أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 26 - صـ 1757

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمود عباس العمراوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مصطفى كمال سليم، ومصطفى الفقي، محمد البنداري العشري، أحمد سيف الدين سابق.

(328)
الطعن رقم 540 لسنة 42 القضائية

(1) بطلان "بطلان التصرفات". محاماة. وكالة.
دعوى بطلان العقد. عدم إقامة مدعي البطلان الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال لا ينفصل عن جملة التعاقد. أثره. بطلان هذا الشق وحده. م 143 مدني. مثال في وكالة محام.
(2) نقض "السبب الجديد". محاماة.
عدم تمسك الطاعنة أمام محكمة الموضوع بأن عقد الوكالة الصادر منها للمحامي تم بناء على وساطة سمسار. عدم جواز النعي بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) محكمة الموضوع "تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن". إثبات.
تقدير الشهادة - ولو كانت تقولاً - مسألة موضوعية. عدم جواز الجدل فيها أمام محكمة النقض.
(4، 5) قانون "سريان القانون من حيث الزمان". محاماة "أتعاب المحامي". وكالة.
(4) عقد وكالة المحامي. انعقاده وانقضاؤه قبل نفاذ قانون المحاماة 61 لسنة 1968. أثره. عدم انطباق هذا القانون عليه.
(5) أتعاب المحامي المتفق عليها أو التي تدفع طوعاً قبل تنفيذ الوكالة. خضوعها لتقدير القاضي. م. 44 ق المحاماة 96 لسنة 1957، م 709/ 2 مدني.
(6 و7) وكالة. تعويض "التعويض الاتفاقي". محاماة.
(6) عقد وكالة المحامي بأجر. الاتفاق فيه على استحقاق الوكيل مبلغاً معيناً كتعويض اتفاق إذا ما عزل عن الوكالة دون مبرر. غير مخالف للنظام العام. هذا الاتفاق يعد شرطاً جزائياً حدد مقدماً قيمة التعويض.
(7) التعويض المتفق عليه بين المحامي وموكله في حالة عزله من الوكالة دون مبرر. قانون المحاماة 96 لسنة 1957 لا يمنع من تطبيق أحكام المادة 324 مدني عليه. عدم استحقاقه إذا أثبت الموكل أن الوكيل لم يصبه ضرر. خضوعه لتقدير القضاء بالتخفيض.
1 - تنص المادة 143 من القانون المدني على أنه "إذا كان العقد في شق منه باطلاً أو قابلاً للإبطال، فهذا الشق وحده هو الذي يبطل، إلا إذا تبين أن العقد ما كان يتم بغير الشق الذي وقع باطلاً أو قابلاً للإبطال فيبطل العقد كله" ومفاد ذلك أنه إذا لم يقم من يدعي البطلان الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال لا ينفصل عن جملة التعاقد يظل ما بقى من العقد صحيحاً باعتباره عقداً مستقلاً ويقتصر البطلان على الشق الباطل وحده، لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة اقتصرت في تمسكها ببطلان عقد الوكالة على مجرد اشتماله على شرط تقدير أجرة الوكالة بنسبة من صافي التركة بعد التصفية على خلاف ما تقضي به المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 المنطبق على الواقعة وعلى شرط جزائي يلزمها بأن تدفع للوكيل مبلغ....... إذا عزلته في وقت مناسب فإن بطلان هذين الشرطين أو إحداهما لا يترتب عليه بطلان العقد ما دامت هي نفسها لم تقم الدليل على أن الشق الباطل لا ينفصل عن جملة التعاقد ويضحى نعيها ببطلان العقد - في غير محله.
2 - إذا كانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بأن عقد الوكالة - الصادرة منها للمحامي - تم بناء على وساطة سمسار فلا يقبل منها أن تثير هذا السبب لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه سبب قانوني يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع حتى يتسنى لها أن تحققه وأن تقدره.
3 - تقدير الشهادة - ولو كانت تقولاً - مسألة موضوعية، ومتى اطمأن لها وجدان المحكمة فلا يصح الجدل فيها أمام محكمة النقض.
4 - القانون يسري بأثر فوري مباشر فيحكم الوقائع اللاحقة لتاريخ العمل به دون السابقة عليه إلا بنص خاص، وإذ كان عقد الوكالة موضوع الدعوى - الصادر للمحامي - قد انعقد وترتبت عليه آثاره وانقضى بإنذار الموكلة للوكيل مورث المطعون ضدهم في 13/ 3/ 1968 أي قبل نفاذ قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 الذي عمل به من تاريخ نشره وفق المادة الخامسة من مواد إصداره، فإن أحكامه لا تمتد إلى العقد موضوع الدعوى.
5 - نص المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 المنطبق على واقعة الدعوى، مفاده أن أتعاب المحامي المتفق عليها أو التي تدفع طوعاً قبل تنفيذ الوكالة تخضع لتقدير القاضي طبقاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 907 من القانون المدني، فإن الحكم المطعون فيه إذ اقتصر في رفض طلب الطاعنة استرداد المبلغ على أنه مقدم أتعاب دون أن يستظهر ما إذا كانت هناك ظروف أثرت في الموكل (الطاعنة) تأثيراً حمله على أداء مقابل يزيد كثيراً عما يقتضيه الحال فيخضعه لتقديره وفقاً لما يستصوبه مراعياً الأعمال التي قام بها الوكيل (مورث المطعون ضدهم) والجهد الذي بذله وأهميته وثروة الموكل، ولكنه أغفل ذلك وحجبه عنه تطبيقه حكم المادة 120 من القانون 61 لسنة 1968 خطأ على واقعة الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب.
6 - إن ما نص عليه في البند الثالث عن عقد الوكالة - الصادر من الطاعنة للمحامي - من أنه "لا يجوز للطاعنة عزل مورث المطعون ضدهم من عمله طالما كان يقوم به طبقاً للأصول القانونية فإذا عزلته قبل انتهاء العمل دون سبب يدعو لذلك التزمت بتعويض اتفاقي لا يقبل المجادلة مقداره 5000 ج يستحق دون تنبيه أو إنذار أو حكم قضائي" هو اتفاق صحيح في القانون ولا مخالفة فيه للنظام العام لأن الوكالة بأجر وهو صريح في أنه شرط جزائي حدد مقدماً قيمة التعويض بالنص عليه في العقد طبقاً لما تقضي به المادة 223 من القانون المدني.
7 - تقضي المادة 224 من القانون المدني بأنه "لا يكون التعويض الاتفاقي مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه ضرر، ويجوز للقاضي أن يخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة أو أن الالتزام الأصلي قد نفذ في جزء منه، ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف أحكام الفقرتين السابقتين، وإذ كان قانون المحاماة 96 لسنة 1957 الذي يحكم واقعة الدعوى لا يمنع من تطبيق هذا النص على التعويض المتفق عليه بين المحامي وموكله في حالة عزله من الوكالة، لما كان ذلك، فإن مبلغ الـ 5000 ج المتفق عليه بين مورث المطعون ضدهم وبين الطاعنة كشرط جزائي على إخلالها بالتزامها بعدم عزله قبل إتمام العمل دون سبب يدعو لذلك لا يكون مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يصبه ضرر، وإذا لم يثبت ذلك وأصبح التعويض مستحقاً فإنه يخضع لتقدير القضاء بالتخفيض إذا أثبت المدين مبرره المنصوص عليه في المادة 224 من القانون المدني، وإذ قضى الحكم على الطاعنة بالمبلغ المذكور باعتبار أنه تعويض اتفاقي محدد لا يقبل المجادلة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وقد حجبه ذلك عن إخضاع هذا التعويض لتقدير المحكمة مما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم بعد أن رفض طلبه إصدار أمر أداء رفع الدعوى رقم 2150 سنة 1968 مدني كلي القاهرة على الطاعنة طالباً إلزامها بأن تدفع له مبلغ 5000 ج مع الفوائد استناداً إلى أنها بمقتضى عقد مؤرخ 28/ 1/ 1967 وكلته عنها بصفته محامياً في أعمال تصفية تركة مورثتها المرحومة...... المعينة هي وأختها..... مصفيين لها، وقد نص في العقد على التزامها بأن تدفع له مبلغ 5000 ج في حالة عزلها له من الوكالة بدون سبب، وأنه يطالبها بالتعويض المتفق عليه لإخلالها بهذا الالتزام، ودفعت الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني، وطلبت في الموضوع رفضها لبطلان عقد الوكالة إذ اشتمل على شرط المشاركة في الأرباح وعلى شرط جزائي يحرمها من حقها في عزل وكيلها ويجعل الوكالة أبدية، كما رفعت على مورث المطعون ضدهم الدعوى رقم 2321 لسنة 1968 مدني كلي القاهرة طالبة فيها إلزامه بأن يرد لها مبلغ 500 ج وفوائده الذي قبضه منها تنفيذاً للعقد، وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين قضت بتاريخ 4/ 5/ 1969 بإحالتها إلى التحقيق ليثبت مورث المطعون ضدهم أن الطاعنة عزلته من الوكالة بدون عذر مقبول ولتثبت الطاعنة أنه لم يقم بتنفيذ أعمال الوكالة التي التزم بها، وبعد أن تم التحقيق قضت بتاريخ 13/ 12/ 1970 بعدم قبول الدعوى 2150 لسنة 1968 لرفعها بغير الطريق القانوني وبرفض الدعوى 2321 لسنة 1968، فاستأنف مورث المطعون ضدهم الحكم الصادر في الدعوى رقم 2150 لسنة 1968 بالاستئناف رقم 229 لسنة 88 ق القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته، واستأنفت الطاعنة الحكم الصادر في الدعوى 2321 لسنة 1968 بالاستئناف رقم 3852 لسنة 87 ق القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها، والمحكمة ضمت الاستئنافين وبتاريخ 31/ 5/ 1972 قضت بإلغاء الحكم الصادر في الدعوى 2150 لسنة 1968 مدني كلي القاهرة وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدهم - الذين حلوا محل مورثهم - مبلغ 5000 ج وفوائده بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 29/ 4/ 1968 حتى السداد وبتأييد الحكم الصادر برفض الدعوى 2321 لسنة 1968 مدني كلي القاهرة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بشقيه بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم للوجهين الأول والثالث، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أوجه، تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الحكم قضى بصحة عقد الوكالة الصادرة عنها للمحامي مورث المطعون ضدهم دون أن يرد على دفاعها بأن العقد وقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته نص المادة 472 من القانون المدني والمادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 الذي يحكم الواقعة لاشتماله على شرط المشاركة في الأرباح وعلى شرط جزائي في حالة إنهاء الوكالة بما يحول بينها وبين إنهائها بالمخالفة للفقرة الأولى من المادة 715 من القانون المدني، ولأنه تم بواسطة سمسار، والسمسرة بالنسبة لتوكيل المحامي محرمة تحريماً من النظام العام بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المادة 143 من القانون المدني تنص على أنه "إذا كان العقد في شق منه باطلاً أو قابلاً للإبطال فهذا الشق وحده هو الذي يبطل، إلا إذا تبين أن العقد ما كان يتم بغير الشق الذي وقع باطلاً أو قابلاً للإبطال فيبطل العقد كله", ومفاد ذلك أنه إذا لم يقم من يدعي البطلان الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال لا ينفصل عن جملة التعاقد يظل ما بقى من العقد صحيحاً باعتباره عقداً مستقلاً ويقتصر البطلان على الشق الباطل وحده، لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة اقتصرت في تمسكها ببطلان عقد الوكالة على مجرد اشتماله على شرط تقدير أجرة الوكالة بنسبة من صافي التركة بعد التصفية على خلاف ما تقضي به المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 المنطبق على الواقعة وعلى شرط جزافي يلزمها بأن تدفع للوكيل مبلغ 5000 ج إذا عزلته في وقت غير مناسب فإن بطلان هذين الشرطين أو أحدهما لا يترتب عليه بطلان العقد كله ما دامت هي نفسها لم تقم الدليل على أن الشق الباطل لا ينفصل عن جملة التعاقد ويضحى نعيها في هذا الشأن في غير محله ولما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بأن عقد الوكالة تم بناء على وساطة سمسار فلا يقبل منها أن تثير هذا السبب لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه سبب قانوني يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع حتى يتسنى لها أن تحققه وأن تقدره، لما كان ما تقدم فإن النعي بالوجه الثاني يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الرابع هو الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه اعتد في قضائه بالتعويض بشهادة الأستاذ....... من أن الوكيل (مورث المطعون ضدهم) قام ببعض أعمال التصفية الموكل فيها، وأن الطاعنة وابنتها قد حالا بينه وبين إتمامها، في حين أن أقوال الشاهد بأن مورث المطعون ضدهم عقد اجتماعاً أو اجتماعين، ورد على نموذج الضرائب ونشر عن التصفية لا يعد قياماً بشيء من تصفية التركة الموكل فيها، وما قاله الشاهد نقلاً عن مورث المطعون ضدهم من أن الطاعنة وولدها منعا الوكيل من إنجاز ما وكل فيه لا يصح الاستدلال به لأنها شهادة سماعية بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه بما له أصل ثابت في الأوراق أن الأستاذ..... شهد بالتحقيقات أمام محكمة أول درجة بأنه موكل في تصفية التركة عن السيدة....... أخت الطاعنة وأنه كان يشترك مع مورث المطعون ضدهم الموكل من الطاعنة في أعمال التصفية وقد أرسل له هذا الأخير خطاباً يدعو فيه إلى قسمة أرض التركة الكائنة بالإسكندرية، ونشر بالصحف عن وكالته، ودعا دائني التركة لتصفية ديونهم، وحرر عريضة طعن عن ضريبة التركات وقعها معه وقدمها لمصلحة الضرائب، كما اجتمعا بالطاعنة وأختها لتصفية الخلاف بينهما واتفقوا على مبدأ التصفية عن أرض الإسكندرية على أن يقوم ابن الطاعنة بإحضار الخرائط اللازمة لذلك إلا أنه علم من مورث المطعون ضدهم أن ابن الطاعنة لم ينجز وعده، كما أرسل له مورث المطعون ضدهم خطاباً يقترح فيه تقسيم المنقولات بين الطاعنة وأختها وأضاف الشاهد أنه لا يعتقد أن مورث المطعون ضدهم كان السبب في تعطيل التصفية، وهذا الذي قرره الشاهد واعتدت به محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية يسوغ عقلاً ما استخلصه الحكم من أن مورث المطعون ضدهم قام ببعض أعمال التصفية وأنه لم يكن المعوق لها بل الطاعنة وابنها بإحجامه عن إنجاز وعده بتقديم الخرائط، فإذا كان ذلك، وكان تقدير الشهادة ولو تقولا مسألة موضوعية ومتى اطمأن لها وجدان المحكمة فلا يصح الجدل فيها أمام محكمة النقض فإنه يتعين رفض هذا الوجه من النعي.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الخامس الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وتبياناً لذلك تقول إن الحكم قضى برفض طلبها إلزام المطعون ضدهم برد مبلغ الـ 500 ج الذي قبضه مورثهم منها موضوع الدعوى رقم 2321 لسنة 1968 مدني كلي القاهرة تأسيساً على أن هذا المبلغ مقدم أتعاب، ولما كانت قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن المبلغ المذكور سلم لمورث المطعون ضدهم للصرف منه على أعمال الوكالة مما يلزمه بتقديم حساب عنه للقضاء كما أن وصفه بأنه مقدم أتعاب يخضعه لتقدير القضاء أيضاً فلا يصلح هذا الوصف بمجرده لإلزامها به، فكان على الحكم المطعون فيه أن يبين وجه استحقاق مورث المطعون ضدهم له وقد خلت أسبابه من بيان ذلك بما يجعله مشوباً بمخالفة القانون والقصور في التسبيب ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن مورث المطعون ضدهم لم ينفذ العمل الذي وكل في أدائه وقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن "المادة 120 من القانون رقم 61 لسنة 1968 بإصدار قانون المحاماة تنص على أن للموكل أن يعزل محاميه وفي هذه الحالة يكون ملزماً بدفع كامل الأتعاب عن تمام المهمة الموكولة إلى المحامي إذا كان لا يستند إلى سبب مشروع وقد جاء هذا النص استناداً إلى القاعدة العامة التي وردت في المادة 709/ 2 من القانون المدني والتي تنص على أنه إذ اتفق على أجر للوكالة كان هذا الأجر خاضعاً لتقدير القاضي إلا إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة، ولما كان القانون 61 لسنة 1968 لاحقاً في صدوره على القانون المدني فضلاً عن أنه قانون خاص فإن أحكامه هي الواجبة الإعمال على الدعوى الماثلة". وهذا الذي أورده الحكم خطأ في القانون ذلك أن القانون يسري بأثر فوري مباشر فيحكم الوقائع اللاحقة لتاريخ العمل به دون السابقة عليه إلا بنص خاص، وإذ كان عقد الوكالة موضوع الدعوى قد انعقد وترتبت آثاره وانقضى إنذار الموكلة للوكيل مورث المطعون ضدهم في 13/ 3/ 1968 أي قبل نفاذ قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 الذي عمل به من تاريخ نشره وفق المادة الخامسة من مواد إصداره، فإن أحكامه لا تمتد إلى العقد موضوع الدعوى - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص أن مبلغ الـ 500 ج المتفق على دفعه لمورث المطعون ضدهم عند بدء العمل مقدم أتعاب وهو استخلاص سائغ وله سنده من الأوراق مما يجعل الجدل في شأن ذلك غير مقبول، وكان نص المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 المنطبق على واقعة الدعوى، مفاده أن أتعاب المحامي المتفق عليها أو التي تدفع طوعاً قبل تنفيذ الوكالة تخضع لتقدير القاضي طبقاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 709 من القانون المدني، فإن الحكم المطعون فيه إذ اقتصر في رفض طلب الطاعنة استرداد مبلغ الـ 500 ج على أنه مقدم أتعاب دون أن يستظهر ما إذا كانت هناك ظروف أثرت في الموكل (الطاعنة) تأثيراً حمله على أداء مقابل يزيد كثيراً عما يقتضيه الحال فيخصصه لتقديره وفقاً لما يستصوبه مراعياً الأعمال التي قام بها الوكيل (مورث المطعون ضدهم) والجهد الذي بذله وأهميته وثروة الموكل ولكنه أغفل ذلك وحجبه عند تطبيقه حكم المادة 120 من القانون رقم 61 لسنة 1968 خطأ على واقعة الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب مما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول والثالث الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه في الدعوى 2150 لسنة 1968 مدني كلي القاهرة بإلزامها بأن تدفع مبلغ 5000 ج وفوائده المشترطة في العقد دفعه لمورث المطعون ضدهم عند عزله من الوكالة بدون سبب يبرر ذلك على أساس أن المادة 120 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 أباحت للمحامي أن يتقاضى أتعابه كاملة في حالة عزله من الوكالة، مع أن هذا القانون لاحق في صدوره على واقعة الدعوى فهو لا يسري عليها وإنما تحكمها المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 الذي نشأت في ظله وهي تخضع أتعاب المحامي لتقدير القضاء طبقاً لما تقضي به المادة 79 من القانون المدني، كما أن الشرط الجزائي في العقد الخاص بمبلغ الـ 5000 ج يخضع لهذا التقدير وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزامها بالمبلغ دون أعمال تقدير المحكمة فيه يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن ما نص عليه في البند الثالث من عقد الوكالة المؤرخ 28/ 1/ 1967 من أنه "لا يجوز للطاعنة عزل مورث المطعون ضدهم من عمله طالما كان يقوم به طبقاً للأصول القانونية فإذا عزلته قبل انتهاء العمل دون سبب يدعو لذلك ألزمت بتعويض اتفاقي لا يقبل المجادلة مقداره 5000 ج يستحق دون تنبيه أو إنذار أو حكم قضائي" هو اتفاق صحيح ولا مخالفة فيه للنظام العام لأن الوكالة بأجر وهو صريح في أنه شرط جزائي حدد مقدماً قيمة التعويض بالنص عليها في العقد طبقاً لما تقضي به في المادة 223 من القانون المدني، ولما كان نص المادة 224 من القانون المذكور يقضي بأنه "لا يكون التعويض الاتفاقي مستحقاً إذ أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه ضرر، ويجوز للقاضي أن يخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة أو أن الالتزام الأصلي قد نفذ في جزء منه، ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف أحكام الفقرتين السابقتين وكان قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 الذي يحكم واقعة الدعوى - على ما سبق به البيان - لا يمنع من تطبيق هذا النص على التعويض المتفق عليه بين المحامي وموكله في حالة عزله من الوكالة - لما كان ذلك فإن مبلغ الـ 5000 ج المتفق عليه بين مورث المطعون ضدهم وبين الطاعنة كشرط جزائي على إخلالها بالتزامها بعدم عزله قبل إتمام العمل دون سبب يدعو لذلك لا يكون مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يصبه ضرر، وإذا لم يثبت ذلك وأصبح التعويض مستحقاً فإنه يخضع لتقدير القضاء بالتخفيض إذا أثبت المدين مبرره المنصوص عليه في المادة 224 من القانون المدني، وإذ قضى الحكم على الطاعنة بالمبلغ المذكور باعتبار أنه تعويض اتفاقي محدد لا يقبل المجادلة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وقد حجبه ذلك عن إخضاع هذا التعويض لتقدير المحكمة مما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه بشقيه لوجوه النعي الأول والثالث والخامس ورفضه فيما عدا ذلك.