أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 26 - صـ 1626

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، وحسن مهران حسن، والدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري.

(304)
الطعن رقم 95 لسنة 42 القضائية

(1) نقض "السبب الجديد". دعوى "ترك الخصومة".
دفاع يخالطه واقع لم يسبق التحدي به أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة. مثال بشأن ترك الخصومة.
(2) إيجار "التزامات المستأجر".
علم المؤجر بالخطر المحدق بالعين المؤجرة في وقت مناسب. أثره. سقوط التزام المستأجر بإخطاره للتدخل. م 585 مدني.
1 - النعي بأن المطعون عليه قد ترك دعواه قبل الطاعن أمام محكمة الموضوع يتضمن دفاعاً يخالطه واقع لم يسبق للطاعن التحدي به أمام محكمة الموضوع وهو بهذه المثابة سبب جديد لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التزام المستأجر بإخطار المؤجر بكل أمر يستوجب تدخله وفقاً للمادة 585 من التقنين المدني يسقط عن عاتق المستأجر إذا كان المؤجر قد علم بالخطر المحدق بالعين المؤجرة في الوقت المناسب. وإذ كان الثابت من صحيفة الاستئناف أن الطاعن - وزير الداخلية بصفته وهو المستأجر - تمسك بعدم التزامه بالإخطار استناداً إلى علم المطعون عليه - المؤجر - باستيلاء الشرطة العسكرية - على السيارة المؤجرة فإن الالتزام الواقع على عاتق وزارة الداخلية - المستأجرة - يكون منتفياً لانعدام أساسه ولأنه يعتبر تحصيل حاصل، وبالتالي فلا مسئولية على عدم الإخطار، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على إقرار وجهته في بناء مسئولية الطاعن على عدم قيام وزارة الداخلية بالإخطار الملزم به المستأجر وفقاً لنص المادة 585 من التقنين المدني دون أن يعني بالرد على هذا الدفاع الجوهري الذي لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون قاصر البيان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 4242 سنة 1969 مدني على وزير الحربية ووزير الداخلية - الطاعن - أمام محكمة القاهرة الابتدائية طالباً إلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 1968 ج، وقال بياناً لها أنه يملك السيارة الأوبل رقم 36252 ملاكي القاهرة والسيارة الشيفورليه رقم 71801 وكان يؤجر أولاهما للطاعن بأجرة شهرية قدرها أربعة وأربعون جنيهاً بموجب عقد مؤرخ 28/ 11/ 1964، وبتاريخ 5/ 3/ 1966 استولى المدعى عليه الأول على السيارتين سالفتي الذكر دون وجه حق ورفض تسليمهما له، وإذ امتنع الطاعن عن دفع أجرة السيارة الأولى منذ هذا التاريخ على الرغم من المحاولات التي بذلها لاستلام السيارتين ابتغاء الوفاء بالتزاماته قبله، وعمد وزير الحربية إلى تغيير رقم السيارتين وراح يستغلهما حتى 11/ 1/ 1968 دون أن يدفع أجرتهما فقد أقام دعواه بطلباته ثم عدلها إلى إلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 968 ج أجرة السيارة وإلزام وزير الحربية بصفته دفع مبلغ 968 ج مقابل الانتفاع بالسيارة الثانية. وبتاريخ 6/ 5/ 1971 حكمت المحكمة (أولاً) بإلزام وزيري الحربية والداخلية بأن يدفعا للمطعون عليه مبلغ 968 ج (ثانياً) بإلزام وزير الحربية بأن يدفع له مبلغ 968 ج. استأنف المدعى عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 2982 س 88 ق مدني القاهرة طالبين إلغاءه ورفض الدعوى. وبتاريخ 28/ 12/ 1971 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه الدائرة بغرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه قصور التسبيب من وجهين (أولاً) أن الحكم أيد الحكم المستأنف بالنسبة للطاعن على الرغم من أن المطعون عليه قرر أمام محكمة أول درجة أن مطالبته قبل وزارة الحربية وحدها، مما مفاده أنه ترك دعواه قبل الطاعن بعد قصرها على هذه الوزارة الأخيرة ولم يعمل الحكم المطعون فيه أثر هذا الترك (ثانياً) أن الحكم لم يرد على ما أبداه الطاعن من دفاع جوهري ضمنه صحيفة الاستئناف ومذكرته المقدمة لمحكمة الدرجة الثانية يتحصل في انتفاء موجب التزام وزارة الداخلية بإخطار المطعون عليه بالتعرض الحاصل من وزارة الحربية في السيارة المؤجرة إليها استناداً إلى اعتراف المطعون عليه بإخطار وزارة الحربية له وبعلمه باستيلاء الشرطة العسكرية على السيارة.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول في وجهه الأول لتضمنه دفاعاً يخالطه واقع لم يسبق للطاعن التحدي به أمام محكمة الموضوع، ويكون - بهذه المثابة - سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وهو في محله بالنسبة للوجه الثاني، ذلك أنه لما كان من المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التزام المستأجر بإخطار المؤجر بكل أمر يستوجب تدخله وفقاً للمادة 585 من التقنين المدني يسقط عن عاتق المستأجر إذا كان المؤجر قد علم بالخطر المحدق بالعين المؤجرة في الوقت المناسب، وكان الثابت من صحيفة الاستئناف أن الطاعن تمسك فيها بعدم التزامه بالإخطار استناداً إلى علم المطعون عليه باستيلاء الشرطة العسكرية، وذلك بقول الطاعن في تلك الصحيفة أن استيلاء الشرطة العسكرية كان معلوماً من المستأنف عليه وتنطق به أوراق الدعوى وأن المباحث الجنائية بالذات هي التي استولت عليها على ذمة التحقيق معه فإن الالتزام الواقع على عاتق وزارة الداخلية بالنسبة للسيارة الأولى يكون منتفياً لانعدام أساسه ولأنه يعتبر تحصيل حاصل، وبالتالي فلا مسئولية على عدم الإخطار، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على إقرار وجهته في بناء مسئولية الطاعن على عدم قيام وزارة الداخلية بالإخطار الملزم به المستأجر وفقاً لنص المادة 585 من التقنين المدني دون أن يعني بالرد على هذا الدفاع الجوهري الذي لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون قاصر البيان بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي ما جاء بسبب الطعن.