أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 634

جلسة 15 من أكتوبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جبري وأحمد جمال الدين عبد اللطيف ومحمد محمود إبراهيم وعادل السيد الكناني نواب رئيس المحكمة.

(125)
الطعن رقم 2124 لسنة 68 القضائية

(1) دستور "تفسيره". تفتيش "تفتيش المساكن" "التفتيش بإذن". إجراءات "إجراءات التحقيق". قانون "تفسيره". إثبات "بوجه عام". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
للمساكن حرمة. عدم جواز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً للقانون. أساس ذلك ومؤداه؟
دخول مأمور الضبط منزل لم يؤذن بتفتيشه لضبط متهم، لا يعد تفتيشاً، هو مجرد عمل مادي تقتضيه ضرورة تعقب المتهم أينما وجد.
التفتيش. إجراء من إجراءات التحقيق. مقصوده: البحث عن عناصر الحقيقة في مستودع السر فيها. ضرورة صدور أمر قضائي مسبب بإجرائه.
تعويل الحكم على الدليل المستمد من تفتيش مسكن الطاعن رغم عدم صدور إذن من الجهة المختصة بذلك. خطأ في القانون يوجب النقض.
(2) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية مؤداه؟
(3) نقض "أثر الطعن".
عدم امتداد أثر الطعن للمحكوم عليه الآخر ما دامت التهم المسندة إلى الطاعن عن واقعة مستقلة عن التهمة المسندة إليه ولعدم اتصال وجه الطعن به.
1 - لما كان الدستور القائم قد نص في المادة 44 منه على أن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون" وهو نص عام مطلق لم يرد عليه ما يخصصه أو يقيده مما مؤداه أن هذا النص الدستوري يستلزم في جميع أحوال تفتيش المساكن صدور الأمر القضائي المسبب وذلك صوناً لحرمة المسكن التي تنبثق من الحرية الشخصية التي تتعلق بكيان الفرد وحياته الخاصة ومسكنه الذي يأوي إليه وهو موضع سره وسكينته ولذلك حرص الدستور على تأكيد حظر انتهاك حرمة المسكن سواء بدخوله أو بتفتيشه ما لم يصدر أمر قضائي مسبب وأن دخول مأمور الضبط منزل لم يؤذن بتفتيشه لضبط متهم لا يعد في صحيح القانون تفتيشاً، بل هو مجرد عمل مادي تقتضيه ضرورة تعقب المتهم أينما وجد لتنفيذ الأمر بضبطه وتفتيشه، أما التفتيش فهو البحث عن عناصر الحقيقة في مستودع السر فيها، وهو إجراء من إجراءات التحقيق يستلزم صدور أمر قضائي مسبب بإجرائه. لما كان ذلك، وكان يبين مما أورده الحكم رداً على الدفع على النحو المار ذكره أنه لم يصدر إذناً من الجهة المختصة قانوناً بتفتيش مسكن الطاعن، وكان الحكم قد عول في قضائه بإدانة الطاعن - من بين ما عول عليه - على الدليل المستمد من ذلك التفتيش مما لا يجوز الاستناد إليه كدليل في الدعوى، فإنه يكون فضلاً عن قصوره في التسبيب قد أخطأ في تطبيق القانون الذي يوجب نقضه.
2 - لما كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
3 - لما كانت التهم المسندة إلى الطاعن عن واقعة مستقلة عن التهمة الأخرى المسندة إلى المحكوم عليه الآخر فضلاً عن عدم اتصال وجه الطعن الذي بني عليه نقض الحكم به فلا يمتد إليه أثر الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخرين بأنه أولاً: قتل..... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من سلاح ناري - بندقية - قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات أخرى تلتها هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي البيان قتل...... عمداً بأن أطلق عليهم عدة أعيرة نارية من سلاحه سالف البيان قاصداً من ذلك قتلهم فأحدث بهم الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهم. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية". ثالثاً: أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري آنف البيان دون أن يكون مرخصاً له في حيازته وإحرازه. رابعاً: حمل السلاح الناري آنف البيان في أحد أماكن التجمعات. وأحالته إلى محكمة جنايات....... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2، 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالأشغال الشاقة المؤبدة عن: قتل...... ثانياً: بمصادرة السلاح الناري المضبوط وبراءته مما نسب إليه من تهم قتل..... و..... والتهمة الرابعة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد المقترن بجناية قتل وإحراز سلاح ناري مششخن وذخيرة بدون ترخيص، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ذلك لأنه دفع ببطلان تفتيش مسكنه لعدم صدور إذن به من النيابة العامة وأن أمرها انصب فقط على ضبطه وإحضاره وأن هذا الأمر لا يبرر تفتيش مسكنه إلا أن المحكمة سوغت التفتيش وأطرحت الدفع بما لا يصلح، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض للدفع ببطلان تفتيش مسكن الطاعن ورد عليه بقوله "أما عن قول الدفاع ببطلان تفتيش مسكن المتهم لوقوعه بغير إذن من النيابة العامة فإن أمر الضبط والإحضار يسوغ لمأمور الضبط القضائي بتفتيش شخص ومسكن المتهم وذلك لضبط ما يتعلق بالجريمة من سلاح استخدم فيها وخلافه، وإذ كان ذلك وكان الثابت أن السيد وكيل النيابة المحقق قد أمر بضبط وإحضار المتهم، فإن التفتيش الذي وقع على مسكنه يكون صحيحاً ومنتجاً لآثاره القانونية". لما كان ذلك، وكان الدستور القائم قد نص في المادة 44 منه على أن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون". وهو نص عام مطلق لم يرد عليه ما يخصصه أو يقيده مما مؤداه أن هذا النص الدستوري يستلزم في جميع أحوال تفتيش المساكن صدور الأمر القضائي المسبب وذلك صوناً لحرمة المسكن التي تنبثق من الحرية الشخصية التي تتعلق بكيان الفرد وحياته الخاصة ومسكنه الذي يأوي إليه وهو موضع سره وسكينته، ولذلك حرص الدستور على تأكيد حظر انتهاك حرمة المسكن سواء بدخوله أو بتفتيشه ما لم يصدر أمر قضائي مسبب، وأن دخول مأمور الضبط منزل لم يؤذن بتفتيشه لضبط متهم لا يعد في صحيح القانون تفتيشاً، بل هو مجرد عمل مادي تقتضيه ضرورة تعقب المتهم أينما وجد لتنفيذ الأمر بضبطه وتفتيشه، أما التفتيش فهو البحث عن عناصر الحقيقة في مستودع السر فيها، وهو إجراء من إجراءات التحقيق يستلزم صدور أمر قضائي مسبب بإجرائه. لما كان ذلك، وكان يبين مما أورده الحكم رداً على الدفع على النحو المار ذكره أنه لم يصدر إذناً من الجهة المختصة قانوناً بتفتيش مسكن الطاعن، وكان الحكم قد عول في قضائه بإدانة الطاعن - من بين ما عول عليه - على الدليل المستمد من ذلك التفتيش مما لا يجوز الاستناد إليه كدليل في الدعوى، فإنه يكون فضلاً عن قصوره في التسبيب قد أخطأ في تطبيق القانون الذي يوجب نقضه، ولا يمنع من ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن، ولما كانت التهم المسندة إلى الطاعن عن واقعة مستقلة عن التهمة الأخرى المسندة إلى المحكوم عليه الآخر فضلاً عن عدم اتصال وجه الطعن الذي بني عليه نقض الحكم به فلا يمتد إليه أثر الطعن.