أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 26 - صـ 1667

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكري، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار ومحمود عثمان درويش.

(311)
الطعن رقم 323 لسنة 41 القضائية

شركات "شركات القطاع العام". مؤسسات. مسئولية. حكم "ما يعد قصوراً".
الحكم بإلزام شركة المطاحن والمخابز بالتعويض عن وفاة عامل بأحد المخابز عدم التحقق من أن الشركة كان لها كيان قانوني وقت الحادث مع أن القرار الجمهوري 2472 لسنة 1965 لا يكفي لإثبات ذلك. خطأ وقصور.
إذ كان الثابت أن الحادث الذي أدى إلى وفاة مورث المطعون عليهما الأولين قد وقع بتاريخ 15/ 7/ 1966 وكانت شركات القطاع العام في التاريخ المذكور تخضع لأحكام قانون المؤسسات العامة رقم 60 لسنة 1963 دون القانون رقم 32 لسنة 1966 في شأن المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الذي عمل به في 15/ 8/ 1966، وكان المخبز الذي وقع به الحادث قد تم الاستيلاء عليه مع مخابز أخرى بتاريخ 2/ 5/ 1966 بموجب قرار وزير التموين رقم 69 لسنة 1966 ونص في ديباجته على أنه بشأن الاستيلاء على بعض المخابز لصالح المؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز ونصت المادة الثانية منه على أن تسلم المخابز المستولى عليها إلى مندوب المؤسسة سالفة الذكر، ثم صدر قرار وزير التموين رقم 172 لسنة 1966 في 16/ 10/ 1966 بإلغاء الاستيلاء على المخبز ورد في ديباجته أنه خاص بتعديل أحكام القرار رقم 69 لسنة 1966 بشأن الاستيلاء على بعض المخابز لصالح المؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز، وإذ كانت الشركة الطاعنة - شركة مطاحن ومخابز جنوب القاهرة والجيزة - قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأنه لم يكن لها كيان قانوني وقت وقوع الحادث في 15/ 7/ 1966 وأن المؤسسة العامة للمطاحن هي المسئولة عن هذا الحادث لأنها هي التي كانت تمثل جميع الوحدات الاقتصادية التابعة لهما قبل تنظيم هذه الوحدات وإدماجها في شركات وأن الاستيلاء على المخبز كان لصالح المؤسسة وهي التي كانت تدبره وآلت إليها كافة الأرباح التي حققت خلال فترة الاستيلاء، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بمسئولية الشركة الطاعنة عن الحادث إلى أنها أنشئت واكتسبت شخصيتها المعنوية بموجب القرار الجمهوري رقم 2472 لسنة 1965 الذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 12/ 1/ 1966 وأنه لا يغير من ذلك أن الاستيلاء على المخبز كان لصالح المؤسسة لأنه طبقاً للقانون رقم 32 لسنة 1966 لا تباشر المؤسسة نشاطها إلا من خلال الشركات التابعة لها. وكان القرار الجمهوري رقم 2472 لسنة 1965 قد نص في مادته الأولى على أنه يرخص للمؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز في تأسيس شركة مساهمة تدعى "شركة مطاحن ومخابز جنوب القاهرة والجيزة" - الطاعنة - وفقاً للنظام المرافق، وكان لا يكفي استناد الحكم إلى هذا القرار وحده للقول بأن الشركة الطاعنة كان لها كيان قانوني وقت وقوع الحادث، ولما كان قانون المؤسسات رقم 60 لسنة 1963 الذي كان سارياً وقت وقوع الحادث قد نص في مادته الثانية على أن تمارس المؤسسة العامة نشاطها إما بنفسها أو بواسطة ما تشرف عليه من شركات مساهمة أو جمعيات تعاونية، مما مفاده أنه يجوز للمؤسسة أن تباشر نشاطها بنفسها أو أن تتفرغ هي لمهمة الإشراف تاركة النهوض بالنشاط للشركات أو الجمعيات التابعة لها، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الشركة الطاعنة مسئولة عن الحادث رغم أن الاستيلاء على المخبز كان لصالح المؤسسة استناداً إلى أن المؤسسة لا تباشر نشاطها إلا من خلال الشركات التابعة لها، وهو قول غير صحيح على إطلاقه لأنه يخالف نص المادة الثانية من القانون رقم 60 لسنة 1963 على ما سلف البيان ولما كان الحكم فيما انساق إليه من هذا الخطأ قد حجب نفسه عن تحقيق دفاع الشركة من أن المؤسسة هي التي كانت تدير المخبز في تاريخ وقوع الحادث وآلت إليها كل أرباحه خلال فترة الاستيلاء، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته ولياً على بناته...... و..... و..... و..... المطعون عليه الثاني أقاما الدعوى رقم 3047 لسنة 1969 مدني القاهرة الابتدائية ضد المؤسسة العامة للمطاحن والمخابز المطعون عليها الثالثة وشركة مطاحن ومخابز جنوب القاهرة والجيزة - الطاعنة - طلباً فيها الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهما مبلغ 6000 ج، وقالا شرحاً للدعوى أن مورثهما المرحوم..... توفى بتاريخ 15/ 7/ 1966 نتيجة انفجار ماكينة غاز بمخبز الجمل الذي كان يعمل به، وحررت عن الواقعة قضية الجنحة رقم 5006 سنة 1966 قسم أول الجيزة، وثبت من التحقيق أن الحادث وقع نتيجة عدم وجود صمام أمن بماكينة الغاز وجهل العامل المكلف بإدارتها، وإذ كان المخبز المذكور تابعاً للشركة الطاعنة وهي تابعة للمؤسسة المطعون عليها الثالثة وتسألان عن الخطأ الذي ارتكبه تابعهما فضلاً عن مسئوليتهما عن تشغيل ماكينة الغاز، وقد أصاب المطعون عليهما الأولين نتيجة فقد عائلهما ضرر مادي وأدبي يقدر بمبلغ 6000 ج، فقد أقاما الدعوى للحكم لهما بطلباتهما. دفعت المؤسسة المطعون عليها الثالثة بعدم قبول الدعوى قبلها لرفعها على غير ذي صفة تأسيساً على أن الشركة الطاعنة هي التي يتبعها المخبز. وبتاريخ 25/ 12/ 1969 حكمت المحكمة بقبول الدعوى قبل المؤسسة وبإلزام الشركة بأن تدفع للمطعون عليهما الأول والثاني مبلغ 1500 ج منه مبلغ 500 ج للمطعون عليها الأول شخصياً والباقي يقسم بالتساوي بين المدعين الآخرين. استأنفت الشركة هذا الحكم بالاستئناف رقم 365 سنة 87 ق مدني القاهرة كما استأنفه المطعون عليهما الأول والثاني بالاستئناف رقم 397 سنة 87 ق مدني أمام ذات المحكمة. وقررت المحكمة ضم الاستئناف الأخير إلى الاستئناف الأول للارتباط ثم حكمت بتاريخ 2/ 2/ 1971 برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسه لنظره فيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه بمسئوليتها عن التعويض تأسيساً على أن الحادث وقع في مخبز الجمل التابع لها وكان ذلك بتاريخ 15/ 7/ 1966 بعد صدور القرار الجمهوري رقم 2472 لسنة 1965 الذي أنشئت الشركة الطاعنة واكتسبت شخصيتها المعنوية بموجبه وأنه إذا كان قرار وزير التموين رقم 69 لسنة 1966 الصادر في 2/ 5/ 1966 بالاستيلاء على المخبز قد نص على أن الاستيلاء لصالح المؤسسة - المطعون عليها الثالثة - فإنه طبقاً للقانون رقم 32 لسنة 1966 تكون للشركة شخصيتها المعنوية المستقلة وتمارس المؤسسة نشاطها عن طريق وحداتها الاقتصادية وهي الشركات التابعة لها دون التدخل في شئونها التنفيذية في حين أن الشركة الطاعنة لم يكن لها كيان قانوني مستقل في تاريخ وقوع الحادث لأنها لم تنشأ بالقرار الجمهوري رقم 2472 لسنة 1965 الذي نشر في 12/ 1/ 1966 بل اقتصر هذا القرار على الترخيص للمؤسسة في تأسيس الشركة الطاعنة. وكانت توجد قبلها مجموعة مطاحن ومخابز جنوب القاهرة والجيزة وهي تغاير الشركة الطاعنة وهو ما لم تمحصه محكمة الموضوع هذا إلى أن مخبز الجمل استولت عليه وزارة التموين بالقرار رقم 69 لسنة 1966 الذي صدر في 2/ 5/ 1966 ونص فيه على أن تسلم المخابز المستولى عليها ومنها المخبز المذكور إلى مندوب المؤسسة العامة للمطاحن والمضارب ثم رفع الاستيلاء على المخبز بالقرار الوزاري رقم 172 لسنة 1966 الصادر في 16/ 10/ 1966، كما أنه لا محل للاستناد إلى القانون رقم 32 لسنة 1966 لأنه صدر في 15/ 8/ 1966 بعد وقوع الحادث، علاوة على أن الحكم لم يقم على أسباب سائغة تقطع بأن الاستيلاء على مخبز الجمل قد تم لصالح الشركة، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان الثابت أن الحادث الذي أدى إلى وفاة مورث المطعون عليهما الأولين قد وقع بتاريخ 15/ 7/ 1966، وكانت شركات القطاع العام في التاريخ المذكور تخضع لأحكام قانون المؤسسات العامة رقم 60 لسنة 1963 دون القانون رقم 32 لسنة 1966 في شأن المؤسسات العامة وشركات القطاع الذي عمل به في 15/ 8/ 1966، وكان مخبز...... الذي وقع به الحادث قد تم الاستيلاء عليه مع مخابز أخرى بتاريخ 2/ 5/ 1966 بموجب قرار وزير التموين رقم 69 لسنة 1966 ونص ديباجته على أنه بشأن الاستيلاء على بعض المخابز لصالح المؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز ونصت المادة الثانية منه على أن تسلم المخابز المستولى عليها إلى مندوب المؤسسة سالفة الذكر ثم صدر قرار وزير التموين رقم 172 لسنة 1966 في 16/ 10/ 1966 بإلغاء الاستيلاء على مخبز..... ورد في ديباجته أنه خاص بتعديل بعض أحكام القرار رقم 69 لسنة 1966 بشأن الاستيلاء على بعض المخابز لصالح المؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز، وكانت الشركة الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأنه لم يكن لها كيان قانوني وقت وقوع الحادث في 15/ 7/ 1966 وأن المؤسسة العامة للمطاحن هي المسئولة عن هذا الحادث لأنها هي التي كانت تمثل جميع الوحدات الاقتصادية التابعة لها قبل تنظيم هذه الوحدات وإدماجها في شركات وأن الاستيلاء على مخبز... كان لصالح المؤسسة وهي التي كانت تديره وآلت إليها كافة الأرباح التي حققت خلال فترة الاستيلاء، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بمسئولية الشركة الطاعنة عن الحادث إلى أنها أنشئت واكتسبت شخصيتها المعنوية بموجب القرار الجمهوري رقم 2472 لسنة 1965 الذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 12/ 1/ 1966 وأنه لا يغير من ذلك أن الاستيلاء على المخبز كان لصالح المؤسسة لأنه طبقاً للقانون رقم 32 لسنة 1966 لا تباشر المؤسسة نشاطها إلا من خلال الشركات التابعة لها، وكان القرار الجمهوري رقم 2472 لسنة 1965 قد نص في مادته الأولى على أن يرخص للمؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز في تأسيس شركة مساهمة تدعى "شركة مطاحن ومخابز جنوب القاهرة والجيزة - الطاعنة - " وفقاً للنظام المرافق، وكان لا يكفي استناد الحكم إلى هذا القرار وحده للقول بأن الشركة الطاعنة كان لها كيان قانوني وقت وقوع الحادث، ولما كان قانون المؤسسات رقم 60 لسنة 1963 الذي كان سارياً وقت وقوع الحادث قد نص في مادته الثانية على أن تمارس المؤسسة العامة نشاطها إما بنفسها أو بواسطة ما تشرف عليه من شركات مساهمة أو جمعيات تعاونية، مما مفاده أنه يجوز للمؤسسة أن تباشر نشاطها بنفسها أو أن تتفرغ هي لمهمة الإشراف تاركة النهوض بالنشاط للشركات أو الجمعيات التابعة لها، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الشركة الطاعنة مسئولة عن الحادث رغم أن الاستيلاء على المخبز كان لصالح المؤسسة استناداً إلى أن المؤسسة لا تباشر نشاطها إلا من خلال الشركات التابعة لها وهو قول غير صحيح على إطلاقه لأنه يخالف نص المادة الثانية من القانون رقم 60 لسنة 1963 على ما سلف البيان، ولما كان الحكم فيما انساق إليه من هذا الخطأ قد حجب نفسه عن تحقيق دفاع الشركة من أن المؤسسة هي التي كانت تدير المخبز في تاريخ وقوع الحادث وآلت إليها كل أرباحه خلال فترة الاستيلاء، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.