أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 320

جلسة 20 من مارس سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد الصيرفي وعبد الرحمن هيكل نائبي رئيس المحكمة ومحمد ناجي دربالة وهشام البسطويسي.

(57)
الطعن رقم 17759 لسنة 64 القضائية

(1) آداب عامة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تأويل القانون".
جريمة حيازة أفلام فيديو منافية للآداب العامة وتأجيرها ونسخها وبيعها للغير. عمدية.
القصد الجنائي فيها يقتضي تعمد اقتراف الفعل ونتيجته وهي إيقاظ شهوات الجمهور وإثارة غرائزه.
(2) إثبات "بوجه عام" "قرائن". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". قصد جنائي.
وجوب بناء الأحكام على الأدلة التي يقتنع بها القاضي، صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها بنفسه. عدم صحة إدخاله في تكوين عقيدته حكماً لسواه.
(3) استدلالات. إثبات "بوجه عام". قصد جنائي.
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. ما دامت مطروحة على بساط البحث. حد ذلك؟
خلو الحكم المطعون فيه من قيام الدليل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن بأنه يؤجر وينسخ ويبيع الأفلام المضبوطة للغير لإثارة شهوات الجمهور وغرائزه. قصور.
1 - جريمة حيازة أفلام منافية للآداب العامة وتأجيرها ونسخها وبيعها للغير كما هي معرفة به في القانون أنها من الجرائم العمدية التي يقتضي القصد الجنائي فيها تعمد اقتراف الفعل وهو تمكين الغير من الاطلاع عليها - ويقتضي فوق ذلك - تعمد النتيجة وهي إيقاظ شهوات الجمهور وإثارة غرائزه، فهذا هو باعث العقاب وهو الحد المشروع لتطبيق النص الذي لا يصح تجاوزه مساساً بالمبادئ الأساسية المقررة لحرمة المنازل وللحرية الشخصية.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر ركن القصد الجنائي وكان لا يكفي في استظهاره ما جاء بالحكم في صدد تحصيله لواقعة الدعوى من أن محرر المحضر علم من تحرياته أن الطاعن يؤجر وينسخ ويبيع هذه الأفلام للغير ذلك أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته، صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه.
3 - الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة ولما كان الثابت أن محرر المحضر لم يبين للمحكمة مصدر تحرياته لمعرفة ما إذا كان من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما انتهى إليه من أن الطاعن يؤجر وينسخ ويبيع الأفلام المضبوطة للغير لإثارة شهوات الجمهور وغرائزه، فإن التحريات بهذه المثابة لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق القاضي منه بنفسه حتى يستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده وإنتاجه في الدعوى أو عدم إنتاجه، وإذ كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها رأي محرر المحضر، فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها، وكان الحكم المطعون فيه خلا من قيام الدليل على توافر ركن القصد الجنائي لدى الطاعن فإنه يكون معيباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن أنه: - حاز بقصد العرض مطبوعات (شرائط فيديو) منافية للآداب العامة. وطلبت عقابه بالمادة 178/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة........ قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر وكفالة مائتي جنيه والمصادرة. استأنف ومحكمة........ - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ثلاثة أشهر والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة مصنفات فنية مخالفة للآداب العامة بقصد عرضها على الغير قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه لم يستظهر القصد من حيازة أفلام الفيديو المضبوطة لدى الطاعن مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى ومؤدى أقوال ضابط الواقعة بما محصله أن رئيس قسم حماية الآداب وردت إليه معلومات بأن المتهم يحوز أفلام فيديو منافية للآداب العامة ويقوم بتأجيرها ونسخها وبيعها للغير فأذنت له النيابة العامة في ضبط ما يحوز من تلك المصنفات وأدوات نسخها وإذ انتقل لتنفيذ الإذن لم يجد المتهم في مسكنه فبادر بتفتيش المسكن في حضور أقارب المتهم فعثر على شريطي فيديو بها أفلام لممارسات جنسية، وهذا الذي أورده الحكم لا يتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها كما هي معرفة به في القانون ذلك أنها من الجرائم العمدية التي يقتضي القصد الجنائي فيها تعمد اقتراف الفعل وهو تمكين الغير من الاطلاع عليها ويقتضي فوق ذلك تعمد النتيجة وهي إيقاظ شهوات الجمهور وإثارة غرائزه، فهذا هو باعث العقاب وهو الحد المشروع لتطبيق النص الذي لا يصح تجاوزه مساساً بالمبادئ الأساسية المقررة لحرمة المنازل وللحرية الشخصية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر ركن القصد الجنائي وكان لا يكفي في استظهاره ما جاء بالحكم في صدد تحصيله لواقعة الدعوى من أن محرر المحضر علم من تحرياته أن الطاعن يؤجر وينسخ ويبيع هذه الأفلام للغير ذلك أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته، صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه. وإنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة ولما كان الثابت أن محرر المحضر لم يبين للمحكمة مصدر تحرياته لمعرفة ما إذا كان من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما انتهى إليه من أن الطاعن يؤجر وينسخ ويبيع الأفلام المضبوطة للغير لإثارة شهوات الجمهور وغرائزه، فإن التحريات بهذه المثابة لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق القاضي منه بنفسه حتى يستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده وإنتاجه في الدعوى أو عدم إنتاجه، وإذ كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها رأي محرر المحضر، فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها، وكان الحكم المطعون فيه خلا من قيام الدليل على توافر ركن القصد الجنائي لدى الطاعن فإنه يكون معيباً بالقصور المستوجب النقض والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي ما يثيره الطاعن في طعنه.