أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 26 - صـ 1580

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد فتحي مرسي، وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي، وسعد العيسوي، ومحمود حسين.

(297)
الطعن رقم 137 لسنة 41 القضائية

(1) شركات. "شركات التضامن". ملكية. حجز.
شركة التضامن. استقلال شخصيتها عن أشخاص الشركاء فيها. أثر ذلك. خروج حصة الشريك فيها عن ملكه ودخولها في ملكيتها. عدم جواز الحجز على أموالها من دائن الشريك.
(2) بطلان "بطلان التصرفات". دعوى "الدعوى البوليصية". محكمة الموضوع.
القرينة القانونية الواردة بالمادة 238/ 1 مدني. استخلاص علم المتصرف إليه أن التصرف سبب إعسار للمدين. مما تستقل به محكمة الموضوع.
(3) حوالة. دعوى "الدعوى البوليصية".
استيفاء الحوالة لشروط نفاذها في حق المدين أو في حق الغير. لا يمنع من الطعن عليها بالدعوى البوليصية. علة ذلك. اختلاف موضوع ونطاق كل من الدعويين.
1 - لما كانت شركة التضامن لها شخصية مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها ومن مقتضى هذه الشخصية أن يكون للشركة وجود مستقل عن الشركاء، وأن تكون أموالها مستقلة عن أموالهم وتعتبر ضماناً عاماً لدائنيها وحدهم، كما تخرج حصة الشريك في الشركة عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة ولا يكون له إلا مجرد حق في نسبة معينة من الأرباح، ولا يجوز لدائنيه أن يحجزوا على شيء من أموال الشركة حتى ولو كان مدينهم هو الذي قدمه إليها كحصة في رأسمالها. وإذ كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده الرابع لم يقدم ما يدل على أن الشركة المعقودة بينه وبين الطاعن قد حققت أرباحاً ومكان هذه الأرباح كما لم يرشد عن أي مال ظاهر يعادل دين الشركة الدائنة المملوكة للمطعون ضدهما الأول والثاني فإن ما يثيره الطاعن في سبب النعي حول عدم توافر شروط الإعسار لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقيل أمام هذه المحكمة.
2 - مفاد نص المادة 238/ 1 من القانون المدني أن المشرع أقام قرينة قانونية على علم المتصرف إليه بغش المدين إذا كان يعلم أن التصرف يسبب إعسار المدين أو يزيد في إعساره واستخلاص توفر هذا العلم من ظروف الدعوى هو من الأمور الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع.
3 - استيفاء الحوالة لشروط نفاذها في حق المدين أو في حق الغير بقبولها من المدين أو إعلانه بها طبقاً للمادة 305 من القانون المدني لا يمنع من الطعن عليها بالدعوى البوليصية المنصوص عليها في المادتين 237 و238 من القانون المدني متى توافرت شروطها وذلك لاختلاف موضوع ونطاق كل من الدعويين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الحديثة للتجارة التي يديرها المطعون ضدهما الأول والثاني أقامت الدعوى رقم 79 سنة 1968 تجاري كلي القاهرة تطلب الحكم في مواجهة المطعون ضده الثالث بصفته بإبطال التنازل الصادر من المطعون ضده الرابع إلى الطاعن عن المبالغ المستحقة له لدى الإدارة الهندسية لصيانة المباني التي يمثلها المطعون ضده الثالث واعتباره كأن لم يكن. وعدم نفاذه في حقها وأسست دعواها على أنها تداين المطعون ضده الرابع في مبلغ 1777 جنيهاً و950 مليماً بموجب أوامر الأداء رقم 1374، 1470، 1732 لسنة 1967 تجاري جزئي القاهرة وأمر الأداء رقم 307 لسنة 1967 تجاري كلي القاهرة. وإنها بتاريخ 28/ 10/ 1967، 22/ 11/ 1967، 18/ 12/ 1967، 6/ 6/ 1968 أوقعت حجز ما للمدين لدى الغير تحت يد الإدارة الهندسية لصيانة المباني التي يمثلها المطعون ضده الثالث، على المبالغ المستحقة للمطعون ضده الرابع تحت يدها وفاء للمبلغ السالف بيانه، غير أن المطعون ضده الرابع بعد أن توقف عن الدفع وبعد أن بدأت الشركة في توقيع الحجوز سالفة الذكر تواطأ مع شريكه الطاعن وحرر له في 10/ 9/ 1967 إقراراً تنازل بمقتضاه الأول للثاني عن جميع المبالغ المستحقة له لدى الإدارة الهندسية لصيانة المباني وذلك تهرباً من الوفاء بديونها. ولما كان هذا التصرف قد أضر بحقوقها لما ترتب عليه من إعسار مدينها وكان الغش والتواطؤ متوافرين لدى كل منهما لأن الأول شريك الثاني ويعلم علم اليقين بمديونيته لها وبالحجوز التي أوقعتها وقد انعقدت إرادتهما معاً على التخلص من هذه الحجوز بإتمام هذا التنازل، لذلك فإنه يحق لها إعمالاً للمادتين 237 و238 من القانون المدني إقامة دعواها بطلباتها السالفة. وبتاريخ 8/ 5/ 1969 قضت محكمة القاهرة الابتدائية ببطلان عقد التنازل المؤرخ 17/ 9/ 1969 المبرم بين المدعى عليه الأول - المطعون ضده الرابع - وبين المدعى عليه الثاني - الطاعن - والمتضمن تنازل الأول للثاني عن كافة مستحقاته قبل المدعى عليه الثالث بصفته - المطعون ضده الثالث - استأنف الطاعن والمطعون ضده الرابع هذا الحكم بالاستئناف رقم 437 لسنة 86 ق، ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 11/ 12/ 1970 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره. وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه ببطلان عقد الحوالة موضوع الدعوى إلى أن التصرف الذي تضمنه هذا العقد كان مفقراً للمطعون ضده الرابع في حين أن هذا التصرف يعتبر عاملاً إيجابياً في زيادة حقوقه إذ تكونت شركة بينه وبين الطاعن بعقد مسجل في 5 أغسطس سنة 1967 للمطعون ضده الرابع فيها حقوق تعادل النصف في رأس المال والأرباح وأنه يحق للشركة الدائنة التي يمثلها المطعون ضدهما الأول والثاني استيفاء حقهما في الأرباح التي حققتها هذه الشركة والتي أشار إليها الطاعن في صحيفة الاستئناف وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون إذ قضى ببطلان التصرف رغم تخلف شرط جوهري هو شرط الإعسار.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في هذا الشق على ما أورده من أنه يبين "أن المستأنف الثاني (المطعون ضده الرابع) قد تجرد من جميع أمواله الظاهرة بعقد الحوالة المطعون عليه وعقد شركة التضامن القائم بينه وبين المستأنف الأول (الطاعن) فالمقصود إذن بعقد الشركة هو تهريب أموال المدين وإنقاص الضمان العام للدائنين وليس زيادة هذا الضمان إذ المعروف أن للشركة ذمة مالية منفصلة عن الشركاء ولا يستطيع الدائن الشخصي للشريك أن ينفذ على أموال الشركة طالما كانت هذه الشركة قائمة ولم تجر تصفيتها بعد ولا يرد على ذلك بأن الدائن الشخصي للشريك يستطيع التنفيذ على حصة ذلك الشريك في أرباح الشركة إذ لم يقدم المستأنف الثاني (المطعون ضده الرابع) ما يدل على أن الشركة المعقودة بينه وبين المستأنف الأول (الطاعن) قد حققت أرباحاً بالفعل ومكان هذه الأرباح حتى يمكن للدائن التنفيذ عليها. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن المستأنف الثاني المدين (المطعون ضده الرابع) لم يرشد حتى الآن عن أي مال يساوي دين الشركة المستأنف عليها الأولى حتى يمكن اعتباره غير معسر نتيجة التصرف المطعون عليه"، وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون أو الثابت في الأوراق ذلك أن لشركة التضامن شخصية مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها ومن مقتضى هذه الشخصية أن يكون للشركة وجود مستقل عن الشركاء وأن تكون أموالها مستقلة عن أموالهم وتعتبر ضماناً عاماً لدائنيها وحدهم، كما تخرج حصة الشريك في الشركة عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة ولا يكون له إلا مجرد حق في نسبة معينة من الأرباح، ولا يجوز لدائنيه أن يحجزوا على شيء من أموال الشركة حتى ولو كان مدينهم هو الذي قدمه إليها كحصة في رأسمالها. وإذ كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده الرابع لم يقدم ما يدل على أن الشركة المعقودة بينه وبين الطاعن قد حققت أرباحاً ومكان هذه الأرباح كما أنه لم يرشد عن أي مال ظاهر يعادل دين الشركة الدائنة المملوكة للمطعون ضده الأول والثاني فإن ما يثيره الطاعن في سبب النعي حول عدم توافر شروط الإعسار لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه فيما يتصل بشرط الغش على أن الطاعن وقد صدر إليه التنازل بصفته الشخصية وليس بصفته مديراً للشركة فإن هذا يدل على علمه بنية الغش التي صاحبت إبرام هذا العقد وهو ما ينطوي على الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق ذلك أنه ليس في أوراق الدعوى أي دليل أو قرينة على أن الطاعن كان يعلم بمديونية المطعون ضده الرابع أو إعساره فضلاً عن أن الثابت من عقد الشركة المعقودة بينه وبين المطعون ضده الرابع أن المبالغ موضوع النزاع قد دخلت حصة في رأس مال الشركة ولم تكن محالة للطاعن بصفته الشخصية.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مفاد نص المادة 238/ 1 من القانون المدني أن المشرع أقام قرينة قانونية على علم المتصرف إليه بغش المدين إذا كان يعلم أن التصرف يسبب إعسار المدين أو يزيد في إعساره واستخلاص توافر هذا العلم من ظروف الدعوى هو من الأمور الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع وإذ كان ذلك وكان يبين من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه المؤيد له، أنهما قد انتهيا - في استخلاص سائغ - إلى أن الطاعن كان يعلم وقت صدور التصرف بإعسار المدين" وأن هذا العلم مستفاد من كونهما شريكين في عمل واحد وأنه لا مراء في أن كلاً منهما على علم بالمركز المالي للآخر وأنهما قد لجآ إلى إبرام عقد الحوالة وعقد الشركة الذي تجرد به المدين من أمواله الظاهرة لتهريب هذه الأموال وإنقاص الضمان العام للدائنين وأنه ليس أدل على ذلك من أن الثابت من نصوص عقد الحوالة أنه قد صدر للمستأنف عليه الأول (الطاعن) بصفته الشخصية وليس بصفته مديراً للشركة....." لما كان ذلك فإن ما ينعاه الطاعن بهذا السبب يكون في غير محله ولا يؤثر على ذلك ما استطرد إليه الحكم المطعون فيه تزيداً من "..... أن التصرف يعتبر غير نافذ في حق الشركة الدائنة حتى ولو كان الطاعن حسن النية فرضاً لتخلف العوض في التصرف المذكور...".
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن الحجوز الموقعة تحت يد المطعون ضده الثالث قد تمت بعد الحوالة التي تعتبر نافذة في حق الغير بقبولها من المدين طبقاً للمادة 305 من القانون المدني فإنه يمتنع عليه بعد ذلك القول بأن هذه الحوالة باطلة وغير نافذة في حق الشركة الدائنة ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان هذه الحوالة قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن استيفاء الحوالة لشروط نفاذها في حق المدين أو في حق الغير بقبولها من المدين أو إعلانه بها طبقاً للمادة 305 من القانون المدني لا يمنع من الطعن عليها بالدعوى البوليصية المنصوص عليها في المادتين 237، 238 من القانون المدني متى توافرت شروطها وذلك لاختلاف موضوع ونطاق كل من الدعويين وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى أن نفاذ الحوالة في حق الغير أو عدم نفاذها بالتطبيق لنص المادة 305 من القانون المدني لا أثر له على الدعوى المطروحة على المحكمة وهي دعوى عدم نفاذ التصرف بالتطبيق للمادتين 237، 238 من القانون المدني لأنه يخرج عن نطاقها، فإن النعي عليه بالخطأ في القانون يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يتعين رفض الطعن.