أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 328

جلسة 20 من مارس سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وفتحي حجاب وجاب الله محمد جاب الله نواب رئيس المحكمة وعلي فرجاني.

(59)
الطعن رقم 26473 لسنة 67 القضائية

(1) دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية. من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع. عدم جواز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض. حد ذلك وعلته؟
الدفع ببطلان إذن التفتيش. وجوب إبداؤه في عبارة صريحة.
مثال لعبارة مرسلة لا تفيد الدفع ببطلان إذن التفتيش.
(2) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(3) إثبات "قوة الأمر المقضي". حكم "حجيته". دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ارتباط.
مناط حجية الأحكام؟
عدم كفاية أن تكون الواقعتان كلتاهما سلسلة من وقائع متماثلة للقول بوحدة السبب.
وجوب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق.
المغايرة التي تمنع من القول بوحدة السبب. تتحقق بالذاتية الخاصة لكل واقعة قوة الأمر المقضي للحكم. في منطوقه دون الأدلة المقدمة في الدعوى.
وقوع جريمتين لغرض واحد. عدم كفايته بذاته لتوافر الارتباط.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
1 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض. ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض ولا يقدح في ذلك أن يكون المدافع عن الطاعن قد أبدى في مرافعته في معرض إبدائه للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالبراءة في جناية السلاح أن المشار فيها بعدم جدية التحريات أو ما استطرد إليه أن ادعاء الضابط أن المتهم يمارس الاتجار بواسطة سيارة وذلك داخل قرية أمر لا يتفق مع المنطق. إذ أن هذه العبارة المرسلة لا تفيد الدفع ببطلان الإذن الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
2 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في قوله "وحيث إنه عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وكان الدفاع يؤسس دفعه هذا على سابقة الحكم في الجناية 425 لسنة 1994 السنبلاوين وهي الصورة المنسوخة من هذه القضية عن واقعة ضبط سلاح ناري وذخائر بذات السيارة المضبوطة في هذه الدعوى وفيها قضت المحكمة ببراءة المتهم الماثل من تهمتي إحراز السلاح والذخيرة تأسيساً على الشك في مدى علم المتهم بوجود السلاح والذخيرة في السيارة المضبوطة، ولما كان من المقرر أنه يشترط لصحة الدفع بقوة الشيء المقضي به (1) أن يكون هناك حكم نهائي بات (2) وحدة الواقعة (3) وحدة الخصوم في الدعويين ويشترط للدفع بقوة الشيء المقضي به أن تكون الواقعة التي فصل فيها الحكم البات هي ذات الواقعة المرفوعة عنها الدعوى الجنائية من جديد فإذا اختلفت الواقعتان في أي عنصر من عناصرها تخلف الشرط وجاز رفع الدعوى الجنائية عن الواقعة التي لم يفصل فيها، وحيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن موضوع الدعوى المحكوم فيها يختلف عن موضوع الدعوى الماثلة وكانت تلك المحكمة لم تتعرض في حكمها لواقعة حيازة وإحراز المتهم لمخدر الحشيش المضبوط ومن ثم اقتصر حكمها على واقعة أخرى هي حيازة المتهم للسلاح الناري والذخائر المضبوطين وانتهت في حكمها إلى براءة المتهم من تهمة حيازة السلاح الناري والذخائر تأسيساً على الشك في مدى علم المتهم بوجودها بالسيارة المضبوطة، ولما كانت جريمة إحراز السلاح والذخيرة تختلف في أركانها عن جريمة إحراز المخدرات التي تم ضبطها بجيب جلباب المتهم وبأرضية السيارة المضبوطة ومن ثم تتغاير الواقعتان الأمر الذي يختلف معه أحد شروط الدفع بقوة الشيء المقضي به ومن ثم يضحى هذا الدفع فاقد عماده القانوني السليم حرى بالرفض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي بوحدة الخصوم والموضوع والسبب، ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق، ولا يكفي للقول بوحدة السبب في الدعويين أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة وقائع ارتكبها المتهم لغرض واحد إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتيتها وظروفها الخاصة التي تتحقق بها المغايرة والتي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل منهما مما لا يحوز معه الحكم السابق حجيته في الواقعة الجديدة محل الدعوى المنظورة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في رده على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى واستخلص أن جريمة حيازة وإحراز الجوهر المخدر تختلف ذاتيتها وظروفها والنشاط الإجرامي بها عن جريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص من الجهة المختصة التي تمت محاكمة الطاعن عنها اختلافاً تتحقق به المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في الدعويين، فإنه لا يكون قد أخطأ في شيء، ولا يغير من ذلك أن تكون التحريات وأقوال ضابط الواقعة - شهود الإثبات - والتي اتخذت دليلاً على تهمة حيازة السلاح الناري والذخيرة بغير ترخيص التي حوكم الطاعن عنها هي بذاتها أساس تهمة حيازة وإحراز جوهر الحشيش المخدر التي يحاكم عنها في الدعوى المنظورة لأن قوة الأمر المقضي للحكم في منطوقه دون الأدلة المقدمة في الدعوى، وتظل الواقعتان قابلتين للتجزئة وإن وقعتا لغرض واحد، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز وأحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات....... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و38/ 1 و42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن حيازة وإحراز المخدر مجردة من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر - حشيش - بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع, ذلك أنه التفت عن دفعه ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية، وأطرح دفعه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجناية رقم..... لسنة...... بما لا يسوغ إطراحه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استمدها من شهادة كل من النقيب...... والرائدين..... و...... والمقدم....... وما ورد بتقرير المعمل الكيمائي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض. ولا يقدح في ذلك أن يكون المدافع عن الطاعن قد أبدى في مرافعته في معرض إبدائه للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالبراءة في جناية السلاح أن "المشار فيها بعدم جدية التحريات" أو ما استطرد إليه "أن ادعاء الضابط أن المتهم يمارس الاتجار بواسطة سيارة وذلك داخل قرية أمر لا يتفق مع المنطق. إذ أن هذه العبارة المرسلة لا تفيد الدفع ببطلان الإذن الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، هذا فضلاً عن أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في قوله "وحيث إنه عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وكان الدفاع يؤسس "دفعه هذا على سابقة الحكم في الجناية...... لسنة...... السنبلاوين وهي الصورة المنسوخة من هذه القضية عن واقعة ضبط سلاح ناري وذخائر بذات السيارة المضبوطة في هذه الدعوى وفيها قضت المحكمة ببراءة المتهم الماثل من تهمتي إحراز السلاح والذخيرة تأسيساً على الشك في مدى علم المتهم بوجود السلاح والذخيرة في السيارة المضبوطة، ولما كان من المقرر أنه يشترط لصحة الدفع بقوة الشيء المقضي به (1) أن يكون هناك حكم نهائي بات (2) وحدة الواقعة (3) وحدة الخصوم في الدعويين ويشترط للدفع بقوة الشيء المقضي به أن تكون الواقعة التي فصل فيها الحكم البات هي ذات الواقعة المرفوعة عنها الدعوى الجنائية من جديد فإذا اختلفت الواقعتان في أي عنصر من عناصرها تخلف الشرط وجاز رفع الدعوى الجنائية عن الواقعة التي لم يفصل فيها، وحيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن موضوع الدعوى المحكوم فيها يختلف عن موضوع الدعوى الماثلة وكانت تلك المحكمة لم تتعرض في حكمها لواقعة حيازة وإحراز المتهم لمخدر الحشيش المضبوط ومن ثم اقتصر حكمها على واقعة أخرى هي حيازة المتهم للسلاح الناري والذخائر المضبوطين وانتهت في حكمها إلى براءة المتهم من تهمة حيازة السلاح الناري والذخائر تأسيساً على الشك في مدى علم المتهم بوجودها بالسيارة المضبوطة، ولما كانت جريمة إحراز السلاح والذخيرة تختلف في أركانها عن جريمة إحراز المخدرات التي تم ضبطها بجيب جلباب المتهم وبأرضية السيارة المضبوطة ومن ثم تتغاير الواقعتان الأمر الذي يتخلف معه أحد شروط الدفع بقوة الشيء المقضي به ومن ثم يضحى هذا الدفع فاقد عماده القانوني السليم حرى بالرفض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي بوحدة الخصوم والموضوع والسبب، ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق، ولا يكفي للقول بوحدة السبب في الدعويين أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة وقائع ارتكبها المتهم لغرض واحد إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتيتها وظروفها الخاصة التي تتحقق بها المغايرة والتي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل منهما مما لا يحوز معه الحكم السابق حجيته في الواقعة الجديدة محل الدعوى المنظورة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في رده على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى واستخلص أن جريمة حيازة وإحراز الجوهر المخدر تختلف ذاتيتها وظروفها والنشاط الإجرامي بها عن جريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص من الجهة المختصة التي تمت محاكمة الطاعن عنها اختلافاً تتحقق به المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في الدعويين، فإنه لا يكون قد أخطأ في شيء, ولا يغير من ذلك أن تكون التحريات وأقوال ضابط الواقعة - شهود الإثبات - والتي اتخذت دليلاً على تهمة حيازة السلاح الناري والذخيرة بغير ترخيص التي حوكم الطاعن عنها هي بذاتها أساس تهمة حيازة وإحراز جوهر الحشيش المخدر التي يحاكم عنها في الدعوى المنظورة لأن قوة الأمر المقضي للحكم في منطوقه دون الأدلة المقدمة في الدعوى، وتظل الواقعتان قابلتين للتجزئة وإن وقعتا لغرض واحد، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.