أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 392

جلسة 5 من أبريل سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الشافعي ومحمد حسين مصطفى وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة ومصطفى محمد أحمد.

(70)
الطعن رقم 3333 لسنة 64 القضائية

(1) إضرار غير عمدي. التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال الغير. جريمة "أركانها". خطأ. ضرر. رابطة السببية. موظفون عموميون.
جريمة المادة 116 مكرراً ( أ ) عقوبات. مناط تحققها؟
الخطأ الجسيم. صوره: الإهمال في أداء الوظيفة والإخلال بواجباتها وإساءة استعمال السلطة.
الخطأ الذي يقع من الأفراد عموماً في الجرائم غير العمدية. توافره: بتصرف الشخص تصرفاً لا يتفق والحيطة التي تقضي بها ظروف الحياة العادية.
الضرر في جريمة المادة 116 مكرراً ( أ ) عقوبات. ماهيته وشروطه؟
(2) التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال الغير. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". جريمة "أركانها".
دفاع الطاعن بأن إجراءات صرف الشيك تمت بإشراف المفتش المالي والإداري وفقاً لتعليمات البنك وطلب سماع شهادتهما بشأن إتباعهما للتعليمات واللوائح. جوهري. وجوب أن يقسطه الحكم حقه ويعن بتمحيصه. إغفال ذلك. قصور. وإخلال بحق الدفاع.
مثال.
1 - من المقرر أن المادة 116 مكرر ( أ ) من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 63 سنة 1975 تنص على أن "كل موظف عام تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله في أداء وظيفته أو عن إخلال بواجباتها أو عن إساءة استعمال السلطة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين... إلخ" والجريمة المنصوص عليها في هذه المادة من الجرائم غير العمدية ويتوقف تحققها على توافر أركان ثلاث هي خطأ وضرر جسيم ورابطة سببية بين ركني الخطأ والضرر الجسيم وقد حدد المشرع للخطأ صور ثلاث هي الإهمال في أداء الوظيفة والإخلال بواجباتها وإساءة استعمال السلطة، والخطأ الذي يقع من الأفراد عموماً في الجرائم غير العمدية يتوافر متى تصرف الشخص تصرفاً لا يتفق والحيطة التي تقضي بها ظروف الحياة العادية وبذلك فهو عيب يشوب مسلك الإنسان لا يأتيه الرجل العادي المتبصر الذي أحاطت به ظروف خارجية مماثلة للظروف التي أحاطت بالمسئول، والسلوك المعقول العادي للموظف تحكمه الحياة الاجتماعية والبيئة والعرف ومألوف الناس في أعمالهم وطبيعة مهنتهم وظروفها، أما الضرر فهو الأثر الخارجي للإهمال المعاقب عليه وشرطه في هذه الجريمة أن يكون جسيماً وقد ترك المشرع تقدير مبلغ جسامته لقاضي الموضوع لاختلاف مقدار الجسامة في كل حالة عن غيرها تبعاً لاعتبارات مادية عديدة. كما أنه يشترط في الضرر أن يكون محققاً وأن يكون مادياً بحيث يلحق أموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها الموظف أو يتصل بها بحكم وظيفته أو أموال أو مصالح الغير المعهود بها إلى تلك الجهة وأما رابطة السببية فيجب أن تتوافر بين خطأ الموظف والضرر الجسيم بحيث تكون جريمة الموظف نتيجة سلوكه فعلاً كان أو امتناعاً.
2 - لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن المجني عليه (المطعون ضده الثاني) توجه لصرف شيك خاص به من بنك مصر فرع...... وأثناء إنهائه لإجراءات الصرف طلب منه أحد الأشخاص تصوير جواز السفر وأخذ منه الشيك وقطعة المعدن الخاصة بصرفه وإذ عاد من تصوير الجواز خارج البنك اكتشف قيام هذا الشخص بصرف قيمة الشيك رغم أنه لا يصرف لحامله وأضاف أن المسئول عن الخزينة هو المسئول عن صرف الشيك لعدم اطلاعه على جواز السفر أو التوقيع على الشيك وأضاف الحكم أن المتهمين أنكرا ما نسب إليهما من إهمال وقدما مذكرة طلبا أصلياً فيها الحكم بالبراءة تأسيساً على أن الإجراءات التي اتبعت في صرف الشيك تمت بإشراف مفتش مالي وإداري وفقاً لتعليمات البنك وطلبا احتياطياً سماع أقوال كلا المفتشين بشأن إتباعهما للتعليمات واللوائح واسترسل الحكم منتهياً إلى أن التهمة ثابتة قبل المتهمان ثبوتاً كافياً حيث أنهما لم يدفعا التهمة بثمة دفع أو دفاع مقبول الأمر الذي ترى معه المحكمة معاقبتهما بمواد الاتهام وعملاً بنص المادة 304/ 2 أ. ج. ولما كان هذا الدفاع الذي حصله الحكم يعد جوهرياً في خصوصية هذه الدعوى لتعلقه بركنين من أركان الجريمة التي دين بها الطاعنين - هما ركني الخطأ وعلاقة السببية - مما من شأنه لو ثبت أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى وإذ التفت الحكم كلية عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بصفتهما موظفين عموميين (ببنك...... فرع......) تسببا بخطئهما في إلحاق ضرر جسيم بأموال الغير (.......) بأن كان ذلك ناشئاً عن إهمالهما في أداء وظيفتهما وكان ذلك على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابهما بالمادة 116 مكرراً من قانون العقوبات.
وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة...... قضت حضورياً بتغريم كل متهم مائة جنيه وألزمتهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنفا ومحكمة...... (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة التسبب بخطئهما في إلحاق ضرر جسيم بأموال الغير قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه لم يبين الأدلة التي استخلصت المحكمة منها الإدانة هذا إلى أن الدفاع عن الطاعنين دفع بانتفاء ركن الخطأ لإتباع الطاعنين القواعد المصرفية والإجراءات المقررة في صرف شيك المدعي بالحقوق المدنية وأغفل الحكم الرد على الدفاع وتحقيقه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن المادة 116 مكرر ( أ ) من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 63 لسنة 1975 تنص على أن "كل موظف عام تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة بأن كان ناشئاً عن إهماله في أداء وظيفته أو عن إخلال بواجباته أو عن إساءة استعمال السلطة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين...... إلخ" والجريمة المنصوص عليها في هذه المادة من الجرائم غير العمدية ويتوقف تحققها على توافر أركان ثلاث هي خطأ وضرر جسيم ورابطة سببية بين ركني الخطأ والضرر الجسيم وقد حدد المشرع للخطأ صور ثلاث هي الإهمال في أداء الوظيفة والإخلال بواجباتها وإساءة استعمال السلطة، والخطأ الذي يقع من الأفراد عموماً في الجرائم غير العمدية يتوافر متى تصرف الشخص تصرفاً لا يتفق والحيطة التي تقضي بها ظروف الحياة العادية وبذلك فهو عيب يشوب مسلك الإنسان لا يأتيه الرجل العادي المتبصر الذي أحاطت به ظروف خارجية مماثلة للظروف التي أحاطت بالمسئول، والسلوك المعقول العادي للموظف تحكمه الحياة الاجتماعية والبيئة والعرف ومألوف الناس في أعمالهم وطبيعة مهنتهم وظروفها، أما الضرر فهو الأثر الخارجي للإهمال المعاقب عليه وشرطه في هذه الجريمة أن يكون جسيماً وقد ترك المشرع تقدير مبلغ جسامته لقاضي الموضوع لاختلاف مقدار الجسامة في كل حالة عن غيرها تبعاً لاعتبارات مادية عديدة. كما أنه يشترط في الضرر أن يكون محققاً وأن يكون مادياً بحيث يلحق أموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها الموظف أو يتصل بها بحكم وظيفته أو أموال أو مصالح الغير المعهود بها إلى تلك الجهة وأما رابطة السببية فيجب أن تتوافر بين خطأ الموظف والضرر الجسيم بحيث تكون جريمة الموظف نتيجة سلوكه فعلاً كان أو امتناعاً. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن المجني عليه (المطعون ضده الثاني) توجه لصرف شيك خاص به من بنك...... فرع....... وأثناء إنهائه لإجراءات الصرف طلب منه أحد الأشخاص تصوير جواز السفر وأخذ منه الشيك وقطعة المعدن الخاصة بصرفه وإذ عاد من تصوير الجواز خارج البنك اكتشف قيام هذا الشخص بصرف قيمة الشيك رغم أنه لا يصرف لحامله وأضاف أن المسئول عن الخزينة هو المسئول عن صرف الشيك لعدم اطلاعه على جواز السفر أو التوقيع على الشيك وأضاف الحكم أن المتهمين أنكرا ما نسب إليهما من إهمال وقدما مذكرة طلبا أصلياً فيها الحكم بالبراءة تأسيساً على أن الإجراءات التي اتبعت في صرف الشيك تمت بإشراف مفتش مالي وإداري وفقاً لتعليمات البنك وطلبا احتياطياً سماع أقوال كلا المفتشين بشأن إتباعهما للتعليمات واللوائح واسترسل الحكم منتهياً إلى أن التهمة ثابتة قبل المتهمان ثبوتاً كافياً حيث أنهما لم يدفعا التهمة بثمة دفع أو دفاع مقبول الأمر الذي ترى معه المحكمة معاقبتهما بمواد الاتهام وعملاً بنص المادة 304/ 2 أ. ج. ولما كان هذا الدفاع الذي حصله الحكم يعد جوهرياً في خصوصية هذه الدعوى لتعلقه بركنين من أركان الجريمة التي دين بها الطاعنين - هما ركني الخطأ وعلاقة السببية - مما من شأنه لو ثبت أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى وإذ التفت الحكم كلية عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع مما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة وذلك دون حاجة لمناقشة سائر وجوه الطعن.