أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 26 - صـ 1614

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمود عباس العمراوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مصطفى كمال سليم، ومصطفى الفقي، ومحمد البنداري العشري، وأحمد سيف الدين سابق.

(302)
الطعن رقم 305 لسنة 41 القضائية

تقسيم. بيع. نظام عام. بطلان.
حظر التصرف في الأراضي المقسمة قبل صدور قرار بالموافقة على التقسيم. جزاء مخالفته. البطلان المطلق. التصرف فيها بعد صدور قرار بالموافقة على التقسيم وقبل إيداع صورة منه ومن قائمة شروط التقسيم بالشهر العقاري. جزاؤه. البطلان النسبي.
مؤدى نص المادتين التاسعة والعاشرة من القانون 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء المعدل بالقانون رقم 222 لسنة 1953 يدل على أنه يترتب على مجرد صدور القرار بالموافقة على التقسيم إلحاق الطرق وغيرها من المرافق العامة التي عددتها المادة التاسعة بأملاك الدولة العامة، وأن جواز التصرفات - البيع والتأجير والتحكيم - التي عناها الشارع مرهون بشروط ثلاثة أولها - صدور القرار بالموافقة على التقسيم وثانيها - إيداع الشهر العقاري صورة مصدقاً عليها منه وثالثها - إيداع قائمة الشروط، لما كان ذلك، وكانت المادة العاشرة لم تنص على الجزاء المترتب على مخالفة أي شرط من الشروط الثلاثة التي عددتها فإنه يتعين للوقوف على نوع هذا الجزاء بيان مدى تعلق كل شرط منها بالنظام العام، وإذ كان مقتضى حظر التصرف قبل صدور القرار بالموافقة على التقسيم هو حظر عام - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - أخذاً بما أوضحته المذكرة الإيضاحية ودعت إليه الاعتبارات التي أفصحت عنها وكلها اعتبارات تتعلق بالصالح العام - مقتضاه ترتيب البطلان المطلق وإن لم يصرح به لما فيه من مصادرة بإلحاق الطرق وغيرها من المرافق العامة بأملاك الدولة العامة وهو ما يمس التخطيط العمراني أما حظر التصرفات التي تتم بعد صدور القرار بالموافقة على التقسيم - وقد تحقق بصدوره الصالح العام بإلحاق المرافق العامة بأملاك الدولة العامة - وقبل إيداع الشهر العقاري صورة مصدقاً عليها منه من قائمة الشروط فهو حظر لا يتعلق بالصالح العام الذي تحقق وإنما هو حظر قصد به حماية المصالح الخاصة للأغيار ممن له حق أو تلقى حقاً على العقار المتصرف فيه حتى يكون على بينة قبل إقدامه على إبرام التصرف ومقتضاه أن يكون التصرف قابلاً للبطلان لمصلحة من شرع الحظر لمصلحته إذا ما تمسك به وليس منهم بائع العقار[(2)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه - وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 2357 سنة 1969 مدني كلي القاهرة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 22/ 7/ 1960 الصادر من المطعون ضده عن بيعه له قطعة أرض فضاء ظهر من كشف التحديد أن مساحتها 307 م و98 س مقابل ثمن قدره 585 ج و200 م والتزم البائع بمصاريف المرافق ومقدارها 222 ج و192 م وفي حالة سداد الطاعن لها يخصمها من الثمن وأضاف الطاعن أنه رغم سداده مصاريف المرافق وباقي الثمن إلا أن المطعون ضده لم يقدم مستندات الملكية لإعداد العقد النهائي وتسجيله فرفع الدعوى بالطلبات السابقة، وبتاريخ 26/ 10/ 1969 قضت له المحكمة بالطلبات. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 1998 سنة 86 ق محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم بعدم قبول الدعوى لعدم سداد كامل الثمن ثم عاد وطلب بمذكرته أصلياً الحكم برفض الدعوى لبطلان البيع بطلاناً مطلقاً لمخالفته لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 المعدل بالقانون 222 لسنة 1953 وبتاريخ 25/ 1/ 1971 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى تأسيساً على أن العقد محل التداعي باطل بطلاناً مطلقاً عملاً بالمادة العاشرة من القانون المذكور لإبرامه قبل شهر قرار التقسيم. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث من أسباب الطعن أنه اشترط لصحة التصرف في الأرض المقسمة أن يتم بعد شهر القرار الوزاري الصادر بالتقسيم في حين أن المادة العاشرة من القانون رقم 52 لسنة 1940 لا توجب شهر قرار التقسيم، وإنما إيداع صورته وصورة من الشروط الخاصة والعامة قلم الرهن. وفضلاً عن ذلك فإن الحكم لم يذكر الأسانيد القانونية التي اعتمد عليها في استلزام شهر قرار التقسيم مما يعيبه بالخطأ في تفسير القانون وتأويله فضلاً عن القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأن النص في المادة التاسعة من القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء المعدل بالقانون رقم 222 لسنة 1953 على أن "تثبت الموافقة على التقسيم بقرار من وزير الشئون البلدية والقروية ينشر في الجريدة الرسمية ويترتب على صدور هذا القرار إلحاق الطرق والميادين والحدائق والمتنزهات العامة بأملاك الدولة العامة" والنص في المادة العاشرة على أن "يحظر بيع الأراضي المقسمة أو تأجيرها أو تحكيرها قبل صدور القرار المشار إليه في المادة السابقة وقبل إيداع الشهر العقاري صورة مصدقاً عليها من هذا القرار ومن قائمة الشروط المشار إليها في المادة السابقة..." يدل على أنه يترتب على مجرد صدور القرارات بالموافقة على التقسيم إلحاق الطرق وغيرها من المرافق العامة والتي عددتها المادة التاسعة بأملاك الدولة العامة، وأن جواز التصرفات التي عناها الشارع مرهون بشروط ثلاثة أولهما صدور القرار بالموافقة على التقسيم (وثانيها) إيداع الشهر العقاري صورة مصدقاً عليها منه (وثالثها) إيداع قائمة الشروط، لما كان ذلك، وكانت المادة العاشرة لم تنص على الجزاء المترتب على مخالفة أي شرط من الشروط الثلاثة التي عددتها فإنه يتعين للوقوف على نوع هذا الجزاء بيان مدى تعلق كل شرط منها بالنظام العام، وإذ كان مقتضى حظر التصرف قبل صدور القرار بالموافقة على التقسيم هو حظر عام - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أخذاً بما أوضحته المذكرة الإيضاحية ودعت إليه الاعتبارات التي أفصحت عنها وكلها اعتبارات تتعلق بالصالح العام، مقتضاه ترتيب البطلان المطلق وإن لم يصرح به لما فيه من مصادرة بإلحاق الطرق وغيرها من المرافق العامة بأملاك الدولة العامة وهو ما يمس التخطيط العمراني، أما حظر التصرفات التي تتم بعد صدور القرار بالموافقة على التقسيم - وقد تحقق بصدوره الصالح العام بإلحاق المرافق العامة بأملاك الدولة العامة - وقبل إيداع الشهر العقاري صورة مصدقاً عليها منه ومن قائمة الشروط فهو حظر لا يتعلق بالصالح العام الذي تحقق وإنما هو حظر قصد به حماية المصالح الخاصة للأغيار ممن له حق أو تلقى حقاً على العقار المتصرف فيه حتى يكون على بينة قبل إقدامه على إبرام التصرف ومقتضاه أن يكون التصرف قابلاً للبطلان لمصلحة من شرع الحظر لمصلحته إذا ما تمسك به وليس منهم بائع العقار، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن "العقد موضوع الدعوى وقد أبرم قبل شهر قرار التقسيم بمكتب الشهر العقاري يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً" بعد أن كان قد سلم أنه أبرم بعد صدور قرار التقسيم رقم 1226 سنة 1955 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وهو ما يتسع له سبب الطعن فيتعين نقضه والإحالة إذ حجبه هذا الخطأ عن بحث موضوع الدعوى.


[(1)] نقض 19/ 3/ 1964 مجموعة المكتب الفني السنة 15. ص. 365. نقض 25/ 5/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23. ص. 1020.
[(2)] ذات المبدأ تقرر بالحكم الصادر بنفس الجلسة في الطعن رقم 306 لسنة 41 ق.