مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1984 إلى آخر فبراير سنة 1985 ) - صـ 518

(82)
جلسة 2 من فبراير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 1309 لسنة 29 القضائية

أراضي - أراضي بور - سلطة التصرف فيها.
المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1984 بنقل ملكية بعض الأراضي الواقعة في أملاك الدولة الخاصة إلى المحافظات وصندوق أراضي الاستصلاح - مفاد هذا النص والدافع إلى إصداره أن بعض المحافظات تجاوزت حدود اختصاصها وتصرفت في بعض أملاك الدولة الخاصة التي تدخل في اختصاص جهات أخرى ويهدف إلى تصحيح الأوضاع وإضفاء الشرعية على التصرفات التي تمت حتى 9/ 10/ 1982 وذلك بإعطاء المحافظات الحق في ملكية الأراضي التي تم التصرف فيها حتى تزول العقبة التي كانت تقف أمام المتصرف إليهم من عدم ملكية المحافظات لهذه الأراضي - أثر ذلك - تعتبر الأرض التي تم التصرف فيها مملوكة لمحافظة الجيزة في تاريخ التصرف وتصبح اعتباراً من هذا التاريخ من الأراضي الداخلة في نطاق اختصاص المحافظة التي يتولى المحافظ بالنسبة لها السلطات والاختصاصات المقررة للوزراء طبقاً لنص المادة 27 من قانون نظام الحكم المحلي ويكون له السلطة المقررة لوزير الإصلاح الزراعي بالمادة 51 من القانون رقم 100 لسنة 1964 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 2/ 4/ 1983 أودع الأستاذ محمد يوسف المحامي نيابة عن الأستاذ إسماعيل أحمد نصار المحامي بصفته وكيلاً عن كل من محمد فريد عبد المحيي عبد المعز، مديحة صلاح الدين حسن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1309 لسنة 29 القضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 8/ 2/ 1983 في الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق المقامة من الطاعنين ضد المطعون ضدهما الأول والثاني والدعوى رقم 2887 لسنة 35 ق المقامة من المطعون ضده الثالث ضد الطاعنين والمطعون ضدهما الأول والثاني ووزير الداخلية، والقاضي أولاً: بقبول تدخل محسن محمد حسين التونسي خصماً منضماً للحكومة في الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق، ثانياً: - برفض الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق وإلزام المدعيين المصروفات، ثالثاً: - بانتهاء الخصومة في الدعوى رقم 2887 لسنة 35 ق وإلزام رافعها المصروفات.
وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة في تقرير طعنهما - الحكم أولاً: - بقبول الطعن شكلاً، ثانياً: - بصفة مستعجلة بإيقاف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثالثاً: - في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، مع إلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم أولاً: - برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام الطاعنين مصروفاته، ثانياً: - بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 16/ 4/ 1984، وتدوول بجلساتها على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 16/ 7/ 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة 10/ 11/ 1984 وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن وبجلسة 29/ 12/ 1984 قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم التالي، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 30/ 12/ 1980 أقام محمد فريد عبد المحيي عبد المعز، ومديحة صلاح الدين حسن الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد محافظ الجيزة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، طالبين الحكم فيها بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من محافظ الجيزة في 14/ 9/ 1980 بتسليم ثلاثمائة فدان إلى محسن محمد حسين التونسي، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب عليه من آثار، وإلزام محافظ الجيزة المصروفات.
وقام المدعيان - شرحاً لدعواهما - أنهما منذ سنة 1977 يضعان اليد على أرض مساحتها أربعون فداناً من أرض الحكومة الصحراوية خارج الزمام بناحية المنصورية مركز إمبابة، أتما استصلاحها وزراعتها بعد القيام بأعمال التسوية ونقل الطمي وإنشاء بئر مسلح للمياه ودق مواسير لري الأرض ارتوازيا، وكلفهما ذلك أموالاً كثيرة بالإضافة إلى الجهد المضني، وفي 8/ 10/ 1978 تقدما بطلب إلى نائب مدير الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لشئون الملكية للموافقة على بيع تلك المساحة لهما طبقاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 وقامت الهيئة بحصر المساحة المستصلحة بمعرفتهما وقدرت إيجاراً عن قطعتين منها بحوض كوريل 61، الأولى أربعة أفدنة باسم المدعي الأول، والقطعة الثانية 22 س 20 ط 2 ف باسم زوجته المدعية الثانية، بواقع ثمانية وعشرين جنيهاً سنوياً للفدان، وصرحت لهما بسداد الإيجار المستحق، وقاما فعلاً بسداده إلى خزينة جمعية المنصورية للإصلاح الزراعي لحساب مأمورية تفتيش أملاك الجيزة بموجب إيصالات رسمية، وبتاريخ 18/ 3/ 1980 صدر كتاب تفتيش أملاك الجيزة التابع لمديرية الإصلاح الزراعي إلى مدير بنك التنمية والائتمان الزراعي بمحافظة الجيزة يفيد الموافقة على بيع مساحة 20 س 22 ط 6 ف إلى المدعيين وهي المساحة التي سددا عنها الإيجار.
واستطرد المدعيان قائلين أنه في مساء يوم 22/ 9/ 1980 فوجئا بتعدي محسن حسين التونسي ورجاله المسلحين على أرضهما، حيث قاموا باقتلاع وتكسير الأشجار والمزروعات ونزع ماكينة مياه الري، ومنع العاملين في الأرض من مباشرة أعمالهم، وقد تحرر عن هذا التعدي المحضر رقم 81 أحوال مركز إمبابة في 22/ 9/ 1980 كما قام المدعيان بإبلاغ النيابة العامة، وقدما شكاوى لمحافظ الجيزة والهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وعلى أثر ذلك أجرى مراقب البيع بالإدارة العامة لأملاك الدولة معاينة في 2/ 10/ 1980 أثبت فيها الحالة والإتلافات التي حدثت، وأرفق بمحضر المعاينة رسماً كروكياً أوضح فيه المساحات المستصلحة والمنزرعة بواسطة المدعيين.
وقد تبين للمدعيين من أقوال محسن التونسي في محضر الشرطة أنه كان قد تقدم بطلب في 14/ 9/ 1980 إلى محافظ الجيزة لتخصيص ثلاثمائة فدان بزمان المنصورية لإقامة مشروع لإنتاج البيض وتربية الدواجن، فوافق المحافظ في ذات اليوم على تسليمه المساحة المطلوبة، التي يدخل ضمنها أرض المدعيين، غير أن المحافظ أصدر بعد ذلك قراره رقم 288 لسنة 1980 بتشكيل لجنة تنعقد في 5/ 10/ 1980 لدراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع المذكور، وفي 30/ 10/ 1980 أصدرت محافظة الجيزة كتاباً إلى مدير عام الإصلاح الزراعي بالجيزة برقم 1659 بإيقاف تسليم المساحة المشار إليها إلى محسن التونسي إلى حين عرض الموضوع على المحافظ وفي 13/ 12/ 1980 وجه المدعيان إنذاراً إلى محافظ الجيزة يتظلمان فيه من قراره الصادر في 14/ 9/ 1980 وأوضحا في هذا الإنذار أسانيدهما وحقوقهما في الأرض التي استصلحاها والأضرار التي لحقت وستلحق بهما من جراء تسليم الأرض لمحسن التونسي، إلا أنهما لم يتلقيا رداً.
ونعى المدعيان على قرار محافظ الجيزة المشار إليه أنه لا يحقق مصلحة عامة، لصدوره دون دراسة جادة ومتأنية ودون الاعتداد بحقوق الآخرين، ولم يكن منزها عن الغرض، وأنه غير قائم على أسباب تبرره من حيث الواقع أو القانون، مما يفقده مقوماته الأساسية كقرار إداري، وأنه ترتب عليه إلحاق أضرار بالغة بالمدعيين وأن من شأن استمرار تنفيذه زيادة تلك الأضرار، الأمر الذي يتوافر معه مناط الاستعجال لوقف تنفيذه وانتهى المدعيان إلى الطلبات السابق بيانها.
وقدم المدعيان أربع حوافظ تضمنت مستنداتهما في الدعوى.
وبجلسة 19/ 5/ 1981 أودع الحاضر عن الحكومة حافظة مستندات، تضمنت مذكرة برد جهة الإدارة على الدعوى، بدأتها بدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، استناداً إلى أن المدعيين ذكرا في صحيفة الدعوى أن محسن التونسي تعدى على الأرض في 22/ 9/ 1980 وكان سنده في ذلك القرار الصادر من المحافظة، ومن ثم يكون المدعيان قد علما علماً يقينياً بالقرار اعتباراً من ذلك التاريخ، وكان يتعين عليهما الطعن على القرار في موعد غايته 22/ 11/ 1980، في حين أنهما لم يقيما هذه الدعوى إلا في عام 1981.
وأما عن موضوع الدعوى فإن الإشغالات التي تمت بمعرفة المدعيين لا تعطيهما أي حق قانوني لعدم وجود أي صورة من صور التعاقد بينهما وبين الأملاك، وأن المدعيين قاما بحصر الأرض خفية، وحصر الأرض خفية لا يمثل أي ارتباط بينهما وبين الجهة المالكة لأنه لا يعدو أن يكون تحصيلاً عن إشغال ومن حق الدولة إزالته في أي وقت، وأن قطعة الأرض المشار إليها مملوكة للدولة ملكية خاصة، وقد تم تخصيصها لمشروع من مشروعات الأمن الغذائي وهو من مشروعات المنفعة العامة، وأنه لما كانت يد المدعيين هي يد غاصب لا سند لها من القانون، فإن دعواهما تكون غير قائمة على أساس جديرة بالرفض.
وبجلسة 30/ 6/ 1981 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الإدارة مصاريف هذا الطلب وقالت المحكمة فيما يتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، أنه من المقرر لكي يؤخذ ذو الشأن بعلمه في حساب ميعاد الطعن أن يكون علماً يقينياً يقوم مقام نشر القرار أو إعلانه به، الأمر الذي لا يتوافر في هذه الدعوى، ذلك أن الأقوال الواردة على لسان محسن التونسي في محضر التحقيق معه المحرر في 22/ 9/ 1980 لا يمكن التعويل عليها وإنزالها منزلة نشر القرار أو إعلان المدعيين به، ولا يستفاد منها علم المدعيين بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً، يضاف إلى ذلك أن القرار المطعون فيه لم يكن وقت صدوره قراراً نهائياً إذ مر بمراحل متعددة منذ الموافقة المبدئية التي وردت في أقوال محسن التونسي تغيرت فيها معالمه كالثابت من موافقة المجلس الشعبي لمحافظة الجيزة بجلسة 29/ 11/ 1980 على أن تكون المساحة المخصصة لمشروع التونسي مائتي فدان، الأمر الذي لا يسوغ معه استخلاص علم المدعيين بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً في 22/ 9/ 1980 كما جاء بمذكرة جهة الإدارة - ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد غير سديد متعين الرفض. وفيما يتعلق بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قالت المحكمة أن الثابت من وقائع الدعوى أن المدعيين كانا يضعان اليد على مساحة من الأرض ثم حصر جزء منها خفية عليهما وسدداً الإيجار المستحق عن هذه المساحة عن سنتي 1978، 1979، ثم تقدما بطلب لشراء هذه الأرض وشرعت الإدارة في اتخاذ إجراءات البيع، إلا أن محافظ الجيزة أصدر قراره المطعون فيه بتسليم مساحة من الأرض بناحية المنصورية إلى محسن التونسي لإقامة المشروع المشار إليه عليها، وتداخلت في هذه المساحة الأرض وضع يد المدعيين مما أدى إلى إزالة وضع يدهما عن هذه الأرض تنفيذاً لقرار المحافظ بالتخصيص، وقالت المحكمة أن مباشرة المحافظ لسلطات الوزير المقررة بمقتضى القوانين واللوائح طبقاً لنص المادة (27) من قانون نظام الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 ومنها السلطات الاستثنائية المقررة لوزير الإصلاح الزراعي وإصلاح الأراضي بتأجير العقارات أو التصرف فيها لتنفيذ مشروعات تفيد في تنمية الاقتصاد القومي وفقاً للمادة (51) من القانون رقم 100 لسنة 1964 يقتصر على المرافق التي نقلت اختصاصاتها إلى وحدات الحكم المحلي، وأنه وفقاً للمادة (11) من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الحكم المحلي فإن الأراضي خارج الزمام لا تدخل في اختصاص المحافظات، ولما كانت الأرض المذكورة تقع خارج الزمام، لذلك يكون محافظ الجيزة - حسبما يدل عليه ظاهر الأوراق - قد تجاوز حدود سلطته بإصداره القرار المطعون فيه بما يجعله راجح الإلغاء عند نظر الموضوع، ومن ثم يتوافر لطلب وقف تنفيذه ركن الجدية، كما أن ركن الاستعجال متوافر لما يترتب على الاستيلاء على الأرض التي يضع المدعيان اليد عليها من نتائج لا سبيل إلى تداركها لو تراخى الأمر إلى حين صدور حكم بالإلغاء، تتمثل في انهيار كل ما شقي المدعيان من أجله بالجهد والمال. وأحيلت الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وتقديم تقرير بالرأي القانوني في الطلب الموضوعي بإلغاء القرار المطعون فيه - فأودعت الهيئة تقريراً انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما قضى به من تسليم الأرض وضع يد المدعيين إلى محسن حسين التونسي، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
وبجلسة 2/ 11/ 1981 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة 22/ 12/ 1981، ثم أعيدت الدعوى إلى المرافعة لجلسة 19/ 1/ 1982، حيث تقدم محسن التونسي بطلب لقبوله خصماً متدخلاً في الدعوى باعتبار أن مصلحته قائمة في ذلك بعد أن صدر حكم وقف التنفيذ في غيبته ودون علمه، وأودع حافظة مستندات ومذكرة قال فيها أن له مصلحة في طلب التدخل باعتباره حائزاً للأرض موضوع النزاع وأقام عليها مشروعاً عالمياً لإنتاج البيض وتربية الدواجن وتسمين العجول وتصنيع منتجات الألبان، وأنه تسلم الأرض ووضع يده عليها من الحكومة ممثلة في جميع جهاتها، وبالتالي يكون وضع يده عليها منذ استلامها في 18/ 9/ 1980 قائماً على سند صحيح من القانون، في حين أن المدعيين يفتقران إلى السند القانوني لحيازتهما، وأضاف أن القرار المطعون فيه وموضوعه تسليمه ثلاثمائة فدان قد ألغي واستبدل به قرار آخر بمساحة مائتي فدان فقط، واختتم مذكرته طالباً الحكم بقبول تدخله خصماً في الدعوى وبرفض الدعوى وإلزام رافعيها المصروفات.
وقدم المدعيان مذكرة دفعا فيها بعدم قبول طلب التدخل في الدعوى بعد إقفال باب المرافعة فيها لمخالفة ذلك لنص المادة 126 من قانون المرافعات، كما أن تدخل محسن التونسي يفتقد الأساس القانوني، إذ أن المصلحة لا تقوم على الغش أو مخالفة القانون، بالإضافة إلى أنه لم تنشأ للمذكور أية حقوق أو مراكز قانونية مستقرة على تلك الأرض، وطلب المدعيان الحكم بعدم قبول طلب التدخل، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام جهة الإدارة والمتدخل المصروفات.
وبجلسة 26/ 1/ 1981 قدم الخصم المتدخل مذكرة رد فيها على الدفع بعدم قبول تدخله، قائلاً أن إعادة الدعوى للمرافعة مسألة من إطلاقات المحكمة حتى ولو كان ذلك بعد إقفال باب المرافعة، وليس ثمة جزاء على مخالفة المادة 126 من قانون المرافعات، وأنه صاحب مصلحة في التدخل.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة قالت فيها أن القرار المطعون فيه صدر من مختص، وأن المدعيين ليست لهما مصلحة في الدعوى لأنهما معتديان على أملاك الدولة وليست حيازتهما هادئة، وطلبت الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعيين المصروفات.
وكان محسن التونسي قد أقام الدعوى رقم 2887 لسنة 35 ق أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعها قلم الكتاب في 2/ 9/ 1981، طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الطلب المستعجل في الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق مع إلزام المستشكل ضدهما الأول والثانية المصروفات. وقال - شرحاً لدعواه - أن المستشكل ضدهما الأول والثانية أقاما الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق طالبين فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من محافظ الجيزة في 14/ 9/ 1980 بتسليم المستشكل ثلاثمائة فدان وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار، وقد حكمت المحكمة بجلسة 30/ 6/ 1980 بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، ولما كان هذا الحكم يمس حقوق المستشكل باعتباره حائزاً للأرض وواضع اليد عليها ولم يمثل في الدعوى سالفة الذكر، فإنه يستشكل في تنفيذ الحكم للأسباب الآتية:
1 - أن قرار محافظ الجيزة بتسليم المستشكل ثلاثمائة فدان قد ألغي واستبدل به قرار آخر أعطى بموجبه مائتي فدان فقط، ومن ثم يكون الحكم المستشكل في تنفيذه قد قضى بوقف تنفيذ قرار ملغي، ويضحي تنفيذه قائماً على غير محل.
2 - أن الأرض المعطاة للمستشكل خصصت له عن طريق الإصلاح الزراعي ومساحتها مائتا فدان، وقامت لجنة من الجهات المختصة بتسليمه الأرض كما هو ثابت بالمستندات والوثائق الرسمية الصادرة من الحكومة ولو كانت قد أتيحت له الفرصة للتدخل في الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق لكان قد تقدم مستنداته فيها.
3 - أن المستشكل ضدهما أقاما الدعوى رقم 4 لسنة 1980 مدني جزئي إمبابة اختصما فيها المستشكل ومحافظ الجيزة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وقضت تلك المحكمة بندب خبير متخصص تكون مهمته الاطلاع على الأوراق والمستندات وما عسى أن يقدمه الخصوم من أوراق ومستندات والانتقال إلى أرض النزاع ومعاينتها على الطبيعة، وقد أغفل المستشكل ضدهما أمر تلك الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري إمعانا منهما في إخفاء الحقائق عن المحكمة.
وعقب المستشكل ضدهما على الإشكال المشار إليه بمذكرة طلبا فيها الحكم أصلياً بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى، واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، وإلزام المستشكل المصروفات.
كما قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الإشكال وبإحالته إلى قاضي التنفيذ المختص، واحتياطياً برفض الإشكال وإلزام المستشكل المصروفات، وعقب المستشكل على ذلك بمذكرة طلب فيها رفض الدفع بعدم الاختصاص بنظر الإشكال والحكم بوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه وبجلسة 23/ 2/ 1982 قررت المحكمة ضم الدعوى رقم 2887 لسنة 35 ق إلى الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق ليصدر فيهما حكم واحد.
وبجلسة 29/ 6/ 1982 قدمت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي حافظة أرفقت بها كتاب إدارة الأملاك بمنطقة إمبابة المؤرخ في 20/ 6/ 1982 جاء فيه أن الأرض موضوع الدعوى تدخل في حدود الكيلو مترين الاثنين التاليين لحد الزمام وهي ملك الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة، كما أرفقت رسماً كروكياً بموقع الأرض بالنسبة لحد الزمام.
وبجلسة 8/ 2/ 1983 حكمت المحكمة أولاً: - بقبول تدخل محسن محمد حسين التونسي خصماً منضماً للحكومة في الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق ثانياً: - برفض الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق وإلزام المدعيين المصروفات، ثالثاً: - بانتهاء الخصومة في الدعوى رقم 2887 لسنة 35 ق وإلزام رافعها المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أنه بالنسبة إلى تدخل محسن حسين التونسي في الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق فإنه قدم طلباً بذلك أثناء الفترة التي كانت الدعوى فيها محجوزة للحكم، وإذ وجدت المحكمة أن مصلحته قائمة في هذا الطلب فقد قررت إعادة الدعوى للمرافعة، ومن ثم فقد زال المانع من قبوله طبقاً لحكم المادة 126 من قانون المرافعات، التي تقضي بعدم قبول التدخل بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى.
وبالنسبة إلى موضوع الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق فقد استعرضت المحكمة الإجراءات التي اتخذت في شأن تخصيص الأرض محل النزاع لإقامة مشروع محسن حسين التونسي، بدءاً من تقدمه بطلب التخصيص إلى محافظة الجيزة حتى موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة على ذلك بجلسة 29/ 11/ 1980 وفقاً لما هو ثابت بالأوراق، وخلصت المحكمة إلى أن القرار الصادر من محافظة الجيزة في هذا الشأن هو قرار بتخصيص مساحة مائتي فدان أرض بور كائنة بزمام ناحية أبو رواس والمنصورية مركز إمبابة، لإقامة مشروع من مشروعات الأمن الغذائي عليها، يتولى تنفيذه وتمويله محسن التونسي طبقاً للشروط التي تضمنها هذا القرار، ومن بينها قبول الثمن أو مقابل الإيجار حسب تقرير اللجنة العليا لتثمين الأراضي من تاريخ التسليم، والبدء في التنفيذ في موعد أقصاه ستة شهور من تاريخ تسليم الموقع من الجهة المالكة استلاماً قانونياً، وعدم القيام بأية أعمال أو إشغالات بالموقع إلا بعد استلام الأرض من الجهة المالكة قانوناً، ومعنى ذلك أن القرار المطعون فيه ليس قراراً بالتصرف في الأرض التي تقرر تخصيصها أو بتأجيرها إلى الخصم المتدخل، لكن لا يعدو أن يكون مجرد عمل من أعمال الإدارة المؤقتة الذي قد ينتهي إما بالبيع أو بالتأجير من الجهة المالكة وهي الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أو بغير ذلك من أعمال التصرفات أو الإدارة، وباعتبار أن الأرض المشار إليها هي أحد عناصر مشروع الأمن الغذائي الذي وافق المجلس الشعبي المحلي للمحافظة على إقامته طبقاً لقانون الإدارة المحلية.
وفيما يتعلق بما قام عليه دفاع المدعيين من أن القرار المطعون فيه صدر من جهة غير ذات اختصاص بإصداره وأن الاختصاص في ذلك معقود للهيئة العامة للإصلاح الزراعي، قالت المحكمة أنه لما كانت الأرض موضوع النزاع من الأراضي البور الواقعة في منطقة الكيلو مترين المتضامين لحد الزمام وهي ملك الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة - كما يبين من كتاب إدارة الأملاك بمنطقة إمبابة المؤرخ 20/ 6/ 1982 - التي ينعقد الاختصاص بالتصرف فيها إلى وزارة الزراعة وهيئة الإصلاح الزراعي طبقاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها، ولم يتضمن القرار المطعون فيه أي نوع من أنواع التصرف في هذه الأرض، لكنه في حقيقته وحسب تكييفه القانوني الصحيح يعد عملاً من أعمال الإدارة الخاصة بإنشاء المشروعات الإنتاجية التي تقرها المحافظة بما لها من سلطة بمقتضى قانون نظام الحكم المحلي الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 ولائحته التنفيذية مستهدفة بموجبه الترخيص بإنشاء مشروع من مشروعات الأمن الغذائي يقام على قطعة الأرض المشار إليها، وهو غرض مشروع ومطلوب بنص صريح في اللائحة التنفيذية لقانون نظام الحكم المحلي، ومن ثم يكون هذا القرار صادراً من مختص، ولم يتجاوز به مصدره الصلاحيات المقررة له قانوناً.
وفيما يختص بما جاء بأوجه الطعن الأخرى التي ساقها المدعيان، من أن القرار المطعون فيه قد أجحف بحقوقهما الثابتة على الأرض التي يحوزانها والتي أنفقا في سبيل استصلاحها واستزراعها المال والجهد الكثيرين قالت المحكمة أن الثابت من الاطلاع على الأوراق أنه لا يوجد أي نوع من أنواع التعاقد بينهما وبين الجهة المالكة "الإصلاح الزراعي" كما لا يوجد مصدر ري ثابت بالأرض حيازتهما حيث قاما بحفر بئر لم تستخرج منها المياه، وكانا يستعملان في ريها مصدر مياه متنقل، وأن إدارة الأملاك كانت تقوم بحصر الأرض عليهما خفية وأن الكتاب الموجه إلى بنك التنمية والائتمان الزراعي والتعاوني بمحافظة الجيزة لا يستفاد منه قيام أي نوع من أنواع التعاقد بين المدعيين والجهة الإدارية المختصة، وكل ما ينطق به ذلك الكتاب أنه جاري عمل إجراءات البيع، ولكن شيئاً من ذلك لم يتم بعد إذ تبين للجهة الإدارية أن إجراءات البيع والممارسة غير منطبقة عليهما نظراً لعدم وجود مصدر ري ثابت للأرض، والمستفاد من ذلك كله أن المدعيين لم يكونا في مركز قانوني ذاتي مسه القرار المطعون فيه، ولا تعدو حيازتهما أن تكون مجرد عمل مادي، وهي عارضة بلا سند صحيح من القانون، ولا ترقى إلى مرتبة الحق الذي يتمتع بحماية القانون.
وانتهى الحكم - مما تقدم جميعاً - إلى أن القرار المطعون فيه يكون صحيحاً ولا مطعن عليه، وتكون الدعوى قائمة على غير أساس من الواقع والقانون خليفة بالرفض.
أما بالنسبة إلى الدعوى رقم 2887 لسنة 35 ق التي أقامها محسن التونسي طالباً الحكم بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الطلب المستعجل من الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق القاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فقد قالت المحكمة أن طلبات المدعي في تلك الدعوى أصبحت غير ذات موضوع بعد إذ سقط الحكم المستشكل فيه وهو حكم وقتي بطبيعته وتتوقف حجيته على الحكم الصادر في الموضوع كأثر حتمي يترتب على صدور الحكم برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على أن هذا الحكم أخطأ في تطبيق القانون للأسباب الآتية:
( أ ) قبول تدخل محسن التونسي خصماً في الدعوى بعد إقفال باب المرافعة فيها وحجزها للحكم يخالف نص المادتين 126، 127 من قانون المرافعات.
(ب) ما ورد بأسباب الحكم المطعون فيه من أن قرار محافظ الجيزة لا يعدو أن يكون عملاً من أعمال الإدارة المؤقتة ولا ينطوي على أي نوع من التصرف، يخالف ما استقرت عليه آراء الشراح وأحكام القضاء الإداري ذلك أن القرار المذكور استهدف تحقيق أثر قانوني هو تخصيص مساحة الأرض الواردة به للمتدخل محسن التونسي - بما فيها المساحة وضع يد الطاعنين - فهو عمل من أعمال التصرف لا الإدارة، جاوز به المحافظ حدود اختصاصه، ووصل هذا التجاوز إلى حد الاعتداء المادي على حيازة الطاعنين.
(جـ) حصل الحكم المطعون فيه من الأوراق على ما يخالف الثابت فيها، فقد جاء فيه أنه لا يوجد مصدر ري ثابت بالأرض حيازة الطاعنين، وهذا يخالف ما هو ثابت بمحضر شرطة مركز إمبابة بتاريخ 24/ 3/ 1981 المتضمن تمكين الطاعنين من مساحة الأربعين فداناً تنفيذاً لقرار المحامي العام الأول لاستئناف القاهرة، والمرفق بحافظة المستندات المقدمة من الطاعنين بجلسة 27/ 8/ 1982، وكذلك محضر المعاينة المحرر بتاريخ 24/ 3/ 1981 بمعرفة مراقب البيع بالإدارة العامة لأملاك الدولة المرفق بمحضر الشرطة المشار إليه المتضمن وجود بئر مياه وأرض محروثة مستصلحة، كما ثبت ذلك في المحضر المحرر عن واقعة إتلاف المتدخل للمزروعات والمواسير البلاستيك التي توصل المياه من البئر إلى المغروسات، وأيضاً ما أشار إليه تقرير الخبير في الدعوى رقم 4 لسنة 1981 المرفق بحافظة المستندات المقدمة بجلسة 23/ 11/ 1982، والثابت من تلك المستندات جميعاً أن الطاعنين يحوزان مساحة الأربعين فداناً منذ عام 1978 حيازة هادئة مستقرة، وأنهما قاما باستصلاحها وإقامة بئر مياه وأحواض لتخزين المياه وماكينة ري ومواسير بلاستيك لتوصيل المياه إلى المغروسات وأن حقهما في شراء تلك الأرض يستند إلى نصوص القانون رقم 100 لسنة 1964.
يستند الحكم في أسبابه إلى أنه لا يوجد أي نوع من أنواع التعاقد بين الطاعنين وبين الجهة المالكة (الإصلاح الزراعي) وهذا يخالف ما هو ثابت بالمحضر رقم 4665 إداري مركز إمبابة والمستندات المقدمة في الدعوى والتي أشار إليها حكم المحكمة في الشق المستعجل، وإيصالات سداد الإيجار، ومحضر المعاينة المحرر بمعرفة مراقب البيع بالإدارة العامة لأملاك الدولة في 2/ 10/ 1980، وما أورده تقرير إدارة الري بالشئون القانونية للهيئة العامة للإصلاح الزراعي من أن الطاعنين قاما باستصلاح وزراعة مساحة أربعين فداناً من أراضي وأملاك الدولة الخاصة، وحقهما في تملك تلك المساحة طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1964 الذي لا يتطلب أي نوع من التعاقد وإنما يشترط استصلاح الأراضي الصحراوية البور حتى ينشأ حق من أصلح الأراضي في شرائها، وهذا الحق أقرته الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بموافقتها على بيع مساحة من الأرض للطاعنين بكتابها المرسل إلى مدير بنك التنمية بالجيزة والعبرة طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1964 ليست بما إذا كان هناك تعاقد بين من قام باستصلاح الأراضي الصحراوية وبين مالكها، وإنما بما إذا كان للطاعنين حق الاحتفاظ بالأراضي التي استصلحاها من عدمه طبقاً لأحكام ذلك القانون.
(هـ) لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى استناداً إلى عدم وجود مصدر ري ثابت وكذلك عدم وجود أي نوع من التعاقد مع الجهة المالكة، فإنه بذلك ينفي شرط مصلحة الطاعنين في الدعوى، مع أن المحكمة سبق أن قررت في حكمها الصادر بجلسة 30/ 6/ 1981 في الشق المستعجل أن للمدعين مصلحة في اختصام القرار المطعون فيه، ومن ثم يكون الحكم برفض الدعوى فيه إهدار لحجية الحكم السابق الذي لم يطعن عليه من جانب جهة الإدارة وهي الخصم الأصلي في الدعوى.
ومن حيث إن المطعون ضده محسن التونسي قدم مذكرة بدفاعه، أشار فيها إلى أن الجهة الإدارية كانت قد دفعت أمام محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، باعتبار أن الدعوى رفعت في 30/ 12/ 1980 في حين أن القرار المطعون فيه صدر في 15/ 9/ 1980 وعلم به الطاعنان فور صدوره ولم تتناول المحكمة هذا الدفع في حيثيات حكمها، ويضيف المطعون ضده إلى هذا الدفع أن الطاعنين اختصما قرار محافظ الجيزة الصادر في 15/ 9/ 1980 بتخصيص ثلاثمائة فدان للمشروع المشار إليه وأن هذا القرار كان قراراً مبدئياً أوقف تنفيذه بعد صدوره ثم ألغي بصدور قرار المحافظ في سبتمبر سنة 1981 بتخصيص مائتي فدان فقط للمشروع بناء على الدراسة التي أجرتها الجهات المختصة بالمحافظة وانتهت بإقرار المجلس الشعبي، وكان الواجب على الطاعنين أن يختصما هذا القرار الأخير الذي استمد المطعون ضده حقه منه باعتباره القرار المؤثر في الدعوى، وقد تأكد علمهما بهذا القرار في 19/ 1/ 1982 تاريخ تقدم المطعون ضده كخصم متدخل في الدعوى بمذكرة أشار فيها صراحة إلى أن القرار الأول قد ألغي واستبدل به القرار الأخير، وإذ كان الأمر كذلك فإن الدعوى تكون غير مقبولة شكلاً لعدم اختصام القرار النهائي الصادر من المحافظ في سبتمبر سنة 1981 في الميعاد القانوني.
كما تناول المطعون ضده المذكور - في مذكرته - الرد على أوجه الطعن التي استند إليها الطاعنان في تقرير طعنهما على النحو الآتي: -
1- فيما يتعلق بقبول طلب تدخل المطعون ضده بعد حجز الدعوى للحكم فإن المحكمة لم تقبل هذا الطلب إلا بعد أن أعادت الدعوى للمرافعة، وليس ثمة قيد في قانون المرافعات على حق المحكمة في إعادة الدعوى للمرافعة إذ يدخل ذلك في مطلق سلطتها التقديرية ولم يرتب القانون أي جزاء على إعادة الدعوى للمرافعة ليتمكن طالب التدخل من ممارسة حقه المشروع.
2- فيما يختص بتكييف قرار محافظ الجيزة بتخصيص مساحة من الأرض لإقامة مشروع المطعون ضده عليها، وهل هو عمل من أعمال الإدارة المؤقتة أم أنه من أعمال التصرف، فإن القرار في الحالين قرار صحيح له ما يسانده من أحكام القانون، فإذا اعتبر هذا القرار عملاً من أعمال الإدارة الخاصة بإنشاء المشروعات الإنتاجية التي تقرها المحافظة بما لها من سلطة بمقتضى قانون نظام الحكم المحلي ولائحته التنفيذية مستهدفه بموجبه الترخيص بإنشاء مشروع من مشروعات الأمن الغذائي يقام على قطعة الأرض التي خصصت له، فإن هذا القرار يكون صادراً من مختص ولم يتجاوز به مصدره الصلاحيات المقررة له قانوناً، وقد أيد الحكم المطعون فيه هذا النظر وهو بذلك يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه. وإذا اعتبر القرار المشار إليه من أعمال التصرف فإن المحافظ يختص أيضاً بإصداره، وذلك أن الأرض المخصصة للمشروع تقع في نطاق الكيلو مترين المتاضمين للزمام وبالتالي فإنها لا تدخل في نطاق الأراضي الصحراوية طبقاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 والقانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية ومن ثم فإن التصرف في هذه الأرض يختص به المحافظ طبقاً لنص المادتين 27، 28 من قانون نظام الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 والمادة 51 من القانون رقم 100 لسنة 1964. وبفرض أن قرار المحافظ سالف الذكر يعتبر من أعمال التصرف التي لا يختص بها المحافظ طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1964 فإن القانون رقم 19 لسنة 1984 قد أضفى عليه الشرعية، حيث نصت المادة الأولى من هذا القانون على أن تعتبر الأراضي الواقعة في أملاك الدولة الخاصة التابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي أو الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التي تصرفت فيها المحافظات (صندوق أراضي الاستصلاح حتى 9/ 10/ 1982 مملوكة لتلك المحافظات أو الصندوق في تاريخ التصرف فيها، وإذ يدخل القرار المطعون فيه في نطاق مجال هذا القانون فإنه - بفرض تكييفه بأنه عمل من أعمال التصرف - يكون قد اكتسب شرعية من هذا القانون ولا يكون ثمة وجه للقول ببطلانه لصدوره من غير مختص.
3 - بالنسبة إلى باقي أوجه الطعن فإن الطاعنين يحاولان فيها إضفاء الشرعية على اغتصابهما للأرض المملوكة للدولة، مدعيان أن لهما حقاً على هذه الأرض يحول دون إدخالها في المساحة المخصصة لإقامة مشروع الأمن الغذائي، وقد أصاب الحكم المطعون فيه الحق فيما انتهى إليه من أن حيازة الطاعنين لا تعدو أن تكون مجرد عمل مادي وغصب بلا سند صحيح من القانون يضاف إلى ذلك أن الأراضي التي تزرع خفية وتحصر على هذا الأساس هي الأراضي المتناثرة التي لا يمكن توزيعها مجمعة ولا إتباع دورة زراعية منتظمة بها ولذا فإن أقصى مساحة يمكن التصرف فيها بطريق الممارسة من هذه الأراضي لا تجاوز خمسة أفدنة لكل مشتر طبقاً للمادة العاشرة من القانون رقم 100 لسنة 1964 والثابت أن المساحة التي تم حصرها خفية باسم الطاعنين في سنة 1978 وسنة 1979 كانت 21 س 22 ط 6 ف وفي سنة 1980 كانت ثلاثة أفدنة وفي سنة 1981 لم تحصر باسميهما أية مساحة، ومن ثم فإن تجاوز الطاعنين في وضع يدهما على المساحات المتناثرة التي حصرت خفية إلى مساحة أربعين فداناً يعتبر تعدياً منهما يتعين إزالته بالطرق الإدارية طبقاً لنص المادة 170 من القانون المدني كما أن حصر المساحة المشار إليها خفية باسم الطاعنين لا يخولهما أي حق قبل جهة الإدارة إذ المقصود بهذا الحصر أن يؤديا مقابل انتفاع عن الأرض المحصورة خفية، فإذا ما خصصت جهة الإدارة المساحة لمشروع الأمن الغذائي تكون قد اتخذت القرار الذي يتفق والصالح العام ولا يمس في ذات الوقت حقوق الآخرين حيث لا حق لمغتصب.
وانتهى المطعون ضده محسن التونسي إلى طلب الحكم برفض الطعن مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وقدم المطعون ضده المذكور حافظة مستندات تضمنت صورة ضوئية من صحيفة الدعوى رقم 3166 لسنة 1984 مدني كلي الجيزة المقامة ضده من الطاعنين، واستشهد بها المطعون ضده في أن الطاعنين قد اتجها إلى طلب التعويض المدني دون التعرض لقرار المحافظة بشأن تخصيص الأرض موضوع النزاع لإقامة المشروع المشار إليه. وقدم الطاعنان مذكرة قالا فيها أن أرض النزاع من الأراضي المسماة في القانون رقم 100 لسنة 1964 بالأراضي الصحراوية، وهي الأراضي الواقعة في المناطق المعتبرة خارج الزمام بعد مسافة الكيلو مترين وأن المحافظ لم يتصرف في شأنها بالبيع لمحسن التونسي وإنما قام بتأجيرها إليه بمقتضى قراره المطعون فيه، وأنه يبين من نص المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1984 ومذكرته الإيضاحية أن المشرع عنى به فقط التصرفات بالبيع التي صدرت من المحافظين خطأ أو على خلاف القوانين لأراضي الدولة الخارج أمرها عن نطاق اختصاص المحافظين فقد رأى المشرع أن يسبغ على هذه البيوت صفة الشرعية، وهو لم يعن بتصحيح تصرفات من تلك التي أخطأ المحافظون في شأنها سوى التصرفات بالبيع دون التأجير، ومن ثم فإن القانون رقم 19 لسنة 1984 لم يأت بجديد في شأن واقعة الدعوى وأسانيدها. أما فيما يتعلق بما ورد في صحيفة الدعوى رقم 3166 لسنة 1984 ببيان عناصر التعويض من المطالبة بقيمة الأرض موضوع النزاع، فليس المقصود منه تقاضي ثمن الأرض بيعاً وشراء، وأنه على الرغم من ذلك فإن الطاعنين يقران بتنازلهما عن الخصومة بالنسبة إلى الشق الخاص بإدخال قيمة الأرض ضمن عناصر التعويض المطالب به بالدعوى المشار إليها. وفيما يختص بالشق المستعجل في الطعن الخاص بطلب الحكم بوقف التنفيذ، فإنه بالإضافة إلى توافر ركن الجدية فإن ركن الاستعجال متوافر أيضاً ذلك أن التعدي والعدوان في ذاتهما يمثلان خطراً ليس فقط على الفرد وإنما أيضاً على المجتمع الذي يأباه ويقف دونه. وانتهى الطاعنان - في مذكرتهما - إلى التصميم على طلباتهما.
وعقب المطعون ضده محسن التونسي بمذكرة ختامية تناول فيها الرد على ما أبداه الطاعنان من عدم سريان القانون رقم 19 لسنة 1984 على واقعة النزاع تأسيساً على أن هذا القانون لا يخضع إلا للبيوع التي أبرمها المحافظون دون غيرها من أعمال التصرف الأخرى، فقال أن هذا الادعاء لا سند له من القانون، إذ أن نص المادة الأولى من القانون المذكور يشمل جميع أعمال التصرف بغير تخصيص، والقاعدة أنه لا يجوز تخصيص النص بغير مخصص، ومن جهة أخرى فإن الطاعنين أسبغا بغير حق على التصرف الصادر للمطعون ضده أنه تأجير، في حين أنه تخصيص يتضمن وعدا بالبيع، وإذ طلب المطعون ضده شراء الأرض المخصصة فإن الوعد بالبيع ينقلب إلى بيع ويأخذ كافة أحكامه، وبالتالي يدخل في نطاق القانون رقم 19 لسنة 1984 وانتهى إلى طلب الحكم برفض الطعن مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وقدم الطاعنان حافظة مستندات تضمنت صورة رسمية من محضر جلسة محكمة مركز إمبابة الجزئية في 29/ 5/ 1984 الخاص بالدعوى رقم 4 لسنة 1981 المقامة من الطاعنين ضد المطعون ضده المذكور، والثابت به أن الطاعنين قررا ترك الخصومة بالنسبة إلى التعويض عن مساحة الأرض.
كما قدم المطعون ضده محسن التونسي حافظة تضمنت بعض المستندات التي يستدل بها على أن إجراءات بيع الأرض المخصصة لمشروعه قد بدء في تنفيذها وأنه لولا الاختلاف على تقدير سعر الفدان لكانت هذه الإجراءات قد انتهت.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق شكلاً لرفعها بعد الميعاد، الذي سبق أن أبدته جهة الإدارة أمام محكمة القضاء الإداري، والذي ورد في مذكرة المطعون ضده محسن التونسي - رداً على الطعن - أن المحكمة لم تتناوله في حيثيات حكمها، فإن الحكم الصادر من المحكمة بجلسة 30/ 6/ 1981 في الشق المستعجل من هذه الدعوى والقاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، تناول في حيثياته الرد على الدفع المشار إليه، وانتهى إلى أن هذا الدفع غير سديد متعين الرفض، أما بالنسبة إلى ما أضافه المطعون ضده المذكور من أن الطاعنين اختصما قرار محافظ الجيزة الصادر في 15/ 9/ 1980 بتخصيص ثلاثمائة فدان، وأن هذا القرار ألغى بصدور قرار آخر من المحافظ في سبتمبر سنة 1981 بتخصيص مائتي فدان فقط، وأنه كان يتعين على الطاعنين اختصام هذا القرار الأخير خلال الميعاد القانوني، ومن ثم تكون دعواهما غير مقبولة شكلاً، فإن الثابت من الأوراق أن محسن التونسي كان قد تقدم بطلب إلى محافظ الجيزة في 14/ 9/ 1980 لتخصيص مساحة ثلاثمائة فدان لإقامة المشروع المشار إليه عليها، فوافق المحافظ على هذا الطلب، وبناء على ذلك صدر كتاب من محافظة الجيزة في 15/ 9/ 1980 بالموافقة على تخصيص المساحة المطلوبة وتسليمها لمحسن التونسي، وتم تسليمها إليه بموجب محضر تسليم محرر في 18/ 9/ 1980، ثم صدر قرار من المحافظ برقم 288 لسنة 1980 بتشكيل لجنة فنية لدراسة المشروع وتحديد المساحة المناسبة لإقامته، وانعقدت اللجنة في 5/ 10/ 1980 وانتهت إلى التوصية بأن المساحة المناسبة هي مائة وخمسون فداناً بالإضافة إلى خمسين فداناً كحرم لحماية المشروع، وفي 30/ 10/ 1980 قررت المحافظة إيقاف تسليم الأرض لمحسن التونسي حتى يبت نهائياً في شأن تحديد المساحة المناسبة للمشروع، وفي 16/ 11/ 1980 اجتمعت لجنة برئاسة محافظ الجيزة لفحص ودراسة المشروع وانتهت إلى الموافقة على تخصيص المساحة التي أوصت بها اللجنة الفنية المذكورة، ووافق على ذلك المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الجيزة في 29/ 11/ 1980 وفي 30/ 12/ 1980 أخطرت المحافظة محسن التونسي بالموافقة وبأن محضر التسليم المؤقت المؤرخ في 18/ 9/ 1980 يعتبر محضراً للتسليم على ألا يتجاوز المساحة المخصصة لإقامة المشروع والمعتمدة أخيراً "وهي مساحة مائتي فدان". ويتضح مما تقدم أن القرار المطعون فيه لم يلغ ولم يستبدل به قرار آخر منذ صدوره في 15/ 9/ 1980 وإنما تم تنفيذه فعلاً بتسليم محسن التونسي المساحة التي صدر هذا القرار بتخصيصها - بما فيها المساحة موضوع النزاع - بمحضر محرر في 18/ 9/ 1980، أما الإجراءات التي اتخذتها المحافظة بعد ذلك وانتهت بموافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة فقد اقتصر أثرها - في النهاية - على تعديل المساحة التي تمت الموافقة على تخصيصها بالقرار المطعون فيه من ثلاثمائة فدان إلى مائتي فدان واعتبر محضر التسليم الذي تم في 18/ 9/ 1980 - استناداً إلى القرار المطعون فيه محضراً للتسليم بالنسبة إلى المساحة المعدلة ولا يتبين من الأوراق أن ثمة قراراً آخر صدر من محافظ الجيزة في سبتمبر سنة 1981 ألغى قراره الأول المطعون فيه وحل محله، للقول بأن هذا القرار الأخير هو الذي كان يتعين الطعن فيه خلال الميعاد القانوني وعلى ذلك فإن الطعن يكون موجهاً توجيهاً سليماً إلى قرار ما زال قائماً لم يلغ ولم يستبدل به قرار آخر، بغض النظر عن تعديل المساحة التي قضى القرار المطعون فيه بتخصيصها من ثلاثمائة فدان إلى مائتي فدان بناء على الدراسات التي تمت في هذا الشأن، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم اختصام القرار المقول بصدوره من المحافظ في سبتمبر سنة 1981 في الميعاد القانوني، غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون، متعين الرفض.
ومن حيث إنه فيما يختص بقبول طلب تدخل محسن التونسي خصماً في الدعوى بعد إقفال باب المرافعة فيها وحجزها للحكم بالمخالفة لنص المادة 126 من قانون المرافعات، فإن الثابت أن المحكمة لم تقبل هذا الطلب إلا بعد أن قررت فتح باب المرافعة في الدعوى من جديد، بناء على ما استبان لها من تحقق مصلحة طالب التدخل وهي مسألة تخضع لمطلق تقدير المحكمة إذ ليس ثمة ما يحول قانوناً دون فتح باب المرافعة في أي وقت قبل إصدار الحكم متى تبين للمحكمة - تبعاً لسلطتها التقديرية - أن هناك ما يبرر ذلك تحقيقاً لوجه العدالة، وبإعادة فتح باب المرافعة في الدعوى يزول المانع من قبول طلب التدخل، ويكون للمحكمة في هذه الحالة أن تقبل طلب التدخل دون أن تكون ثمة مخالفة لنص المادة 126 من قانون المرافعات، ومن ثم فإن ما ينعيانه الطاعنان على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص - لا سند له من القانون.
ومن حيث إنه عن موضوع المناعة، فإنه يبين من الأوراق أنه بناء على طلب مقدم من محسن التونسي إلى محافظ الجيزة في 14/ 9/ 1980 لتخصيص مساحة ثلاثمائة فدان بناحية المنصورية مركز إمبابة لإقامة مشروع مزرعة آلية لإنتاج البيض وتربية الدواجن - باعتباره من مشروعات الأمن الغذائي التي تفيد في تنمية الاقتصاد القومي أصدر محافظ الجيزة قراره المطعون فيه في 15/ 9/ 1980 بالموافقة على تخصيص المساحة المطلوبة وتسليمها لمحسن التونسي لإقامة مشروعه عليها - وتم تسليمه تلك المساحة بموجب محضر تسليم في 18/ 9/ 1980 - وأعقبت ذلك عدة إجراءات اتخذتها المحافظة في سبيل تحديد المساحة المناسبة للمشروع، انتهت بموافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة في 29/ 11/ 1980 على التخصيص مع تعديل المساحة المخصصة من ثلاثمائة فدان إلى مائتي فدان، وأخطرت المحافظة محسن التونسي في 30/ 12/ 1980 بالموافقة على ذلك مع اعتبار محضر التسليم المحرر في 18/ 9/ 1980 محضراً للتسليم بالنسبة إلى المساحة المعدلة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الأرض محل النزاع من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة، وتعتبر من الأراضي البور الواقعة في نطاق الكيلو مترين المتاخمين لحد الزمان، التي تخضع لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها، وطبقاً لأحكام هذا القانون فإن الأراضي المشار إليها تتبع الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، ولا تدخل في نطاق اختصاص وحدات الحكم المحلي وفقاً لأحكام قانون نظام الحكم المحلي الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 ولائحته التنفيذية، ومن ثم ينعقد الاختصاص بالتصرف فيها للهيئة العامة للإصلاح الزراعي، كما أنه طبقاً لنص المادة 51 من القانون رقم 100 لسنة 1964 فإن التصرف في الأراضي المذكورة دون التقيد بأحكام هذا القانون - سواء بالنسبة إلى الشروط الواجب توافرها فيمن يتم التصرف إليه - بقصد تنفيذ مشروعات تفيد في تنمية الاقتصاد القومي - مما ينطبق في شأن مساحة الأرض المخصصة لتنفيذ مشروع مزرعة التونسي - يدخل أصلاً في اختصاص وزير الإصلاح الزراعي واستصلاح الأراضي.
ومن حيث إنه صدر القانون رقم 19 لسنة 1984 بنقل ملكية بعض الأراضي الواقعة في أملاك الدولة الخاصة إلى المحافظات وصندوق أراضي الاستصلاح، ونص في مادته الأولى على أن "تعتبر الأراضي الواقعة في أملاك الدولة الخاصة التابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي أو الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التي تصرفت فيها المحافظات أو صندوق أراضي الاستصلاح حتى 9/ 10/ 1982 مملوكة لتلك المحافظات أو الصندوق في تاريخ التصرف فيها". ويبين من استقرار مضبطة جلسة مجلس الشعب التي تمت فيها الموافقة على هذا القانون "الجلسة الثالثة والثلاثون في 27/ 2/ 1984" أن الدافع إلى إصدار هذا القانون هو أن بعض المحافظات تجاوزت حدود اختصاصها وتصرفت في بعض أملاك الدولة الخاصة التي تدخل في اختصاص جهات أخرى، وكانت هذه التجاوزات نتيجة تضارب الاختصاصات وتداخلها بين الأجهزة التنفيذية والمحافظات في شأن ملكية الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة، ويهدف هذا القانون إلى تصحيح الأوضاع وإضفاء الشرعية على التصرفات التي تمت في 9/ 10/ 1982 وذلك بإعطاء المحافظات الحق في ملكية الأراضي التي تم التصرف فيها حتى تزول العقبة التي كانت تقف أمام المتصرف لهم من عدم ملكية المحافظات لهذه الأراضي.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه الصادر من محافظة الجيزة في 15/ 9/ 1980 استهدف تخصيص مساحة من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة وتسليمها لمحسن التونسي لتنفيذ المشروع المشار إليه عليها. بناء على الطلب الذي تقدم به المذكور وتم تنفيذ هذا القرار بتسليم تلك المساحة من الأرض إلى محسن التونسي بموجب محضر محرر في 18/ 9/ 1980 وتحددت هذه المساحة بصفة نهائية - بعد تعديلها - وفقاً لقرار المجلس الشعبي المحلي للمحافظة في 29/ 11/ 1980 وتقرر في 30/ 12/ 1980 اعتبار محضر التسليم الأول محضراً لتسليم المساحة المعدلة. ويتضح من ذلك أن ما تم في هذا الخصوص يعتبر - في مجال تطبيق أحكام القانون رقم 19 لسنة 1984 - تصرفا في الأرض المشار إليها، مما تلحقه أحكام هذا القانون، ومن ثم تعتبر الأرض - التي تم التصرف فيها على النحو سالف الذكر مملوكة لمحافظة الجيزة في تاريخ التصرف وتصبح اعتباراً من ذلك التاريخ من الأراضي الداخلة في نطاق اختصاص المحافظة التي يتولى المحافظ بالنسبة إليها السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح طبقاً لنص المادة 27 من قانون نظام الحكم المحلي الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979، ويكون للمحافظ بمقتضى هذا النص السلطة المقررة لوزير الإصلاح الزراعي واستصلاح الأراضي بموجب نص المادة 51 من القانون رقم 100 لسنة 1964 فيما يختص بالتصرف في الأرض المشار إليها بقصد تنفيذ مشروع من المشروعات التي تفيد في تنمية الاقتصاد القومي، دون التقيد بأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 الأمر الذي يضفي المشروعية على قرار المحافظ المطعون فيه من تاريخ صدوره، باعتبار أنه صدر ممن أصبح يختص قانوناً بإصداره في وقت صدوره، ومن ثم يصبح الطعن عليه في هذا الخصوص غير قائم على أساس من القانون.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بمساحة الأرض التي كان الطاعنان يضعان يدهما عليها - والتي دخلت في المساحة التي تم تخصيصها لمشروع مزرعة التونسي وسلمت إليه على الوجه السابق إيضاحه - فإن الثابت من الأوراق أنه لا يوجد أي نوع من أنواع التعاقد بين الطاعنين وبين الجهة المالكة في ذلك الوقت، وأن الأمر في هذا الخصوص لا يعدو قيام تفتيش الأملاك بمديرية الإصلاح الزراعي بالجيزة بحصر مساحة 20 س 22 ط 6 ف من الأراضي المشار إليها خفية باسم الطاعنين، وتحصيل مقابل إشغال منهما عن هذه المساحة، دون أن تكون ثمة علاقة تعاقدية أو أي نوع من الارتباط بين الطاعنين والجهة المالكة، ولا تعتبر المبالغ التي أداها الطاعنان مقابل إشغال المساحة المحصورة باسمهما خفية إيجاراً بمفهومه القانوني، ومن ثم فإن حصر المساحة المشار إليها خفية باسم الطاعنين على الوجه السابق - لا يكسبهما حقاً قبل الجهة المالكة يجعلهما في مركز قانوني جدير بالحماية. ولا يحتج في هذا الخصوص بالطلب المقدم من الطاعنين لنائب مدير الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لشئون الملكية والحيازة والأملاك في 8/ 10/ 1978 لاتخاذ ما يلزم نحو بيع المساحة التي يضعان يدهما عليها والمؤشر عليه بالإحالة إلى الأملاك للبحث والعلنية والعرض بالنتيجة، كما لا يحتج بكتاب تفتيش أملاك الجيزة الموجه إلى بنك التنمية والائتمان الزراعي بمحافظة الجيزة في 8/ 3/ 1980 بشأن إحاطة البنك بما هو محصور خفية من أملاك الدولة الخاصة باسم الطاعنين سنة 1979 وأنه جاري عمل إجراءات بيع هذه الأرض لهما، إذ الواقع أن شيئاً من ذلك لم يتم. كما لا يسوغ الاستناد في هذا الخصوص إلى القرارات الصادرة من النيابة العامة بتمكين الطاعنين من وضع يدهما على الأرض محل النزاع، إذ أن هذه القرارات بطبيعتها قرارات مؤقتة لا تتناول أصل الحق المتنازع عليه، وإنما تصدرها النيابة بحسب الظاهر من الأوراق المعروضة عليها بقصد الحفاظ على الأمن والعمل على استتبابه، حتى يفصل القضاء المختص في أصل الحق المتنازع عليه.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن الطاعنين لم يكونا في مركز قانوني ذاتي مسه القرار المطعون فيه ولا تعدو حيازتهما للأرض محل النزاع أن تكون مجرد عمل مادي عارض، ولا ترقى إلى مرتبة الحق الذي يحميه القانون ومن ثم يكون القرار المطعون فيه - سليماً ولا مطعن عليه في هذا الخصوص أيضاً وبالتالي يكون طلب إلغائه غير قائم على أساس من القانون حقيقياً بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى بقبول تدخل محسن التونسي خصماً منضماً للحكومة في الدعوى رقم 649 لسنة 35 ق وبرفض هذه الدعوى، ومنتهياً في ذلك إلى ذات النتيجة التي انتهت إليها هذه المحكمة، فإنه، بحمله على الأسباب التي استندت إليها هذه المحكمة فيما انتهت إليه - يكون الطعن عليه غير قائم على أساس من القانون، ويتعين لذلك رفض هذا الطعن وإلزام الطاعنين المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.