضورياً بإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة........ للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً للأول وغيابياً للثانية عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 3 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول رقم 1 المرفق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات والمادة 17 من ذات القانون بالنسبة للمتهمة الثانية وبإجماع الآراء للمتهم الأول بمعاقبته بالإعدام شنقاً عما أسند إليه وبمعاقبة المتهمة الثانية بالأشغال الشاقة المؤبدة وبمصادرة الأداة المضبوطة وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة لنظرها أمامها والمحكوم عليها الثانية قامت بإعادة الإجراءات في الحكم الغيابي الصادر قبلها أمام ذات المحكمة.
ومحكمة....... قضت حضورياً للمتهمة الثانية عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة فطعن المحكوم عليهما في الحكمين السالفين بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم...... لسنة...... قضائية، ومحكمة النقض قضت أولاً: بعدم قبول طعن المحكوم عليه الأول شكلاً وقبول عرض النيابة العامة للقضية بالنسبة له وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات....... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ثانياً: بقبول طعن المحكوم عليها الثانية شكلاً ورفضه موضوعاً، ومحكمة الإعادة (بهيئة مغايرة) قررت حضورياً بإجماع الآراء إحالة الدعوى إلى فضيلة المفتي لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة...... للنطق بالحكم، وبالجلسة المحددة قضت المحكمة المذكورة حضورياً بإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 234 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرر 1/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، 97 لسنة 1992 والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً لما نسب إليه وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
وعرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض بين واقعة الدعوى في قوله: "إنه في حوالي الثانية عشر من ظهر يوم 22/ 1/ 1996 ولضائقة مالية يمر بها المتهم........ وزوجته السابق الحكم عليها عقدا العزم وبيتا النية على قتل المجني عليها....... وسرقة حليها الذهبية وتدبرا أمر ذلك في هدوء وروية فأعدا لذلك سلاحهما الأبيض القاتل (ساطور) واستدرجتها زوجته إلى مسكنها وتجاذبت معها أطراف الحديث وما أن ظفر المتهم الأول بها حتى باغتها بضربتين قاتلتين على أم رأسها قاصداً من ذلك قتلها فأحدثتا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وتمكنا بهذه الوسيلة من سرقة حيلها الذهبية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق. وقد اعترف المتهم الأول بارتكابه لواقعتي القتل والسرقة على النحو المبين بالتحقيقات. "وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو أدلة مستمدة من شهادة كل من....... ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها ومن اعتراف المتهم تفصيلاً بالتحقيقات بارتكابه لواقعة قتل المجني عليها وسرقة حليها الذهبية وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما تبين من الاطلاع على المفردات - ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مما يتحقق به حكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون الحكم قد سلم من القصور في هذا الشأن لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن المحكوم بإعدامه قد دفع بعدم جدية التحريات التي سبقت إصدار إذن التفتيش، ولما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، فإن شبهة القصور في هذا الشأن تكون منتفية, لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد عرض لما أبداه الدفاع عن المحكوم بإعدامه ببطلان القبض عليه وتفتيشه لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة وبطلان الاعتراف المنسوب إليه في التحقيقات لكونه وليد تفتيش باطل وإكراه وقع عليه وأطرحه في قوله "إن الثابت أن الإذن بالضبط والتفتيش صدر بتاريخ 27/ 1/ 1996 وأنه تم القبض على المتهم بتاريخ 28/ 1/ 1996 أي بعد صدور الإذن, ولما كان هذا الدفاع جاء مرسلاً لا دليل عليه مما يتعين رفضه. وحيث إنه عن الدفع المبدى ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه، حيث صدر من المتهم أثناء حضور ضابط الواقعة إجراءات التحقيق معه في النيابة العامة فهو غير سديد، ذلك أن الثابت من الأوراق أن المتهم قد اعترف تفصيلاً بارتكابه لواقعة قتل المجني عليها وسرقة حليها الذهبية بإرادته الحرة الواعية دون ثمة إكراه مادي أو معنوي أو غش أو تدليس وقع عليه من أحد رجال الشرطة أو النيابة العامة فضلاً عن أنه لو سلمنا جدلاً بتواجد رجل الضبط القضائي بالنيابة العامة أثناء التحقيق مع المتهم فإنه لا يمثل إكراهاً مادياً أو معنوياً وقع عليه طالما لم يثبت أن يده امتدت إليه بالإيذاء المادي أو المعنوي، ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهم قد اعترف أمام المحكمة عند تجديد أمر حبسه الاحتياطي بارتكابه للواقعة وكان هذا الاعتراف قد حاز أوضاعه القانونية، الأمر الذي يتعين معه رفض الدفع المبدى". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - رداً على ما أثاره المدافع عن المحكوم بإعدامه بمحضر جلسة المحاكمة له أصله الثابت بالأوراق ويسوغ به إطراح ما أثاره من بطلان القبض عليه وتفتيشه ومسكنه وبطلان اعترافه بالتحقيقات للأسباب التي حددها مما لا شائبة معه تشوب الحكم. لما كان ذلك، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها، وأن القانون لا يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى ثبتت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من الأدلة التي استندت إليها في قضائها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي, ومن ثم يكون ما أثاره المدافع عن المحكوم بإعدامه بمحضر جلسة المحاكمة في شأن ما تقدم يكون في غير محله، إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في واقعة الدعوى - ويكون الحكم متفقاً وصحيح القانون في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما ساقه الدفاع عن المحكوم عليه بالإعدام من دفاع مؤداه أن الحادث لم يقع بمسكنه بدليل عدم العثور على آثار دماء به وذلك بما أورده الحكم في مواضع متعددة من مدوناته أن واقعة القتل قد تمت بمسكن المحكوم بإعدامه وأنه تخلص من آثار جريمته بغسل آثار الدماء بمكان الحادث وهو قول يسوغ به إطراح هذا الدفاع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، كما وأنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام قد أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني بل يتلاءم معه، فإن الحكم يكون قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين الفني والقولي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة، وإذ نقل الحكم عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليها يمكن حدوثها من مثل "الساطور" المضبوط ووفقاً للتصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة، ومن ثم فإن ما ساقه الدفاع عن المحكوم بإعدامه في هذا الشأن بمحضر جلسة المحاكمة لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية ومدى تأثيرها على مسئوليته الجنائية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وهي غير ملزمة بالاستعانة في ذلك بخبير إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها تقديرها، وإذ كان الحكم المعروض قد انتهى في منطق سليم وبأدلة سائغة إلى سلامة إدراك المحكوم بإعدامه وقت اقترافه الجريمة ووقت اعترافه بارتكابها وأطرح طلب الدفاع بعرضه على الطبيب الشرعي لفحص قواه العقلية لعدم استناد هذا الطلب إلى أساس جدي، وكان ما أورده الحكم في هذا الشأن منبت الصلة بما هو محظور على المحكمة أن تقحم نفسها فيه من الأمور الفنية التي لا تستطيع أن تشق طريقها فيها دون الاستعانة بأهل الخبرة بل إنه لا يعدو أن يكون من الأمور التي تتعلق بسلطة المحكمة في تقدير الدليل، فإن شبهة الإخلال بحق الدفاع منتفية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره الجاني في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية, وكان الحكم قد عرض لنية القتل ودلل على توافرها في حق المحكوم بإعدامه في قوله. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المتهم وزوجته السابق الحكم عليها قد عقدا العزم وبيتا النية وتدبرا أمرهما في هدوء وروية على قتل المجني عليها وسرقة حليها الذهبية للتخلص من الضائقة المالية التي يمران بها فأعد المتهم سلاحه الأبيض القاتل بطبيعته - الساطور - في تاريخ سابق على الحادث ووضعه فوق صيوان ملابسه وما أن استدرجتها زوجته حتى باغتها المتهم بضربتين قاتلتين على أم رأسها أسقطتها أرضاً مضرجة في دمائها جثة هامدة لا حراك فيها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. فإن الحكم المعروض يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم بإعدامه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم بإعدامه في قوله "لما كان من المقرر، أن هذا الظرف يستلزم أن يكون لدى الجاني من الفرص ما يسمح له بالتروي والتفكير فيما هو مقدم عليه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال، ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهم قد أضمر شراً في نفسه بالمجني عليها ابتغاء سرقة حليها الذهبية وما معها من نقود للتخلص من الضائقة المالية التي يمر بها فأعد العدة لذلك في تفكير هادئ مطمئن ورسم خطته الشيطانية في تعقل وروية في تاريخ سابق على الحادث وأعد لذلك سلاحه الأبيض القاتل بطبيعته - ساطور - والذي أخفاه أعلى صيوان ملابسه وما أن استدرجت زوجته السابق الحكم عليها المجني عليها إلى مسكنها وتجاذبت معها أطراف الحديث حتى باغتها بضربتين على أم رأسها أسقطتها أرضاً مضرجة في دمائها جثة هامدة لا حراك فيها حيث لفظت أنفاسها الأخيرة إلى بارئها". فإن الحكم يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما ينتجه، فإن هذا حسبه كي يستقيم قضاؤه بالإعدام. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم بإعدامه بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر الحكم من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.