مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1984 إلى آخر فبراير سنة 1985) - صـ 514

(81)
جلسة 2 من فبراير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وإسماعيل صديق راشد - المستشارين.

الطعن رقم 1557 لسنة 27 القضائية

عاملون مدينون بالدولة - تأديب - الدعوى التأديبية.
المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية - صدور قرار الجهة الإدارية في شهر مارس سنة 1977 بتوقيع جزاء على عامل بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه لاقترافه مخالفة مالية - طلب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات إحالة العامل للمحاكمة التأديبية - ولئن كانت الدعوى التأديبية قد اتصلت بالمحكمة التأديبية اعتباراً من إيداع الأوراق وتقرير الاتهام في شهر ديسمبر سنة 1977 بعد صدور قرار الجهة الإدارية بتوقيع الجزاء على المخالف إلا أن تصدي المحكمة التأديبية في هذه الحالة للمخالفات المنسوبة للمتهم يكون قائماً على أساس سليم من القانون - صدور حكم المحكمة التأديبية بمجازاة المخالف بخصم شهرين من راتبه - قرار الجهة الإدارية بتوقيع الجزاء في شهر مارس سنة 1977 أصبح غير منتج لآثاره القانونية ولا يحول دون تصدي المحكمة التأديبية لموضوع المخالفة وإصدار حكمها بمجازاة المتهم وتوقيع العقوبة المناسبة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 3/ 6/ 1981 أودع السيد المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1557 لسنة 27 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 6/ 4/ 1981 في الدعوى رقم 66 لسنة 5 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد...... والذي قضى بمجازاة المتهم بخصم شهرين من راتبه، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الطعون فيه وبعدم جواز محاكمة العامل المحال.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على الوجه المبين بالأوراق، أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 14/ 11/ 1984 وبجلسة 28/ 11/ 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره أمامها بجلسة 29/ 12/ 1984، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 22/ 12/ 1977 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 66 لسنة 5 القضائية أمام المحكمة التأديبية بأسيوط ضد...... مساعد معمل وحدة علوان الصحية لأنه خلال المدة من 17/ 10/ 1970 وحتى فبراير 1976 بوحدة علوان الصحية خالف الأحكام المقررة وخرج على مقتضى الواجب الوظيفي مما ترتب عليه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن:
1- استولى بدون وجه حق على مبلغ 278.840 جنيه من المبالغ المسلمة إليه بسبب وظيفته حال كونه من مأموري التحصيل والأمناء على الودائع على النحو المفصل بالأوراق.
2- ارتكب تزويراً في أوراق رسمية هي إيصالات الإيداع الخاصة ببنك مصر فرع أسيوط أرقام 31145 و311789، 213750، 444451، 137764، 314116، بإحدى الطرق المبينة بالقانون وذلك بأن حصل على أصل وصورة هذه الإيصالات من المختص بالإيداع بالبنك ولم يقم بتوريد قيمتها فعلاً ووضع خاتم الوحدة عهدته بقصد الإيهام بتوريدها وجملتها 261.060 جنيه على النحو المفصل بالأوراق.
3 - أهمل في المحافظة على الأصناف المخزونة عهدته مما ترتب عليه عجز مقداره 34.381 جنيه على النحو المفصل بالأوراق.
وأنه بذلك يكون قد ارتكب المخالفة المالية المنصوص عليها في المواد 53/ 1، 55/ 3، 4 و59/ 1 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة والمادتين 53/ 3، 4، 55/ 1 من نظام العاملين المدنيين الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 وطلبت النيابة الإدارية محاكمته بالمواد سالفة الذكر والمادتين 57، 58 من القانون رقم 58 لسنة 1971 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والمادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1982 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 6/ 4/ 1981 قضت المحكمة بمجازاة المتهم بالخصم شهرين من مرتبه وأقامت قضاءها على ثبوت الاتهام ضده وأن تصرف الجهة الإدارية بمجازاة المتهم حسبما أشار كتاب جهة الإدارة في هذا الشأن قد صدر بعد أن اتصلت الدعوى التأديبية بولاية المحكمة، ويعتبر معدوم الأثر قانوناً ويتعين عدم الاعتداد به.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق أحكام القانون وتأويلها، ذلك أن سلب ولاية الجهة الإدارية في توقيع الجزاء منوط باتصال الدعوى التأديبية بالمحكمة التأديبية اعتباراً من تاريخ رفع الدعوى التأديبية أما قبل اتخاذ هذا الإجراء فإن الجهة الإدارية تظل مالكة لزمام التصرف في شأن المخالفات المنسوبة للعامل واتخاذ ما تراه مناسباً من قرارات تصدرها ولا يحول دون ذلك مباشرة النيابة الإدارية للتحقيق الإداري. وأضاف بأن الثابت من الحكم الطعين أن الجهة الإدارية أوقعت جزاء تأديبياً على العامل المخالف بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه بالقرار رقم 148 الصادر في 5/ 3/ 1977 أي قبل اتصال الدعوى التأديبية بالمحكمة الحاصل في 22/ 12/ 1977.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن طبيبة وحدة علوان أبلغت بوجود تلاعب بحصيلة صندوق تحسين الخدمة بالوحدة عهده.... مساعد المعمل، وتولى التفتيش الإداري بمديرية الشئون الصحية بأسيوط فحص أعمال المشكو عن المدة من 17/ 10/ 1970 حتى 30/ 9/ 1973 وأسفر الفحص عن وجود عجز بأموال الصندوق وأجرى تحقيق إداري تقرر على أثره وقف المشكو عن العمل اعتباراً من 28/ 3/ 1974 وحتى 28/ 6/ 1974 وأخطرت النيابة العامة بالواقعة وأمرت بتشكيل لجنة لفحص أعمال المذكور خلال الفترة من 17/ 10/ 1970 وحتى نهاية شهر فبراير عام 1976 وقدمت اللجنة تقريرها وانتهت النيابة العامة من التحقيق وخلصت إلى ثبوت ارتكاب الجاني لجريمتي التزوير والاختلاس وأنه نظراً لمبادرته بسداد جزء من المبالغ المختلسة وقبول جهة الإدارة تقسيط الباقي فقد رأت النيابة العامة في الجناية رقم 1216 لسنة 1976 الاكتفاء بمجازاته إدارياً، وعرضت الأوراق على مدير عام الصحة بأسيوط الذي أصدر قراره رقم 148 في 5/ 3/ 1977 بمجازاة المخالف بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه وأخطر الجهاز المركزي للمحاسبات لصفة المخالفة بالواقعة بهذا القرار في 15/ 3/ 1977، وتولت الإدارة المركزية للمخالفات المالية فحص الأوراق حيث تلاحظ لها أنه رغم سبق مجازاة المخالف في 6/ 1/ 1971 بخصم عشرة أيام من راتبه لوجود عجز بأموال صندوق تحسين الخدمة والسلعة عهدته فإن الجزاء لم يردعه بل تمادى في سلوكه المنحرف إلى حد ارتكاب جريمتي الاختلاس والتزوير وأن الجزاء الموقع عليه بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه لا يتلاءم مع خطوة الجرم بما يستوجب إحالته إلى المحاكمة التأديبية، وأحيلت الأوراق إلى النيابة الإدارية التي أجرت تحقيقاً انتهت فيه إلى إحالة المخالف إلى المحاكمة التأديبية حيث صدر الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية تنص على أنه "يخطر رئيس ديوان المحاسبات بالقرارات الصادرة من الجهة الإدارية في شأن المخالفات المالية ولرئيس الديوان خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار أن يطلب تقديم الموظف إلى المحكمة التأديبية وعلى النيابة الإدارية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الخمسة عشر يوماً التالية". والثابت على نحو ما تقدم أنه طبقاًَ للنص المذكور فقد أحيل المتهم إلى المحاكمة التأديبية بعد أن طلب الجهاز المركزي للمحاسبات عند إخطاره طبقاً للقانون ولكون المخالفة مالية، بالجزاء الموقع من جهة الإدارة بالقرار رقم 148 الصادر في 5/ 3/ 1977، إحالة المخالف إلى المحكمة التأديبية والتي أصدرت حكمها المطعون فيه بمجازاته بخصم شهرين من راتبه، فإنه ولئن كانت الدعوى التأديبية قد اتصلت بالمحكمة التأديبية اعتباراً من تاريخ إيداع الأوراق وتقرير الاتهام في 22/ 12/ 1977 بعد صدور قرار الجهة الإدارية بتوقيع الجزاء على المخالف في 5/ 3/ 1977، إلا أن تصدي المحكمة في هذه الحالة للمخالفات المنسوبة للمتهم والفصل فيها يكون قائماً على أساس سليم من القانون في ضوء نص المادة 130 من القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار إليه والتي خول المشرع بموجبها لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الحق في الاعتراض على الجزاء الموقع على المخالف في المخالفات المالية وطلب إحالته إلى المحاكمة التأديبية، الأمر الذي يصبح معه قرار الجهة الإدارية بتوقيع الجزاء غير منتج لآثاره القانونية ولا يحول دون تصدي المحكمة لموضوع المخالفة وإصدار حكمها بمجازاة المتهم من عدمه.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر سليماً فيما انتهى إليه من نتيجة، ويكون الطعن والحال كذلك غير قائم على أساس سليم من القانون متعين الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.