أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 403

جلسة 9 من أبريل سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد علي عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وحسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة.

(73)
الطعن رقم 27276 لسنة 67 القضائية

تزوير "أوراق رسمية". دفوع "الدفع بالجهل بالقانون". قانون "الاعتذار بالجهل بالقانون". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الدين علاقة بين المرء وربه لا إكراه فيه. حرية العقيدة كفلها الدستور. م 46 من الدستور. دفاع الطاعن بعدم علمه بأحكام الشريعة الإسلامية. جوهري. وجوب تحقيقه والرد عليه.
إغفال الحكم إثبات عدول الطاعن عن إسلامه في تاريخ سابق على اتخاذ إجراءات استخراج بطاقته الشخصية باسمه قبل إشهار إسلامه وديانته المسيحية واكتفاؤه في الرد على دفاعه بأنه قدم للمحاكمة الجنائية بأحكام قانون العقوبات لا بأحكام الشريعة الإسلامية. قصور.
لما كان الدين علاقة بين المرء وربه ولا إكراه فيه وقد كفل الدستور في المادة 46 منه حرية العقيدة، وكان ما تمسك به الطاعن من دفاع على نحو ما سلف يعد في خصوصية هذه الدعوى دفاعاً جوهرياً من شأنه أن يتغير به الرأي في الدعوى وتندفع به التهمة إذا ما ثبت أن الطاعن عدل عن إسلامه وعاد إلى ديانته المسيحية في تاريخ سابق على اتخاذ إجراءات استخراج بدل فاقد لبطاقته الشخصية باسمه قبل إشهار إسلامه وديانته المسيحية لما ينبني عليه انتفاء الركن المادي في جريمة التزوير - وهو تغيير الحقيقة - مما كان يتعين على المحكمة أن تعني بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو ترد عليه بما يدحضه أما وهي لم تفعل واكتفت بالرد على هذا الدفاع بقولها أن الطاعن لم يقدم للمحاكمة الجنائية بأحكام الشريعة الإسلامية وإنما بأحكام قانون العقوبات وهو رد قاصر لا يواجه دفاع الطاعن فإن ذلك يعيب حكمها ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: (1)....... (2)....... (3)....... (4)....... "طاعن" المتهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً (أمين سجل مدني) ارتكب أثناء تأديته أعمال وظيفته تزوير في محرر رسمي "بدل الفاقد للبطاقة الشخصية والمستخرجة من مكتب سجل مدني......" بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن وقع بصحة اسمه وديانته مسيحي على خلاف الحقيقة في حين أن صحة اسمه وديانته مسلم كما هو ثابت بقرار لجنة الأحوال المدنية. المتهمان الثاني والثالث: وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية ارتكبا تزوير في محرر رسمي هو استمارات "بدل فاقد" للبطاقة الشخصية سالفة الذكر بأن قام الثاني بملئ بياناتها ووقع الثالث بصحتها مع علمهما بتزويرها. المتهم الرابع: ( أ ) اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم الأول وبطريق المساعدة معه وموظفين عموميين آخرين حسني النية هما...... و....... الأمينين المساعدين بالسجل المدني المذكور في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو بدل الفاقد للبطاقة سالفة الذكر حال تحريرها المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة صحيحة وهي إثبات أن اسمه...... بدلاً من...... لأنه مسيحي الديانة بدلاً من أنه مسلم على غير الحقيقة بأن قدم استمارات بدل الفاقد لهذين الموظفين محرراً بها هذه البيانات المذكورة فقاما بملئ البطاقة بهذه البيانات واتفقا مع الأول باعتماد صحتها وساعده بتقديم الاستمارات للسجل المدني المذكور فقام باعتمادها فصدرت البطاقة المزورة وتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة (ب) اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الثاني والثالث في ارتكاب تزوير في محرر رسمي واستمارات بدل الفاقد للبطاقة سالفة الذكر بأن اتفق معهما على تحريرها وساعدهما بأن أملى على الثاني بياناتها المزورة فقاما بالتوقيع عليها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة (جـ) استعمل محرراً رسمياً مزوراً بأن قدمه إلى سجل مدني........ مع علمه بتزويره. وأحالتهم إلى محكمة جنايات....... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41/ 1، 211، 212، 214 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من القانون سالف البيان أولاً: ببراءة المتهمين الأول والثاني والثالث. ثانياً: بمعاقبة المتهم الرابع بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أُسند إليه ومصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله مع العلم بتزويره قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن المحكمة لم تتفهم ما يرمي إليه من الدفع بجهله بأحكام الشريعة الإسلامية التي لا تبيح الردة عن الإسلام والذي قصد بأنه عدل عن إسلامه وعاد إلى المسيحية، ومن ثم فإن تقديمه استمارات للحصول على بدل فاقد لبطاقته الشخصية واستخراجها باسمه قبل إشهار إسلامه وديانته المسيحية يكون مطابقاً للحقيقة وتنتفي معه جريمة التزوير وهو ما أطرحه الحكم بما لا يسوغ إطراحه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "أن المتهم (الطاعن) كان قبل إشهار إسلامه يدعى....... مسيحي الديانة ورغبة منه في اعتناق دين الإسلام قام بإشهار إسلامه في الشهر العقاري بمحافظة الجيزة، ثم تقدم بطلب إلى لجنة الأحوال المدنية بأسيوط للحصول على قرار اللجنة بإقرار إشهار إسلامه وبتاريخ........ صدر قرار اللجنة سالفة الذكر بتصحيح اسم وديانة المتهم ليكون....... وديانته مسلم وبدلاً من أن يتقدم الأخير إلى سجل مدني ساحل سليم باستمارات طلب للحصول على بطاقة جديدة لأول مرة بالاسم والديانة الجديدين مرفق بها نموذج 79 لاتخاذ ما يلزم لتصحيح اسمه وديانته في البطاقة الجديدة. قام باستحضار استمارات طلب الحصول على بطاقة بدل فاقد. وأثبت بها على خلاف الحقيقة بعد أن اعتمدها بتوقيع كل من المتهمين الثاني والثالث أن اسمه....... وديانته مسيحي مخالفاً بذلك قرار اللجنة سالف الذكر - ثم قدم الاستمارات المذكورة إلى المتهم الأول بوصفه أميناً لسجل مدني ساحل سليم فقام الأخير باعتماد صحتها وأصدر له البطاقة المزورة بالاسم والديانة المغايرين للحقيقة" وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن تمسك بعدم علمه بأحكام الشريعة الإسلامية التي لا تبيح الردة عن الإسلام وأشار إلى أن الطاعن حتى هذه اللحظة اسمه وديانته مسيحي وقدم في ختام مرافعته صورة شهادة من البطريركية الأرثوذكسية تفيد عودته إلى المسيحية، وكان مجمل ما أثبت في محضر الجلسة من دفاع إنما يهدف به الطاعن إلى القول بأنه عاد إلى المسيحية. لما كان ذلك، وكان الدين علاقة بين المرء وربه ولا إكراه فيه وقد كفل الدستور في المادة 46 منه حرية العقيدة، وكان ما تمسك به الطاعن من دفاع على نحو ما سلف يعد في خصوصية هذه الدعوى دفاعاً جوهرياً من شأنه أن يتغير به الرأي في الدعوى وتندفع به التهمة إذا ما ثبت أن الطاعن عدل عن إسلامه وعاد إلى ديانته المسيحية في تاريخ سابق على اتخاذ إجراءات استخراج بدل فاقد لبطاقته الشخصية باسمه قبل إشهار إسلامه وديانته المسيحية لما ينبني عليه انتفاء الركن المادي في جريمة التزوير - وهو تغيير الحقيقة - مما كان يتعين على المحكمة أن تعني بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو ترد عليه بما يدحضه أما وهي لم تفعل واكتفت بالرد على هذا الدفاع بقولها أن الطاعن لم يقدم للمحاكمة الجنائية بأحكام الشريعة الإسلامية وإنما بأحكام قانون العقوبات وهو رد قاصر لا يواجه دفاع الطاعن فإن ذلك يعيب حكمها ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.