أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 444

جلسة 24 من أبريل سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ حسن حمزة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين حامد عبد الله وفتحي حجاب وشبل حسن نواب رئيس المحكمة وهاني حنا.

(81)
الطعن 19392 لسنة 64 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
حكم الإدانة. بياناته؟
(2) قتل خطأ. جريمة "أركانها". خطأ.
ركن الخطأ هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية.
صحة الحكم بالإدانة في جريمة القتل الخطأ. رهن ببيان كنه الخطأ الذي وقع من المتهم.
(3) مسئولية جنائية.
مسئولية صاحب الحيوان مناطها: توافر نوع من الخطأ في حقه في المحافظة على حيوانه ومنع أذاه عن الغير. مجرد ملكيته له لمساءلته جنائياً. غير كاف. وجوب بيان الحكم نوع الخطأ ووجه نسبته لمالك الحيوان بالذات. إغفال ذلك يبطل الحكم.
(4) قتل خطأ. جريمة "أركانها". خطأ. رابطة السببية. إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
رابطة السببية في جريمة القتل الخطأ. اقتضاؤها أن يكون الخطأ متصلاً بالقتل اتصال السبب بالمسبب. وجوب إثبات قيامها استناداً لدليل فني. علة ذلك؟
وجوب بيان الحكم الإصابات وعلاقاتها بالوفاة من واقع دليل فني. إغفال ذلك. قصور. علة ذلك؟
مثال لتسبيب معيب في مسئولية صاحب الحيوان في جريمة قتل خطأ.
(5) نقض "أثر الطعن".
من لم يكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية لا يفيد من نقض الحكم. وإن اتصل به وجه الطعن. علة ذلك؟
1 - القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بما تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها.
2 - ركن الخطأ هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية، وأنه يجب لسلامة القضاء بالإدانة في جريمة القتل الخطأ - حسبما هي معرفة به في المادة 238 من قانون العقوبات - أن يبين الحكم كنه الخطأ الذي وقع من المتهم.
3 - من المقرر أنه لا يكفي لمساءلة شخص جنائياً عما يصيب الغير من الأذى بفعل حيوانه أن يثبت أن ذلك الحيوان مملوك له، فإن ذلك إذا صح مبدئياً أن يكون سبباً للمسئولية المدنية فإنه لا يكفي لتقرير المسئولية الجنائية التي لا يصح أن يكون لها محل إلا إذا ثبت على المالك نوع من الخطأ في المحافظة على حيوانه ومنع أذاه عن الغير، وفي هذه الحالة يجب بيان نوع هذا الخطأ في الحكم ووجه نسبته إلى مالك الحيوان بالذات. فإن قصر الحكم في هذا البيان كان باطلاً وواجباً نقضه.
4 - من المقرر أن رابطة السببية كركن في جريمة القتل الخطأ تقتضي أن يكون الخطأ متصلاً بالقتل اتصال السبب بالمسبب بحيث لا يتصور وقوع القتل بغير هذا الخطأ، ومن المتعين على الحكم إثبات قيامها استناداً إلى دليل فني لكونها من الأمور الفنية البحتة، وعليه أن يستظهر في مدوناته ماهية الإصابات وعلاقتها بالوفاة لأنه من البيانات الجوهرية وإلا كان معيباً بالقصور، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة الطاعنين استناداً إلى أن الحيوان الهائج الذي تسبب في وفاة المجني عليها مملوك لهما، دون أن يبين الحكم كيفية وقوع الحادث والحالة التي كان عليها الحيوان الهائج أثناء وجوده داخل السلخانة قبل ذبحه، وكيف انفلت من القطيع أثناء إنزاله، وأوجه الحيطة والحذر التي قصر الطاعنان في اتخاذها نحو المحافظة على ذلك الحيوان ومنع أذاه عن الغير، وبالجملة ما هو نوع الخطأ الذي يصح أن ينسب إلى الطاعنين بالذات ويجعلهما مسئولين ويورد الدليل على كل ذلك مردوداً إلى أصل ثابت في الأوراق. كما لم يبين الحكم موقف المجني عليها ومسلكها أثناء وقوع الحادث وأثر ذلك كله على قيام رابطة السببية كما أغفل بيان إصابات المجني عليها وكيف أنها أدت إلى وفاتها من واقع تقرير فني باعتبار أن ذلك من الأمور الفنية البحتة، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التسبيب مما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
5 - لما كان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليه الآخر في الدعوى إلا أنه لا يفيد من نقض الحكم المطعون فيه لأنه لم يكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها ذلك الحكم ولم يكن له أصلاً حق الطعن بالنقض فلا يمتد إليه أثره.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم تسببوا خطأ في موت....... بأن كان ذلك ناشئاً عن إهمالهم وعدم احترازهم، وذلك بعدم اتخاذهم الاحتياطات اللازمة عند نقلهم حيوانات إلى منطقة المذبح فاصطدم أحد الدواب "عجل" بالمجني عليها سالفة الذكر وأحدث بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق والتي أودت بحياتها على النحو المبين بالأوراق، وطلبت عقابهم بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات والمادتين 137/ 1، 143 من القانون رقم 53 لسنة 1966، وادعى ورثة المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنح...... قضت حضورياً للطاعنين بتغريم كل منهما مائتي جنيه وإلزامهما بأن يؤديا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنفا ومحكمة......... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل الخطأ قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يتضمن بياناً بالواقعة تتحقق به الأركان القانونية لهذه الجريمة، إذ لم يستظهر الحكم توافر الخطأ في حقهما، كما لم يستظهر توافر رابطة السببية بين الخطأ المنسوب إليهما وبين وفاة المجني عليها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على قوله بأنها "تتحصل فيما أبلغ به وقرره......... بمحضر الشرطة من أنه أثناء تواجده بالمذبح ومعه المجني عليها وصديقة لها لشراء لحوم, فوجئ بعجل يصطدم بالمجني عليها فحدثت إصابتها، وأنه قام بنقلها إلى مستشفى.......، وأثناء تواجدها بالمستشفى توفيت إلى رحمة الله تعالى متأثرة بإصابتها، وقد دلت تحريات المباحث حول الواقعة بأن العجل المتسبب في الحادث مملوك للمتهمين الأول والثاني "الطاعنين" وأنه يوم الواقعة كان يتم نزول عجول مملوكة للأول وأن أحدها قطع الحبل وهرب واصطدم بالمجني عليها وأحدث إصابتها التي أودت بحياتها، ثم خلص الحكم إلى إدانة الطاعنين في قوله "وحيث إنه عن الاتهام المسند إلى المتهمين ومن مطالعة أوراق الدعوى فقد استقر بعقيدة المحكمة اقتراف المتهمين للواقعة وذلك بما هو وارد بتحريات المباحث وإقرارهم بمحضر الضبط بالواقعة، ومن ثم يتعين والحال كذلك القضاء بمعاقبة المتهمين طبقاً لمواد الاتهام وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بما تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها، وكان من المقرر أن ركن الخطأ هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية، وأنه يجب لسلامة القضاء بالإدانة في جريمة القتل الخطأ - حسبما هي معرفة به في المادة 238 من قانون العقوبات - أن يبين الحكم كنه الخطأ الذي وقع من المتهم, وكان من المقرر أنه لا يكفي لمساءلة شخص جنائياً عما يصيب الغير من الأذى بفعل حيوانه أن يثبت أن ذلك الحيوان مملوك له، فإن ذلك إذا صح مبدئياً أن يكون سبباً للمسئولية المدنية فإنه لا يكفي لتقرير المسئولية الجنائية التي لا يصح أن يكون لها محل إلا إذا ثبت على المالك نوع من الخطأ في المحافظة على حيوانه ومنع أذاه عن الغير، وفي هذه الحالة يجب بيان نوع هذا الخطأ في الحكم ووجه نسبته إلى مالك الحيوان بالذات، فإن قصر الحكم في هذا البيان كان باطلاً وواجباً نقضه، كما أنه من المقرر كذلك أن رابطة السببية كركن في جريمة القتل الخطأ تقتضي أن يكون الخطأ متصلاً بالقتل اتصال السبب بالمسبب بحيث لا يتصور وقوع القتل بغير هذا الخطأ، ومن المتعين على الحكم إثبات قيامها استناداً إلى دليل فني لكونها من الأمور الفنية البحتة، وعليه أن يستظهر في مدوناته ماهية الإصابات وعلاقتها بالوفاة لأنه من البيانات الجوهرية وإلا كان معيباً بالقصور، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة الطاعنين استناداً إلى أن الحيوان الهائج الذي تسبب في وفاة المجني عليها مملوك لهما، دون أن يبين الحكم كيفية وقوع الحادث والحالة التي كان عليها الحيوان الهائج أثناء وجوده داخل السلخانة قبل ذبحه، وكيف انفلت من القطيع أثناء إنزاله، وأوجه الحيطة والحذر التي قصر الطاعنان في اتخاذها نحو المحافظة على ذلك الحيوان ومنع أذاه عن الغير، وبالجملة ما هو نوع الخطأ الذي يصح أن ينسب إلى الطاعنين بالذات ويجعلهما مسئولين ويورد الدليل على كل ذلك مردوداً إلى أصل ثابت في الأوراق، كما لم يبين الحكم موقف المجني عليها ومسلكها أثناء وقوع الحادث وأثر ذلك كله على قيام رابطة السببية كما أغفل بيان إصابات المجني عليها وكيف أنها أدت إلى وفاتها من واقع تقرير فني باعتبار أن ذلك من الأمور الفنية البحتة، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التسبيب مما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن. لما كان ما تقدم، وكان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليه الآخر في الدعوى إلا أنه لا يفيد من نقض الحكم المطعون فيه لأنه لم يكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها ذلك الحكم ولم يكن له أصلاً حق الطعن بالنقض فلا يمتد إليه أثره.