مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1984 إلى آخر فبراير سنة 1985) - صـ 384

(66)
جلسة 12 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعنان رقما 2556 و3022 لسنة 29 القضائية

( أ ) تأميم - تعريفه - لجان التقييم - قراراتها.
التأميم يترتب عليه نقل ملكية المشروعات إلى الدولة - هذا الأثر يترتب بقوة القانون ومهمة لجان التقييم تحديد أسعار الأسهم أو تقويم رؤوس أمول المنشأة وتقدير أصولها وخصومها توصلاً لتقدير قيمة التعويض - إذا جاوز عمل اللجان هذا النطاق بأن تناول مالاً لا يدخل في نطاق التأميم أو استبعد مالاً يدخل في هذا النطاق وقع قرارها معدوم الأثر - تطبيق.
(ب) تأميم - تأميم منشأة فردية - تحديد نطاق المنشأة المؤممة.
تأميم منشأة مورث المدعين بالقانون رقم 72 لسنة 1963 استهدف المشروع الصناعي الذي يتولى استخلاص الزيوت العطرية وتقطير النباتات الطبية - يتعين تحديد العناصر الداخلة في مكونات أصولها على هذا الأساس - مقتضى ذلك: لا يمتد التأميم إلى الأرض الزراعية المتنازع عليها - أساس ذلك:
استغلال الأرض الزراعية في الزراعة على أي وجه من الوجوه ولو كان متعلقاً بزراعة نباتات تستخلص منها الزيوت العطرية عن طريق منشأة العطور المؤممة يتمخض نشاطاً زراعياً قائماً بذاته له طبيعته المتميزة عن طبيعة المشروع الصناعي الخاص بإنتاج العطور الذي انصب عليه التأميم - تطبيق.


إجراءات الطاعن

في يوم الخميس الموافق 23 من يونيه سنة 1983 أودع الأستاذ/ مصطفى أحمد خفاجي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ رئيس مجلس إدارة شركة القاهرة للخلاصات الغذائية والعطرية قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2556 لسنة 29 القضائية ضد:
1 - السيدة/ نائلة عبد الله لملوم عن نفسها وبصفتها وصية على بناتها القاصرات عزة وعلا وهند.
2 - السيد/ محمد عبد الرحمن لملوم.
3 - السيد/ علي عبد الرحمن لملوم.
4 - السيدة/ نعمات عبد الرحمن لملوم.
5 - السيدة/ جليلة عبد الرحمن لملوم.
6 - السيدة/ لوزة عبد الرحمن لملوم.
7 - السيدة/ سعاد عبد الرحمن لملوم.
8 - السيدة/ ثريا عبد الرحمن لملوم.
9 - السيدة/ زينب عبد الرحمن لملوم.
عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 7 من يونيه سنة 1983 في الدعوى رقم 494 لسنة 34 القضائية المقامة من المدعية أصلاً عن نفسها وبصفتها ضد رئيس الجمهورية ووزير الصناعة ووزير الخزانة والشركة الطاعنة الذي قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تقييم مساحة اثنتين وخمسين فداناً أرض زراعية بالقطعة رقم 2، 3 بحوض محمد بك السعدي بزمام ناحية الصفانية بمغاغة ضمن منشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور بمغاغة وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلبت الشركة الطاعنة للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم:
أولاً: بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ثالثاً: بقبول الدفوع السابق إبداؤها والموضحة بهذا التقرير.
رابعاً: في الموضوع من باب الاحتياط برفض الدعوى ومن قبيل الاحتياط الكلي إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزامهم بالمصاريف عن الدرجتين.
وفي يوم الأحد الموافق 31 من يوليه سنة 1983 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن:
1 - السيد/ رئيس الجمهورية.
2 - السيد/ وزير الصناعة.
3 - السيد/ وزير الخزانة.
قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3022 لسنة 29 القضائية ضد المطعون ضدهم في الطعن المتقدم وفي ذات الحكم المطعون فيه.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة في تقرير الطعن الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء هذا الحكم والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفضها موضوعاً مع إلزام المطعون ضدهم بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وأعلن كلا الطعنين قانوناً وعقبت هيئة مفوضي الدولة عليهما حيث انتهى رأيها في الطعن رقم 2556/ 29 القضائية إلى الحكم برفض طلب وقف التنفيذ وإلزام الشركة الطاعنة مصروفات هذا الطلب وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتصويب الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء قرار لجنة التقسيم بإخضاع الأرض الزراعية ومساحتها 52 فداناً ضمن منشأة لملوم للعطور بمغاغة إلى 10 س - ط 49 ف ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات. كما ارتأت بالنسبة إلى الطعن رقم 3022 لسنة 29 القضائية الحكم برفض طلب وقف التنفيذ وإلزام الحكومة مصروفات هذا الطلب وبقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتصويب الحكم المطعون فيه على نحو ما ذكر بالنسبة إلى طعن الشركة.
وعين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 17 من أكتوبر سنة 1983 ثم قررت الدائرة ضم الطعن رقم 3023 لسنة 29 القضائية إلى الطعن رقم 2556 لسنة 29 القضائية وأحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظرهما بجلسة 7 من إبريل سنة 1984 وفي هذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 19 من مايو سنة 1984 التي تقرر فيها مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة 23 من يونيه سنة 1984 وفيها تقرر إعادة الطعنين إلى المرافعة بجلسة 27 من أكتوبر سنة 1984 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 8 من ديسمبر سنة 1984 إرجاء إصدار الحكم إلى جلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن كلا الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أنه بموجب عريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بتاريخ 17/ 12/ 1979 أقامت نائلة عبد الله لملوم عن نفسها وبصفتها وصية على بناتها القصر الدعوى رقم 494 لسنة 34 القضائية ضد رئيس الجمهورية ووزير الصناعة ووزير الخزانة ورئيس مجلس إدارة شركة القاهرة للخلاصات الغذائية والعطرية طالبة الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء قرار لجنة تقييم منشأة لملوم عبد الرحمن فيما تضمنه من إدخال الأراضي الزراعية المبينة مساحتها وحدودها ومعالمها في هذا القرار في نطاق تقييم المنشأة وكذلك المزروعات ومباني المزرعة وقيمتها في هذا القرار وبإلزام المدعى عليهم بتسليم هذه الأرضي الزراعية والعقارات والأموال إلى المدعين مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وجاء في بيان الدعوى أن المرحوم لملوم عبد الرحمن لملوم كان يمتلك مصنعاً لتقطير الزيوت العطرية بناحية الرحمانية بمغاغة كما كان يمتلك أيضاً أرضاً زراعية كائنة بناحية صفانية نركز العدوة وبمقتضى القرار الجمهوري رقم 138 لسنة 1961 فرضت الحراسة عليه وعلى عائلته، وبتاريخ 8/ 8/ 1963 صدر القانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت وورد في الجدول الملحق به منشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور بمغاغة. واستناداً إلى نص المادة الثالثة من القانون المذكور صدر قرار وزير الصناعة رقم 899 لسنة 1963 بتاريخ 19/ 8/ 1963 بتشكيل لجنة لتقييم المنشأة المذكورة وباشرت اللجنة مهمتها وورد في تقريرها تحت البند أولاً: بالنسبة لمساحة الأطيان الزراعية المخصصة للمنشأة وحدودها وتحقيق ملكيتها، أنه تم استلام الأرض الزراعية التابعة للمنشأة والمزروعة بالعطور بناء على محضر التسليم المؤرخ 13/ 8/ 1963 وهي عبارة عن قطعتين مساحتها 52 فداناً بناحية الصفانية مركز العدوة ملك صاحب المنشأة والثانية مساحتها 43 فداناً بناحية الرحمانية مركز مغاغة وهي مؤجرة من الإصلاح الزراعي، وبذلك يكون قرار اللجنة فيما تضمنه من إدخال مساحة 52 فداناً الكائنة بناحية الصفانية مركز العدوة في أصول المنشأة وفي نطاق التقييم قراراً منعدماً، لأن اللجنة بقرارها المطعون فيه تكون قد أدخلت ضمن أصول المنشأة المؤممة ما لا يدخل بطبيعته في هذه الأصول وهو ما ينطوي على اعتداء على ملكية الأفراد وضمها إلى ملكية الدولة بغير سند من الدستور أو القانون.
وعقبت الشركة المدعى عليها بأن دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لنهائية قرارات التقييم وعدم قابليتها للطعن بأي وجه من أوجه الطعن طبقاً للمادة 3 من القانون رقم 72 لسنة 1963 كما دفعت بعدم قبول الدعوى لأن الدعية لا تمثل جميع ورثة لملوم عبد الرحمن لملوم الوارد ذكرهم في الإعلام الشرعي المثبت لوفاته ولأن الدعوى رفعت بعد الميعاد المقرر للطعن بالإلغاء فضلاً عن أن الشركة المدعى عليها قد تملكت الأرض المتنازع عليها بالتقادم الطويل فليس أقوى من وضع اليد المستند إلى قانون التأميم وحسن النية. وبالنسبة إلى موضوع الدعوى فقد طلبت الشركة الحكم برفضها لأنه فضلاً عن أن المدعيات قد تقاضين التعويض المقرر قانوناً عن التأميم وشمل التعويض عن الأرض الزراعية موضوع المنازعة وبالتالي يسقط الحق في المطالبة بها أو التعويض عنها فقد ثبت للجنة التقييم أن مساحة قدرها 10 س - ط 49 ف مزروعة بالنباتات العطرية ومملوكة للسيد/ لملوم عبد الرحمن لملوم وأنها تدخل ضمن أصول المنشأة المؤممة باعتبارها من العناصر التي تغذي المنشأة والمخصصة لخدمتها. وإذ انصب التأميم على المنشأة وليس على المصنع وكان لفظ المنشأة أعم وأشمل فهو يضم المصنع وملحقاته التي تتصل به اتصالاً مباشراً وهو ما دلت عليه المغايرة التي وردت في الجدول الملحق بالقانون رقم 72 لسنة 1963 بين ألفاظ الشركة والمنشأة والمصنع ومن ثم فإن قرار لجنة التقييم المطعون فيه يكون قد صدر صحيحاً ولا وجه للطعن عليه.
وبجلسة 7 من يونيه سنة 1983 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه الذي قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تقييم مساحة اثنين وخمسين فداناً أرضاً زراعية بالقطعة رقم 2، 3 بحوض محمد بك السعدي بزمام ناحية الصفانية بمغاغة ضمن منشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور بمغاغة وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت قضاءها في الدفع بعدم الاختصاص على أنه وقد استند المدعون في طلب الإلغاء على أن لجنة التقييم قد تعدت اختصاصها وأدخلت ضمن عناصر المنشأة المؤممة عناصر لا يشملها التأميم ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر هذه المنازعة وهي منازعة إدارية للمحكمة.
وبالنسبة إلى الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد فقد استظهر الحكم المطعون فيه تعلقه بالموضوع وفي هذا الصدد ذهب إلى أن مقطع النزاع ينحصر في تفسير المقصود بمنشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور وما إذا كانت الأرض الزراعية المنزرعة بنباتات عطرية تدخل ضمن هذه المنشأة فيكون قرار لجنة التقييم صادراً في حدود اختصاصها أم أن هذه الأرض لا تدخل في هذا النطاق وبالتالي يكون قرار اللجنة منعدماً لمخالفته أحكام قانون التأميم. وقد خلص الحكم المطعون فيه إلى أن العنصر الأساسي لتلك المنشأة هو المصنع القائم على تصنيع العطور دون الأرض الزراعية محل المنازعة لأنها ولئن كانت تمد المصنع بنبات العطر الذي يقوم على تصنيعه إلى أنها ليست عنصراً أساسياً من عناصر المنشأة ولا تدور معها وجوداً وعدماً إذ ليس من المستحيل على المصنع أن يعمل بدونها فكما أنه من الممكن عملاً أن يقيم الشخص مصنعاً للعطور دون أن يخصص له من أملاكه أرضاً تمده بنبات العطر فمن الممكن كذلك أن يقوم مالك الأرض الزراعية بزراعتها عطراً دون أن يملك مصنعاً يتولى تصنيع هذا المحصول وعلى ذلك فإنه وإن كان التلازم قائماً بين المصنع والمادة الخام التي يتولى تصنيعها إلا أن هذا التلازم غير قائم بين المصنع والأرض الزراعية مصدر إنتاج تلك المادة الخام كما أن العرف التشريعي جرى على أن الأرض الزراعية لا يرد عليها التأميم كقاعدة عامة وإنما يرد عليها تحديد الملكية طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعي. وبذلك فإن قرار لجنة التقييم إذ أدخل الأراضي الزراعية محل المنازعة ضمن نطاق منشأة مورث المدعين المؤممة يكون قد وقع منعدماً لا تلحقه حصانة مهما استطال عليه الزمن....
ومن حيث إن طعن الشركة رقم 2556 لسنة 29 القضائية يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون سواء بالنسبة إلى الدفوع التي قضى برفضها أو بالنسبة لما قضى به في الموضوع وعلى ذلك عاودت الشركة الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى بناء على حكم المادة 3 من القانون رقم 72 لسنة 1963 والدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة لعدم تدخل باقي ورثة لملوم عبد الرحمن لملوم في الدعوى طبقاً للمادة 126 من قانون المرافعات.
والدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد والدفع بكسب ملكية الأرض محل النزاع بالتقادم الطويل استناداً إلى قانون التأميم وحسن النية وقال الطعن أن المحكمة لم ترد على الدفع بعدم قبول الدعوى المتعلق بالصفة والدفع بالتقادم، وفي الموضوع ذهب الطعن إلى أن المقصود بتأميم منشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور بمغاغة طبقاً للقانون رقم 72 لسنة 1963 هو تأميم مصنع العطور والأرض الزراعية التي تمد المصنع بنبات العطر الذي يقوم على تصنيعه ولو أراد المشرع أن يقتصر التأميم على المصنع فقط كما ذهب خطأ الحكم المطعون فيه لنص على ذلك مثل ما فعل بالنسبة لمصانع أخرى وردت الإشارة إليها في الجدول الملحق بالقانون المذكور، ولا وجه للافتراضات التي قام عليها الحكم المطعون فيه عن مدى الارتباط بين الأرض والمصنع لأن العبرة بالواقع الذي أثبته تقرير لجنة تقييم المنشأة المذكورة فقد جاء في هذا التقرير أن المساحة تحت الحراسة هي 10 س - ط 49 ف بحوض محمد بك السعدي نمرة 3 وهذه المساحة منزرعة بالعطر وفرضت عليها الحراسة وثابتة بحساب المنشأة طرف إدارة الحراسة الزراعية بمغاغة وهي ملك السيد لملوم عبد الرحمن الخاضع للحراسة وهذه المساحة هي التي تغذي المصنع والمخصصة لخدمته والمنزرعة بالعطر مع المساحة السابقة المؤجرة من الإصلاح الزراعي.
وحيث إن هذه المساحة 10 س - ط 49 ف في ملك الخاضع صاحب المنشأة محل التأميم وهي التي تغذي المصنع والمخصصة لخدمته (عقار بالتخصيص) فتدخل هذه المساحة في أصول المنشأة.... ويضيف الطعن أن هذا التخصيص والارتباط والتلازم بين الأرض المنزرعة بنباتات العطر والمصنع هو الأساس الذي استندت إليه لجنة التقييم في اعتبار المساحة المذكورة من أصول المنشأة ولا شك أنه أساس سليم قائم على سند من قانون التأميم الذي أمم المنشأة لا المصنع، كما يتضح مما تقدم أن المحكمة المطعون في حكمها قد أخطأت في بيان المساحة وكان يتعين عليها الرجوع في ذلك إلى تقرير لجنة التقييم.
ومن حيث إن مبنى طعن الحكومة رقم 3022 لسنة 29 القضائية مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك استناداً إلى نص المادة الأولى من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت وبمقتضاها انصب التأميم على منشأة لملوم للعطور بمغاغة وليس فقط على مصنع العطور، بما يقتضيه ذلك من تأميم المصنع وملحقاته والأرض الزراعية المخصصة أصلاً لخدمته والمنزرعة بالنباتات العطرية التي تمد المصنع بهذا الحصول، ولما كان قرار لجنة التقييم المطعون فيه قد صدر في هذا النطاق الذي حدده المشرع فإن الدعوى المقامة بطلب إلغائه تكون خليقة بالرفض فضلاً عن عدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى طعن الشركة وفيما يتعلق بأسبابه المستندة إلى الدفوع المبداة في الدعوى، فقد سبق أن قضت المحكمة الدستورية العليا بجلستها المنعقدة في 30 من إبريل سنة 1983 بعدم دستورية المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت فيما تضمنته من النص على أن تكون قرارات لجان التقويم نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن. وبناء على هذا القضاء يضحى الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر المنازعة الماثلة المستندة إلى النص المقضى بعدم دستوريته لا أساس له. كما أن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة ومبناه أن باقي ورثة المرحوم لملوم عبد الرحمن لملوم لم يطلبوا التدخل في الدعوى طبقاً للمادة 126 من قانون المرافعات - هذا الدفع - غير سديد، فقد أقيمت الدعوى مثار الطعن ابتداء من السيدة نائلة عبد الله لملوم عن نفسها وبصفتها وصية على بناتها القصر من المرحوم لملوم عبد الرحمن لملوم صاحب المنشأة الصادر بشأنها القرار المطعون فيه، وهو ما يكفي في حد ذاته لتوفر الصفة المشترطة لقبول الدعوى سواء تدخل فيها أو لم يتدخل باقي ورثة صاحب المنشأة المذكورة، هذا إلى أن الخصومة في دعوى الإلغاء خصومة عينية والحكم الذي يصدر بإلغاء القرار يكون حجة على الكافة، ومع ذلك فقد ثبت من وقائع الحكم المطعون فيه المستمدة من محضر جلسة يوم 12/ 4/ 1983 أن الأستاذ فتحي رجب المحامي قرر في هذه الجلسة وفي حضور ممثلي الخصوم أنه يحضر عن المدعية (أصلاً) عن نفسها وبصفتها وعن أشقاء وشقيقات المرحوم لملوم عبد الرحمن لملوم وهم جميع ورثته على ما هو ثابت من صورة الإعلام الشرعي التي قدمها، ومن ثم فلا تثريب على إجراءات تدخل باقي الورثة المذكورين على هذا النحو، فقد أجازت المادة 126 من قانون المرافعات التدخل في الدعوى بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضور الخصوم ويثبت في محضرها.
وبالنسبة لوجه الطعن المبني على الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد والآخر المستند إلى كسب ملكية الأرض المتنازع عليها بالتقادم الطويل بناء على قانون التأميم وحسن النية فكلاهما لا جدوى في إثارته وذلك لأنه منذ العمل بأحكام القانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت المنشور في الجريدة الرسمية في 8 من أغسطس 1963 وحتى تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في 30 من إبريل سنة 1983 سالف البيان، كانت قرارات لجان التقويم محصنة من الطعن بأي وجه من أوجه الطعن بناء على نص المادة الثالثة من القانون المذكور.
ومن ثم لا يبدأ سريان ميعاد رفع الدعوى المقامة بطلب إلغاء أي من هذه القرارات إلا من تاريخ زوال المانع التشريعي من الطعن فيها بمقتضى الحكم القاضي بعدم دستوريته، وبذلك لا تكون الدعوى المقامة من المطعون ضدهم بتاريخ 17/ 12/ 1979 بعد الميعاد. كما أنه عملاً بنص المادة 382 من القانون المدني "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه...." وليس أقوى من المانع التشريعي المقضي بعدم دستورية سالف الذكر في ترتيب هذا الأثر بالنسبة إلى المطعون ضدهم، وعلى ذلك يتعين إطراح الدفوع المشار إليها جميعاً.
ومن حيث إنه عما يثيره طعن الشركة عن قضاء الحكم المطعون فيه في الموضوع فإن الخلاف بين الحكم والطعن ينحصر فيما إذا كان تأميم منشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور بمغاغة بمقتضى القانون رقم 72 لسنة 1963 يتجاوز مصنع العطور إلى الأرض الزراعية المتنازع عليها أم يتحدد نطاق التأميم بهذا المصنع دون الأرض المذكورة.
ومن حيث إن القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت نص في مادته الأولى على أن "تؤمم الشركات والمنشآت المبينة بالجدول المرافق لهذا القانون وتؤول ملكيتها إلى الدولة...." ونص في مادته الثانية على أن "تتحول أسهم الشركات ورؤوس أموال المنشآت المشار إليها إلى سندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشر سنة...." ونص في مادته الثالثة على أن "يحدد سعر كل سند بسعر السهم حسب آخر إقفال لبورصة الأوراق المالية بالقاهرة قبل صدور هذا القانون، فإذا لم تكن الأسهم متداولة في البورصة أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور، فيتولى تحديد سعرها لجان من ثلاثة أعضاء يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصها قرار من وزير الصناعة.... كما تتولى هذه اللجان تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات المساهمة".
ومفاد ذلك أن التأميم يرتب نقل ملكية المشروعات الخاصة من ملكية الشركات أو الأفراد إلى ملكية الدولة لكي تتولى السيطرة عليها كأداة من أدوات الإنتاج وتوجهها لصالح الجماعة، ويترتب هذا الأثر بقوة القانون، ولا تعدو مهمة لجان التقييم سوى تحديد أسعار أسهم بعض الشركات التي تتخذ شكل الشركات المساهمة وتقويم رؤوس أموال المنشأة التي لم تتخذ هذا الشكل لتقدير أصولها وخصومها توصلاً لتحديد قيمة التعويض الذي قد يستحق قانوناً لأصحابها مقابل تأميمها، فإن جاوز عمل هذه اللجان هذا النطاق بأن تناول مالاً لا يدخل في نطاق التأميم أو استبعد مالاً يدخل في هذا النطاق وقع قرارها بذلك معدوم الأثر.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الطعن أن منشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور المؤممة تقع بناحية الرحمانية مركز مغاغة وهي من المنشآت الفردية وليس لديها ميزانية وحسابات ختامية ولا تتبع أي نظام محاسبي يوضح أصولها وخصومها وقد تحدد نشاطها في استخلاص الزيوت العطرية وتقطير النباتات الطبية على النحو الذي أوضحه التقرير المقدم من عضو لجنة تقييم المنشأة المكلف من قبل رئيسها بحصر أصولها وخصومها، وتضمن قرار اللجنة الصادر في 17 من إبريل سنة 1964 بياناً عن الأصول الثابتة للمنشأة فأدخل مساحة قدرها 10 س - ط 49 ف بحوض محمد بك السعدي نمرة 3 بناحية صفانية مركز العدوة ضمن الأصول وفي تقرير ذلك قالت اللجنة أن هذه المساحة ملك الخاضع صاحب المنشأة محل التأميم وهي التي تغذي المصنع والمخصصة لخدمته (عقار بالتخصيص) وفي ذلك أخذت اللجنة بما ورد بكتاب مراقبة الإصلاح الزراعي بمغاغة رقم 100 في 26/ 1/ 1964 المشار إليه في تقرير عضو اللجنة سالف البيان وقد تضمن تحديد المساحة على هذا الوجه وبأنها هي المنزرعة بالعطر وثابتة بحساب المنشأة طرف إدارة الحراسة الزراعية بمغاغة وهي التي تغذي المصنع والمخصصة لخدمته.
ومن حيث إنه متى كان ذلك هو الثابت في شأن منشأة مورث المدعين فإن تأميمها بمقتضى القانون رقم 72 لسنة 1963 المشار إليه يكون قد استهدف المشروع الصناعي الذي يتولى استخلاص الزيوت العطرية وتقطير النباتات الطبية الخاص بهذه المنشأة بما يتعين معه تحديد العناصر الداخلة في مكونات أصولها على هذا الأساس باعتبارها عناصر مشروع خاص للعطور تقوم عليه هذه المنشأة على نحو ما وردت الإشارة إليه في الجدول الملحق بالقانون المذكور.
ومن حيث إنه من مقتضى ما تقدم ألا يمتد التأميم بمقتضى القانون رقم 72 لسنة 1963 إلى الأرض الزراعية المتنازع عليها، ذلك أن استغلالها في الزراعة على أي وجه من الوجوه ولو كان متعلقاً بزراعة نباتات تستخلص منها الزيوت العطرية عن طريق منشأة العطور المؤممة يتمخض نشاطاً زراعياً قائماً بذاته، له طبيعته المتميزة عن طبيعة المشروع الصناعي الخاص بإنتاج العطور الذي انصب عليه التأميم.
ومن حيث إنه لا ينهض سنداً للقول بغير ذلك ما ساقه طعن الشركة من أسباب مؤداها أن هذه الأرض هي التي تغذي المصنع بالنباتات العطرية ومخصصة لهذا الغرض وثابتة بحساب المنشأة طرف إدارة الحراسة الزراعية بمغاغة على نحو ما أشار قرار تقييم المنشأة - ومن ثم تدخل في مكونات أصولها وإلا ما كان قد نص على تأميم المنشأة ونص على تأميم المصنع وحده لا حجة في هذا الاستناد لأن التأميم أداة استثنائية لنقل ملكية المشروعات الخاصة من ملكية الأفراد أو الشركات إلى ملكية الدولة على ما سلف البيان، وهو بهذه المثابة يرد على مشروع قائم بكيانه القانوني ويتحدد نطاقه بهذا الكيان وقت التأميم، ولما كان الثابت أن منشأة العطور موضوع الدعوى مثار الطعن منشأة فردية لا تتمتع بذمة مالية مستقلة عن ذمة صاحبها وتقوم على مشروع صناعي محدد النشاط في استخلاص الزيوت العطرية وتقطير النباتات الطبية، فإن تحديد عناصر أصولها المؤممة يكون في نطاق كيان هذا المشروع ولا يتناول ما يخص العناصر التي تتعلق بنشاط آخر لصاحبها كالنشاط الزراعي الذي يباشره على أرضه، ذلك أن استعانة صاحب هذه المنشأة بأرضه الزراعية في زراعة نباتات تصلح لإنتاج الزيوت العطرية وتخصيص نتاج أرضه كله أو بعضه في تسيير مصنعه لا ينفي احتفاظ هذه الأرض بكيانها القائم بذاته وقابليتها لوجوه الاستغلال المختلفة، وليس من شأن توجيه محصول هذه الأرض من النباتات المذكورة لأغراض المصنع ولأي مدة من الزمن أن يحملها بأي عبء أو التزام قانوني لم يثبت تخصصيه للمنشأة بقطع اليقين فيما لو تصرف مالك المصنع للغير في مصنعه وبالتالي فإن انتقال ملكية المصنع إلى الدولة بمقتضى قانون التأميم لا يكسب الدولة قانوناً أي حق من الحقوق على هذه الأرض التي تظل عالقة بذمة صاحبها ملكاً خالصاً بمنأى عن التأميم.
يضاف إلى ما تقدم أن الأرض الزراعية المتنازع عليها كائنة في موقع يختلف عن الموقع الكائن به المصنع على ما هو ثابت من الأوراق، وأنه لا يوجد أي دليل على إلحاق الأرض المذكورة بالمصنع وأن ما ذكرته لجنة التقييم من أن الأرض ثابتة بحساب المنشأة طرف إدارة الحراسة الزراعية بمغاغة قد نفاه التقرير الذي اعتمدته اللجنة المتضمن أن المنشأة لم تتبع أي نظام محاسبي ولم تمسك أي نوع من الدفاتر لإثبات نشاطها وأن المنشأة كانت تحت الحراسة منذ بداية عام 1961 حتى تاريخ التأميم وهو 11/ 8/ 1963 ولم يمسك السيد مندوب الحراسة أي نوع من الدفاتر اللهم إلا كشوف تفريغ مستندات الصرف التي قام بصرفها وكذلك كشوف الموقف المالي التي تبين مصروفات وإيرادات المنشأة ورصيدها من النقدية... ومن ذلك كله يتبين أن لجنة تقييم المنشأة المذكورة قد أخطأت حين اعتبرت الأرض الزراعية المتنازع عليها ضمن أصول المنشأة المؤممة وكان الخطأ الأكبر في اعتبارها تلك الأرض عقاراً بالتخصيص وهو وصف لا يرد قانوناً إلا على المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه رصداً على خدمة هذا العقار أو استغلاله، وهو ما أدى إلى سحب أثر التأميم إلى ما يجاوز نطاقه الذي حدده المشرع على الوجه المتقدم فانطوى بذلك قرار اللجنة على مساس بالملكية الخاصة على خلاف أحكام الدستور والقانون، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الطعن لعدم قيامه على سند من القانون.
ومن حيث إنه لما كان طعن الحكومة لم يأت بجديد ينال من قضاء الحكم المطعون فيه فإنه يكون بدوره مردوداً بذات الأسباب المتقدم بيانها بالنسبة إلى طعن الشركة وهو ما يقتضي الحكم برفض هذا الطعن.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب في قضائه بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تقييم مساحة الأرض المتنازع عليها ضمن منشأة لملوم عبد الرحمن لملوم للعطور بمغاغة بيد أنه وقد أشار هذا الحكم في منطوقه إلى أن هذه المساحة هي 52 فداناً بينما الثابت أن صحة المساحة المذكورة 10 س - ط 49 ف فإن ذلك يقتضى تصحيح الخطأ المادي الذي شاب الحكم من هذا الوجه والقضاء برفض الطعنين وإلزام كل طاعن مصروفات طعنه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت كلاً من الطاعنين مصروفات طعنه.